"آخر العلاج الكي".
عبارة طالما ترددت على الألسنة، لكن كثيرين باتوا يتخوفون من أن كثيرين من المعالجين جعلوها "أول العلاج الكيّ"، وصار التخوف من تسرع العلاج الشعبي في اتخاذ قرار "الكي" مبكرا لمرضى آلام العظام والأعصاب مسألة جدية ومقلقة.
وفيما يراهن المعالجون الشعبيون على نجاعة علاجاتهم المتعددة التي يقف الكيّ على رأس قائمتها ويعدونها "أكثر فاعلية وسرعة في النتائج، وفي اختصار زمن تشافي مرضاهم"، يؤكد أطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي أن الأطباء والمعالجين الشعبيين لا يستندون إلى الطرق والأسس الطبية والصحية السليمة التي في مقدمتها الفحوص السريرية والأشعة، ولا يقيّمون الحالة طبيا، ويرون أن الأصح الاتجاه إلى المستشفى المختص لتقييم الحالة وعمل الفحوصات واختيار الوسائل العلاجية المناسبة.
ويشدد أطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي على أن الخطورة قائمة بشكل كبير على من يلجأ إلى العلاج والطب الشعبي على الرغم من أن العلاج الطبيعي بات من التخصصات الطبية المهمة التي تطورت على مدار السنوات الأخيرة بشكل كبير، وساهمت في تعافي كثير من المرضى بصورة أسرع من ذي قبل.
لا دليل لعلاج الكي
ينفي أخصائي العلاج الطبيعي حمد ظافر آل عبية وجود دليل أو إثبات علمي معتبر للعلاج بالكيّ، ويقول "على العكس، فقد ثبت علميًا أن الكيّ لا يعالج الجلطات والأمراض العصبية، وهناك كثير من المرضى الذين تضرروا بسببه وجراء مضاعفاته كالتهابات الجروح والالتهاب في الدم والغرغرينا والنزيف، وذلك لعدم إلمام مدعيّ العلاج بالكي بالتخصص الطبي، وبعضهم يستغل حاجة الناس تحت مسميات الطب البديل والمسميات الأخرى".
عرق النسا والخشة
يجزم المعالج الشعبي أبو عبدالعزيز بأن هناك أطباء ومعالجون شعبيون باختصاصات متنوعة، وكل منهم يختلف عن الآخر حسب تخصصه، فهناك من يكون مختصا بالجلطات، وهناك من تخصص بعرق النساء، وهناك من هو متخصص بالأبهر، وقال "للعلم، ثمة مرض شائع بين كثيرين، رجالا ونساء، ويسمى (عرق النسا)، وهذا لا يستطيع تحديده وعلاجه إلا الأطباء والمعالجون الشعبيون والمختصون بالطب البديل، وأتحدى أن يعالجه غيرهم، وكذلك الأبهر الذي يتم علاجه بواسطة كعب الرجل من ذوي الخبرة والكفاءة العالية والدراية ممن يجيدون ذلك وعلى أيديهم تنتهي معاناة كثيرين".
ويضيف "هناك أيضا نوع من الأمراض يسمى (الخشة) لمن يعانون من الإحساس بالبرد الشديد والرجفة، حيث يستخدم القطن أو ما يسمى بـ"العطبة" في علاجها بلفها، ومن ثم تولع فيها النار ويكوى بها المريض بين أكتافه وبمشيئة الله يتعالج ويتعافى في وقت قياسي".
ويواصل أبو عبدالعزيز تحديه، ويقول بحزم "لن أتطرق لأطباء العلاج الطبيعي، لكني أراهن أنهم لا يستطيعون اكتشاف عدد من الأمراض، ولا يستطيعون حتى علاجها، ولن يقوم بذلك سوى الأطباء والمعالجون الشعبيون".
أخطاء شائعة وقاتلة
يعيد أخصائي العلاج الطبيعي محمد أحمد الفقير مسارعة بعض المرضى إلى الطب الشعبي لقلة الوعي، ويشدد "للأسف الشديد نجد من المرضى من يتوجه إلى الطب الشعبي قبل التوجه إلى عيادات العلاج الطبيعي بسبب قلة الوعي بدور العلاج الطبيعي ومدى أهميته".
