الدمام: شذى مدن

استبقت إدارة الثروة النباتية في فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة في المنطقة الشرقية الانتعاش الكبير للمزارع السعودية بالتزامن مع فصل الشتاء، وجددت تحذيراتها من تناول محاصيل زراعية ناتجة عن البذور المحرمة، في إشارة إلى البذور المُعدّلة وراثيًا، وشددت على أن السياسة الزراعية للمملكة تحرّم استخدام هذه البذور نهائيًا في جميع مناطق المملكة.

وتزدهر خلال فصل الشتاء المزارع السعودية بأنواع الشتلات والبذور والثمار الموسمية، وتزداد المحاصيل الشتوية التي تستفيد من الأجواء المناخية الباردة والمعتدلة، حيث تكثر محاصيل البطاطس، والجزر، والخس، والفجل، والسبانخ، والسلق، والملفوف، والبصل، والثوم، والبقدونس، والجرجير، والفول، والفراولة، والقمح، والشعير.

ولا يقتصر الانتعاش على إنتاج المحاصيل الزراعية، وإنما يمتد إلى شركات البذور أيضًا، التي ينمو إنتاجها الذي يضم بذورًا عضوية ولا عضوية وهجينة ومتوارثة، وتستهدف به المزارع المحلية.

التغيرات الكيمائية

أكد مدير إدارة الثروة النباتية في فرع الوزارة في المنطقة الشرقية، المهندس أحمد الفرج، عدم سماح المملكة بتداول البذور المحرمة في أسواقها، وعدم سماحها بدخولها إلى أراضيها وذلك لحماية المواطنين والمقيمين.

وأوضح أن هذه البذور يتم التلاعب في جيناتها وهي معدلة وراثيًا من خلال التغيرات الكيمائية والمختبرية، ما يجعلها مضرة للصحة العامة.

ولفت الفرج إلى أن الهندسة الوراثية لهذه البذور تندرج ضمن أهم التقنيات الحديثة المنوط بها إنتاج كميات وفيرة من المحاصيل الزراعية، وبالتالي قد تغني عن استخدام المبيدات، وتقلل من استخدام الأسمدة، وتجعل المنتجات الزراعية أطول عمرًا ووفرة، ما يسهم في جودة تخزينها. وتابع: «أنتجت الهندسة الوراثية عددًا من الأصناف الغذائية، كما تدخلت في تعديل نمو وأحجام وألوان كثير من النباتات، لذا قد نجد أن الأطعمة المحورة وراثيًا متداولة في كثير من الدول، متجاهلة تأثيراتها السلبية على صحة الإنسان». ولكنه استدرك أن «المملكة تولي اهتمامًا كبيرًا بالكشف على المنتجات المستوردة، والتأكد من أنها نتاج بذور طبيعية، وليست معدلة وراثيًا».

أنواع البذور

عن أنواع البذور، ذكر الفرج أن هناك 3 أنواع وهي «بذور هجينة ناتجة عن تلقيح ثمرتين من ذات النوع، لتعطي مواصفات جديدة أقوى وأكثر جودة، تمتاز بمقاومتها الأمراض، فضلًا عن إنتاجها الغزير وسرعة نموها ولا تمثل أي ضرر صحي على الإنسان، ولكنها ذات تكلفة شرائية عالية».

وأضاف «هناك أيضًا البذور المتوارثة، وهي البذور الأصيلة التي تحفظ سمات الأرض والبلد الذي نشأت فيه، وبالأحرى هي بذور بلدية، ومن مميزاتها أنها معمرة وتمتاز بالطعم الحقيقي للثمرة، لأن جيناتها نقية، لا تتغير خصائصها ولا تتبدل، ويمكن توارثها جيلًا بعد جيل، وتحمل ذات السمات للبذور الطبيعية بدرجة متطابقة».

وتابع «وهناك البذور المعدلة وراثيًا، وهو ما يراد بالبذور المحرمة، كونها من أخطر الأنواع على صحة الإنسان والكائنات الحية رغم الميزات الكثيرة الأخرى التي تحظى بها».

