شدد متخصصون ومتابعون على أن خروج مجموعات أو قروبات تطبيق التواصل الاجتماعي عن أهدافها وهوياتها، يقود إلى تدميرها وتعطيلها، أو في أحسن الأحوال يثير الضغائن والشحناء بين أعضائها، وقد يؤدي إلى القطيعة بينهم، خصوصا حين تقحم فيها النقاشات العقيمة التي لا فائدة منها ولا لها، أو حين تضم أشخاصا لا يستطيعون مقاومة تلك المشاحنات، سواء كانت عابرة أو متأصلة، فيتعرضون إلى صدمات نفسية مباشرة أو غير مباشرة، ويبدؤون في الانسحاب التدريجي والانطواء والعزلة.
وتبدو بعض القروبات أكثر قابلية لهذا الفهم الخاطئ والسيئ، وعلى الأخص قروبات العمل التي غالبا ما يكون أعضاؤها عرضة للأوضاع غير الآمنة مثل القرارات المفاجئة أو المحاسبة الشديدة وغيرها.
وتكرس قروبات الـ«واتس آب» مفهوم أن لكثير من الأمور وجهين متناقضين، ففي حين تحقق يسر التواصل وسرعته وتقرب المسافات بين الناس على الرغم من تباعدهم الجغرافي، إلا أنها تقود أحيانا إلى الصراعات والصدامات والمشاحنات المباشرة وغير المباشرة، وتخلّف آثارا نفسية حادة خصوصا أنها تقوم على العلنية بين أعضائها، وأي إشكالية أو كلمة جارحة تكون مطروحة أمامهم جميعا، ما يجعل وقعها أشد.
النقاشات البيزنطية
يعتقد المهندس فهد عبدالله الوايلي أن «الصراعات والمشاحنات السلبية تصدر بناءً على النقاشات البيزنطية غير الهادفة، وهي تؤثر على حياة الأشخاص الاجتماعية، وتصبح عنوانا للطاقة السلبية، حيث تتأثر مشاعر الإنسان بشكل سلبي».
وأضاف «هناك فئة من الناس لا يستطيعون مقاومة تلك المشاحنات، سواءً كانت عابرة أو متأصلة، فيتعرضون إلى الصدمات النفسية المباشرة وغير المباشرة، ومن خلالها يبدؤون في الانسحاب التدريجي والانطواء والعزلة، بل قد تقودهم تلك الصدمات إلى فقد متعة الحياة والمعاناة من الاكتئاب».
وتابع «كلما كان الإنسان ضعيفا وغير قادر على الدفاع عن نفسه أو غير قادر على ممارسة السلوك العقلاني كان أقرب إلى الهشاشة النفسية، وهذا يفقده السيطرة على ذاته والتحكم في انفعالاته، ويشعره بالانهزامية».
وختم «عدم وجود إشراف وعدم التنظيم والتنسيق بين أعضاء القروبات يؤدي غالبا إلى العشوائية والعنف اللفظي دون مراعاة للمشاعر أو الفئات العمرية أو غير ذلك، سواءً كانت تلك القروبات عائلية أو وظيفية أو قروبات صداقات، فمثلا نجد أن القروب المخصص للعمل، دائما ما يكون مصدرا للضغط النفسي لأنه غير آمن، فهو يشتمل على القرارات والمفاجآت، وأحيانا الآراء الشخصية المزعجة، وحتما فإن أعضاء القروب مختلفو الشخصيات، فمنهم القادر على التحمل ومنهم غير القادر، والذي ربما يكون مستعدا للإصابة بالاكتئاب، وهذا يعني أن ضغط العمل عامل سلبي ومباشر على الشخص، وعموما فإن المشاحنات والصراعات الداخلية في قروبات التواصل الاجتماعي تعد من أهم الأزمات التي قد تصيب الشخص والتي قد تؤدي به أحيانا إلى الاضطراب النفسي لأنه غير قادر على التكيف مع محيطه الاجتماعي».
