أذاعت إحدى القنوات الفضائية تصريحاً لشخص استضافته تلك القناة، تضمن اتهاماً لشيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، بأنه سبب التفجيرات والاغتيالات، وأنه يبيح لآحاد الناس أن يقيموا الحدود دون إذن ولي الأمر. ولما كان هذا الكلام غير صحيح إطلاقاً، بل الصحيح نقيض هذه التهم الكاذبة الخطأ، رأيت أن أبين ذلك، فأقول:
أولاً: أسأل الله أن يهدي الذي قال هذا الكلام الخطأ، وأن يعتذر عما ظلم به ابن تيمية، بعد أن يقرأ ما سأكتبه من كلام ابن تيمية الذي سينقض به دعاواه واتهاماته. ولا ريب أن الرجوع إلى الحق خير له من التمادي في الباطل، وخير له من أن يجعل ابن تيمية خصماً له يوم القيامة.
ثانياً: ابن تيمية من أبعد الناس عن العنف والخروج على الحكام، فهو يقرر أن الجهاد وتطبيق الحدود لولي الأمر وبإذنه، وسأنقل نص كلامه في ذلك، مما سينقض هذا الكلام الذي تم نشره في تلك القناة.
وثالثاً: أحب أن أبين قاعدة مهمة، ليست لهذه المسألة فقط، بل هي لها ولغيرها، فهي قاعدة عامة ونافعة، وهي أن هناك طريقين للناس في تلقيهم العلم، بينها الله في كتابه في الآية السابعة من سورة آل عمران، وبينها رسوله، صلى الله عليه وسلم في سنته.
طريق يسلكه الراسخون في العلم، وطريق يسلكه الذين في قلوبهم زيغ، فالراسخون في العلم يردون المتشابه إلى المحكم، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ويتركون المحكم.
رابعاَ: كلام ابن تيمية الواضح المحكم، كثير، وقد كرره في مؤلفاته، وهو ينص على «أن الحدود لا تقام إلا بإذن ولي الأمر» وهذا مما يبطل تلك الدعاوى الظالمة، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، قول ابن تيمية، رحمه الله، في كتابه منهاج السنة: «الجهاد لا يقوم به إلا ولاة الأمور»، وهذا كلام واضح محكم كما يرى القارئ الكريم.
وقال أيضاً: «أوجب الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة. وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم. وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة». ولهذا روي: «أن السلطان ظل الله في الأرض» ويقال «ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان». والتجربة تبين ذلك.
وقال أيضاً: «فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده: فيكون الوالي شديداً في إقامة الحد».
وقال في مجموع الفتاوى: «إقامة الحج والجهاد والجمع مع الأمراء، أبراراً كانوا أم فجاراً» هذا كلامه، ولا أدري هل رأى الذين يتهمون ابن تيمية تلك النقول، أم زاغت عنهم الأبصار؟!
وأقول: إذا كان هذا كلام ابن تيمية فكيف يصور أنه يدعو إلى التمرد على ولي الأمر، فضلاً عن دعوى التفجير والاغتيالات ورمي الدشوش ونحوها مما أذيع في القناة؟ إن هذه التهم الكاذبة الخطأ في الإعلام، مع أنه افتراء على ابن تيمية، ربما يكون حجة لأصحاب الأفكار الضالة، عندما تصل إليهم رسالة، يفهم منها أن العلماء الكبار سبقوكم لهذا المنهج الثوري؟ وهذا أمر خطر جداً.
فيالله العجب، ابن تيمية يقرر في مؤلفاته السمع والطاعة لولاة الأمور، وعدم الافتئات عليهم، وهؤلاء ينسبون له الاغتيالات والتفجيرات، هذا والله من الظلم.
وكما أن تأصيل كلام ابن تيمية، رحمه الله، في كتبه هو الدعوة للرفق والسمع والطاعة لولاة الأمور وعدم الخروج عليهم، فهو أيضاً منهجه العملي، فقد قال ابن فضل الله العمري في موقعة شقحب كما في كتابه «مسالك الأبصار»: «لما جاء السلطان إليها لاقاه شيخ الإسلام ابن تيمية، وجعل يشجعه ويثبته، فلما رأى السلطان كثرة التتار، قال يا لخالد بن الوليد! فقال له شيخ الإسلام: لا تقل هذا، بل قل: يا الله! واستغث بالله ربك، ووحده وحده تنصر، وقل: يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين! وما زال يطل تارة على الخليفة المستكفي بالله، وتارة على الملك الناصر بن قلاوون، ويهدئهما، ويربط جأشهما، حتى جاء نصر الله والفتح. وقال للسلطان: أنت منصور فاثبت! فقال له بعض الأمراء: قل إن شاء الله، فقال إن شاء الله تحقيقاً، لا تعليقاً! فكان كما قال». فانظر أيها القارئ الكريم تجد هذا السلطان في زمن ابن تيمية ووقع في لفظ شركي، ومع هذا لم يكفره ابن تيمية ولم يخرج عليه، بل نصحه وصحح حاله واعتقاده، وشجعه وجاهد معه وتحت لوائه.