وأضاف "ثمة أخطاء كثيرة تقع في العلاج الشعبي، فمثلا قد يكون الكيّ في بعض الأماكن التي تكون خطيرة وقد تؤدي إلى تفاقم المشكلة إلى حد لا تحمد عقباه، كما أن هناك ممارسة تسمى (طق الأبهر) وهذه قد تؤدي إلى كسر الأضلاع وثقب الرئة".
وواصل "لا يملك المعالجون الشعبيون القدرة على التشخيص الطبي الدقيق المبني على الأسس العلمية السليمة، وليس لديهم دراية علمية كافية عن تشريح الجسم من الداخل، على الرغم من أنه قد يصدف معهم علاج ناجح لحالة من الحالات، لكن في المقابل قد يتسببون في تفاقم عدد من الحالات الأخرى، وقد عايّنا كثيرا وكثيرا من ذلك".
وتمنى "ألا ينجرف أحد وراء بعض الحكايات والقصص المبالغ فيها، وأن يحكّموا العقل".
وختم "يشهد بلدنا تطورا صحيا وتوفرا لكل ما يلزم من إمكانيات ومستلزمات طبية وكفاءات وكوادر على مستوى عال، حيث يخضع كل مريض إلى تشخيصات دقيقة وتحاليل وأشعة تحدد وبدقة متناهية مكان الإصابة وكيفية علاجها، فلماذا نغامر ونسلّم أنفسنا لمن لا يملكون الدراية ولا الإمكانيات".
مهنة متوارثة
يستنكر المعالج الشعبي أبو منصور (50 سنة) ما يشير إلى أنه أقاويل تدعي أن الطب البديل أو العلاج الشعبي يتسبب في مشاكل ويفاقم الحالة الصحية للمرضى اللذين يلجأون إليه، وأنه يسبب مضاعفات خطيرة على صحتهم، وقال "هذا غير صحيح فأطباء العلاج الشعبي الماهرون وذو الخبرة الكافية وكثير منهم توارثوا هذه المهارة والخبرة من آبائهم وأجدادهم يستطيعون علاج ما لم يستطيع علاجه أطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي، وهناك مئات الحالات التي استعصت على متخصصي العالج الطبيعي فكان الحل والعلاج لدى المعالجين الشعبيين، ومن أهم طرقهم العلاجية الكي".
ويشير أبو منصور إلى قدم العلاج بالكي، ويقول "كان يستخدم منذ قديم الزمن، وتحديدا في حضارتين هما حضارة بلاد الرافدين في العراق وحضارة الفراعنة في مصر".
وبين "كانوا قديماً يعالجون به أمراضا عدة منها الفري أو ما يعرف بأبو دمغة وأبو وجة والسعال (الربو) وأبو صفار والدين (الصفط) إلى جانب مرض عرق النسا والمفاصل وخشة البرد".
وبين أن "العلاج بالكي هو عبارة عن استخدام اللذع بالنار عن طريق مسمار من الحديد أو عود شجر كالرمث أو قطعة قماش كالقطن (عطبه)". لافتاً إلى أن السنة النبوية دلت على هذا العلاج لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف "آخر العلاج الكي".
كما أوضح أن للكي أسماء عدة، مثل الكي بالنار أو اللذع واللسع والوسم، مشيرا إلى أن أدواته تتكون من الخلال والرمث والعرفج والعطبة، ومنوها بأن هناك أماكن في جسم الإنسان منهي عن كيّها لأن كيّها مميت كالإبط والمثانة والفخذين من الداخل، داعيا المرضى إلى العلاج به إذا دعت الحاجة إليه.
