ساهم انشغال العالم بمسألة التغير المناخي، والسعي الدؤوب إلى عدم الإفراط في التأثير السلبي عليه من خلال زيادة معدلات التلوث، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية السيئة السائدة في العالم الذي بات على حافة الانكماش الاقتصادي، في انتعاش سوق الألبسة المستعملة التي باتت تلقى رواجًا واسعًا في كل مكان، حتى إنها بدأت اقتحام السوق السعودية بوضوح، ويبدو أنها في طريقها لتصبح عادة منتشرة يتم تقبلها بشكل مضطرد ومتزايد.
وتعيد خبيرات في الأزياء والملابس رواج خيار شراء الملابس المستعملة من بعد كورونا إلى تغير واضح في مفاهيم الملابس في قطاع الأزياء، حيث أصبحت الملابس المريحة هي الأكثر رواجًا، وبات اقتناء الملابس الرسمية يشهد إقبالا أقل نتيجة التراجع الاقتصادي، وكذلك نتيجة تنامي الوعي البيئي، حيث أصبح كثيرون يرغبون بالاستفادة من الملابس التي اضطروا لشرائها لمناسبة ما، والتي لن يعودوا إلى ارتدائها مرة أخرى، ما جعل سوق الملابس المستعملة تنمو نموًا قويًا في السعودية في الآونة الأخيرة تأثرًا بالاقتصاد وبمفهوم الاستدامة الذي أصبح اليوم ضروريًا.
ووضعت الاستدامة كركيزة من ركائز رؤية 2030 وضمن التزام المملكة بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2060، ولذا سعت بعض الجهات الفاعلة في قطاع صناعة الموضة والأزياء إلى حلول أكثر استدامة، خصوصًا أن صناعة المنسوجات تمثل ثاني أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة إذ تنتج نحو 1.2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وسنويًا يتم إنتاج أكثر من 80 مليار قطعة من الملابس في جميع أنحاء العالم، ويتم حرق أو دفن 75% منها في مكبات النفايات، أي ما يعادل إنتاج 5 ملايين طن من الملابس.
الملابس المستدامة
أكدت مصممة الأزياء كاتبة المحتوى، أماني الحسون، أن حجم البصمة الكربونية والبيئية الكبيرة التي يخلفها قطاع الأزياء تقدر بنحو 2 - 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، وأنه مسؤول عن توليد ما بين 20% و35% من تدفقات الجسيمات البلاستيكية التي تنتشر في المحيطات، وهذا له تأثير ضار على الصحة والبيئة، لذلك كان لابد من حلول سواء عبر مراحل التصنيع أو فرص ما بعد الاستهلاك.
وقالت «الملابس المستدامة هي نوعية جديدة من الأزياء صديقة للبيئة، تتجنب الموضة السريعة وتركز على طريقة التصنيع ونوعية الأقمشة المستخدمة من مصادر متجددة، متفادية الأقمشة الاصطناعية المصنعة من البتروكيماويات».
بدورها أشارت، زهراء الحسين، المدير الإداري لمؤسسة مختصة بإدارة مشاريع الأزياء إلى أن الاستدامة ليست متعلقة بقماش الملابس فقط كما يتداول البعض، بل تتعلق بالاستدامة المالية البيئية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، مثل اختيار قطع ملابس بجودة عالية تعمر فترة زمنية طويلة لاستثمار مالي بشكل صحيح.
وعي المجتمع
أكدت الحسين أن مفهوم ارتداء الملابس المستخدمة ما يزال حديثًا على مجتمعنا، وبينت أن استطلاعًا أجرته في بحث خاص بها أجاب عليه 2900 شخص بعمر من 20 ـ 25 سنة قال إن 89% لم يقبلوا فكرة ارتداء ملابس مستعملة، مقابل 11% قبلوا لبسها إن كانت لأحد أفراد أسرتهم المباشرة فقط.
من جانبها، تقول الحسون «أمامنا طريق طويل للحصول على أساس مجتمعي متين مراعٍ للبيئة، ولكن تظافر الجهات ذات العلاقة مثل وزارة التجارة وهيئة الأزياء وجهود التوعية وتعزيز الاستدامة، وهي ضمن مبادرات التحول الوطني يجعلنا نتلمس فرصًا حقيقية للاستدامة في كل مكان، مثل الميديا ونشرات الأخبار والمعارض، سيزيد وعي المجتمع بالمنتجات المستدامة وأهميتها حتى لو اعتبرها البعض موضة مؤقتة».
وأضافت «دور هيئة الأزياء في الريادة، ومعايير وزارة التجارة في الاستدامة، حتمت علينا كمصممي أزياء الاتجاه نحو الاستدامة والالتزام بها للمشاركة في الوعي البيئي والمساعدة على تقليل نفايات المنسوجات».
أما الحسين، فتقول «وعي التجار أكبر وأشمل من المستهلكين، خصوصًا أن الحكومة فرضت ضوابط وحوافز لدعم الاستدامة، وأصحاب المشاريع بدورهم يسوقون لأعمالهم بهذه الرؤية».
