لم يتوقع الإعلاميون الذين انشغلوا ثلاثة أيام في تغطية ملتقى العقوبات البديلة الذي نظمته وزارة العدل أن يصف وكيل الوزارة المساعد للإسناد القضائي، الشيخ محمد الفعيم، عملهم بأنه مسعور، ما حدا بهم إلى الدفاع عن أنفسهم.
وقال الفعيم في ورقته بختام الملتقى إن تطبيق العقوبات البديلة سيحد من هجمات الإعلام المسعورة على القضاء، ويسهم في احترام الجهات القضائية.
واستدعى هذا الكلام موقفاً من الإعلاميين، إذ اعتبر رئيس التحرير المساعد في صحيفة الحياة جميل الذيابي أن حرب تبادل الانتقادات بين القضاء والإعـلام قائمـة منذ زمن ولم تتوقف بسبب شخصيات بعض القضاة المتقوقعة.
في حين قال رئيس دار الطارق للإعلام والنشر، سلطان البازعي، إن كلام وكيل وزارة العدل غير عادل، وغير مناسب، معتبراً أن تعميم حكمه على كل وسائل الإعلام يتنافى مع أحكام العدل.
واعتبر الأمين العام لهيئة الصحفيين السعوديين الدكتور عبد الله الجحلان أن الإعلام أكبر من أن يتأثر بمثل حديث وكيل وزارة العدل.
ووصف الكاتب والإعلامي طارق إبراهيم موقف وكيل الوزارة بـ الميل إلى سوء الظن في الصحفي ومهنته، بينما لو تواصل أصحاب هذه الآراء بشكل لائق مع الإعلام، لما اجتهد الإعلام في معلومة لم تكن صائبة.
اعتبر وكيل وزارة العدل المساعد للإسناد القضائي الشيخ محمد الفعيم أن تطبيق العقوبات البديلة سيحد من هجمات الإعلام المسعورة على القضاء، وقال في ورقة عمل بملتقى الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة التي نظمته وزارة العدل بالرياض أمس؛ إن ذلك سيسهم في احترام وتقدير الجهات القضائية وتحسن نظرة المجتمع والوسط الإعلامي.
من جانبه امتعض رئيس التحرير المساعد بصحيفة الحياة جميل الذيابي من هجوم وكيل وزارة العدل على الإعلام، موضحا أن حرب تبادل الانتقادات ما بين القضاء والإعلام قائمة منذ زمن ولم تتوقف بسبب شخصيات بعض القضاة التي وصفها بـالمتقوقعة.
وقال الذيابي في حديثه إلى الوطن أمس، إن بعض القضاة غير راغبين في التواصل والتعاطي مع وسائل الإعلام، حتى إذا طلب منهم إبداء الرأي حول قضية محددة لا نجد بأن رأيهم شامل للأمر المطلوب منهم.
وأوضح الذيابي أن القضاة بحاجة للإعلام وليس العكس، فالأخير قادر على نشر قضية أو قرار صادر من أحد القضاة ولكن عندما يطلب الإعلام توضيح بعض الأحكام أو تناقضها أو ازدواجيتها لابد أن يكون لدى القضاة قدرة على التعامل مع الإعلام وإلا فسوف تصبح العملية اجتهادية.
وأشار الذيابي إلى أن حرب تبادل الاتهامات والانتقادات ما بين الإعلام والقضاة موجودة منذ زمن، فوزارة العدل أقامت ملتقى للتقريب ما بين القضاة والإعلاميين، إلا أن الأمور لم تتغير عن السابق، فالإعلام ليس لديه حدة من القضاة ولكن لديه تصور في تعامل القضاة معه من واقع الحال، فلذلك يجب على القضاء أن يكون لديه القدرة على التعامل مع الإعلام، وإذا كان لا يملك القدرة فالإعلام سوف ينشر ما يراه من قضايا وإيضاحها للرأي العام.
هجوم غير مناسب
من جهته، وصف رئيس دار الطارق للإعلام والنشر ورئيس تحرير صحيفة اليوم سابقاً سلطان البازعي حكم ولفظ وكيل العدل بأن الإعلام يشن هجوما مسعورا على القضاء ليس عادلاً، وغير مناسب، وأن تعميم حكم وكيل الوزارة على كافة وسائل الإعلام يتنافى مع أحكام العدل.