أخطاء ومضاعفات
يرى أخصائي العلاج الطبيعي عثمان محمد السهلي أن "حدوث التحسن في العلاج الطبيعي من عدمه تدعمه الأدلة العلمية والأبحاث، أما في العلاج الشعبي فإن حدوث التحسن من عدمه يفتقر إلى الأدلة العلمية والأبحاث. وفي العلاج الطبيعي لو حدثت أخطاء طبية سيحصل المتضرر على تعويضات على عكس العلاج الشعبي فإن حدثت أخطاء طبية فيه فلن يحصل المريض على أي تعويض، وبالنسبة للكي كما تستخدمه الأغلبية في علاج عرق النسا مع عدم وجود الحجج العلمية على ذلك فإن ألم الكي قد ينسيك ألم عرق النسا، وقد لوحظ كثير من المضاعفات والإصابات على مستوى فقرات الرقبة وعظام الأضلاع نتيجة لتدخلات المعالجين الشعبيين".
التشكيك بالشعبي
يستهجن المعالج الشعبي محمد أبو حسين 65 سنة الاتهامات التي تطال المعالجين الشعبيين، ويقول "للأسف ما زال هناك من يشككون في كفاءة وقدرة كثير من الأطباء والمعالجين الشعبيين، ومن ضمنهم أطباء العلاج الطبيعي الذين يرون أن لديهم وحدهم الخبرة والدراية لعلاج أمراض حركية وعصبية تنتشر بكثرة، ولا يعترفون للأسف بالمعالجين الشعبيين الذين ذاع صيت كثير منهم واشتهروا على نطاق واسع في معالجة كثير من الأمراض بطرق عدة ونجحوا في مهماتهم بشكل كبير، ومن أهم تلك الطرق الكيّ، الذي عولج من خلاله كثير من الأمراض منذ زمن الصحابة، وكذلك أمراض أخرى مثل الصفار والآلام المفصلية والعضلية وآلام الظهر والرقبة، كما أن المعالجين الشعبيين لديهم قدرة فائقة في علاج عرق النسا دون غيرهم، حيث لا يستطيع الأطباء علاجه والتخلص منه بالشكل المطلوب وكما يجب، حيث لا يجيد ذلك بشكل متقن سوى الأطباء والمعالجين الشعبيين".
الخطط اللازمة
من جانبه قال أخصائي العلاج الطبيعي محبوب الحربي إن الطب الطبيعي يُشير إلى الطُرق التي يمكنها مُساعدة الجسم على الشفاء من الأمراض دون استخدام الأدوية، وإنّما بالاعتماد على الأعشاب أو تغيير نمط التغذية والمُستخلصات العُشبيّة وغيرها من الطُرق غير الدوائية، بينما ينحصر مفهوم العلاج الطبيعي في التدريب على الحركة واستعادة نشاط وظائف أعضاء الجسم ووضع الخُطط اللازمة لذلك.
ممارسات خاطئة
أكدت رئيسة قسم العلاج الطبيعي في مستشفى الشفاء التخصصي في نجران الدكتورة نهى حلاوة أن التوجه للعلاج الشعبي في علاج أمراض العضلات والمفاصل والأعصاب يعد ممارسة خاطئة، وتقول "كثيرا ما نسمع أهلنا في الجنوب ينصحون بعضهم بعضا بالعلاج الشعبي وخصوصا الكــي على الرغم من أنه تتوفر لدينا تخصصات طبية تقوم بفحص الحالة وتقيّمها وتتعرف إلى أسباب المرض بالأشعة والتحاليل الطبية والفحوصات لاختيار العلاج المناسب للمرض وللحصول على أفضل النتائج بالنسبة له".
وأضافت "من الآثار السلبية للكي أنه غير مجد وغير فعال، ويخلّف مضاعفات سلبية مثل تلوث جرح الكي وخصوصا مع مرضى السكري ومرضى الأمراض المزمنة، كما يمكنه أن يسبب حروقا قد تكون خطيرة، وقد يتلف الحرق الأنسجة، كما أن من مخاطره أنه لا يأخذ بعين الاعتبار الآثار الجانبية لطرق العلاج المستخدمة، ويتطلب كثيرا من الوقت للحصول على النتائج الخاصة بالعلاج، وقد يتسبب في ضرر أعضاء أخرى من جسم المريض".
