مكة المكرمة: فهد الإحيوي

في الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى زيادة عدد الحجاج والمعتمرين كهدف إستراتيجي بالغ الأهمية خدمة للحجيج والمعتمرين، ولتنويع مصادر الدخل، وفيما سمح بدخول المعتمر ومغادرته عبر أي مطار في المملكة، بقي إصدار تأشيرة العمرة مرتبطاً بحجز المعتمر مقعد نقل مسبق عبر المنصات التجارية، وهو ما اضطر كثيرا من شركات المرة إلى حجز تلك المقاعد التي يصل سعر الواحد منها ما بين 125ريال في الحافلة ضمن مجموعة لا تقل عن 35 معتمر من جنسية واحدة، و650 إلى 1800ريال لأربعة أشخاص للسيارات الصغيرة بدخول محدد عبر مطاري جدة والمدينة المنورة فقط أو إحدى المنافذ البرية.

إعاقة تطبيق

أوضح محمد الحربي وهو مدير لإحدى شركات العمرة أن «شرط حجز مقعد نقل قبل صدور التأشيرة محدد بدورة نقل كاملة تبدأ بالدخول، إما من مطار الملك عبدالعزيز في جدة أو مطار الأمير محمد في المدينة المنورة، يعوق تطبيق حرية الدخول من أي مطار آخر من مطارات المملكة الدولية، خصوصا مع قرار تمكين المعتمر من الحصول على برامج إثرائية لمشاهدة الفعاليات الكبرى في المملكة، وحرية تنقله بين مدن المملكة دون قيود مسبقة».

وأشار إلى أن «المعتمر القادم من مطار الطائف الدولي، أو من مطار الملك خالد الدولي في الرياض، أو من مطار أبها الدولي، وفي ظل إصرار وزارة الحج والعمرة على إلزامية شرط مقعد النقل المحدد بالقدوم عبر مطار جدة أوالمدينة المنورة لا يمكن له أن يستفيد من قيمة مقعد النقل التي سددها مسبقا».

وتابع «من هو المستفيد الحقيقي من هذا الشرط الذي ما زال قائما.. شركات النقل أم شركات ومؤسسات العمرة؟».

وأضاف «كيف يمكن أن يستعيد المعتمر قيمة مقعد النقل إذا قرر القدوم عبر مطار الملك خالد الدولي في الرياض، ثم إلى مطار الطائف ذهابا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة؟».

وتطرق إلى أن هذه الأسئلة ليس لها إجابة لدى وزارة الحج والعمرة على الرغم من كثرة طرحها من قبل شركات ومؤسسات العمرة التي تحتاج استجابة سريعة لتنفيذ قرار دخول ومغادرة المعتمر من أي مطار من مطارات المملكة، وهو تنفيذ يتطلب فك ارتباط مقعد النقل بإصدار التأشيرة، وإعادة مسؤولية توفير النقل للمعتمر إلى شركات ومؤسسات العمرة بشكل مباشر كما كان الحال سابقا حتى 1441 دون عوائق تذكر، ووسط دقة متناهية في عمليات التشغيل وسلامة وسهولة وصول المعتمرين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة.

خارج التنفيذ

بيّن الحربي أن تفعيل قرار دخول ومغادرة المعتمر من أي مطار من مطارات المملكة الدولية ما زال خارج حيز التنفيذ وفقا لقرار ربط إصدار التأشيرة بمقعد نقل مسبق الدفع لصالح شركات النقل فقط، ورأى أن كثيرا من المعتمرين يرغبون في القدوم إلى المملكة عبر مدينة الرياض، خصوصا مع انطلاقة فعاليات موسم الرياض، أو يحبذون الاستفادة من برامج مدينة الطائف السياحية، أو برامج مدن الدمام أو أبها، ثم يتحولون بعد ذلك إلى مكة المكرمة، ربما بالطائرة أو السيارة، كما يتنقلون من جدة أو الطائف أو الدمام أو الرياض إلى المدينة المنورة بالطائرة أو القطار إما بشكل جماعي أو منفرد تحت مسؤولية شركات ومؤسسات العمرة من خلال وسائل النقل المتنوعة سواء شركة النقل الجماعي (سابتكو) التي تنطلق رحلاتها يوميا إلى كل مدن المملكة، أو عبر شركات النقل الأخرى، أو عبر تطبيقات النقل الكبرى، وبالتالي لم تعد هناك حاجة إلى مقعد نقل مسبق الدفع قبل صدور تأشيرته محددة بمحطتي قدوم هما جدة والمدينة المنورة، بل إن فك ارتباط النقل بتأشيرة العمرة إسوةً بالتأشيرة السياحة والأنواع الأخرى من التأشيرات من الخطوات المسرّعة لمرونة إصدار تأشيرة العمرة وخفض تكلفتها وتحفيز مزيد من الأعداد للقدوم لأداء العمرة وتحقيق الوصول إلى مستهدفات عددية غير مسبوقة».