وشدد البازعي في حديثه إلى الوطن، على أن المؤسسات القضائية ليست بمعزل عن النقد، مبيناً أن إقامة ملتقى الاتجاهات الحديثة في العقوبات البديلة إشارة واضحة إلى أن الأحكام القضائية غير مناسبة لأحجام الجرم التي ترتكب.
وشدد البازعي على ضرورة أن يعتذر وكيل العدل لوسائل الإعلام عن هجومه غير المناسب، مطالباً بعدم تصعيد اللهجة الانتقادية ما بين الإعلام والقضاء وأن تكون في حجمها المعقول والطبيعي لكون الهجوم أتى من مسؤول واحد فقط، في الوقت الذي يحترم وزير العدل الدكتور محمد العيسى كافة وسائل الإعلام وما دليل على ذلك إلا تجاوبه المستمر معها.
صيغة التعميم
من جانبه، شدد أمين عام هيئة الصحفيين السعوديين الدكتور عبدالله الجحلان على أن هجوم وكيل وزارة العدل على الإعلام كان بصيغة التعميم وليس التخصيص قائلاً حديث الشيخ محمد الفعيم فيه تعميم على كافة الوسائل الإعلامية، وإن كان هناك خطأ وتقصير في القضاء فهو نفس الأمر يحصل في الإعلام، وإن الأخير مراقب من قبل جهات رقابية وجهات للتقاضي محددة من الدولة للرفع بأي شكوى ضد الإعلام، وتابع: إذا كان حديث وكيل العدل خاطئا فهو خاض فيما ينهى عنه.
وحول ما إذا كان حديث الفعيم قد يسبب تبادل إطلاق الاتهامات والانتقادات ما بين الإعلام والقضاء، شدد الجحلان في حديثه إلى الوطن، على أن الإعلام أكبر من أن يتأثر بمثل حديث وكيل وزارة العدل.
تواصل مفقود
إلى ذلك، أكد رئيس تحرير الوطن سابقا الإعلامي طارق إبراهيم بأن الوسط الإعلامي اعتاد على مثل هذا النقد غير الموضوعي الذي يصل في حالات ليست بقليلة إلى التجريح والتعدي والطعن في الصحفيين وفي المهنة ذاتها من قبل من لا يؤمنون بالإعلام ولا يرغبون بالتواصل معه ولا استثماره في تعزيز رؤاهم وإيصال رسائلهم وتحقيق أهدافهم، واصفاً موقف وكيل الوزير بأنه متوجس وقلق ويميل إلى سوء الظن في الصحفي والصحافة، بينما لدي قناعة ومن تجربة أن أصحاب هذه المواقف لو تواصلوا بشكل لائق مع الإعلام وتفهموا مهمة الإعلام، وقبل ذلك أدوا ما يفترض عليهم تجاه الإعلام، كتزويده بالمعلومات والإجابة على استفساراته، بل والمبادرة دائما إلى الحديث إليه عما يدور في إداراتهم ومواقع أعمالهم مما له علاقة بالرأي العام أو بالأحداث المهمة؛ لما أخذ الإعلام موقفا ناقدا منهم أو اجتهد في معلومة لم تكن صائبة.
وبيّن طارق أن الصحافة السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز مارست دورا فاعلا ومؤثرا في دعم توجهاته التنموية والإصلاحية وكشفت مواطن الخلل والفساد والقصور في العديد من الوزارات والإدارات والجهات بلا استثناء، بمثلما أبرزت تلك النجاحات والقفزات التي تحققت على مستوى القطاع العام والخاص ولكن هذه الفسحة من النقد المسؤول التي أتيحت بشكل أكبر مما مضى وهامش الحرية الذي اتسع للصحافة والصحفيين لم يعتد عليه البعض، ولهذا يضيق صدرهم من الصحافة وأهلها، وهنا يكون منهج الشتم أو الطعن أو التقليل من دور الصحفيين والصحافة هو الأنسب لهم.