كما نوهت إلى أنه "من ضمن الممارسات الخاطئة في العلاج الشعبي عمل الحجامة الطبية عندالمعالج الشعبي غير المختص والذي لا يمتلك دراية بالمواقع الصحيحة للحجامة، ولا يدري أن التشريط الصحيح يكون سطحيا جدا وعلى أول طبقات الجلد، بحيث يخرج الدم الفاسد وتلتئم الجروح بعد انتهاء الحجامة حتى لا يتعرض المريض لتلوث جروح الحجامة والدخول في مضاعفات لا مبرر لها، ولذا ينصح بالذهاب إلى المركز المختص والمرخص من الصحة لضمان عمل الحجامة الصحيحة والتعقيم السليم".
مآخذ الأطباء والمتخصصين على المعالجين الشعبيين
ـ يتسرعون باللجوء إلى حلول مثل الكي
ـ ليس هناك دليل أو إثبات علمي معتبر للعلاج بالكيّ
ـ الثابت علميا أن الكيّ لا يعالج الجلطات والأمراض العصبية
ـ بحكم عدم تخصصهم فإنهم لا ينتبهون إلى الأضرار الجانبية لعلاجاتهم
ـ شفاء بعض الحالات ليس دليلا دامغا على جدوى ممارسات الطب الشعبي
ـ في حال وقوع ضرر من قبل الطبيب الشعبي لا مجال للتعويض المادي
ـ يمكن للعلاج الشعبي أن يخلف مشاكل ذات صلة بالتعقيم ونظافة الحروق وغيرها
براهين يتمسك بها المعالجون الشعبيون
ـ ممارستنا جاءت وليدة التجربة الطويلة والخبرة ومهنتنا في الغالب متوارثة
ـ العلاج الشعبي استخدم منذ الحضارة الفرعونية وحضارات بابل وسومر وغيرها في العراق
ـ بعض أنواع الأمراض لا يشفيها سوى العلاج الشعبي مثل عرق النسا
ـ هناك تخصصات في الطب الشعبي فالبعض يعالج عرق النسا وآخرون يعالجون أمراضا أخرى
ـ نجحنا في علاج كثير من الحالات وهي شواهد على جدوى عملنا
عبارة طالما ترددت على الألسنة، لكن كثيرين باتوا يتخوفون من أن كثيرين من المعالجين جعلوها "أول العلاج الكيّ"، وصار التخوف من تسرع العلاج الشعبي في اتخاذ قرار "الكي" مبكرا لمرضى آلام العظام والأعصاب مسألة جدية ومقلقة.
وفيما يراهن المعالجون الشعبيون على نجاعة علاجاتهم المتعددة التي يقف الكيّ على رأس قائمتها ويعدونها "أكثر فاعلية وسرعة في النتائج، وفي اختصار زمن تشافي مرضاهم"، يؤكد أطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي أن الأطباء والمعالجين الشعبيين لا يستندون إلى الطرق والأسس الطبية والصحية السليمة التي في مقدمتها الفحوص السريرية والأشعة، ولا يقيّمون الحالة طبيا، ويرون أن الأصح الاتجاه إلى المستشفى المختص لتقييم الحالة وعمل الفحوصات واختيار الوسائل العلاجية المناسبة.
ويشدد أطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي على أن الخطورة قائمة بشكل كبير على من يلجأ إلى العلاج والطب الشعبي على الرغم من أن العلاج الطبيعي بات من التخصصات الطبية المهمة التي تطورت على مدار السنوات الأخيرة بشكل كبير، وساهمت في تعافي كثير من المرضى بصورة أسرع من ذي قبل.
لا دليل لعلاج الكي
ينفي أخصائي العلاج الطبيعي حمد ظافر آل عبية وجود دليل أو إثبات علمي معتبر للعلاج بالكيّ، ويقول "على العكس، فقد ثبت علميًا أن الكيّ لا يعالج الجلطات والأمراض العصبية، وهناك كثير من المرضى الذين تضرروا بسببه وجراء مضاعفاته كالتهابات الجروح والالتهاب في الدم والغرغرينا والنزيف، وذلك لعدم إلمام مدعيّ العلاج بالكي بالتخصص الطبي، وبعضهم يستغل حاجة الناس تحت مسميات الطب البديل والمسميات الأخرى".
