بقي وقت قليل جدا، على موعد انطلاق أول بطولة لكأس العالم تنظمها دولة عربية، في حدث لافت ومثير، في الوقت الذي لا يزال فيه قطاع عريض من «المثقفين العرب» مستمرين في نظرتهم التحقيرية للرياضة، كرة القدم بالذات.
في كتابه «فلسفة الرياضة» يقدم ستيفن كونور - أستاذ الأدب في بيركبيك، جامعة لندن - فهمه الفلسفي للرياضة بناءً على تعريف الرياضة على أنها (شيء ينطوي على الجهد والإرهاق، وهذا جزء أساسي من الحياة البشرية الحديثة)، وبالنظر إلى التردد المعروف عن غالبية المثقفين في تناولهم للشأن الرياضيأو تعاطيهم معه، فإن معالجة كونور لهذه الثغرة، تجعل من هذا الكتاب مساهمة مرحبا بها في هذا المجال، حيث تمتد أعمال كونور إلى موضوعات مختلفة على نطاق واسع، مثل الأدب والتكنولوجيا، الشعور الجماعي والخيال، تاريخ الصوت والوسائط السمعية، أفكار حول التصرفات غير المقدرة، آلات الأحلام.
تُعرَّف الرياضة بأنها الألعاب التي تنطوي على مجهود بدني وإرهاق، وتتطلب في الوقت نفسه قيودًا وقدرة على التغلب عليها. يجادل كونور بأن الرياضة هي سمة أساسية للإنسان الحديث، لقد ثبت أنها أحد أقوى الطرق التي نتفاوض من خلالها على العلاقة بين العالمين البشري والطبيعي.
يقدم ستيفن كونر فهماً فلسفياً جديداً للريّاضة باصطلاحاتها الخاصّة، لافتا إلى فترات وحقب تاريخية نزعت فيه الكتابات السّابقة حول فلسفة الريّاضة، إلى اعتبار الريّاضة ضرباً من ميادين اختبار النظريات الفلسفية المبتكرة، للتعامل مع ألوان أخرى من المشكلات،مثل مشكلات الأخلاق، أو الجماليّات أو التصنيفات المنطقية.
ومع ذلك، تبدو الفلسفة القارية ملائمة جدًا للتعامل مع الرياضة، لتأكيد ذلك، يمكن للمرء فقط سرد الفلاسفة القاريين، الذين استخدموا الاستعارات الرياضية لإظهار مفاهيم مختلفة للعملية، وإن كانت عابرة. يصف الفيلسوفان الفرنسيان جيل دولوز وفيليكس جوتاري، في أطروحتهما عن الفلسفة بشكل عام، استخدام الفلاسفة لأصل الكلمة كشكل من أشكال الرياضة. يصف ميشيل سيريس، الفيلسوف الفرنسي، مسار الكرة بين لاعبي الرجبي كعملية ذاتية، هذا يقوده إلى استنتاج مفاده أن هذه الأشياء مطلوبة لإظهار الذات.
يعلمنا تاريخ الرياضة «وأصلها» أن معنى الرياضة قد تغير منذ ظهورها في فرنسا في العصور الوسطى، حيث كانت هناك مرحلة «الجحيم»، عندما كانت الرياضة تستخدم لوصف العمل المتقلب للشيطان، وصولا إلى مرحلة «الصيد» خلال الحداثة المبكرة، حيث كانت الرياضة بالضرورة مرتبطة ببعض النشاط، الذي يحتوي على الحيوانات «مثل رياضات الدم ومعارك الديوك»، المرحلة التي نحن فيها الآن، والتي تبدأ في القرن التاسع عشر، يمكن أن تسمى المرحلة «البشرية».
فصول الكتاب ضمت مقالات جميلة عن صفات الرياضة التي تصنع العالم، تخلق مفاهيم مثل «مساحة اللعب» و«اللعب في الفضاء» و«المطلق» و«الزمن الجوهري».
*مؤرخ بريطاني
* ولد في 1955 في ساسكس بالمملكة المتحدة.
