يتساءل المفكر والروائي المغربي الدكتور عبدالله العروي عن أسباب تغلب الموقف السياسي الصهيوني على الموقف السياسي العربي على مستوى دول الغرب الصناعي، وبخاصة الولايات المتحدة الأمريكية، رغم أن الموقف السياسي الصهيوني لا يخضع للعدل السياسي، على خلاف الموقف السياسي العربي الذي يرتكز على العدل والحق.
هل لأن الموقف السياسي الصهيوني الأقرب إلى منطق العصر الذي يقوم على القوة والمصلحة وليس على الحق والعدل؟
ولذلك لا يجد الموقف السياسي العربي الحكم العادل والمنصف الذي ينتظره من الغرب، باعتبار أن القوة المجردة وموازين القوى وتناقضات المصالح المعيار الذي يحكم قانون العلاقات الدولية.
ولذلك لا يستخدم المقياس نفسه مع النظر إلى قضايا ووجهة نظر العرب بالمقياس نفسه الذي ينظر به إلى قضايا ووجهة نظر خصومهم؛ ذلك لأن بنية العقل السياسي الغربي لا تفرق بين العدل والحق من ناحية، والقوة والمصلحة من ناحية ثانية في علاقاتها بالدول، ومن ناحية ثالثه أن المجتمع الرأسمالي يتغذى على الحروب، الذي نرى نتائجه اليوم في النزاعات الفظيعة والحروب المدمرة.
وهذا أحد مكونات العدوانية في بنية العقل السياسي الغربي.
لقد وجهت أحداث غزة هزة عنيفة وصدمة فظيعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتقد أنه يمتلك الهيمنة الكاملة على منطقة الشرق الأوسط والقضاء على أي تهديد لإسرائيل من جانب أي قوة في العالم وسيطرته بشكل كامل على الأجواء والممرات التي تؤدي إلى إسرائيل والتصدي لأي دولة تمثل خطراً عليها أو تشكل تحدياً لها باعتبارها -في قناعاتها- تمتلك قوة جبارة لا تضاهى في التقنيات والتفوق النوعي الهائل والتي تستطيع من خلالها أن تلحق الهزيمة بأي خصم كان ولكن هذه القوة الجبارة لم تستطع على مدى أكثر من 70 يوماً أن تلحق الهزيمة بخصمها في غزة.
إذ إن هنالك خللاً في التصور لماهية القوة عند إسرائيل وأعتقد أنها صورة وهمية زرعتها المؤسسة الصهيونية في ذاكرة العالم.
واليوم إسرائيل تعاني من ورطة تاريخية وأزمة مفزعة تهدد وجودها وبخاصة بعد أن تحول وجودها إلى مهمة يائسة عديمة المعنى وعبئا ثقيلا على العالم، وما الحروب التي تخوضها إلا مظهر من مظاهر أزمتها.
لقد تعرض العرب الفلسطينيون للبطش والتنكيل المشحون بالعداوة والتشويه والطغيان على مدى 75 عاماً، واليوم تواجههم إسرائيل بأكبر مخزون وأشرسه وأحدثه من أدوات الدمار الأمريكي الفتاك.
ولكن كيف استطاعت المؤسسة الصهيونية العالمية أن تجر أمريكا لارتكاب هذه الزلة التاريخية الكبرى والفظائع المؤلمة في حق شعب لا عداء له معها، في الوقت الذي تتغنى فيه أمريكا بالعدل والمساواة وبالديمقراطية التي تنشرها بين العالم، لنتأمل مقولة الرئيس الأمريكي جيفرسون «لقد أقسمت على محراب الله بشن حرب أبدية على كل لون من ألوان الظلم على البشر»، ومقولة الرئيس الأمريكي إبراهام لينكون: «يجب أن نؤمن بأن الحق فوق القوة، وبهذا الإيمان علينا أن نؤدي واجبنا كما يتراءى لنا وإلى الأبد».