جهل المختلفين
تؤكد الأخصائية الاجتماعية سهام الحسني، على أهمية التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والمجتمع لأنه وسيلة في نقل الأفكار والتجارب وتبادل الخبرات والمعارف، وتقول «التواصل الاجتماعي له دور بارز في عملية التعلم ونقل المعلومات والثقافات، ومع تطور وسائله بشكل سريع ومذهل أصبح العالم قرية صغيرة يمكن التواصل بين سكانها بسهولة ويسر».
وتابعت «حرص الإسلام على أن تكون أساس معاملة الناس فيما بينهم قائمة على الكلمة الطيبة الحسنة التي تعمل على تقوية التواصل ودوام المحبة والألفة، لكن أبرز ما يعيق تحقيق أهداف التواصل الاجتماعي في القروبات هو عدم وضوح الهدف والرسالة وعدم وضع ضوابط وأنظمة، وعدم الالتزام بها، وعدم الإصغاء، إضافة إلى السخرية وعدم الجدية والتسرع في تقييم الآخرين والتعصب للآراء والمذاهب وإطلاق الأحكام السريعة والزعل ومن ثم الانسحاب من القروب، وجهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعون فيه».
نقاشات عقيمة
تواصل الحسني «هناك أنواع للقروبات، لكن البعض يخرج عن أهدافها وهوياتها فيقحم عضوا أو أعضاء فيها في نقاشات عقيمة لا فائدة منها ولا لها، وبعضهم لا يختار الأوقات المناسبة للإرسال، وهذا من أسباب الخلافات والجدال فيها، ناهيك عن عدم توافق رغبات الأطراف المختلفة».
وتابعت «من هنا، ومن أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت جزءا من حياة البشرية لا يستطيعون الاستغناء عنه، يجب وضع ضوابط للتقيّد بها خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها الالتزام بمعايير الحوار والنقاش دون تعصب، واستخدام الألفاظ المهذبة بعيدا عن الشتائم والسب والتشهير والعنف، مع احترام رأي الطرف الآخر، وهذه الضوابط تعد من آداب الحوار، وتبعد المجموعات عن الجدل الذي يعد آفة تخلّف الأحقاد والضغائن، وتؤدي إلى الهجر وقطع حبال المودة، خصوصا حين يقود الجدل والاختلاف في الرأي إلى أشكال ومنحنيات تبتعد عن الموضوعية إلى الشخصنة، وهنا يصبح خلافا، وليس اختلافا، ويبلغ مرحلة محاولة إقصاء الآخر عن طريق إهانته».
وبينت أن «الاختلاف موجود منذ نشأت الخليقة، وهو سنة كونية وطبيعة بشرية، وظاهرة طبيعية وأمر فطري، ولا يمكن جمع الناس على كلمة واحدة، أو رأي واحد، فلكل منهم وجهة نظره، ورأيه الخاص الذي قد يتطابق ويتفق مع الآخرين أو لا، وهو يعود إلى قناعة الشخص، وفكره وعقله».
اتقاء الشبهات
تشير الدكتورة بينة المري، وهي أخصائي نفسي أول واكلينيكي أن قروبات ومساحات للتواصل الاجتماعي بجميع أنواعها وأهدافها شاعت أخيرا بين الناس، مع اختلاف مسميات التطبيقات، وبغض النظر عن السن أو الجنس، إلا أن لها مثل أي وسيلة حديثة أخرى مضار ومنافع.
وقالت «من منافعها أنه مع انشغال الفرد في حياته اليومية، وقلة التقائه واحتكاكه المباشر بالأقارب والأصدقاء، تحقق هذه القروبات ميزة الاطلاع على آخر المستجدات والأحداث التي يمرون بها، وتوفر فرصة الاطمئنان عليهم، وتختصر عناء المسافات، وتؤمن تبادل المعلومات والخبرات بيسر، دون أن ننسى أضرارها فمهما بلغت دقتها وصفاؤها وجودتها تبقى قاصرة عن توضيح الرد الحقيقي أو المقصد الحقيقي للفرد، مما يقود لتفسير بعض الأقوال أو الكلمات بطريقة خاطئة تؤدي إلى المشاكل أو القطيعة أو المشاحنة».
