في مطلع الأسبوع الجاري، حاولت أن أجمع بعض قضايا – الطوام – لأكتب عن واحدة منها، علَّ سطراً شارداً وصريحاً من بينها يجعلني – كاتب الأسبوع – وهو يتحول إلى تغريدة مستفزة. وجدت نفسي، مثلما تقول الأغنية التي نسيت كاتبها وقائلها (أكتب على حرف وأشطب على حرف) من زحمة ما لا يمكن أن يكتب، لا من زحام الفقر على ما لا يقال. حاولت في البدء أن أكتب عن حكم قضائي بحق زمرة فساد ثم خشيت أن يلتبس الأمر لدى القراء الكرام فيصعب معه التفريق بين القضية المحلية وبين أختها العابرة للحدود والقارات. كتبت الجملة ثم شطبت. حاولت في المرة الثانية أن أكتب قصة اثنين من الإخوة السعوديين يطوفان بشهادتي دكتوراة على جل الجامعات فلم يجدا وظيفة رغم آلاف الأسماء المستقدمة. تحمست كثيراً بمرافعتهما إلي ككاتب وحين طلبت صور الوثائق والشهادات اكتشفت أنها – كراتين – مراسلة من جامعتي إب اليمنية و(جونقلي) بجمهورية جنوب السودان الوليدة. الأولى كانت ساحة اعتصام لعامين من المظاهرات والثانية مسرح حرب للانفصال والاستفتاء عليه ولا تسألوا عن الشهادة المضروبة قدر سؤالكم عن وضع الصيانة لبوابة الجامعة. كتبت الجملة ثم شطبت. وحاولت، في الثالثة أن أكتب عن ذلك الشاب الذي يشتكي تأخر قرض بنك التسليف من أجل – منحة زواج – رغم حلول المناسبة، لكنه عندما أخبرني أن أجرة الصالة وحدها تصل لعشرين ألف ريال، شطبت كل ما كتبته وخذوا على مسؤوليتي: يصبح الزواج ترفاً ثانوياً لا لزوم له إذا ما حرر المرء نصف دينه ثم رهن رقبته، عندما يكون التوقيع على عقد النكاح لا يختلف عن توقيع كمبيالات مؤجلة. حاولت الكتابة عن قصة شاب يشرح لي ظروف البطالة ونحن في ضجيج ورشة سيارات مزدحمة. شطبت كل ما كتبت بعد أن رفض الوافد العربي الشقيق أن يستقبل سياراتي من هول الزحام. عدت لمنزلي لأراجع جدول مصاريفي المكتوب، وهنا أقسم لكم قسماً صادقاً مغلظاً إنني لا أتذكر آخر مرة وضعت فيها ريالاً واحداً في يد مواطن سعودي، لأن المواطن السعودي مشغول بمتابعة أرقام البطالة. حاولت الكتابة عن اللدودين أحمد التيهاني وعيسى سوادي، سادني الرأي، في الوطن، كي يمنحاني فرصة رفقتهما في حوار سمر أكسر به عزلتي المخيفة. شطباني مثلما أشطب كل ما كتبت!!