أبها: الوطن

لم تجد السفارة السعودية في بيروت بداً من أن تفتتح الأسبوع الجاري بدعوة المواطنين السعوديين الموجودين في لبنان إلى مغادرة الأراضي اللبنانية على وجه السرعة، وذلك على خلفية اشتباكات مسلحة اندلعت بين بعض الفصائل الفلسطينية في مخيم عين الحلوة خلال الأسبوع الماضي، وتوقفت في هدنة لم تصمد طويلاً إذ عادت للاشتعال منذ مساء الأربعاء قبل الماضي على نحو أشد عنفا وفتكا.

وقالت السفارة السعودية في بيان عبر «تويتر»، «تود سفارة المملكة العربية السعودية لدى الجمهورية اللبنانية تحذير المواطنين الكرام من الوجود والاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة». وطالبت السفارة بحسب البيان، «المواطنين بسرعة مغادرة الأراضي اللبنانية، وأهمية التقيد بقرار منع سفر السعوديين إلى لبنان».

اشتعال جديد

لم تكن جولة الاشتباكات في عين الحلوة سوى حلقة جديدة من سلسلة اشتباكات يشهدها هذا المخيم عبر سنوات عدة بين فصائل فلسطينية مشتتة ومتنازعة تلعب دوراً يزيد مأساة الفلسطينيين المقيمين في المخيم الذي يتربع على مساحة نحو كيلومتر مربع ويزدحم باللاجئين الذي ظلوا على مدى السنوات منذ إنشاء المخيم ضحايا دائمين لصراعات متعددة بين أطراف كثيرة. تتداخل أبنية المخيم المحشورة والمتزاحمة والمرتبطة بأزقة وشوارع ضيقة، لكنها أبنية تبقى عرضة للقذائف والأسلحة وغالبا ما يضطر أهلها للنزوح منها هرباً بأرواحهم من الرصاص المتناثر من كل حدب وصوب، وإن كان كثيرون منهم قد فضلوا البقاء فيها خلال الاشتباكات الأخيرة خشية من تعرضها للنهب والسلب فيما لو تركوها، أو فضلوا البقاء فيها لأنه لا أحد لهم في الخارج.

11 قتيلاً

حتى مطلع الأسبوع الجاري ارتفع عدد ضحايا الاشتباكات في المخيم إلى 11 قتيلاً، وأكثر من 60 جريحا، ونزح عدد من سكان المخيم قاصدين مناطق أخرى أهمها صيدا التي ازدحمت مساجدها بالقادمين الجدد.

تعليق الخدمات

منذ اندلاع الاشتباكات، أوقفت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة ـ الأونروا ـ خدماتها في المخيم، وهي الجهة الوحيدة المعنية بتقديم الخدمات فيه مثل الرعاية الصحية ومثل خدمات البيئة كجمع النفايات وتكرير المياه وغيرها.

بدورها غادرت فرق الإسعاف المخيم بعد استهداف سيارتين منها، حيث خشيت بقية فرقها على نفسها وغادرت لتتمركز على حواجز الجيش على مداخل المخيم، حيث يقوم مشاة من أفراد عاديين بحمل المصابين من داخل المخيم إلى قرب تلك الحواجز لتتولاه فرق الإسعاف من هناك.

50 ألفاً

يقدر الأونروا عدد سكان المخيم بنحو 50 ألف شخص، وقد كابد هؤلاء كثيراً على الأخص، مساء الأربعاء قبل الماضي، واحدا من أعنف أيام الاشتباكات، الذي شهد إطلاق عدد هائل من القذائف ورشقات الأسلحة التي تسببت إضافة للقتلى والجرحى بأضرار كبيرة في المنازل والسيارات.

مقرات عسكرية

حتى داخل الكيلومتر الواحد الذي يشكل مساحة المخيم تقريباً، تنتشر مربعات عسكرية عدة لفصائل فلسطينية مختلفة، وتزاحم هذه المربعات بقية المنازل في المخيم، وتتلاصق معها بشكل وثيق.

ومع كثرة الفصائل لا يعرف أحد من يتقاتل مع من الآن، ولا يقتصر الأمر على الفصائل وحدها، فثمة ما يسمى «تفلت فردي» تقر الفصائل بعجزها عن ضبطه، بالتالي يمكنها الاستناد إلى هذه الحجة للتنصل من أي مسؤولية عن أي اشتباكات يمكنها أن تشتعل بسبب أحداث تقع على بعد مئات الكيلومترات من المخيم نفسه.

الاشتباك الأخير

منذ السبت قبل الماضي اندلعت الاشتباكات في المخيم، وروى كثيرون أنها اشتعلت هذه المرة بين عناصر حركة فتح، وجماعات إسلامية متشددة.

وتحول المخيم إلى ساحة حرب بين حركة «فتح» والإسلاميين الذين كانوا ينتمون سابقاً إلى جماعة «جند الشام»، ويشكلون مجموعة تنشط في المخيم تحت اسم «الشباب المسلم»، ثم تسمى عناصرها قبل مدة باسم «الناشطين الإسلاميين». وأدى اغتيال متشددين إسلاميين للعميد أبو أشرف عرموشي بكمين محكم، حيث تعرض لإطلاق نار كثيف في أحد المواقف العمومية أثناء انتقاله سيراً على الأقدام من مقر إقامته إلى مقر الأمن الوطني في حي آخر داخل المخيم إلى اشتعال القتال بشكل أعنف في المخيم. والعرموشي هو العقل المدبر لحركة «فتح» داخل المخيم، وأحد الناشطين في ملاحقة الإسلاميين المتشددين منذ سنوات بهدف الحد من قدرتهم على تجنيد الفلسطينيين للقتال في سوريا، ما أدى إلى تعرضه إلى عدة محاولات اغتيال سابقة. ورداً على مقتله تحركت حركة فتح لاقتحام مراكز جند الشام وعصبة الأنصار وعدم وقف القتال حتى تسليم قتلته وتطهير المخيم مما وصفته بأنه «عصابات إرهابية مجرمة».



السفارة السعودية تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان

السفارة تطلب من رعاياها تجنب مناطق النزاعات

مخيم عين الحلوة يشتعل بالاشتباكات

كيلومتر مربع مساحة المخيم المحاط بمداخل يحرسها الجيش

50 ألفاً من الفلسطينيين يسكنون المخيم

المخيم يحتوي عدة مقار عسكرية لفصائل عسكرية

الأونروا تتولى تقديم الخدمات فيه

الاشتباكات أوقعت 11 قتيلاً و60 جريحا