*مدير مركز الأبحاث في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية «CRASSH».
أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة كامبريدج منذ عام 2012
اهتماماته البحثية:
*التفكير السحري.
*تاريخ الطب
*الحياة الثقافية للأشياء والخيال المادي
*العلاقات بين الثقافة والعلم
* فلسفة الحيوانات
* الجسد والحس والجنس
* الأدب والأرقام والاقتصاد
في كتابه «فلسفة الرياضة» يقدم ستيفن كونور - أستاذ الأدب في بيركبيك، جامعة لندن - فهمه الفلسفي للرياضة بناءً على تعريف الرياضة على أنها (شيء ينطوي على الجهد والإرهاق، وهذا جزء أساسي من الحياة البشرية الحديثة)، وبالنظر إلى التردد المعروف عن غالبية المثقفين في تناولهم للشأن الرياضيأو تعاطيهم معه، فإن معالجة كونور لهذه الثغرة، تجعل من هذا الكتاب مساهمة مرحبا بها في هذا المجال، حيث تمتد أعمال كونور إلى موضوعات مختلفة على نطاق واسع، مثل الأدب والتكنولوجيا، الشعور الجماعي والخيال، تاريخ الصوت والوسائط السمعية، أفكار حول التصرفات غير المقدرة، آلات الأحلام.
التجانس الناقص
في البداية، يعترف المؤلف بأنه ليس فيلسوفًا، كما أنه لا يجتهد في التحقيق في الموضوع عبر الطرق السريعة لفلسفة الرياضة: «الرياضة كأيديولوجيا،الرياضة كآداب، الرياضة كفن» و «الرياضة كمشكلة تعريف وتصنيف». وكانت نقطة انطلاقه هي أن «الرياضة عالم موازٍ متماسك بشكل غريب، وهو ليس مرآة بقدر ما هو التجانس الناقص في الحياة البشرية بشكل عام» وهكذا، من خلال مقاربة ظاهرية ثقافية، يسعى إلى الدخول للموضوع من وجهة نظر "مراقب المريخ" الذي يضرب به المثل، والذي يشعر بالحيرة من حقيقة أن جميع اللاعبين الاثنين والعشرين في ملعب كرة القدم، لم يحصلوا على كرة.مشكلات الأخلاق أو الجماليّات
يهتم كونور بشكل أساسي برياضات الرجبي وكرة القدم، والكريكيت والبيسبول والتنس، وحشد فريقًا من الفلاسفة البارزين، بما في ذلك هيجل وفرويد وفتجنشتاين، وهايدجر وأدورنو وسارتر ودليوز وسيري، لدعم قضيته، حيث يربط تأملاته الفلسفية، المتجذرة في فهم برونو لاتور للحداثة، بقواعده المصممة بعناية والشاملة والمثيرة للرياضة.تُعرَّف الرياضة بأنها الألعاب التي تنطوي على مجهود بدني وإرهاق، وتتطلب في الوقت نفسه قيودًا وقدرة على التغلب عليها. يجادل كونور بأن الرياضة هي سمة أساسية للإنسان الحديث، لقد ثبت أنها أحد أقوى الطرق التي نتفاوض من خلالها على العلاقة بين العالمين البشري والطبيعي.
يقدم ستيفن كونر فهماً فلسفياً جديداً للريّاضة باصطلاحاتها الخاصّة، لافتا إلى فترات وحقب تاريخية نزعت فيه الكتابات السّابقة حول فلسفة الريّاضة، إلى اعتبار الريّاضة ضرباً من ميادين اختبار النظريات الفلسفية المبتكرة، للتعامل مع ألوان أخرى من المشكلات،مثل مشكلات الأخلاق، أو الجماليّات أو التصنيفات المنطقية.
