نجران: قاسم الكستبان

تشير البيانات الصادرة عن وزارة التعليم والخاصة بعدد الطلبة المقيدين إلى ازدياد مضطرد في تلك الأعداد، فبين عامي 2013 و2018 ازداد ذلك عدد طلاب وطالبات القانون في كل المستويات الدراسية بما فيها الدبلوم المتوسط في كل الجامعات والكليات في المملكة.

فقط كان عدد طلاب وطالبات القانون في عام 2013 نحو 56000 طالب، لكن عددهم وصل في عام 2018 إلى 94000.

كما كان هناك تفاوت في أعداد المقيدين من الطلاب مقارنة بالطالبات، فبلغ عدد المقيدين من الطلاب عامي 2017 - 2018 وفي كل المراحل الدراسية 115256 طالب، مقارنة بـ61767 طالبة، وأيضًا في هذه الفترة وصل عدد المقيدين للدبلوم المتوسط في القانون 1091 طالبًا وطالبة، والدراسات العليا 11300 طالب وطالبة، وتبقى الأعداد الكبيرة لطلاب البكالوريوس المقيدين في الجامعات الحكومية.

حزمة خدمات

عملت وزارة العدل على تسهيلات لدخول مهنة المحاماة، وربما تسهم هذه التسهيلات بدورها في تعزيز الإقبال على ممارسة المهنة.

وقد قدمت الوزراة تلك الحزمة عبر بوابة «ناجز» بخطوات بسيطة وميسرة وبموثوقية عالية، مثل خدمة «التحقق من ترخيص عدلي»، و«طلب ترخيص محاماة»، و«طلب تجديد ترخيص محاماة»، وخدمة «قيد محام متدرب جديد»؛ التي تمكن المحامي المتدرب من التقديم لتسجيله في سجل قيد المحامين المتدربين والحصول على «شهادة تعريف للمحامي المتدرب» إلكترونيًا، وكذلك خدمة «انتقال محام متدرب إلى آخر»، التي تمكن المحامي المتدرب من التقديم على طلب الانتقال من محام إلى محام آخر والحصول على «شهادة تعريف للمحامي المتدرب» حديثة وإلكترونية.

حاجة السوق

يشدد عبدالرزاق حسين البكري، أخصائي قانوني في وزارة العدل على الحاجة الماسة لخريجي القانون في سوق العمل السعودي، ويقول «لا شك أن سوق العمل السعودي ما زال بحاجة إلى مزيد من خريجي القانون، وحسب ما ذكره المختصون في المجال القانون فإن الفرص كثيرة وما زال هناك احتياج، لكن الإقبال يبدو مبشرًا وجيدًا، خصوصًا مع دخول المرأة السعودية مجال المحاماة، وهي التي اقتحمته متأخرة بعدما كانت المهنة خاضعة لهيمنة الرجال عليها بالنظر إلى طبيعة المهنة والنظرة الاجتماعية إلى أنها لا تتناسب مع المرأة السعودية لما ساد المجتمع السعودي من عادات وتقاليد كانت تحكم الطبيعة العملية للمرأة في السابق».

لعمل الخاص في مكتب محاماة كمتدرب حتى حصوله على رخصة محاماة تمكنه من الاستقلال بعمله ومزاولة المهنة».

وأكمل «أعداد المحامين في تزايد، وأتمنى أن يكون هناك فرص أكبر للخريجين لدخول هذا الميدان، خصوصًا أن كثيرين منهم يجدون صعوبة في الالتحاق بمكاتب المحاماة لشروطها، كما أن بعضها يشترط عدم إعطاء راتب مقابل التدريب إما لعدم القدرة أحيانًا، أو لعدم رغبتها في تحمل أعباء مالية، وكذلك لكون المتقدم في حاجة ماسة إلى التدريب».

استغلال الرغبة

يعتقد البكري أن ثمة عوامل أخيرة عدة اجتمعت لتعزز توجه خريجي القانون نحو المحاماة، منها التعقيدات القانونية التي لا بد أن تأتي متوازنة مع التطورات الكثيرة على مختلف الصعد في المجتمع سواء كان لها جوانبها الاقتصادية أو الإدارية أو حتى السلوكية الاجتماعية، لكن النقطة الأهم في اعتقاده أن عقد تدريب المحامي صار يخضع لنظام العمل السعودي، وهذا بات يشجع كثيرًا من خريجي القانون على دخول سلك المحاماة.

ويقول «كان المحامي الجديد يواجه صعوبات كثيرة عند دخوله ميدان المحاماة، ولعل أبرز تلك الصعوبات هو انعدام الخبرة العملية، فممارسة المهنة تحتاج إلى وقت وجهد، ولا يكفي فيها التفوق الدراسي، بل تحتاج أن يمارس المحامي ما تعلمه نظريًا في الكليات على أرض الواقع، وهو الأشد صعوبة. كما أن من الصعوبات التي كانت تواجه المحامي الجديد أن عقد تدريبه لم يكن خاضعًا لنظام العمل السعودي ولم يكن ينص على مكافأة يحصل عليها المتدرب من المحامي أو شركة المحاماة، وهذا قاد إلى استغلال حاجة المتدربين للتدريب للحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة بقبولهم كمتدربين والاستفادة من خدماتهم دون مقابل، بل إن هناك محامين كانوا يأخذون مقابلًا ماديًا من المتدرب لقبوله لديهم».

وتابع «تم لاحقًا إخضاع عقد تدريب المحامي المتدرب إلى نظام العمل السعودي، حيث يتم تسجيل المحامي المتدرب في التأمينات الاجتماعية، ويتم تزويد وزارة العدل بنسخة من بيان مدد الأجور مسجل فيه المحامي متدربًا لدى المحامي».