خامساً: العلم الشرعي ليس كلأ مباحاً يتكلم فيه من لا يحسنه، وإنما يتكلم فيه العلماء الذين رفع الله شأنهم، وأمر بسؤالهم، لأنهم يعرفون العام والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمتشابه والمحكم، وأنواع الدلالات، ووجه الاستدلال، وأما أن يهجم الإنسان على النصوص مباشرة وهو لا يعرف أصول الفقه ولم يتلق العلم عن العلماء الراسخين، فلا ريب أن عاقبة ذلك وخيمة.
فعلى سبيل المثال والتوضيح، فإن أهل العلم يعلمون أن قوله تعالى عن المشركين، «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» أن ذلك لمن قاتلنا وليس لكل مشرك، وأن هذا إذا تم ليس لآحاد الناس، وإنما يكون بإذن ولي الأمر وتحت رايته، عملا بالأدلة الأخرى التي تبين ذلك وتوضحه، ومنها قوله تعالى «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين».
بينما أهل الزيغ يتوهمون أن هذه الآية «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» أنها خطاب لكل أحد بأن يقتل أي مشرك في طريقه، يقولون هذا هو نص الآية، ويفصلونها عن الآيات الأخرى التي توضحها، وهكذا يفعلون أيضاً مع نصوص العلماء، وسبب ذلك كما تقدم أنهم لا يعرفون منهج الاستدلال، فلا يجمعون النصوص، ولا يسيرون على قواعد الاستدلال التي ذكرها الفقهاء، وإذا كان هذا في سوء فهمهم لكلام الله تعالى، فسوء فهمهم لكلام العلماء من باب أولى.
والمأمول من أهل الاعلام وفقهم الله ألا ينشروا ما يسبب الفتن والضلال، والتشكيك بعلماء المسلمين، وقد قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «إن ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء بالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها فإذا حاول أحد يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر ضاع الشرع والأمن، لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم وإن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم وحصل الشر والفساد».
أولاً: أسأل الله أن يهدي الذي قال هذا الكلام الخطأ، وأن يعتذر عما ظلم به ابن تيمية، بعد أن يقرأ ما سأكتبه من كلام ابن تيمية الذي سينقض به دعاواه واتهاماته. ولا ريب أن الرجوع إلى الحق خير له من التمادي في الباطل، وخير له من أن يجعل ابن تيمية خصماً له يوم القيامة.
ثانياً: ابن تيمية من أبعد الناس عن العنف والخروج على الحكام، فهو يقرر أن الجهاد وتطبيق الحدود لولي الأمر وبإذنه، وسأنقل نص كلامه في ذلك، مما سينقض هذا الكلام الذي تم نشره في تلك القناة.
وثالثاً: أحب أن أبين قاعدة مهمة، ليست لهذه المسألة فقط، بل هي لها ولغيرها، فهي قاعدة عامة ونافعة، وهي أن هناك طريقين للناس في تلقيهم العلم، بينها الله في كتابه في الآية السابعة من سورة آل عمران، وبينها رسوله، صلى الله عليه وسلم في سنته.
طريق يسلكه الراسخون في العلم، وطريق يسلكه الذين في قلوبهم زيغ، فالراسخون في العلم يردون المتشابه إلى المحكم، وأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه، ويتركون المحكم.
رابعاَ: كلام ابن تيمية الواضح المحكم، كثير، وقد كرره في مؤلفاته، وهو ينص على «أن الحدود لا تقام إلا بإذن ولي الأمر» وهذا مما يبطل تلك الدعاوى الظالمة، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر، قول ابن تيمية، رحمه الله، في كتابه منهاج السنة: «الجهاد لا يقوم به إلا ولاة الأمور»، وهذا كلام واضح محكم كما يرى القارئ الكريم.
وقال أيضاً: «أوجب الله الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة. وكذلك سائر ما أوجبه من الجهاد والعدل وإقامة الحج والجمع والأعياد ونصر المظلوم. وإقامة الحدود لا تتم إلا بالقوة والإمارة». ولهذا روي: «أن السلطان ظل الله في الأرض» ويقال «ستون سنة من إمام جائر أصلح من ليلة واحدة بلا سلطان». والتجربة تبين ذلك.
وقال أيضاً: «فينبغي أن يعرف أن إقامة الحدود رحمة من الله بعباده: فيكون الوالي شديداً في إقامة الحد».
