سليمان العساف

في المقال السابق تكلمت عن الشركات العائلية وتاريخها وأهميتها للاقتصاد وأمثلة عالمية ومحلية لتلك العائلات، وفي هذا المقال سنركز على تعاقب الأجيال الثاني والثالث، ويعود نجاح الشركات العائلية إلى عوامل عديدة متنوعة ولكنها مترابطة ووجود أكثرها يعزز مكانة وقوة وحجم تلك الشركات ومنها الرؤية الإستراتيجية، الاستدامة، الحوكمة، وجود جيل متعلم، عملي مترابط، الاستقرار المالي، الثقة، الولاء، التضحية، إعادة الاستثمار، وغيرها من سيأتي العودة إليها لاحقاً، إن شاء الله.

لذا فإن الاهتمام بالشركات العائلية والعمل على استدامتها وتطويرها أمر مهم وحيوي إن كان من جانب ملاك الشركة والعائلة نفسها أو من إدارتها أو من الجهات الرقابية والجهات ذات العلاقة التي عليها العمل على الحفاظ على تلك الشركات وتنميتها وتقويتها وتعزيز دورها في الاقتصاد المحلي. ولبيان حجمها ومدى تأثيرها في الاقتصاد الخليجي لأنه من المتوقع أن ينقل الجيل الحالي إلى الجيل القادم أصولاً وشركات بقيمة تتجاوز 3.5 تريليونات ريال في منطقة الشرق الأوسط، لذا فإن مبدأ وسياسة وسلاسة وآلية النقل من الجيل المؤسس إلى الجيل الثاني أمر حيوي ومهم وكذلك نقل الثروة والملكية من الجيل الثاني إلى الجيل الثالث أمر مهم وحساس جدا لأنه غالباً يبدأ انهيار الشركات وموتها أو تفتتها واضمحلالها في الجيل الثالث، الذي قد يكون جيل الضعفاء أو للغير منتمين عاطفياً وولائياً وعملياً وتجارياً للمنظمة وهناك مصطلح يسمى معضلة الجيل الثالث وقد قامت عديد من الجهات البحثية بعمل دراسات موسعة لدراسة الشركات العائلية وحالات استمرارها ونهايتها ومنها مشروع تاريخ الشركات العائلية، الذي عمل في أبوظبي، ومجلس الشركات العائلية الخليجية، وشبكة الشركات العائلية الدولي، وبيت الأعمال العائلية ،فتوصلت بعض تلك الدراسات إلى أن الشركات تنتقل إلى الجيل الثاني بنسبة 30 % و70 % منها، إما يموت أو تنتقل ملكيتك لآخرين، وفقط 13 % من الشركات تنتقل للجيل الثالث، بينما ما يقارب 3 % من تلك الشركات تستمر حتى الجيل الرابع. وهذا أمر جدير بالدراسة والبحث، وأن تأخذه الشركات العائلية بكل جدية وقوة، وأن يكون لديها ميثاق مكتوب ملزم يعالج المشاكل التي قد تطرأ في الأجيال الثالثة والرابعة وبعدها من مشاكل، ولعل أهمها وأكثرها حساسية وهو أشبه بحقل ألغام هو موضوع «الخلافة» في الشركة، إضافة إلى: الإدارة، الحصص، التخارج، التوزيعات المالية، التوسع، دخول شركاء الحوكمة، وغيرها من الأمور التي يجب ألا يكون للعاطفة وحدها مجال بل يجب أن يكون العقل والتجارب الأخرى التي تتم دراستها ومقارنتها محل اعتبار، وفوق ذلك القانون من أجل حفظ حقوق جميع الأطراف حتى لا تحدث صراعات قد تؤدي إلى تفتت الشركة. والجميع يرى ويسمع كيف أن أروقة المحاكم أصبحت مكانا لبعض الشركات العائلية والكيانات المالية والتجارية الكبيرة، بسبب عدم التناغم أو التوافق أو دخول «الغرباء بين أفراد الأسرة» التي غالباً ما يقوم بعض أفراد الجيل الثالث أو الرابع المتنازع بإرجاع أسباب نشوئها إلى الجيل المؤسس، وعدم الحوكمة وعدم مراعاته لمصالح الأطراف جميعاً.

يتبع......