على خلاف ما يذهب إليه كثيرون من أن البندقية مجرد سلاح فردي يستخدم في القتال أو الصيد، أعطت القبائل في عرفها المتوارث منذ سنين طوال للبندقية رمزية خاصة، ارتبطت على وجه الخصوص بهوية القبيلة أو الفرد، وبرجولة واعتزاز حاملها بنفسه، وبقبوله منطق الرجال والتزامه بأحكامهم.
وغالبًا ما عرفت القبائل ما يسمى بـ«مقرع الحق» أو الشخصي الذي يقضي في الحقوق بين الناس قائل وأفراد، ولا يعترف هذا بحق الفرد أو القبيلة في التظلم والمرافعة ما لم يضع «بندقيته» دلالة على قبوله بالحكم، وبالتالي إسقاط حقه في نقض هذا الحكم.
وتعارفت القبائل على نحو 10 أنواع من بنادق الحق، ويتحدد نوع كل منها حسب القضية المطروحة وملابساتها والحكم المناسب لها.
وتعدد الأعراف القبلية البنادق الـ10 بمسمياتها، وهي:
1ـ بندق الحي والميت
2ـ بندق الوفاء أو (بندق القدى)
3ـ بندق النصف أو القصى
4ـ بندق الصايب
5ـ بندق الصحب أو بندق المخأ
6ـ بندق الصبر
7ـ بندق الصفو أو المخالصة
8ـ بندق الرفق
9ـ بندق النقاء
10ـ بندق الكف
المعدال
تقدم بنادق الحق خلال السعي في الصلح بين قبيلتين متنازعتين، أو شخصين متنازعين في أي قضية، والبنادق عادة ما تكون سلاحا ناريا أو حتى جنبية، توضع لدى طرف ثالث محايد يرتضيه المتنازعون للحكم بينهم، وتؤخذ كرهينة وتسمى «المعاديل» أو «المعدال»، وتبقى بيد الطرف الذي سيحكم في القضية إلى أن يتم إصدار الحكم.
وهناك أحكام غير قابلة للنقض أو الاستئناف، وتكون ملزمة لأطرافها بمجرد إصدارها، ولا يمكن رفضها أو عدم القبول بها حتى ولو كان فيها ميل أو جور على أحد أطرافها حسب رأيه.
جوهر القضية
يقول الشيخ مهدي بن حسين آل حيدر «إن لكل من بنادق الحق العشرة نصيب من اسمها، يدل على جوهر القضية التي يتم البحث فيها، وإن اختلفت وكثرت أوجهها وأشكالها والشيخ الذي يتم تحكيمه فيها، والذي تقدم إليه البنادق ليحكم في القضية حسب نظرته وتقديره وعلمه، وحسب ما يرضي الله ويتوافق مع الشرع»، وقال «لا تتنافى الأحكام القبلية مع الشرع كما يشاع، وإن وقع ذلك في بعضها فإنه لا يقع بالمنافاة، وإنما بالعرف، والعُرف يؤخذ به قضاء، مثل تنازل المرأة لإخوتها الذكور عن حقها في ميراثها لأرض من أبيها، وهو تنازل قد يكون بمقابل أو دون مقابل».
ويوضح «يحتاج حفظ مسميات بنادق الحق إلى فهم قضاياها والإلمام بمواضعها واشتراطاتها وأحكامها، ولذا يتمتع العارفون بها بالتقدير بين القبائل».
نماذج للقضايا
يسرد آل حيدر جملة من القضايا التي تستلزم الاحتكام لبنادق الحق، أو تكون مصاحبة لها، ومنها قضية ساري الليل الذي يُرمى فيصاب في بلاد لكنه يتحامل على نفسه ويسير حتى يتوفاه الله في بلاد أخرى بعد أن قضى ليله ماشيا أو راكبا حتى وصل إلى بلاد أخرى وتوفي عقب وصوله متأثرا بإصابته في البلاد السابقة، فإن كانت الحادثة قد وقعت ليلا فعلى ذويه وأهله أن يقدموا البينة وأن يثبتوا أن أهل البلاد التي وصلها ومات فيها هم من قتلوه، وإن لم يكن لديهم ما يثبت فليس على أهل البلاد التي وصلها شيء لعدم قيام البينة والبرهان على أنهم هم الذين قتلوه.