وقال في مجموع الفتاوى: «إقامة الحج والجهاد والجمع مع الأمراء، أبراراً كانوا أم فجاراً» هذا كلامه، ولا أدري هل رأى الذين يتهمون ابن تيمية تلك النقول، أم زاغت عنهم الأبصار؟!
وأقول: إذا كان هذا كلام ابن تيمية فكيف يصور أنه يدعو إلى التمرد على ولي الأمر، فضلاً عن دعوى التفجير والاغتيالات ورمي الدشوش ونحوها مما أذيع في القناة؟ إن هذه التهم الكاذبة الخطأ في الإعلام، مع أنه افتراء على ابن تيمية، ربما يكون حجة لأصحاب الأفكار الضالة، عندما تصل إليهم رسالة، يفهم منها أن العلماء الكبار سبقوكم لهذا المنهج الثوري؟ وهذا أمر خطر جداً.
فيالله العجب، ابن تيمية يقرر في مؤلفاته السمع والطاعة لولاة الأمور، وعدم الافتئات عليهم، وهؤلاء ينسبون له الاغتيالات والتفجيرات، هذا والله من الظلم.
وكما أن تأصيل كلام ابن تيمية، رحمه الله، في كتبه هو الدعوة للرفق والسمع والطاعة لولاة الأمور وعدم الخروج عليهم، فهو أيضاً منهجه العملي، فقد قال ابن فضل الله العمري في موقعة شقحب كما في كتابه «مسالك الأبصار»: «لما جاء السلطان إليها لاقاه شيخ الإسلام ابن تيمية، وجعل يشجعه ويثبته، فلما رأى السلطان كثرة التتار، قال يا لخالد بن الوليد! فقال له شيخ الإسلام: لا تقل هذا، بل قل: يا الله! واستغث بالله ربك، ووحده وحده تنصر، وقل: يا مالك يوم الدين، إياك نعبد وإياك نستعين! وما زال يطل تارة على الخليفة المستكفي بالله، وتارة على الملك الناصر بن قلاوون، ويهدئهما، ويربط جأشهما، حتى جاء نصر الله والفتح. وقال للسلطان: أنت منصور فاثبت! فقال له بعض الأمراء: قل إن شاء الله، فقال إن شاء الله تحقيقاً، لا تعليقاً! فكان كما قال». فانظر أيها القارئ الكريم تجد هذا السلطان في زمن ابن تيمية ووقع في لفظ شركي، ومع هذا لم يكفره ابن تيمية ولم يخرج عليه، بل نصحه وصحح حاله واعتقاده، وشجعه وجاهد معه وتحت لوائه.
خامساً: العلم الشرعي ليس كلأ مباحاً يتكلم فيه من لا يحسنه، وإنما يتكلم فيه العلماء الذين رفع الله شأنهم، وأمر بسؤالهم، لأنهم يعرفون العام والخاص، والمطلق والمقيد، والناسخ والمنسوخ، والمتشابه والمحكم، وأنواع الدلالات، ووجه الاستدلال، وأما أن يهجم الإنسان على النصوص مباشرة وهو لا يعرف أصول الفقه ولم يتلق العلم عن العلماء الراسخين، فلا ريب أن عاقبة ذلك وخيمة.
فعلى سبيل المثال والتوضيح، فإن أهل العلم يعلمون أن قوله تعالى عن المشركين، «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» أن ذلك لمن قاتلنا وليس لكل مشرك، وأن هذا إذا تم ليس لآحاد الناس، وإنما يكون بإذن ولي الأمر وتحت رايته، عملا بالأدلة الأخرى التي تبين ذلك وتوضحه، ومنها قوله تعالى «وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين».
بينما أهل الزيغ يتوهمون أن هذه الآية «واقتلوهم حيث ثقفتموهم» أنها خطاب لكل أحد بأن يقتل أي مشرك في طريقه، يقولون هذا هو نص الآية، ويفصلونها عن الآيات الأخرى التي توضحها، وهكذا يفعلون أيضاً مع نصوص العلماء، وسبب ذلك كما تقدم أنهم لا يعرفون منهج الاستدلال، فلا يجمعون النصوص، ولا يسيرون على قواعد الاستدلال التي ذكرها الفقهاء، وإذا كان هذا في سوء فهمهم لكلام الله تعالى، فسوء فهمهم لكلام العلماء من باب أولى.
والمأمول من أهل الاعلام وفقهم الله ألا ينشروا ما يسبب الفتن والضلال، والتشكيك بعلماء المسلمين، وقد قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله: «إن ملء القلوب على العلماء يحدث التقليل من شأن العلماء بالتالي التقليل من الشريعة التي يحملونها فإذا حاول أحد يقلل من هيبة العلماء وهيبة ولاة الأمر ضاع الشرع والأمن، لأن الناس إن تكلم العلماء لم يثقوا بكلامهم وإن تكلم الأمراء تمردوا على كلامهم وحصل الشر والفساد».