عرق النسا والخشة
يجزم المعالج الشعبي أبو عبدالعزيز بأن هناك أطباء ومعالجون شعبيون باختصاصات متنوعة، وكل منهم يختلف عن الآخر حسب تخصصه، فهناك من يكون مختصا بالجلطات، وهناك من تخصص بعرق النساء، وهناك من هو متخصص بالأبهر، وقال "للعلم، ثمة مرض شائع بين كثيرين، رجالا ونساء، ويسمى (عرق النسا)، وهذا لا يستطيع تحديده وعلاجه إلا الأطباء والمعالجون الشعبيون والمختصون بالطب البديل، وأتحدى أن يعالجه غيرهم، وكذلك الأبهر الذي يتم علاجه بواسطة كعب الرجل من ذوي الخبرة والكفاءة العالية والدراية ممن يجيدون ذلك وعلى أيديهم تنتهي معاناة كثيرين".
ويضيف "هناك أيضا نوع من الأمراض يسمى (الخشة) لمن يعانون من الإحساس بالبرد الشديد والرجفة، حيث يستخدم القطن أو ما يسمى بـ"العطبة" في علاجها بلفها، ومن ثم تولع فيها النار ويكوى بها المريض بين أكتافه وبمشيئة الله يتعالج ويتعافى في وقت قياسي".
ويواصل أبو عبدالعزيز تحديه، ويقول بحزم "لن أتطرق لأطباء العلاج الطبيعي، لكني أراهن أنهم لا يستطيعون اكتشاف عدد من الأمراض، ولا يستطيعون حتى علاجها، ولن يقوم بذلك سوى الأطباء والمعالجون الشعبيون".
أخطاء شائعة وقاتلة
يعيد أخصائي العلاج الطبيعي محمد أحمد الفقير مسارعة بعض المرضى إلى الطب الشعبي لقلة الوعي، ويشدد "للأسف الشديد نجد من المرضى من يتوجه إلى الطب الشعبي قبل التوجه إلى عيادات العلاج الطبيعي بسبب قلة الوعي بدور العلاج الطبيعي ومدى أهميته".
وأضاف "ثمة أخطاء كثيرة تقع في العلاج الشعبي، فمثلا قد يكون الكيّ في بعض الأماكن التي تكون خطيرة وقد تؤدي إلى تفاقم المشكلة إلى حد لا تحمد عقباه، كما أن هناك ممارسة تسمى (طق الأبهر) وهذه قد تؤدي إلى كسر الأضلاع وثقب الرئة".
وواصل "لا يملك المعالجون الشعبيون القدرة على التشخيص الطبي الدقيق المبني على الأسس العلمية السليمة، وليس لديهم دراية علمية كافية عن تشريح الجسم من الداخل، على الرغم من أنه قد يصدف معهم علاج ناجح لحالة من الحالات، لكن في المقابل قد يتسببون في تفاقم عدد من الحالات الأخرى، وقد عايّنا كثيرا وكثيرا من ذلك".
وتمنى "ألا ينجرف أحد وراء بعض الحكايات والقصص المبالغ فيها، وأن يحكّموا العقل".
وختم "يشهد بلدنا تطورا صحيا وتوفرا لكل ما يلزم من إمكانيات ومستلزمات طبية وكفاءات وكوادر على مستوى عال، حيث يخضع كل مريض إلى تشخيصات دقيقة وتحاليل وأشعة تحدد وبدقة متناهية مكان الإصابة وكيفية علاجها، فلماذا نغامر ونسلّم أنفسنا لمن لا يملكون الدراية ولا الإمكانيات".
مهنة متوارثة
يستنكر المعالج الشعبي أبو منصور (50 سنة) ما يشير إلى أنه أقاويل تدعي أن الطب البديل أو العلاج الشعبي يتسبب في مشاكل ويفاقم الحالة الصحية للمرضى اللذين يلجأون إليه، وأنه يسبب مضاعفات خطيرة على صحتهم، وقال "هذا غير صحيح فأطباء العلاج الشعبي الماهرون وذو الخبرة الكافية وكثير منهم توارثوا هذه المهارة والخبرة من آبائهم وأجدادهم يستطيعون علاج ما لم يستطيع علاجه أطباء وأخصائيو العلاج الطبيعي، وهناك مئات الحالات التي استعصت على متخصصي العالج الطبيعي فكان الحل والعلاج لدى المعالجين الشعبيين، ومن أهم طرقهم العلاجية الكي".