ويضيف «هناك ما يسمى بعقد السيار، وهو أن يكون هناك رجل سافر أو غادر مع آخر إلى وجهة معينة، وتعرض في الطريق إلى الاعتداء وقتل، أو تعرض إلى إصابة بالغة من قطاع طرق أو ما شابه، فلن يلزم صاحبه شيئا إن كان لم يعقد معه عقد السيار قبل المغادرة، ولم يكن هناك شهود، فإن كان قد عقد معه عقد السيار وأشهد على ذلك شهودا ولم يدافع عنه فيلزمه بندق حق، وهو ما يعرف ببندق النقى، وأخيرا من يترك قبيلته لأسباب معينة وينضم إلى قبيلة أخرى ومن ثم تأتي قبيلته تطلب منه العودة إليها، وهذا ما يسمى ببندق المخا أو بندق الصحب لكن ذلك لا يحدث حتى يكون التصافي بينه وبين القبيلة التي انضم إليها فلا يمكنه تركها إذا كانت في حرب حتى تنتهي، أو إن كان عليها دم أو دية فإنه لا يتركها حتى يكون التصافي معها، سواء كان فردا أو جماعة، وهذا ما يعرف ببندق الصفا».
لكل بندق مقام
اختتم آل حيدر حديثه حول الموضوع، بقصيدة توجز وتشرح مسميات ودلالات بنادق الحق، فقال:
البنادق عشر ولكل منها مقام •• نضرب أمثالها للعارفين بنظم
بندق الصايب لحقٍّ ما يِلحِق يمين •• يجمع الشيخ فيه ويصلح بما حكم
والنِصَف بندقْ مْن خصوم تعطى لشيخ •• حكم في مال ولا أرضٍ وعرضٍ ودم
والمخا للعرب بندق ترد الخوي •• لا ذبح شاة غرم لغيرهم والتزم
والقدى بندقه ممن يقر بخطاه •• والوفا والقدى شيمة عزاز الشيم
والصفو بندق المخلاص بين الرجال •• في الصغاير بعد ما سدوا اللي عظم
والصفو بندق المخلاص بين طرفين •• من قبيلة ولا عادوا بغرمٍ وجرم
والصبر بندقه تمهل وتبغى الصبر ••في الحجج لين ما هي تاضح وتنفهم
وبندق الحي والميت على المعتدي •• يحتمل في المصاب إن مات ولا سلم
وبندق الكف كفَّت شر من فيه شر •• لا يخَلْف الخصومه والفعل سفك دم
والرفق من ذبح له عند بابك عقير •• ومد لك بندقه تنْصره لا تنهزم
والنقى من لحقه العيب ذي بندقه •• تلزمه في بياض الوجه فيما وصم
قلتها حسب نهج القبيَلَة والسلوم •• وحسب ما خطه العارف بحبر وقلم
بندق وجنبية
يوضح الراوي، المعرف محمد حمد آل هتيلة أن قبائل نجران تعارفت على أنه إذا طلب الحق من رجل أعطى بندقه، فإن لم يمكن لديه «بندق» أعطى جنبية، فإن طلب منه «عشر في الحق» لكنه لم يكن يملك 10 بنادق فيستعين بجماعته وقبيلته إذا كان عيبه وخطؤه كبيرا، و«البندق» كما تم التعارف عليه بين القبائل له رمزيته الكبيرة وأهميته التي يذود الإنسان عنها، لذلك يقدمها عندما يُطلب في الحق.
ويعدد آل هتيلة بعض مسميات بنادق الحق ويقول «هناك من يسمي البنادق بأسماء مختلفة، وتصل إلى 10 مسميات كبندق الصحب والعيب والصائب وغيرها من الأسماء، ولكن وللأمانة هي بندق واحدة، تسمى ببندق الحق عن أي قضية أو جريمة أجرمتها أو أي فعل فعلته في حق آخر، أو أن تطلب من رفيقك أو خصمك وتقول بما معناه أعطني حقي فيقول هذا بندقي في الحق، وهناك بندق لها أوثال وبندق ليس لها، بما معناه أن يضع كلا من المتنازعين بندقه، ومن يظهر أن عليه الحق يلتزم ويتحمل ويقوم به، وهناك من يقدم بندقه ولا يطلب وثالا من ابن عمه أو عمه أو خاله أو كبير السن إكراما وتقديرا لهم فلا يطلب منهم ذلك بينما يقوم به بنفسه، فيقول أنا من سيقوم بالحق ويعطي الحق ويستعد بذلك وهذه من مكارم الأخلاق».