وتابعت «لا تقتصر السلبيات على ذلك، بل قد تكون سببا في نقل أو تحريف الكلام أو تفسيره على نحو مغاير للمقصد المبطن أو الظاهر».
وفسرت «يحتاج المشارك في هذه المجموعات إلى مستوى عالٍ من الوعي والحذر لتجنب الأضرار قدر المستطاع، وكذلك تجنب التهاون وعدم المبالاة».
السلبية وسوء الظن
تجزم أخصائية علم النفس تذكار الكستبان أن «مجموعات الواتس آب وضعت لعدة أهداف وأسباب، منها الإيجابي ومنها السلبي، ومن أهم أهدافها التواصل مع الأهل والأقارب والتآلف وسؤال الناس عن أحوال بعضها بعضا، وتشاركهم بالآراء وحل المشاكل، لكن هناك من يتعامل معها بسلبية غلبت على عدد غير قليل من المجموعات، وللأسف وبكل بساطة أصبح سوء الظن عند قراءة أي رسالة أو أي رد هو الغالب، حتى أن الشخص المسالم بات يخاف أن يشارك فيها بكلمة أو مزحة، لأن كل فرد فيها يفهم تلك الكلمة أو المزحة حسب مزاجه ونواياه، فتجد حيالها ردودا ونوايا مختلفة، ولكن أسوأها حين يكون الرد هجوميا يجعل قائلها يندم على مشاركته التي كان يظنها ظريفة لكن صادفت أشخاصا مزاجهم ونواياهم ليست على مستوى توقعه».
وأضافت «كثيرا ما تدفع تلك الردود إلى تساؤل الشخص في نفسه: ماذا حدث!!، وماذا قلت!، وماذا حصل!، وهنا برأيي ليس عليه التبرير، وكما قال سيجموند فرويد (لا تبرر كلماتك في كل مرة يساء فهمك فيها فالعقول السيئة لن تستوعب النية الحسنة)».
المجموعات النسائية
تواصل الكستبان «في كل مرة تطرح فيها رأيا بشيء، أو تذكر ما يزعجك دون أن تخصص شخصا بعينه في الحديث، يصدمك رد فعل بعض أفراد القروب غير المقصودين بطرحك، حتى أنهم يهاجمونك ويظنونك تقصدهم، أو يصدمك عدم اهتمام الأشخاص المقصودين، وعلى الأخص في المجموعات النسائية، وهنا لا بد أن نكرس مفهوم التفاهم والحوار والمناقشة الإيجابية وعدم إعطاء المشاكل أكبر من حجمها، وطرح الرد بأسلوب لطيف أو بالسكوت كبديل للكلام والمشاحنات، مع ضرورة أن يغلب على أفراد المجموعات طابع العفو والتغافل والتنازل وترك سوء الظن وتجنب الرد عند الغضب».
شحنات وفرقة
الناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي سارة الحمد قالت إن «التكنولوجيا الجديدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على المجتمع، وهي منتدى يجمع الناس لتبادل الأفكار والآراء، ويزيح حواجز الاتصال وينشئ قنوات اتصال غير مركزية، ويفتح الباب للجميع ليكون لهم صوت ومشاركة».
وأضافت «لكن للأسف، وفي الآونة الأخيرة انحرفت كثير من قروبات «الواتس آب» المختلفة، بما فيها القروبات العائلية التي كان هدفها الرئيس لمّ شتات الأسر وتتبع أخبار العائلة الكبيرة واستلام الدعوات المختلفة، لتأخذ مسارا آخر بعيدا عن أهدافها الرئيسة، وقادت إلى المشاجرات والمشاحنات حتى بين أفراد العائلة الواحدة، وغالبا ما يكون ذلك ناجما عن سوء الفهم أو عدم معرفه طريقة إيصال المعلومة إلى الطرف الآخر، وأدت كثير منها إلى حالات قطيعة ونزاعات عائلية ربما بسبب الغيرة أو غيرها، كما أن هناك أفرادا في قروبات يقومون بالتطفل على كل شيء، ويسعون إلى النبش في الحياة الخاصة للآخرين في المجموعة، وينحرفون بها عن هدفها».