تطبيقات ومنصات
رأت الحسون أن فكرة المنصات والتطبيقات التي تبيع الملابس المستعملة تعد رائعة، وقالت «أعتقد أن هذا النوع من النشاط سيزدهر أكثر لاحقًا، أسوة بقطاعات أخرى مثل السيارات والأثاث والإلكترونيات، فهي تساعد بيئيًا بتقليل نفايات المنسوجات، وتؤمن للبعض الحصول على ملابس عالية الجودة بأسعار مناسبة.
وتضيف «عالميًا، يبدو قطاع الملابس المستعملة الأسرع نموًا، وتوقعت إحصائيات رسمية أن تصل هذه السوق إلى 70 مليار دولار في الولايات المتحدة بحلول 2027، بعدما شهدت إعادة البيع في الولايات المتحدة نموًا متسارعًا في 2023، بنسبة 26%، ويستمر الزخم حتى العام 2024 بمعدل نمو 33%، ويتوقع أن تصل إعادة البيع عبر الإنترنت إلى 38 مليار دولار بحلول 2027، بمعدل نمو أسرع مرتين من المنتجات المستعملة بشكل عام».
في المقابل لا تتفق الحسين مع الأمر، وتقول «من قدموا هذه الفكرة هم تجار وهدفهم ربحي، صحيح أنهم قدموا فكرة تخدم البيئة وتقلل إتلاف الملابس وتقلل مناطق حرقها وإتلافها، لكن المستهلك ما يزال يرى أنه بما يدفعه لشراء المستعمل يمكنه دفعه لشراء منتجات جديدة ومن علامات تجارية كبرى، بمعنى أن الفكرة لم تحقق الاستدامة المالية المطلوبة للمستهلك».
غلاء المستعمل المستدام
تعليقا على ارتفاع أسعار الملابس المستدامة أشارت الحسون إلى أنه «إن لم تتوفر شروط للحد من ارتفاع أسعارها، سيكون الحل هو زيادة الوعي بالتدوير، وتطبيق مبدأ (Circular Fashion) للمستهلك، من خلال الاستثمار بالنوعية العالية والبعد عن الموضة السريعة، واختيار التصاميم المصنوعة من مواد عضوية وطبيعية وقابلة للتدوير».
وأضافت «لهيئة الأزياء دور كبير في زيادة الوعي من خلال اللقاءات التي تقوم بها لتحقيق الريادة العالمية في ابتكارات الأزياء المستدامة، وكذلك البرامج التي تعزز مفهوم التبادل وإعادة التدوير، وأيضًا الفعاليات التي تقوم باستضافتها، مثل فعالية Swap) Shop)، التي عززت الوعي بالأثر البيئي لصناعة الأزياء، وتشجيع الناس على أن يكونوا مستهلكين واعين».
وتعيد خبيرات في الأزياء والملابس رواج خيار شراء الملابس المستعملة من بعد كورونا إلى تغير واضح في مفاهيم الملابس في قطاع الأزياء، حيث أصبحت الملابس المريحة هي الأكثر رواجًا، وبات اقتناء الملابس الرسمية يشهد إقبالا أقل نتيجة التراجع الاقتصادي، وكذلك نتيجة تنامي الوعي البيئي، حيث أصبح كثيرون يرغبون بالاستفادة من الملابس التي اضطروا لشرائها لمناسبة ما، والتي لن يعودوا إلى ارتدائها مرة أخرى، ما جعل سوق الملابس المستعملة تنمو نموًا قويًا في السعودية في الآونة الأخيرة تأثرًا بالاقتصاد وبمفهوم الاستدامة الذي أصبح اليوم ضروريًا.
ووضعت الاستدامة كركيزة من ركائز رؤية 2030 وضمن التزام المملكة بالوصول إلى صافي انبعاثات صفري بحلول 2060، ولذا سعت بعض الجهات الفاعلة في قطاع صناعة الموضة والأزياء إلى حلول أكثر استدامة، خصوصًا أن صناعة المنسوجات تمثل ثاني أكثر الصناعات تلويثًا للبيئة إذ تنتج نحو 1.2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون، وسنويًا يتم إنتاج أكثر من 80 مليار قطعة من الملابس في جميع أنحاء العالم، ويتم حرق أو دفن 75% منها في مكبات النفايات، أي ما يعادل إنتاج 5 ملايين طن من الملابس.
الملابس المستدامة
أكدت مصممة الأزياء كاتبة المحتوى، أماني الحسون، أن حجم البصمة الكربونية والبيئية الكبيرة التي يخلفها قطاع الأزياء تقدر بنحو 2 - 8% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، وأنه مسؤول عن توليد ما بين 20% و35% من تدفقات الجسيمات البلاستيكية التي تنتشر في المحيطات، وهذا له تأثير ضار على الصحة والبيئة، لذلك كان لابد من حلول سواء عبر مراحل التصنيع أو فرص ما بعد الاستهلاك.
وقالت «الملابس المستدامة هي نوعية جديدة من الأزياء صديقة للبيئة، تتجنب الموضة السريعة وتركز على طريقة التصنيع ونوعية الأقمشة المستخدمة من مصادر متجددة، متفادية الأقمشة الاصطناعية المصنعة من البتروكيماويات».