إحياء البذور المتوارثة

شدد مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة في المنطقة الشرقية المهندس عامر بن علي المطيري، على أن الوزارة تحرص على استخدام البذور والمحاصيل الأكثر فائدة وأمانًا، سواء على مستوى المستهلك (الإنسان)، أو على مستوى المنتج نفسه (بذرة كانت أم شتلة أو ثمرة)، وتفاديًا لاستخدام البذور المعدلة وراثيًا المحظورة في المملكة، اعتمدت عدة إجراءات سعيًا لإحياء البذور المتوارثة القديمة (الأصلية) في أسواق المحاصيل الزراعية، ما من شأنه توفير البذور المتجددة دائمًا جيلًا بعد جيل، والتقليل من استهلاك البذور الواردة من الشركات.

ولفت إلى أن الشركات تعمل بعقلية تجارية عملية أكثر منها خدمية للفلاح، حيث تقدم الشركات للمزارع البذور لمحاصيل لا يمكن الإنتاج منها لأكثر من جيل واحد وذلك لضمان عودته بالطلب منها، وأفاد «يعمل مركز البذور والشتلات على تجميع البذور المتنوعة من مختلف مناطق المملكة وزراعتها وفق الظروف الملائمة لها، بمتابعة وإشراف مجموعة من الاختصاصيين، حيث يتم التقييم المباشر والتوصيف باستخدام الأكواد، حول نوع الورق، ومستوى الجزء الخضري من النبتة، واستقامة المحصول، وكذا مستوى الإنتاج، ومدى مقاومته للأمراض، وكل هذا يكون خاضعًا للمراقبة والتقييم لانتقاء الأفضل وتحديد الصنف الأكثر ملاءمة بينها، ومن ثم وضع التوصيف المناسب على كل منتج قبل نزوله للأسواق ومثل ذلك وضع الشتلات الزراعية».

واستشهد بزراعة ما يقارب 30 صنفًا من الشعير، و70 من القمح (سواء القاسي المستخدم للمعكرونة، أو الطري المستخدم للمخابز)، امتازت بالتنوع من مختلف الأصناف في المناطق المختلفة بالمملكة، وذلك للخروج بالمنتج الأجود ضمن المعايير التي وضعتها الوزارة للارتقاء بالعملية الزراعية ومنتجاتها، حيث يجري العمل على تصنيفها ووضع التوصيف المناسب لها واستخدام لغة الأكواد الإلكترونية ليصل للمستهلك جميع المعلومات الخاصة بالبذور أو المحاصيل وكذا الشتلات.

دراسات علمية

أكدت دراسات علمية موثقة دوليًا، أن استهلاك الأغذية المعدلة وراثيًا يؤدي إلى اختلال الأجهزة العضوية في الكائنات الحية، ولها تأثيرات سلبية ضارة على صحة الإنسان، لأجل هذا فرضت المملكة حظر دخول هذه المنتجات إلى أسواقها، مع إلزام جميع الدول الموردة للمملكة، بضرورة وضع ملصقات خاصة على جميع منتجاتها الغذائية، توضح فيها نسبة تلوثها بالتعديل الوراثي.

نصائح وإرشادات

تشدد المملكة على تجنب المحاصيل الزراعية الناتجة عن البذور المحرمة، وتصدر توجيهات وإرشادات وقائية لضمان الابتعاد عن تناول الفواكه أو الخضار المعدلة وراثيًا للمواطنين أثناء سفرهم خارج نطاق دول الخليج التي تمنع بدورها استخدام البذور المعدلة وراثيًا.

ومن هذه الإرشادات الحرص على تناول المأكولات العضوية، والتأكد من شراء الفواكه والخضار الطازجة، والتأكد من أن المنتج الذي يشتريه المواطن لا يتضمن تعديلات وراثية، بحسب الملصقات الموجودة على الثمار، وتجنب المواد المضافة، إلى جانب الامتناع عن تناول فول الصويا والكانولا وبذور القطن والذرة والسكر من الشمندر، باعتبارها منتجات تحتوي على نسب عالية من المواد المعدلة وراثيًا.

وأخيرًا التركيز على الألياف، على اعتبار أن غالبية الحبوب والبذور والمكسرات والفاصوليا لا تحتوي على مواد معدلة وراثيًا.