تُعرّف الهوية في الثقافة العربية بأنها الامتياز عن الأغيار، أي خصوصية الذات وما يتميز به الفرد أو المجتمع من خصائص وقيم ومقومات. فالهوية صورة ذاتية معقدة تتطور خلال التفاعل الاجتماعي، ولذا فإن مفهوم الهوية يطلق على نسق المعايير التي يُعرف بها الفرد، وينسحب ذلك على هوية الجماعة أو المجتمع أو الثقافة السائدة. والهوية تولد وتنمو وتتكون وتتغاير وتشيخ وتعاني من الأزمات الوجودية والاستلاب، لأنها منظومة متكاملة من العناصر المادية والنفسية التي تجعل الشخص يتمايز عما سواه، فهي حصيلة لمجموعة من العلاقات والدلالات التي يستقي منها الفرد معنى لقيمه.
تتجلى الهوية في اللغة والدين كثوابت معيارية، وفي القيم الجمالية والأخلاقية وأنماط العلاقات الاجتماعية والرموز والمهارات التقنية وفلسفة الحياة والموت. وهي الرمز أو العامل المشترك الذي يُجمع عليه كل أفراد الأمة من حيث الانتساب والتعلق والولاء والاعتزاز، وهي القاسم المشترك بينهم استنادًا إلى الخلفية الثقافية والتاريخية، فالهوية هي الذات الجماعية لأفراد الأمة، تعبر عن روح الشعب، وهي مفهوم إيديولوجي أكثر منه علمي، لكونها حصيلة تداخل وتفاعل المقومات الثقافية واللغوية والدينية والعرقية والإبداعية.
رغم أن الهوية قد تكون فطرية ذاتية يشعر بها الإنسان من دون تعليم أو تدريب، إلا أن هذا لا يقلل من الدور التربوي والأسري والمجتمعي في تقويتها وتنميتها والدفع نحو المحافظة عليها.
وعندما تتوطد الهوية في مجتمع فإنها تنتقل من جيل لآخر، بالمحافظة على مقوماتها والتمسك بثوابتها القومية والتاريخية كاللغة والدين وغيرها من المكونات، وعندما تفقد المجتمعات أي عنصر من هذه العناصر يقال إنها ضيعت هويتها، فالهوية لا ترتبط بالماضي فحسب بل هي النظر إلى الحاضر والتطلع إلى المستقبل، كما أنها ليست مُعطى جامدًا، وإنما يُبنى ويُؤسس بالحفاظ على الثوابت المميزة للهوية في ظل التفكير المتجدد.
وقد أظهرت الدراسات النفسية أن الهوية حاجة إنسانية يسعى إليها البشر، وتحتاج إلى رعاية وتنمية من المؤسسة التربوية بما يتطلب تدريس مضامينها وتعزيز وجودها.
وهناك ثلاثة مصادر يستمد منها الفرد هويته الثقافية هي:
-1 الأسرة: الوسيط الأول الذي يتولى تثقيف الفرد، وبها المجال الأول الذي يتعرض فيه الفرد لمختلف التأثيرات والعناصر الثقافية السائدة في مجتمعه.
-2 المدرسة: تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية تعد الفرد إعدادًا يمكنه من الحياة، ليصبح مواطنًا صالحًا قادرًا على الإسهام بدوره في المجتمع.
-3 وسائل الاتصال: وتشمل المطبوع كالكتب والمجلات، والحي كالمسرح، والإلكتروني وهو الأخطر والأوسع والأكثر تأثيرًا لقدرته الهائلة على الجذب والتشويق.
هذه المصادر تؤثر في الفرد وتساهم في تكوينه الثقافي، ومن خلالها تستطيع الثقافة أن تحقق أدوارها وخططها وأهدافها، بالتنسيق والتفاعل والتكامل في تكوين ثقافة الإنسان والدول، فعندما نقول إن للدولة هوية؛ يُعنى بها المبادئ التي تدين بها هذه الدولة وتميزها، فهي القدر المشترك من السمات والقسمات العامة التي تميز الشخصية الوطنية عن غيرها من الشخصيات القومية الأخرى.
هناك مجموعة من التغيرات المتسارعة والمتلاحقة تعرضت لها منظومة المجتمع بمكوناته -رغم إيجابياتها-؛ إلا أنها أدت كذلك إلى تهديد هويتنا الثقافية بإضعاف مقوماتها وثوابتها الرئيسة، والذي تولد عنه الشعور بالاغتراب والعزلة الاجتماعية، نتيجة للصراع القيمي بين الجديد الوافد والأصيل الموروث، بما يؤدي لاهتزاز الثقة بالذات ويقلل من الاعتزاز بمكوناتها، خاصة في جانبها الثقافي والذي يجعل الشباب -خاصة- يتنكرون لهويتهم الثقافية ويتمردون على خصائصها، وهو ما يعرف بأزمة الهوية لدى الشباب.