وتابعت «هناك مصدر إزعاج آخر في القروبات، يتمثل أحيانا بكثرة أفرادها وكثرة الأحاديث الجانبية في كل صغيرة وكبيرة، وهذا كثيرا ما يسهم في خلق التنافر».
وتبدو بعض القروبات أكثر قابلية لهذا الفهم الخاطئ والسيئ، وعلى الأخص قروبات العمل التي غالبا ما يكون أعضاؤها عرضة للأوضاع غير الآمنة مثل القرارات المفاجئة أو المحاسبة الشديدة وغيرها.
وتكرس قروبات الـ«واتس آب» مفهوم أن لكثير من الأمور وجهين متناقضين، ففي حين تحقق يسر التواصل وسرعته وتقرب المسافات بين الناس على الرغم من تباعدهم الجغرافي، إلا أنها تقود أحيانا إلى الصراعات والصدامات والمشاحنات المباشرة وغير المباشرة، وتخلّف آثارا نفسية حادة خصوصا أنها تقوم على العلنية بين أعضائها، وأي إشكالية أو كلمة جارحة تكون مطروحة أمامهم جميعا، ما يجعل وقعها أشد.
النقاشات البيزنطية
يعتقد المهندس فهد عبدالله الوايلي أن «الصراعات والمشاحنات السلبية تصدر بناءً على النقاشات البيزنطية غير الهادفة، وهي تؤثر على حياة الأشخاص الاجتماعية، وتصبح عنوانا للطاقة السلبية، حيث تتأثر مشاعر الإنسان بشكل سلبي».
وأضاف «هناك فئة من الناس لا يستطيعون مقاومة تلك المشاحنات، سواءً كانت عابرة أو متأصلة، فيتعرضون إلى الصدمات النفسية المباشرة وغير المباشرة، ومن خلالها يبدؤون في الانسحاب التدريجي والانطواء والعزلة، بل قد تقودهم تلك الصدمات إلى فقد متعة الحياة والمعاناة من الاكتئاب».
وتابع «كلما كان الإنسان ضعيفا وغير قادر على الدفاع عن نفسه أو غير قادر على ممارسة السلوك العقلاني كان أقرب إلى الهشاشة النفسية، وهذا يفقده السيطرة على ذاته والتحكم في انفعالاته، ويشعره بالانهزامية».
وختم «عدم وجود إشراف وعدم التنظيم والتنسيق بين أعضاء القروبات يؤدي غالبا إلى العشوائية والعنف اللفظي دون مراعاة للمشاعر أو الفئات العمرية أو غير ذلك، سواءً كانت تلك القروبات عائلية أو وظيفية أو قروبات صداقات، فمثلا نجد أن القروب المخصص للعمل، دائما ما يكون مصدرا للضغط النفسي لأنه غير آمن، فهو يشتمل على القرارات والمفاجآت، وأحيانا الآراء الشخصية المزعجة، وحتما فإن أعضاء القروب مختلفو الشخصيات، فمنهم القادر على التحمل ومنهم غير القادر، والذي ربما يكون مستعدا للإصابة بالاكتئاب، وهذا يعني أن ضغط العمل عامل سلبي ومباشر على الشخص، وعموما فإن المشاحنات والصراعات الداخلية في قروبات التواصل الاجتماعي تعد من أهم الأزمات التي قد تصيب الشخص والتي قد تؤدي به أحيانا إلى الاضطراب النفسي لأنه غير قادر على التكيف مع محيطه الاجتماعي».
جهل المختلفين
تؤكد الأخصائية الاجتماعية سهام الحسني، على أهمية التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والمجتمع لأنه وسيلة في نقل الأفكار والتجارب وتبادل الخبرات والمعارف، وتقول «التواصل الاجتماعي له دور بارز في عملية التعلم ونقل المعلومات والثقافات، ومع تطور وسائله بشكل سريع ومذهل أصبح العالم قرية صغيرة يمكن التواصل بين سكانها بسهولة ويسر».