وأضاف «مع ذلك، لم تنته مشاكل خريجي القانون الراغبين بدخول مهنة المحاماة بإخضاع عقود تدريبهم لنظام العمل، بل ما زال المحامي المتدرب يعاني من قلة المقابل الذي يحصل عليه أثناء فترة تدريبه، وليس أمامه إلا قبول هذا المقابل لحاجته للتدرب والحصول على الرخصة. كما أن بعض المتدربين يشتكون من أن بعض المحامين الذين يدربونهم يستغلونهم في أعمال لا تخص مهنة المحاماة كأن يطلب منهم مراجعة بعض الجهات لتخليص بعض متطلبات مكتب المحاماة وكأنه يمارس مهنة التعقيب بدلا من المحاماة، لكن كل هذه الصعوبات يتم تخفيف حدتها، ولهذا رأينا أن المهنة تشهد إقبالا على نيل رخصة ممارستها، وزيادة في أعداد المتدربين للحصول على هذه الرخصة».

عقبات تواجه المحاميات

يتحدث البكري عن خصوصية الصعوبات التي تواجه الراغبات بدخول سلك المحاماة، ويقول «في عام 2013 أصدرت وزارة العدل أول رخصة مزاولة مهنة المحاماة لامرأة سعودية لتصبح أول محامية سعودية مرخصة، وليصبح هذا التاريخ نقطة البدء، أو يوم المحامية السعودية، ومع ذلك فقد واجهت المحاميات السعوديات المرخصات كثيرًا من العقبات في بداية الأمر، من أهمها عدم تمكينهن من إنشاء مكاتب خاصة بهن لمزاولة المهنة إلا بعد فترة من الزمن، ولكن المرأة السعودية كعادتها أثبتت أنها متمكنة في جميع المجالات، ومنها المحاماة التي أظهرت فيها براعة ملحوظة عكس ما توقعه بعض من يرون أن المرأة لن تنجح في هذه المهنة، ونجد في وقتنا الحالي كثيرًا من النساء الناجحات من خريجات القانون سواء من سلكت منهن ممارسة مهنة المحاماة أو ممن عملت لدى القطاعين العام أو الخاص، ولا ننسى أنه أصبح لدينا أكثر من 100 كاتبة عدل في مختلف مناطق المملكة منهن خريجات قانون، ولذا يمكن القول إن المرأة السعودية أثبتت جدارتها في المجال القانوني ككل، وليس فقط في مهنة المحاماة».

ويضيف «مع ذلك، تواجه المحاميات الجديدات على وجه الخصوص بعض الصعوبات بسبب أن معظم مكاتب وشركات المحاماة يعمل بها رجال، ويكون العنصر النسائي قليلًا جدًا إن لم يكن معدومًا، مما يجعل المتدربة تجد صعوبة في الاختلاط بموظفي المكتب أو الشركة، وتشعر ببعض القيود خلال تدريبها، كما لا يمكننا كذلك أن ننفي أن بعضهن ما زالت تواجه نظرة أن المرأة ليست مناسبة لهذه المهنة، وأنها ليست مؤهلة لانتزاع الحقوق وردها لأصحابها».

مطالبة بتسهيل الإجراءات

يجزم المحامي، المستشار القانوني إبراهيم بن جهويل آل منصور أن الحصول على رخصة المحاماة ما يزال يواجه بعدد من الصعوبات والاشتراطات، وقال «لا شك أن هناك عددا من الصعوبات والاشتراطات التي يواجهها الراغبون بالحصول على رخصة مزاولة مهنة المحاماة، ولا بد للجهة المعنية من تسهيل إجراءاتها، وتدريب هؤلاء الراغبين بالحصول على الرخصة للالتحاق بالعمل عبر فتح مكاتب محاماة».

وأضاف «مجال القانون مجال واسع، ويعد من بين المجالات الجاذبة، فلا يخلو نظام حكومي أو خاص من احتياجه لقانونيين مختصين، ومما يميزه كذلك أن الخريج إذا صعب عليه الحصول على وظيفة بتخصصه فهناك فرصة لديه إلى التوجه والمقابل نحو 201 ألف خريج وخريجة من كليات القانون في المملكة حتى العام الدراسي 2021 ـ 2022، بلغ عدد المحامين والمحاميات المرخص لهم 41188 حتى عام 2022، وهو ما أثار التساؤلات عن مدى رغبة الخريجين باختيار هذه المهنة، ومدى حاجة سوق العمل لخريجي القانون الذين بلغت نسبتهم 30.1% من إجمالي خريجي التعليم العالي، وهي النسبة الأعلى من بين جميع التخصصات.

ومع الإدارك أن خريجي القانون لا يختارون فقط مهنة المحاماة، بل يمكنهم العمل في كثير من القطاعات التي تحتاج إلى خدماتهم، الحكومية منها والخاصة، مثل الشؤون القانونية وغيرها، فإن تساؤلات عدة طالت مهنة المحاماة ومدى الإقبال عليها، بالرغم من أن الملاحظ أن السنوات الأخيرة تحديدًا شهدت زيادة في هذا الإقبال، حيث تشير الإحصائيات الرسمية إلى أن عدد رخص مزاولة مهنة المحاماة بلغت خلال العام 2022 نحو 3399 رخصة، بينها 2316 رخصة محامي و1083 رخصة محامية، فيما بلغ عدد المتدربين 3711 متدربًا ومتدربة لنفس العام.