ويشير أبو منصور إلى قدم العلاج بالكي، ويقول "كان يستخدم منذ قديم الزمن، وتحديدا في حضارتين هما حضارة بلاد الرافدين في العراق وحضارة الفراعنة في مصر".
وبين "كانوا قديماً يعالجون به أمراضا عدة منها الفري أو ما يعرف بأبو دمغة وأبو وجة والسعال (الربو) وأبو صفار والدين (الصفط) إلى جانب مرض عرق النسا والمفاصل وخشة البرد".
وبين أن "العلاج بالكي هو عبارة عن استخدام اللذع بالنار عن طريق مسمار من الحديد أو عود شجر كالرمث أو قطعة قماش كالقطن (عطبه)". لافتاً إلى أن السنة النبوية دلت على هذا العلاج لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف "آخر العلاج الكي".
كما أوضح أن للكي أسماء عدة، مثل الكي بالنار أو اللذع واللسع والوسم، مشيرا إلى أن أدواته تتكون من الخلال والرمث والعرفج والعطبة، ومنوها بأن هناك أماكن في جسم الإنسان منهي عن كيّها لأن كيّها مميت كالإبط والمثانة والفخذين من الداخل، داعيا المرضى إلى العلاج به إذا دعت الحاجة إليه.
أخطاء ومضاعفات
يرى أخصائي العلاج الطبيعي عثمان محمد السهلي أن "حدوث التحسن في العلاج الطبيعي من عدمه تدعمه الأدلة العلمية والأبحاث، أما في العلاج الشعبي فإن حدوث التحسن من عدمه يفتقر إلى الأدلة العلمية والأبحاث. وفي العلاج الطبيعي لو حدثت أخطاء طبية سيحصل المتضرر على تعويضات على عكس العلاج الشعبي فإن حدثت أخطاء طبية فيه فلن يحصل المريض على أي تعويض، وبالنسبة للكي كما تستخدمه الأغلبية في علاج عرق النسا مع عدم وجود الحجج العلمية على ذلك فإن ألم الكي قد ينسيك ألم عرق النسا، وقد لوحظ كثير من المضاعفات والإصابات على مستوى فقرات الرقبة وعظام الأضلاع نتيجة لتدخلات المعالجين الشعبيين".
التشكيك بالشعبي
يستهجن المعالج الشعبي محمد أبو حسين 65 سنة الاتهامات التي تطال المعالجين الشعبيين، ويقول "للأسف ما زال هناك من يشككون في كفاءة وقدرة كثير من الأطباء والمعالجين الشعبيين، ومن ضمنهم أطباء العلاج الطبيعي الذين يرون أن لديهم وحدهم الخبرة والدراية لعلاج أمراض حركية وعصبية تنتشر بكثرة، ولا يعترفون للأسف بالمعالجين الشعبيين الذين ذاع صيت كثير منهم واشتهروا على نطاق واسع في معالجة كثير من الأمراض بطرق عدة ونجحوا في مهماتهم بشكل كبير، ومن أهم تلك الطرق الكيّ، الذي عولج من خلاله كثير من الأمراض منذ زمن الصحابة، وكذلك أمراض أخرى مثل الصفار والآلام المفصلية والعضلية وآلام الظهر والرقبة، كما أن المعالجين الشعبيين لديهم قدرة فائقة في علاج عرق النسا دون غيرهم، حيث لا يستطيع الأطباء علاجه والتخلص منه بالشكل المطلوب وكما يجب، حيث لا يجيد ذلك بشكل متقن سوى الأطباء والمعالجين الشعبيين".