ولكن المؤسسة الصهيونية العالمية هدمت تماماً هذه الدعائم والقيم الأمريكية الكبرى، وشوهت ما سطره زعماء أمريكا حول مبادئ الحق والعدل والمساواة، فاليهودي ومن ورائه المؤسسة الصهيونية العالمية متمسك بتقاليده العبرية، وعاداته القومية طيلة وجوده في أمريكا، وهذه نتيجة طبيعية في تداخل القومية مع الدين، التي على أساسها قامت دولة يهودية وقومية عبرية، مما يجعل اليهودي بمعزل روحي واجتماعي عن المكان الذي يعيش فيه، والإخلاص لقوميته اليهودية والمتمثلة في «إسرائيل» وهي نصيحة تلقاها تاريخياً من مؤسس الفكرة الصهيونية ثيودور هيرتزل عندما قال: «إني أربأ باليهود أن يمتزجوا بالأقوام الأخرى، إن التاريخ قد شهد بمكارم خصالنا الوطنية، وبالرغم من كل ما يلحقها من إهانة وتحقير فلا يمكن زوالها، نظرًا لرقتها قد نتمكن من الاندماج اندماجًا تامًا مع ما يحيط بنا من أقوام، إذا ما تركتنا هذه الأقوام وشأننا لمدة جيلين فقط، ولهذا شئنا أم أبينا، فنحن الآن وسنبقى إلى الأبد، كتلة تاريخية فريدة لنا خصائصنا الخاصة بنا».
ولأن الهدف القومية العبرية والدولة اليهودية «إسرائيل» فقد هيأت المؤسسة الصهيونية أرضية خاصة للعلاقة الأمريكية - الإسرائيلية، واتفاق السياسات إلى حد التماثل تارة تحت غطاء الحضارة البيضاء أو الحليف الإستراتيجي لأمريكا، أو الحائل الرئيسي دون التغلغل السوفيتي سابقا والروسي الصيني حاليًا، وطورا تحت مظلة الاضطهاد اليهودي في محاولة لتوحيد التصورات السياسية والإستراتيجية التي تحقق النجاح للمشروع الصهيوني.
رغم أن أهداف المؤسسة الصهيونية مناقضة تامة للأهداف الأمريكية، إلا أن المنطق الصهيوني فرض نفسه، وصار منطق السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وكانت أمريكا أبرز ضحايا هذا الخطأ الإستراتيجي، الذي وضعها تحت التأثير المباشر للنفوذ اليهودي، الذي قلب الاستراتيجية الأمريكية لصالح إسرائيل.
هذه المعطيات لا نقصد من ورائها سوى التأكيد على أن إعادة بناء الفكر السياسي العربي يستوجب تغيير زاوية النظر، فبدلًا من النظر إلى العالم من خلال واشنطن والمراهنة عليها يمكن النظر في كل اتجاهات العالم.
هل لأن الموقف السياسي الصهيوني الأقرب إلى منطق العصر الذي يقوم على القوة والمصلحة وليس على الحق والعدل؟
ولذلك لا يجد الموقف السياسي العربي الحكم العادل والمنصف الذي ينتظره من الغرب، باعتبار أن القوة المجردة وموازين القوى وتناقضات المصالح المعيار الذي يحكم قانون العلاقات الدولية.
ولذلك لا يستخدم المقياس نفسه مع النظر إلى قضايا ووجهة نظر العرب بالمقياس نفسه الذي ينظر به إلى قضايا ووجهة نظر خصومهم؛ ذلك لأن بنية العقل السياسي الغربي لا تفرق بين العدل والحق من ناحية، والقوة والمصلحة من ناحية ثانية في علاقاتها بالدول، ومن ناحية ثالثه أن المجتمع الرأسمالي يتغذى على الحروب، الذي نرى نتائجه اليوم في النزاعات الفظيعة والحروب المدمرة.
وهذا أحد مكونات العدوانية في بنية العقل السياسي الغربي.
لقد وجهت أحداث غزة هزة عنيفة وصدمة فظيعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يعتقد أنه يمتلك الهيمنة الكاملة على منطقة الشرق الأوسط والقضاء على أي تهديد لإسرائيل من جانب أي قوة في العالم وسيطرته بشكل كامل على الأجواء والممرات التي تؤدي إلى إسرائيل والتصدي لأي دولة تمثل خطراً عليها أو تشكل تحدياً لها باعتبارها -في قناعاتها- تمتلك قوة جبارة لا تضاهى في التقنيات والتفوق النوعي الهائل والتي تستطيع من خلالها أن تلحق الهزيمة بأي خصم كان ولكن هذه القوة الجبارة لم تستطع على مدى أكثر من 70 يوماً أن تلحق الهزيمة بخصمها في غزة.
