مثير للشفقة أيها الإنسان، رغم قلة سنعك وعدم مقدرتك على إمضاء يومك دون صراع مع الآخر، وإن لم تجد فمع نفسك، إلا أنك تعتقد أن هذا الكون لك مع أنك لا تشكل إلا ذرة منه، جزءا يسيرا من منظومة سبقتك بمليارات السنين.. مسكون بألا تدع كل شيء يمر إلا وتعرفه، رغم أنه - واقعياً - لا يشكل لك أهمية ولا يصنع بحياتك فارقاً.. تخشى من هجوم كائنات فضائية عليك رغم علمك بأنهم ليسوا انتحاريين للحد الذي يجعلهم يتورطون بك وبالمكان الذي نكلت به.. تصر على تحديد مصير من يشاركونك الكوكب بل وتستعملهم، تضيق عليهم في كل مكان تلتقيهم.. من الذي أعطاك الحق لتحقن فأراً مسالماً بمخلوطاتك الكيميائية لتبرهن على عقار تبتلعه أنت وأولادك لتحيا عمراً أطول؟ بينما الحيوان الذي صببت جام حماقتك عليه مات وأنت لم تعمر أكثر؟ أي امتياز جعلك تختطف قنفذين من إثيوبيا، لتراقب ومجموعة من المهووسين بتسجيل الملاحظات طريقة تزاوجهما بمختبر بائس، أترضى أن يرقبك أحدهم وأنت بقفص مع زوجتك ليلاً؟ سيطفح الغضب من رأسك ها؟ بينما غيرك حلالٌ ما تفعله به.. ولنفرض - جدلاً - أنك امتلكت خارطة طريق حياتهما الخاصة، كل ما سيفيدك بالأمر هو أنك ستضع ملاحظاتك بكتاب يقرؤه شخص ما ليقول: فعلاً هذا القنفذ شيء غريب.. لا تكتفي بهذا بل تمتص الأنهار لتشرب، تجفف البحار لتستحم، تقتلع الأشجار لتدفأ، تعتصر الغيوم لتستمع بالمطر، تسكن فوق ما تسحقه الآلة التي طورتها.. ببساطة تجعل الكوكب يغلي ثم تبدو قلقاً من المستقبل الرمادي الذي تسببت بتعجيله.. صديقي الإنسان، سيكون المكان الذي تطحن تناقضاتك عليه أفضل، لو أنك اعتزلته أنت ببساطة، ستجعله جحيماً.. لن تهدأ إلا حين ينشطر نتيجة أفعالك إلى نصفين، مسبباً الفناء ومودياً بحياة الكائنات الأخرى إلى الانقراض.. دع غيرك يشاركك الحياة التي لم تصنع لك وحدك، وتنازل عن كبريائك وتفهّم أن للآخرين ممن لا يشبهونك حقا بهذا المكان مثلك.