من أبرز التحديات التي تواجه تأصيل هويتنا الثقافية وتهدد المحافظة عليها، نوعان من التحديات:
أ- ثقافية فكرية ذات صلة بالعولمة وأهدافها وإفرازاتها، مما يطلق عليه (الغزو الفكري) وما صاحبه من تقدم تكنولوجيا المعلومات المتدفقة، وما أحدثته من هزات عنيفة في فكر وثقافة المجتمع.
ب- تحديات اجتماعية ثقافية، نتيجة لظروف التنمية المتسارعة التي شهدتها دول مجلس التعاون، وما ترتب عليها من استقدام أعداد كبيرة من العمالة الوافدة، والذي نجم عنه خلل كبير في التركيب السكاني بمكوناته الديموغرافية والاجتماعية الحضارية والاقتصادية.
أسهم ذلك في طبيعة ونوع التحولات والتحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تواجه المجتمعات الخليجية، إذ تركت تلك المتغيرات المتلاحقة؛ آثارها وبصماتها على صعيد العلاقات الاجتماعية والمحتوى الثقافي والقيم السائدة، والتي جعلت المجتمع يعيش في مرحلة انتقالية ما بين التقليدي والحديث أو المحلي والعالمي بما يهدد هويتنا الثقافية العربية، سواء بفعل التأثير المتعاظم لثورة الاتصالات والمعلومات، أو كنتيجة لطبيعة الخلل السكاني الذي تعيشه دول مجلس التعاون في منظومتها الاجتماعية، والذي ترتب عليه تبعات اقتصادية واجتماعية تستدعي معالجتها للحد من تأثيرها على الهوية.
معالجة تلك التحديات يكون من خلال تعزيز الهوية الإسلامية بإبراز خصائص الإسلام وعالميته وحضارته وثقافته وتاريخه، وحماية اللغة العربية بممارستها؛ كثوابت لهويتنا الثقافية والحضارية، وهذا لا يتعارض مع الانفتاح والاندماج مع التغيرات التي يشهدها العالم، وتطوير النظم التعليمية وتحسين نوعيتها ومحتواها وفق مقتضيات مجتمع المعرفة، وتنمية المحتوى الرقمي العربي، بالاهتمام بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوصفها عاملًا محوريًا للوصول إلى الشمول الرقمي، بما يحقق الفوائد في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع العربي؛ تطوير وسائل الإعلام لتكون قادرة على التأثير وإعادة ترتيب سلم الأولويات الاجتماعية، والاهتمام بدعم انتماء الشباب للنظم الاجتماعية الموجودة، باحتواء طاقاتهم واستثمار تطلعاتهم نحو التغيير والتجديد المستهدف.
تتجلى الهوية في اللغة والدين كثوابت معيارية، وفي القيم الجمالية والأخلاقية وأنماط العلاقات الاجتماعية والرموز والمهارات التقنية وفلسفة الحياة والموت. وهي الرمز أو العامل المشترك الذي يُجمع عليه كل أفراد الأمة من حيث الانتساب والتعلق والولاء والاعتزاز، وهي القاسم المشترك بينهم استنادًا إلى الخلفية الثقافية والتاريخية، فالهوية هي الذات الجماعية لأفراد الأمة، تعبر عن روح الشعب، وهي مفهوم إيديولوجي أكثر منه علمي، لكونها حصيلة تداخل وتفاعل المقومات الثقافية واللغوية والدينية والعرقية والإبداعية.
رغم أن الهوية قد تكون فطرية ذاتية يشعر بها الإنسان من دون تعليم أو تدريب، إلا أن هذا لا يقلل من الدور التربوي والأسري والمجتمعي في تقويتها وتنميتها والدفع نحو المحافظة عليها.
وعندما تتوطد الهوية في مجتمع فإنها تنتقل من جيل لآخر، بالمحافظة على مقوماتها والتمسك بثوابتها القومية والتاريخية كاللغة والدين وغيرها من المكونات، وعندما تفقد المجتمعات أي عنصر من هذه العناصر يقال إنها ضيعت هويتها، فالهوية لا ترتبط بالماضي فحسب بل هي النظر إلى الحاضر والتطلع إلى المستقبل، كما أنها ليست مُعطى جامدًا، وإنما يُبنى ويُؤسس بالحفاظ على الثوابت المميزة للهوية في ظل التفكير المتجدد.
وقد أظهرت الدراسات النفسية أن الهوية حاجة إنسانية يسعى إليها البشر، وتحتاج إلى رعاية وتنمية من المؤسسة التربوية بما يتطلب تدريس مضامينها وتعزيز وجودها.