لا مبرر

يؤكد سعود العتيبي وهو مدير تنفيذي لشركة عمرة أنه لا مبرر لربط مقعد النقل بالتأشيرة، وأنه يزيد إجراءات العمرة تعقيدا، موضحا أن كثيرا من المعتمرين يرغب في الوصول عبر مطار الطائف أو الرياض لكن حصوله على التأشيرة يتطلب وجود مقعد نقل من خلال دورة نقل عبر المنصات الإلكترونية، وذلك المقعد محدد بالقدوم عبر مطاري جدة والمدينة المنورة، ولا يمكن أن تصدر تأشيرة المعتمر إلا بعد شراء مقعد نقل قد لا يستفيد منه المعتمر الذي يرغب في القدوم عبر مطار الطائف أو عبر أي مطار آخر باستنثاء مطاري جدة والمدينة المنورة، كذلك الإجراءات التي تتبعها النقابة في مطار المدينة المنورة، والتي لا تسمح بدخول الحافلات إلا بتفويج يتضمن موافقتها، فيما تدخل حافلات السياح بمرونة عالية وإجراءات ميسرة دون تفويج، رغم أن كل شركات النقل لديها ارتباط بالنقابة، فلماذا تحتاج حافلات المعتمرين المدفوعة التكلفة عبر المنصة إلى تفويج، فيما لا تحتاج حافلات السياحة المدفوعة مباشرة لدى شركات النقل إلى تفويج؟.

وما دور وزارة الحج والعمرة في معالجة تدخل النقابة في أداء شركات ومؤسسات العمرة؟.

النقابة عليها فحص الباصات والتأكد من إجراءاتها ومحاسبة شركات النقل المقصرة لكن دون تعطيل دخولها إلى المطار لنقل المعتمرين طالما شركات ومؤسسات العمرة دفعت قيمة النقل عبر المنصة.

وقال إن «وزارة الحج والعمرة يجب أن تجد حلا سريعا للأمر، فشركات ومؤسسات العمرة لا تتبع النقابة، ولا تعمل تحت مظلتها، ومحاسبة النقابة لشركات النقل يجب أن تكون دون تعطيل لإجراءات نقل المعتمرين من المطار إلى فنادقهم، فإذا كان الباص مخالفا تغرّم شركات النقل دون أن تتحمل شركات ومؤسسات العمرة المسؤولية، فكل الباصات التي تذهب لاستقبال المعتمرين يتم حجزها من خلال منصات وزارة الحج والعمرة وهي حجوزات مؤكدة ومدفوعة الثمن».

توافق لازم

يعتقد فهد أحمد وهو مدير شركة عمرة أنه طالما أن هناك قرارا يسمح بدخول المعتمر من أي مطار من مطارات المملكة، فلا بد من فك ارتباط النقل بصدور التأشيرة، لأن إلزامية شراء مقعد نقل قبل صدور التأشيرة يعني أن دخول المعتمر ومغادرته محددة فقط بمطاري جدة والمدينة المنورة لا غير، أو أحد المنافذ البرية، لهذا يجب أن يكون مقعد النقل اختياريا، وذاك أفضل من هذا التقييد الذي يعيق تطبيق قرار السماح للمعتمر بالدخول والمغادرة من أي مطار.

وقال إن «خيارات النقل المتعددة أفضل من التقييد، فالمعتمر ربما يختار سيارة عبر كريم أو أوبر مثل كل المسافرين عبر مطارات العالم، ولا يلزم بالضرورة بنقل محدد».

تضارب

شدد سعود خالد، وهو مستثمر في قطاع العمرة على أن شركات ومؤسسات العمرة هي المسؤولة عن كافة الخدمات المقدمة للمعتمر، وليس شركات النقل ونقابة النقل، لكن من خلال هذا الارتباط الإلزامي بشراء مقعد نقل قبل صدور التأشيرة فإن هذا يعني أن شركات النقل هي المسؤولة عن المعتمر، لهذا فإن فك ارتباط النقل بالتأشيرة من أهم القرارات التي ينتظرها المستثمرون وشركات العمرة من وزير الحج والعمرة لتمكين شركات ومؤسسات العمرة من الوصول إلى المستهدفات العددية المطلوبة، أما ربط النقل بالتأشيرة فهو معيق جدا لآليات العمل حسب اعتقاده، وقال «لهذا أقترح مثل غيري من المستثمرين في قطاع العمرة، أن يكون النقل اختياريا وليس إلزاميا، وألا يكون صدور التأشيرة مرتبطا به، كي يكون أمام المعتمر خيارات متعددة للوصول إلى المملكة عبر أي مطار من مطاراتها، وكي يستطيع أن يعيش تجربة إثرائية عبر أي مدينة وصول، فالطائف مدينة سياحية، وفي الرياض فعاليات كبرى، وفي أبها هناك السياحة، وفك ارتباط النقل بالتأشيرة أصبح مطلبا لكل شركات ومؤسسات العمرة».

محاسبة المقصر

يشير أحمد الحربي وهو مدير تنفيذي لشركة عمرة إلى أهمية فك ارتباط مقعد النقل بالتأشيرة، مع فرض واجبات محددة في هذا الشأن على شركات العمرة، وقال «يمكن لوزارة الحج والعمرة محاسبة الشركات المقصرة في حال عدم توفير النقل لمعتمريها، ووزارة النقل تحاسب شركات النقل المقصرة في أداء الخدمة بشكل جيد».

وأضاف «فك ارتباط النقل بالتأشيرة حل مثالي ومهم جدا فبعض المعتمرين يريد أن يشهد جانبا من فعاليات موسم الرياض، ثم يذهب إلى المدينة المنورة بالطائرة ليومين، ويبقى بقية برنامجه في مكة المكرمة، لكن مع ربط وجود مقعد نقل مسبق بصدور التأشيرة يحد من تنقله ويضاعف من تكلفة برنامجه ولا يمكنه من الاستفادة من حضور الفعاليات».

لا رد

بدورها، نقلت «الوطن» ملاحظات المستثمرين وشركات العمرة، وطلبت من المتحدث الرسمي لوزارة الحج والعمرة الرد عليها، وحاولت التواصل معه عبر رسائل الواتس على رقمه الرسمي المعلن، إلا أنها لم تتلق أي رد حتى ساعة إعداد هذه المادة.