إذ إن هنالك خللاً في التصور لماهية القوة عند إسرائيل وأعتقد أنها صورة وهمية زرعتها المؤسسة الصهيونية في ذاكرة العالم.
واليوم إسرائيل تعاني من ورطة تاريخية وأزمة مفزعة تهدد وجودها وبخاصة بعد أن تحول وجودها إلى مهمة يائسة عديمة المعنى وعبئا ثقيلا على العالم، وما الحروب التي تخوضها إلا مظهر من مظاهر أزمتها.
لقد تعرض العرب الفلسطينيون للبطش والتنكيل المشحون بالعداوة والتشويه والطغيان على مدى 75 عاماً، واليوم تواجههم إسرائيل بأكبر مخزون وأشرسه وأحدثه من أدوات الدمار الأمريكي الفتاك.
ولكن كيف استطاعت المؤسسة الصهيونية العالمية أن تجر أمريكا لارتكاب هذه الزلة التاريخية الكبرى والفظائع المؤلمة في حق شعب لا عداء له معها، في الوقت الذي تتغنى فيه أمريكا بالعدل والمساواة وبالديمقراطية التي تنشرها بين العالم، لنتأمل مقولة الرئيس الأمريكي جيفرسون «لقد أقسمت على محراب الله بشن حرب أبدية على كل لون من ألوان الظلم على البشر»، ومقولة الرئيس الأمريكي إبراهام لينكون: «يجب أن نؤمن بأن الحق فوق القوة، وبهذا الإيمان علينا أن نؤدي واجبنا كما يتراءى لنا وإلى الأبد».
ولكن المؤسسة الصهيونية العالمية هدمت تماماً هذه الدعائم والقيم الأمريكية الكبرى، وشوهت ما سطره زعماء أمريكا حول مبادئ الحق والعدل والمساواة، فاليهودي ومن ورائه المؤسسة الصهيونية العالمية متمسك بتقاليده العبرية، وعاداته القومية طيلة وجوده في أمريكا، وهذه نتيجة طبيعية في تداخل القومية مع الدين، التي على أساسها قامت دولة يهودية وقومية عبرية، مما يجعل اليهودي بمعزل روحي واجتماعي عن المكان الذي يعيش فيه، والإخلاص لقوميته اليهودية والمتمثلة في «إسرائيل» وهي نصيحة تلقاها تاريخياً من مؤسس الفكرة الصهيونية ثيودور هيرتزل عندما قال: «إني أربأ باليهود أن يمتزجوا بالأقوام الأخرى، إن التاريخ قد شهد بمكارم خصالنا الوطنية، وبالرغم من كل ما يلحقها من إهانة وتحقير فلا يمكن زوالها، نظرًا لرقتها قد نتمكن من الاندماج اندماجًا تامًا مع ما يحيط بنا من أقوام، إذا ما تركتنا هذه الأقوام وشأننا لمدة جيلين فقط، ولهذا شئنا أم أبينا، فنحن الآن وسنبقى إلى الأبد، كتلة تاريخية فريدة لنا خصائصنا الخاصة بنا».
ولأن الهدف القومية العبرية والدولة اليهودية «إسرائيل» فقد هيأت المؤسسة الصهيونية أرضية خاصة للعلاقة الأمريكية - الإسرائيلية، واتفاق السياسات إلى حد التماثل تارة تحت غطاء الحضارة البيضاء أو الحليف الإستراتيجي لأمريكا، أو الحائل الرئيسي دون التغلغل السوفيتي سابقا والروسي الصيني حاليًا، وطورا تحت مظلة الاضطهاد اليهودي في محاولة لتوحيد التصورات السياسية والإستراتيجية التي تحقق النجاح للمشروع الصهيوني.
رغم أن أهداف المؤسسة الصهيونية مناقضة تامة للأهداف الأمريكية، إلا أن المنطق الصهيوني فرض نفسه، وصار منطق السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وكانت أمريكا أبرز ضحايا هذا الخطأ الإستراتيجي، الذي وضعها تحت التأثير المباشر للنفوذ اليهودي، الذي قلب الاستراتيجية الأمريكية لصالح إسرائيل.
هذه المعطيات لا نقصد من ورائها سوى التأكيد على أن إعادة بناء الفكر السياسي العربي يستوجب تغيير زاوية النظر، فبدلًا من النظر إلى العالم من خلال واشنطن والمراهنة عليها يمكن النظر في كل اتجاهات العالم.