وتابعت «حرص الإسلام على أن تكون أساس معاملة الناس فيما بينهم قائمة على الكلمة الطيبة الحسنة التي تعمل على تقوية التواصل ودوام المحبة والألفة، لكن أبرز ما يعيق تحقيق أهداف التواصل الاجتماعي في القروبات هو عدم وضوح الهدف والرسالة وعدم وضع ضوابط وأنظمة، وعدم الالتزام بها، وعدم الإصغاء، إضافة إلى السخرية وعدم الجدية والتسرع في تقييم الآخرين والتعصب للآراء والمذاهب وإطلاق الأحكام السريعة والزعل ومن ثم الانسحاب من القروب، وجهل المختلفين بحقيقة الأمر الذي يتنازعون فيه».
نقاشات عقيمة
تواصل الحسني «هناك أنواع للقروبات، لكن البعض يخرج عن أهدافها وهوياتها فيقحم عضوا أو أعضاء فيها في نقاشات عقيمة لا فائدة منها ولا لها، وبعضهم لا يختار الأوقات المناسبة للإرسال، وهذا من أسباب الخلافات والجدال فيها، ناهيك عن عدم توافق رغبات الأطراف المختلفة».
وتابعت «من هنا، ومن أن وسائل التواصل الاجتماعي باتت جزءا من حياة البشرية لا يستطيعون الاستغناء عنه، يجب وضع ضوابط للتقيّد بها خلال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، ومنها الالتزام بمعايير الحوار والنقاش دون تعصب، واستخدام الألفاظ المهذبة بعيدا عن الشتائم والسب والتشهير والعنف، مع احترام رأي الطرف الآخر، وهذه الضوابط تعد من آداب الحوار، وتبعد المجموعات عن الجدل الذي يعد آفة تخلّف الأحقاد والضغائن، وتؤدي إلى الهجر وقطع حبال المودة، خصوصا حين يقود الجدل والاختلاف في الرأي إلى أشكال ومنحنيات تبتعد عن الموضوعية إلى الشخصنة، وهنا يصبح خلافا، وليس اختلافا، ويبلغ مرحلة محاولة إقصاء الآخر عن طريق إهانته».
وبينت أن «الاختلاف موجود منذ نشأت الخليقة، وهو سنة كونية وطبيعة بشرية، وظاهرة طبيعية وأمر فطري، ولا يمكن جمع الناس على كلمة واحدة، أو رأي واحد، فلكل منهم وجهة نظره، ورأيه الخاص الذي قد يتطابق ويتفق مع الآخرين أو لا، وهو يعود إلى قناعة الشخص، وفكره وعقله».
اتقاء الشبهات
تشير الدكتورة بينة المري، وهي أخصائي نفسي أول واكلينيكي أن قروبات ومساحات للتواصل الاجتماعي بجميع أنواعها وأهدافها شاعت أخيرا بين الناس، مع اختلاف مسميات التطبيقات، وبغض النظر عن السن أو الجنس، إلا أن لها مثل أي وسيلة حديثة أخرى مضار ومنافع.
وقالت «من منافعها أنه مع انشغال الفرد في حياته اليومية، وقلة التقائه واحتكاكه المباشر بالأقارب والأصدقاء، تحقق هذه القروبات ميزة الاطلاع على آخر المستجدات والأحداث التي يمرون بها، وتوفر فرصة الاطمئنان عليهم، وتختصر عناء المسافات، وتؤمن تبادل المعلومات والخبرات بيسر، دون أن ننسى أضرارها فمهما بلغت دقتها وصفاؤها وجودتها تبقى قاصرة عن توضيح الرد الحقيقي أو المقصد الحقيقي للفرد، مما يقود لتفسير بعض الأقوال أو الكلمات بطريقة خاطئة تؤدي إلى المشاكل أو القطيعة أو المشاحنة».
وتابعت «لا تقتصر السلبيات على ذلك، بل قد تكون سببا في نقل أو تحريف الكلام أو تفسيره على نحو مغاير للمقصد المبطن أو الظاهر».
وفسرت «يحتاج المشارك في هذه المجموعات إلى مستوى عالٍ من الوعي والحذر لتجنب الأضرار قدر المستطاع، وكذلك تجنب التهاون وعدم المبالاة».