الخطط اللازمة
من جانبه قال أخصائي العلاج الطبيعي محبوب الحربي إن الطب الطبيعي يُشير إلى الطُرق التي يمكنها مُساعدة الجسم على الشفاء من الأمراض دون استخدام الأدوية، وإنّما بالاعتماد على الأعشاب أو تغيير نمط التغذية والمُستخلصات العُشبيّة وغيرها من الطُرق غير الدوائية، بينما ينحصر مفهوم العلاج الطبيعي في التدريب على الحركة واستعادة نشاط وظائف أعضاء الجسم ووضع الخُطط اللازمة لذلك.
ممارسات خاطئة
أكدت رئيسة قسم العلاج الطبيعي في مستشفى الشفاء التخصصي في نجران الدكتورة نهى حلاوة أن التوجه للعلاج الشعبي في علاج أمراض العضلات والمفاصل والأعصاب يعد ممارسة خاطئة، وتقول "كثيرا ما نسمع أهلنا في الجنوب ينصحون بعضهم بعضا بالعلاج الشعبي وخصوصا الكــي على الرغم من أنه تتوفر لدينا تخصصات طبية تقوم بفحص الحالة وتقيّمها وتتعرف إلى أسباب المرض بالأشعة والتحاليل الطبية والفحوصات لاختيار العلاج المناسب للمرض وللحصول على أفضل النتائج بالنسبة له".
وأضافت "من الآثار السلبية للكي أنه غير مجد وغير فعال، ويخلّف مضاعفات سلبية مثل تلوث جرح الكي وخصوصا مع مرضى السكري ومرضى الأمراض المزمنة، كما يمكنه أن يسبب حروقا قد تكون خطيرة، وقد يتلف الحرق الأنسجة، كما أن من مخاطره أنه لا يأخذ بعين الاعتبار الآثار الجانبية لطرق العلاج المستخدمة، ويتطلب كثيرا من الوقت للحصول على النتائج الخاصة بالعلاج، وقد يتسبب في ضرر أعضاء أخرى من جسم المريض".
كما نوهت إلى أنه "من ضمن الممارسات الخاطئة في العلاج الشعبي عمل الحجامة الطبية عندالمعالج الشعبي غير المختص والذي لا يمتلك دراية بالمواقع الصحيحة للحجامة، ولا يدري أن التشريط الصحيح يكون سطحيا جدا وعلى أول طبقات الجلد، بحيث يخرج الدم الفاسد وتلتئم الجروح بعد انتهاء الحجامة حتى لا يتعرض المريض لتلوث جروح الحجامة والدخول في مضاعفات لا مبرر لها، ولذا ينصح بالذهاب إلى المركز المختص والمرخص من الصحة لضمان عمل الحجامة الصحيحة والتعقيم السليم".
مآخذ الأطباء والمتخصصين على المعالجين الشعبيين
ـ يتسرعون باللجوء إلى حلول مثل الكي
ـ ليس هناك دليل أو إثبات علمي معتبر للعلاج بالكيّ
ـ الثابت علميا أن الكيّ لا يعالج الجلطات والأمراض العصبية
ـ بحكم عدم تخصصهم فإنهم لا ينتبهون إلى الأضرار الجانبية لعلاجاتهم
ـ شفاء بعض الحالات ليس دليلا دامغا على جدوى ممارسات الطب الشعبي
ـ في حال وقوع ضرر من قبل الطبيب الشعبي لا مجال للتعويض المادي
ـ يمكن للعلاج الشعبي أن يخلف مشاكل ذات صلة بالتعقيم ونظافة الحروق وغيرها
براهين يتمسك بها المعالجون الشعبيون
ـ ممارستنا جاءت وليدة التجربة الطويلة والخبرة ومهنتنا في الغالب متوارثة
ـ العلاج الشعبي استخدم منذ الحضارة الفرعونية وحضارات بابل وسومر وغيرها في العراق
ـ بعض أنواع الأمراض لا يشفيها سوى العلاج الشعبي مثل عرق النسا
ـ هناك تخصصات في الطب الشعبي فالبعض يعالج عرق النسا وآخرون يعالجون أمراضا أخرى
ـ نجحنا في علاج كثير من الحالات وهي شواهد على جدوى عملنا