عواجي النعمي

عندما تكون مسؤولا عن مجموعة من الموظفين فلا بد أن تكون قادرا على معرفة الشخصيات والأنماط التي تتعامل معها وأن تدرك تماما أن الانطوائي هو شخصية فيها مزيج من الإبداع والتميز.

وعندما يريد المدير الناجح أن يوكل مهمة تحتاج إلى إبداع وتركيز وسرعة في الإنجاز فسيختار ذلك الموظف الانطوائي وسيبتعد عن ذلك الشخص الثرثار الذي يحب الظهور لأنه غير منجز مهنيا. والشخص الانطوائي يستطيع التحكم بنفسه بنسبة %40 وهي نسبة قد لا يملكها الشخص العادي.

كانت هذه المقدمة من كتاب قوة الانطوائيين في عالم لا يتوقف عن الكلام لسوزان كاين وهي محامية وكاتبة أمريكية. وترى سوزان أن الشخص الانطوائي تضعف لديه مهارات التواصل فهو لا يلهث وراء أخبار المشاهير ولا يكون صاحب صوت مرتفع وكاريزما واضحة في غرفة الاجتماعات ولكنها تستطرد أن الدراسات أثبتت أنه لا علاقة بين الصوت العالي والآراء الصائبة.

إن الانطوائي يتصف بقلة الكلام، ويفضل أن يكون بمفرده دائما، وهذا لا يعني مطلقا أن الشخص المنعزل لا يكون ناجحًا، فهو في انعزاله يكون متعمقا في التفكير في فكرته إذا أحبها، كما يبرع في مجالات معينة. إن فئة الانطوائيين هي أقل فئة في المجتمع لها مطالب كتلك التي يطلبها القادة فهم لا يحبون الصخب والثرثرة والظهور، ويرجع السبب في ذلك إلى أننا أصبحنا نعيش في عالم مليء بالمظاهر والانفتاح بشكل زائد دون فائدة حقيقية. الشخص الانطوائي يعيش معاناة حقيقية في المجتمعات، فهو يتلقى طوال الوقت رسائل سلبية من المجتمع تلومه على هدوئه وابتعاده عن الضوضاء وتتهمه بالغرور والأنانية لمجرد عدم اختلاطه بالآخرين.

فالمجتمع يجبر الشخص الانطوائي على أن يظن في نفسه أنه نمط شخصية من الدرجة الثانية وأن ما به هو نوع من المرض والقصور في الشخصية. إن الانطوائي يظل طوال الوقت يجدف ضد التيار ليثبت قيمته وإن كل الجامعات ومؤسسات العمل أنشئت خصيصًا للأشخاص المنفتحين فقط ولا مكان للانطوائيين فيها. وعندما يتعلق الأمر بالإبداع وبالقيادة، نكون بحاجة إلى الانطوائيين الذين يقومون بأفعال على نحو أفضل ومن منطلق إحساس حقيقي بالواجب، بدلا من الرغبة في الشهرة وتحقيق المجد الشخصي.

القائد الانطوائي هو الأكثر احتمالًا لتحقيق النجاح وبقوة وسط أقرانه ولكن بشكل هادئ ودون ضجيج، ومن أمثلة هؤلاء القادة غاندي ونيلسون مانديلا وإليانور روزفلت وبيل جيتس وإينشتاين وغيرهم.

وعندما اعتلت المحامية الانطوائية سوزان كاين منصة تيد فإن الأمر تطلب منها سنة للتدرب على مقابلة الجمهور وكان حديثها من أفضل الأحاديث على المنصة وأدهشت الجمهور بحضورها القوي.

ولهذا على كل شخص أن يرضى بفطرته وألا يحاول أن يتشكل بحسب ما يريده الآخرون، فالجميع قادر على الإبداع والتميز. إن ثلث إلى نصف المجتمع يعد انطوائيا ومن الظلم أن نصادر حق هذه النسبة الكبيرة في ممارسة النجاح والقيادة.

إن الانطوائية تعني استجابتك للتحفيز، والأشخاص الانطوائيون يحتاجون إلى البيئة الهادئة وقليلة الصخب والنشاط لإظهار أفضل ما لديهم من مواهب وابتكار.