بدورها أشارت، زهراء الحسين، المدير الإداري لمؤسسة مختصة بإدارة مشاريع الأزياء إلى أن الاستدامة ليست متعلقة بقماش الملابس فقط كما يتداول البعض، بل تتعلق بالاستدامة المالية البيئية والاقتصادية وحتى الاجتماعية، مثل اختيار قطع ملابس بجودة عالية تعمر فترة زمنية طويلة لاستثمار مالي بشكل صحيح.
وعي المجتمع
أكدت الحسين أن مفهوم ارتداء الملابس المستخدمة ما يزال حديثًا على مجتمعنا، وبينت أن استطلاعًا أجرته في بحث خاص بها أجاب عليه 2900 شخص بعمر من 20 ـ 25 سنة قال إن 89% لم يقبلوا فكرة ارتداء ملابس مستعملة، مقابل 11% قبلوا لبسها إن كانت لأحد أفراد أسرتهم المباشرة فقط.
من جانبها، تقول الحسون «أمامنا طريق طويل للحصول على أساس مجتمعي متين مراعٍ للبيئة، ولكن تظافر الجهات ذات العلاقة مثل وزارة التجارة وهيئة الأزياء وجهود التوعية وتعزيز الاستدامة، وهي ضمن مبادرات التحول الوطني يجعلنا نتلمس فرصًا حقيقية للاستدامة في كل مكان، مثل الميديا ونشرات الأخبار والمعارض، سيزيد وعي المجتمع بالمنتجات المستدامة وأهميتها حتى لو اعتبرها البعض موضة مؤقتة».
وأضافت «دور هيئة الأزياء في الريادة، ومعايير وزارة التجارة في الاستدامة، حتمت علينا كمصممي أزياء الاتجاه نحو الاستدامة والالتزام بها للمشاركة في الوعي البيئي والمساعدة على تقليل نفايات المنسوجات».
أما الحسين، فتقول «وعي التجار أكبر وأشمل من المستهلكين، خصوصًا أن الحكومة فرضت ضوابط وحوافز لدعم الاستدامة، وأصحاب المشاريع بدورهم يسوقون لأعمالهم بهذه الرؤية».
تطبيقات ومنصات
رأت الحسون أن فكرة المنصات والتطبيقات التي تبيع الملابس المستعملة تعد رائعة، وقالت «أعتقد أن هذا النوع من النشاط سيزدهر أكثر لاحقًا، أسوة بقطاعات أخرى مثل السيارات والأثاث والإلكترونيات، فهي تساعد بيئيًا بتقليل نفايات المنسوجات، وتؤمن للبعض الحصول على ملابس عالية الجودة بأسعار مناسبة.
وتضيف «عالميًا، يبدو قطاع الملابس المستعملة الأسرع نموًا، وتوقعت إحصائيات رسمية أن تصل هذه السوق إلى 70 مليار دولار في الولايات المتحدة بحلول 2027، بعدما شهدت إعادة البيع في الولايات المتحدة نموًا متسارعًا في 2023، بنسبة 26%، ويستمر الزخم حتى العام 2024 بمعدل نمو 33%، ويتوقع أن تصل إعادة البيع عبر الإنترنت إلى 38 مليار دولار بحلول 2027، بمعدل نمو أسرع مرتين من المنتجات المستعملة بشكل عام».
في المقابل لا تتفق الحسين مع الأمر، وتقول «من قدموا هذه الفكرة هم تجار وهدفهم ربحي، صحيح أنهم قدموا فكرة تخدم البيئة وتقلل إتلاف الملابس وتقلل مناطق حرقها وإتلافها، لكن المستهلك ما يزال يرى أنه بما يدفعه لشراء المستعمل يمكنه دفعه لشراء منتجات جديدة ومن علامات تجارية كبرى، بمعنى أن الفكرة لم تحقق الاستدامة المالية المطلوبة للمستهلك».
غلاء المستعمل المستدام
تعليقا على ارتفاع أسعار الملابس المستدامة أشارت الحسون إلى أنه «إن لم تتوفر شروط للحد من ارتفاع أسعارها، سيكون الحل هو زيادة الوعي بالتدوير، وتطبيق مبدأ (Circular Fashion) للمستهلك، من خلال الاستثمار بالنوعية العالية والبعد عن الموضة السريعة، واختيار التصاميم المصنوعة من مواد عضوية وطبيعية وقابلة للتدوير».
وأضافت «لهيئة الأزياء دور كبير في زيادة الوعي من خلال اللقاءات التي تقوم بها لتحقيق الريادة العالمية في ابتكارات الأزياء المستدامة، وكذلك البرامج التي تعزز مفهوم التبادل وإعادة التدوير، وأيضًا الفعاليات التي تقوم باستضافتها، مثل فعالية Swap) Shop)، التي عززت الوعي بالأثر البيئي لصناعة الأزياء، وتشجيع الناس على أن يكونوا مستهلكين واعين».