المساحات المميزة
بينما كانت الكتابات السابقة حول فلسفة الرياضة، تميل إلى رؤية الرياضة كنوع من أرض الاختبار للنظريات الفلسفية، المصممة للتعامل مع أنواع أخرى من المشكلات - الأخلاق أو الجماليات أو التصنيف المنطقي - يقدم ستيفن كونور فهمًا فلسفيًا جديدًا للرياضة بشروطها الخاصة، من أجل تحديد معنى الرياضة بشكل أساسي وما تعنيه، محددا قواعد كاملة للرياضة، ويعزل ويصف عناصرها الأساسية، بما في ذلك المساحات المميزة للرياضة، وطبيعة الوقت الرياضي، وأهمية الأشياء و الأدوات الرياضية كالكرات، أساليب الحركة في الرياضة، ودور القواعد واغتنام الفرص، وما يعنيه حقًا الغش والفوز.إظهار الذات
يرى كونور أن الاستخدام المنهجي للميتافيزيقا القارية في فلسفة الرياضة كان أمرًا نادرًا، موضحا ذلك بالقول إن «العلماء المؤسسين لفلسفة الرياضة جاءوا من التقليد التحليلي، الذي سيطر على القرن العشرين الأنجلو أمريكي».ومع ذلك، تبدو الفلسفة القارية ملائمة جدًا للتعامل مع الرياضة، لتأكيد ذلك، يمكن للمرء فقط سرد الفلاسفة القاريين، الذين استخدموا الاستعارات الرياضية لإظهار مفاهيم مختلفة للعملية، وإن كانت عابرة. يصف الفيلسوفان الفرنسيان جيل دولوز وفيليكس جوتاري، في أطروحتهما عن الفلسفة بشكل عام، استخدام الفلاسفة لأصل الكلمة كشكل من أشكال الرياضة. يصف ميشيل سيريس، الفيلسوف الفرنسي، مسار الكرة بين لاعبي الرجبي كعملية ذاتية، هذا يقوده إلى استنتاج مفاده أن هذه الأشياء مطلوبة لإظهار الذات.
مرحلة الجحيم
في الكتاب استشهاد بالعديد من المؤلفين البارزين عبر تاريخ الإنسان، واستخدامهم لإلقاء الضوء على خصوصيات الرياضة في فلسفة الرياضة، كادر الأدباء المتجمعين يوفر لهذا الكتاب قراءة فلسفية مبهجة للرياضة، التي لها القدر نفسه من الصفات الشعرية والميتافيزيقية، حيث يناقش كونور جذر كلمة الرياضة، والتي توجد في الكلمة اللاتينية disportare.يعلمنا تاريخ الرياضة «وأصلها» أن معنى الرياضة قد تغير منذ ظهورها في فرنسا في العصور الوسطى، حيث كانت هناك مرحلة «الجحيم»، عندما كانت الرياضة تستخدم لوصف العمل المتقلب للشيطان، وصولا إلى مرحلة «الصيد» خلال الحداثة المبكرة، حيث كانت الرياضة بالضرورة مرتبطة ببعض النشاط، الذي يحتوي على الحيوانات «مثل رياضات الدم ومعارك الديوك»، المرحلة التي نحن فيها الآن، والتي تبدأ في القرن التاسع عشر، يمكن أن تسمى المرحلة «البشرية».
فصول الكتاب ضمت مقالات جميلة عن صفات الرياضة التي تصنع العالم، تخلق مفاهيم مثل «مساحة اللعب» و«اللعب في الفضاء» و«المطلق» و«الزمن الجوهري».
ستيفن كونور
*مؤرخ بريطاني* ولد في 1955 في ساسكس بالمملكة المتحدة.
*مدير مركز الأبحاث في الآداب والعلوم الاجتماعية والإنسانية «CRASSH».
أستاذ اللغة الإنجليزية في جامعة كامبريدج منذ عام 2012
اهتماماته البحثية:
*التفكير السحري.
*تاريخ الطب
*الحياة الثقافية للأشياء والخيال المادي
*العلاقات بين الثقافة والعلم
* فلسفة الحيوانات
* الجسد والحس والجنس
* الأدب والأرقام والاقتصاد