السلبية وسوء الظن
تجزم أخصائية علم النفس تذكار الكستبان أن «مجموعات الواتس آب وضعت لعدة أهداف وأسباب، منها الإيجابي ومنها السلبي، ومن أهم أهدافها التواصل مع الأهل والأقارب والتآلف وسؤال الناس عن أحوال بعضها بعضا، وتشاركهم بالآراء وحل المشاكل، لكن هناك من يتعامل معها بسلبية غلبت على عدد غير قليل من المجموعات، وللأسف وبكل بساطة أصبح سوء الظن عند قراءة أي رسالة أو أي رد هو الغالب، حتى أن الشخص المسالم بات يخاف أن يشارك فيها بكلمة أو مزحة، لأن كل فرد فيها يفهم تلك الكلمة أو المزحة حسب مزاجه ونواياه، فتجد حيالها ردودا ونوايا مختلفة، ولكن أسوأها حين يكون الرد هجوميا يجعل قائلها يندم على مشاركته التي كان يظنها ظريفة لكن صادفت أشخاصا مزاجهم ونواياهم ليست على مستوى توقعه».
وأضافت «كثيرا ما تدفع تلك الردود إلى تساؤل الشخص في نفسه: ماذا حدث!!، وماذا قلت!، وماذا حصل!، وهنا برأيي ليس عليه التبرير، وكما قال سيجموند فرويد (لا تبرر كلماتك في كل مرة يساء فهمك فيها فالعقول السيئة لن تستوعب النية الحسنة)».
المجموعات النسائية
تواصل الكستبان «في كل مرة تطرح فيها رأيا بشيء، أو تذكر ما يزعجك دون أن تخصص شخصا بعينه في الحديث، يصدمك رد فعل بعض أفراد القروب غير المقصودين بطرحك، حتى أنهم يهاجمونك ويظنونك تقصدهم، أو يصدمك عدم اهتمام الأشخاص المقصودين، وعلى الأخص في المجموعات النسائية، وهنا لا بد أن نكرس مفهوم التفاهم والحوار والمناقشة الإيجابية وعدم إعطاء المشاكل أكبر من حجمها، وطرح الرد بأسلوب لطيف أو بالسكوت كبديل للكلام والمشاحنات، مع ضرورة أن يغلب على أفراد المجموعات طابع العفو والتغافل والتنازل وترك سوء الظن وتجنب الرد عند الغضب».
شحنات وفرقة
الناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي سارة الحمد قالت إن «التكنولوجيا الجديدة مثل وسائل التواصل الاجتماعي لها تأثير كبير على المجتمع، وهي منتدى يجمع الناس لتبادل الأفكار والآراء، ويزيح حواجز الاتصال وينشئ قنوات اتصال غير مركزية، ويفتح الباب للجميع ليكون لهم صوت ومشاركة».
وأضافت «لكن للأسف، وفي الآونة الأخيرة انحرفت كثير من قروبات «الواتس آب» المختلفة، بما فيها القروبات العائلية التي كان هدفها الرئيس لمّ شتات الأسر وتتبع أخبار العائلة الكبيرة واستلام الدعوات المختلفة، لتأخذ مسارا آخر بعيدا عن أهدافها الرئيسة، وقادت إلى المشاجرات والمشاحنات حتى بين أفراد العائلة الواحدة، وغالبا ما يكون ذلك ناجما عن سوء الفهم أو عدم معرفه طريقة إيصال المعلومة إلى الطرف الآخر، وأدت كثير منها إلى حالات قطيعة ونزاعات عائلية ربما بسبب الغيرة أو غيرها، كما أن هناك أفرادا في قروبات يقومون بالتطفل على كل شيء، ويسعون إلى النبش في الحياة الخاصة للآخرين في المجموعة، وينحرفون بها عن هدفها».
وتابعت «هناك مصدر إزعاج آخر في القروبات، يتمثل أحيانا بكثرة أفرادها وكثرة الأحاديث الجانبية في كل صغيرة وكبيرة، وهذا كثيرا ما يسهم في خلق التنافر».