سليمان العساف

كثر حديث الناس عن البريكس -كما عن الفيدرالي الأمريكي- وأصبح البعض يشرق ويغرب في الحديث عنها وأسباب إنشائها وفوائدها، وهل السعودية طلبت الانضمام أم عرض عليها، ومنهم من أصاب ومن جانب الصواب، ولعلنا هنا نفصل عنها ونبين مدى فائدتها للسعودية وطننا تحديدًا.

بدأت البريكس كفكرة في عام 2006 ثم عقد أول اجتماع عام 2008 ومن الغريب أنه كان في اليابان -التي هي حليف قوي جدًا للولايات المتحدة والمعسكر الغربي- وأطلقوا حينها على أنفسهم دول البريك حيث كانت تتكون من أربع دول (البرازيل وروسيا والهند والصين) ولم تكن جنوب إفريقيا ضمنهم، ولكنها انضمت لاحقًا فأصبحت دول البريكس. والهدف الأساسي لهذا التجمع هو الخروج من سيطرة الدولار ومن النظام المالي الغربي وسيطرة الجناح الغربي سياسيًا واقتصاديًا، ولأجل ذلك أنشأت مجموعة البريكس بنك التنمية الخاص بها برأس مال 50 مليارًا وصندوق الاحتياط بـ 100 مليار دولار، وهو مواجه للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

نعم هذه المجموعة ضخمة بعدد سكان 40% من سكان الأرض و%25 من حجم الناتج المحلي العالمي وقوة ضاربة ولكن على الجانب الآخر لديها اختلالات كبيرة مثل المشاكل بين الجارتين الصين والهند «أكبر مكونين لهذا التجمع» أضف لذلك صعوبة إنشاء عملة موحدة لتلك الدول بسبب الاختلافات المالية والنقدية والاقتصادية، والضرائب والتضخم وحجم الديون وشكل الاقتصاد ومستوى المعيشة وغيرها، ما يجعل توحيدها في عملة واحدة في هذا الوقت أو في المدى المتوسط أمرًا من الخيال. الأمر الآخر مسألة الخروج من سيطرة الدولار أمر ليس باليسير أو السهل فما زال الدولار هو المسيطر على أكثر من نصف التعاملات النقدية العالمية وهو عملة الاحتياطي العالمية الأولى. للعلم الصين تشتري السندات الأمريكية بالدولار الأمريكي - حتى الآن - ولديها سندات أمريكية يما يقارب 835 مليار دولار (كانت 1110 مليارات دولار قبل أن تقلصها تدريجيًا) بالتأكيد أن هذا التجمع يقلق الولايات المتحدة والغرب لأنه منافس لها -وكل أمر يبدأ صغيرا وضعيفا ثم يكبر ويقوى- وقد يضعف سيطرتها على الاقتصاد العالمي ويقلل الاعتماد على الدولار وقد يؤدي إلى خروج الدولار كعملة احتياطٍ وتعامل عالمية كما خرج قبله الجنية الإسترليني والجيلدر الهولندي في القرن السابع عشر. إضافة إلى أمر مهم وهو أن هذا التكتل إذا انضمت إليه الدول الست المدعوة في بداية العام القادم 2024 فإنه سترتفع سيطرته على سوق الطاقة العالمية إلى حوالي 45% وهذه نسبة مرتفعة ومؤثرة وقوية قد تخرج ورقة وتضعه في يد مجموعة البريكس، وهذا ما لا يرضي الولايات المتحدة وحلفاءها. الأمر الآخر أن الدول الأحد عشر تقع وتسيطر ويمر من خلالها أو بجوارها أهم المضائق المائية العالمية، ما يعني أن الاقتصاد العالمي يمر تحت ناظريها بشكل يومي نقطة آخر السطر.

للموضوع تتمة في الأسبوع القادم إن شاء الله.....