وهناك ثلاثة مصادر يستمد منها الفرد هويته الثقافية هي:
-1 الأسرة: الوسيط الأول الذي يتولى تثقيف الفرد، وبها المجال الأول الذي يتعرض فيه الفرد لمختلف التأثيرات والعناصر الثقافية السائدة في مجتمعه.
-2 المدرسة: تعتبر المدرسة مؤسسة اجتماعية تعد الفرد إعدادًا يمكنه من الحياة، ليصبح مواطنًا صالحًا قادرًا على الإسهام بدوره في المجتمع.
-3 وسائل الاتصال: وتشمل المطبوع كالكتب والمجلات، والحي كالمسرح، والإلكتروني وهو الأخطر والأوسع والأكثر تأثيرًا لقدرته الهائلة على الجذب والتشويق.
هذه المصادر تؤثر في الفرد وتساهم في تكوينه الثقافي، ومن خلالها تستطيع الثقافة أن تحقق أدوارها وخططها وأهدافها، بالتنسيق والتفاعل والتكامل في تكوين ثقافة الإنسان والدول، فعندما نقول إن للدولة هوية؛ يُعنى بها المبادئ التي تدين بها هذه الدولة وتميزها، فهي القدر المشترك من السمات والقسمات العامة التي تميز الشخصية الوطنية عن غيرها من الشخصيات القومية الأخرى.
هناك مجموعة من التغيرات المتسارعة والمتلاحقة تعرضت لها منظومة المجتمع بمكوناته -رغم إيجابياتها-؛ إلا أنها أدت كذلك إلى تهديد هويتنا الثقافية بإضعاف مقوماتها وثوابتها الرئيسة، والذي تولد عنه الشعور بالاغتراب والعزلة الاجتماعية، نتيجة للصراع القيمي بين الجديد الوافد والأصيل الموروث، بما يؤدي لاهتزاز الثقة بالذات ويقلل من الاعتزاز بمكوناتها، خاصة في جانبها الثقافي والذي يجعل الشباب -خاصة- يتنكرون لهويتهم الثقافية ويتمردون على خصائصها، وهو ما يعرف بأزمة الهوية لدى الشباب.
من أبرز التحديات التي تواجه تأصيل هويتنا الثقافية وتهدد المحافظة عليها، نوعان من التحديات:
أ- ثقافية فكرية ذات صلة بالعولمة وأهدافها وإفرازاتها، مما يطلق عليه (الغزو الفكري) وما صاحبه من تقدم تكنولوجيا المعلومات المتدفقة، وما أحدثته من هزات عنيفة في فكر وثقافة المجتمع.
ب- تحديات اجتماعية ثقافية، نتيجة لظروف التنمية المتسارعة التي شهدتها دول مجلس التعاون، وما ترتب عليها من استقدام أعداد كبيرة من العمالة الوافدة، والذي نجم عنه خلل كبير في التركيب السكاني بمكوناته الديموغرافية والاجتماعية الحضارية والاقتصادية.
أسهم ذلك في طبيعة ونوع التحولات والتحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تواجه المجتمعات الخليجية، إذ تركت تلك المتغيرات المتلاحقة؛ آثارها وبصماتها على صعيد العلاقات الاجتماعية والمحتوى الثقافي والقيم السائدة، والتي جعلت المجتمع يعيش في مرحلة انتقالية ما بين التقليدي والحديث أو المحلي والعالمي بما يهدد هويتنا الثقافية العربية، سواء بفعل التأثير المتعاظم لثورة الاتصالات والمعلومات، أو كنتيجة لطبيعة الخلل السكاني الذي تعيشه دول مجلس التعاون في منظومتها الاجتماعية، والذي ترتب عليه تبعات اقتصادية واجتماعية تستدعي معالجتها للحد من تأثيرها على الهوية.
معالجة تلك التحديات يكون من خلال تعزيز الهوية الإسلامية بإبراز خصائص الإسلام وعالميته وحضارته وثقافته وتاريخه، وحماية اللغة العربية بممارستها؛ كثوابت لهويتنا الثقافية والحضارية، وهذا لا يتعارض مع الانفتاح والاندماج مع التغيرات التي يشهدها العالم، وتطوير النظم التعليمية وتحسين نوعيتها ومحتواها وفق مقتضيات مجتمع المعرفة، وتنمية المحتوى الرقمي العربي، بالاهتمام بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوصفها عاملًا محوريًا للوصول إلى الشمول الرقمي، بما يحقق الفوائد في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المجتمع العربي؛ تطوير وسائل الإعلام لتكون قادرة على التأثير وإعادة ترتيب سلم الأولويات الاجتماعية، والاهتمام بدعم انتماء الشباب للنظم الاجتماعية الموجودة، باحتواء طاقاتهم واستثمار تطلعاتهم نحو التغيير والتجديد المستهدف.