منصور العرفي

إحدى القدرات الأكثر إثارة للاهتمام للذكاء الاصطناعي في الطب هي إمكانية تنبؤ الذكاء الاصطناعي بنتائج المرضى. لعلي أقف معك هنا أيها القارئ الكريم، لمناقشة ثلاثة من هذه التطورات الأخيرة.

المثال الأول هو اقتراح خبيري السياسة الصحية مايكل ميلينسون وجنيفر جولدساك بأن أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل Chat GPT وGoogle’s Bard قد تكون قادرة قريبًا على جمع البيانات من مصادر مختلفة، والسماح للمرضى بمعرفة الأطباء والمستشفيات التي قد توفر أعلى فرص نجاح علاج مشاكلهم المحددة: «يمكنك التعرف على أفضل جراح عظام في الرياض يجرى عمليات استبدال الركبة، ومعدل المضاعفات لديه، أو العثور على أرقام البقاء على قيد الحياة لمرضى سرطان الثدي في مركز طبي معين بالدمام، أو الحصول على توصيات لجراحي القلب في مدينة جدة».

وبطبيعة الحال، لن تكون مثل هذه التوصيات جيدة إلا بقدر موثوقية البيانات الأساسية المتعلقة بمعدلات بقاء المرضى على قيد الحياة أو معدلات المضاعفات التي يتعرض لها الأطباء. كما أن معدلات المضاعفات في حد ذاتها لا تعكس بالضرورة كفاءة الطبيب، فالطبيب الذي يرى المرضى الأكثر مرضًا أو الجراح الذي يعالج الحالات الأكثر صعوبة قد يكون لديه معدل مضاعفات أعلى من الآخرين الذين لا يفعلون ذلك. وكما هو الحال دائمًا، يجب أن تؤخذ جودة وسياق هذه البيانات في الاعتبار عند تقديم أي توصيات للمرضى. لكن بشكل عام، أعتقد أن هذا سيكون تطورًا جيدًا، وآمل أن يكون الأطباء والمستشفيات على استعداد للإفصاح عن معدلات النجاح و«معدلات المضاعفات» بطريقة شفافة قدر الإمكان.

والمثال الثاني، وهو المفاجئ نوعا ما، أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي يمكنها اكتشاف الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني من خلال تحليل أصواتهم، حتى قبل أن يدرك المرضى أو أطباؤهم ذلك في بعض الأحيان. بالنسبة للرجال، كانت هناك تغييرات طفيفة في شدة الصوت واتساعه. وبالنسبة للنساء، كانت هناك اختلافات طفيفة في اختلاف درجة الصوت، وبلغت دقة تنبؤات الكمبيوتر نحو 86% للرجال و89% للنساء.

الآلية الدقيقة لطريقة الكشف هذه لا تزال غير مفهومة بالكامل. مع ذلك، يخمن الباحثون أن مرض السكري المبكر يمكن أن يؤثر في الخواص الميكانيكية للحبال الصوتية للمرضى، وقدرة المرضى على التحكم في عضلاتهم الصوتية، وهي تغييرات يمكن اكتشافها في التسجيلات الصوتية. وعلى الرغم من أن هذا البحث لا يزال أوليًا، وإذا أكدت دراسات أخرى هذه النتائج، فسيكون لدى الأطباء طريقة جديدة غير مكلفة وغير جراحية لفحص المرض الذي يؤثر على شريحة عريضة من المجتمع.

المثال الثالث لاستخدام الذكاء الاصطناعي في التنبؤ بالنتائج الصحية يأتي من جامعتي فاندربيلت وميسوري-كانساس سيتي في الولايات المتحدة، حيث أظهر الباحثون هناك أن البيانات المستمدة من الأشعة المقطعية للصدر المستخدمة في الكشف عن سرطانات الرئة المبكرة لا يمكن استخدامها فقط في التنبؤ بالوفيات الناجمة عن سرطان الرئة، ولكن أيضًا من أمراض القلب والأوعية الدموية أو الوفيات الناجمة عن أي سبب.

وأوضح الباحث الرئيس كايوين شو أن هذا البحث يمكن أن يساعد الأطباء في تحديد المرضى الذين سيستفيدون بشكل أفضل من التدخل الطبي مثلا أو تعديلات نمط الحياة، حتى في مرحلة مبكرة جدًا قبل ظهور المرض.

الذكاء الاصطناعي ليس (حتى الآن) أداة موثوقة للتنبؤ بالوفيات على المدى القصير في حالات الطوارئ، ولكن هناك باحثين يبحثون في العواقب الأخلاقية للخوارزميات التي قد تتوصل ذات يوم إلى تنبؤات موثوقة حول ما إذا كان المريض سيموت في غضون الثلاثين إلى الستين يوما القادمة، وكيف قد يؤدي ذلك إلى تغيير عملية تقديم الرعاية في غرف الطوارئ ودور المسنين، وما إلى ذلك.

ختاما، نستطيع القول إنه مع استمرار تحسن الذكاء الاصطناعي في تقديم تنبؤات طويلة المدى وقصيرة المدى حول النتائج الصحية للمرضى، سيواجه كل من المرضى والأطباء فرصًا وتحديات جديدة حول أفضل السبل للاستفادة من هذه المعرفة.