دلالات
يسرد الشيخ فيصل بن مانع آل نصيب مسميات بنادق الحق العشرة (بنادق القبيلة)، ويؤكد أنه إذا قدم المرء 11 بندقا فهذا يدل على اعترافه بارتكاب خطأ كبير أو عيب أو ما شابه ذلك.
أسماء ودلالات بنادق الحق الـ10
1ـ بندق الحي والميت
تعطى عند اعتداء شخص أو مجموعة أشخاص على فرد وإصابته بإصابات خطرة لا تعرف معها حياته من مماته.
وتعني الاستعداد التام لتحمل نتائج الاعتداء.
2ـ بندق الوفاء أو بندق القدى
تعطى من قبل الشخص أو القبيلة أو الجماعة التي تعترف بوجود حق أو ذنب عليها لشخص أو قبيلة أو جماعة أخرى.
تدل على الاستعداد التام للوفاء بالحق، حيث يقوم المدعي بتقديم بندق أو أكثر يعبر بـ«بنادق الوفاء أو القدى» وعندها يقال الخطأ فيه القدى.
3ـ بندق النصف أو القصى
تعطى من طرفي القضية (المدعي والمدعى عليه) إلى طرف ثالث عند الاختلاف على حقوق أو مطالب معينة، سواء أكانت فردية أو جماعية، وذلك فيما يخص الأموال والدماء والبلاد والعرض وغيرها.
4ـ بندق الصايب
تعطى لمن طلب الحق في غير مال أو دم أو بلاد أو عرض أو أمور لا تستوجب البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولا تخص عرض القبيلي وهي أقرب إلى الصلح منها إلى الاحتكام، وفيها لا يعطى المدعي ما يطلب ولكن يعطى الصايب وهو ما رآه صاحب العقل المحتكم إليه حقا يجمع الطرفين أو يصلح ذات البين بغير ضرر.
5ـ بندق الصحب
تعطى من القبيلة، وذلك في حالة قيام أي فرد من أفرادها أو جماعة من جماعاتها بالانشقاق عنها لسبب والانضمام إلى قبيلة أخرى وذبح شاة الغرم معهم أو التغارم معهم توضع له بندق أو أكثر من القبيلة فيما يعيده إليهم إن كان لديـهم سبب يستدعي الانشقاق.
6ـ بندق الصبر
تعني أن الطرف المدعي سيتحلى بالصبر في القضية المتنازع عليها، كما تعني بالنسبة للمدعى عليه القبول بالإنصاف والتحكيم، وهي بندق تمهل وعدم تسرع ويلجأ إليها عادة عندما تكون القضية مبهمة أو غير واضحة.
7ـ بندق الصفو أو المخالصة
لها 3 وجوه، منها وجه بين قبيلتين مختلفتين للمخالصة، ووجهان بين قبيلة واحدة يرغب أفرادها في قطع الصحب بينهم.
8ـ بندق أو بنادق الرفق
إما أن تكون رفقة في الطريق، أو أن تكون من شخص ضعيف أو غير قادر على أخذ حقه بنفسه، أو شخص في غير بلده، يضعها لشخص طالبا منه النصرة على الحق في حجة من الحجج، ولها شرط أن يذهب هذا الشخص بعقير يذبحه عند باب الشخص الذي يطلبه النصرة، ويضع سلاحه بين يديه، ويقول له: أنا معنز عليك الرفق فيرد عليه الشخص المطلوب منه النصرة بقوله: في الحق.
9ـ بندق النقاء
هي حق لزم من أصابه عيب فلا بد له أن ينقي نفسه، هذا إذا لم يضع له من عيبه بندق فيما يبيض وجهه من العيب، ويقال «ما أنا بحالف إني ما أحشم ولكن بحلف إني بأنقى».
10ـ بندق الكف
بندق لكف أو إيقاف أو منع السوء ويُلجأ إليها عند حدوث مواجهة بين قبيلتين أو مجموعة أشخاص وحدوث أفعال بينهم تستوجب الإرش (يعني ما دون النفس) ولم يحدث بينهم قتل نفس أو تبادل أفعال مثل تسميم مواشي أو إحراق زرع أو خلافه سواء كان للإصلاح بينهم من قبل ناس مصلحين أو من قبل القبيلتين أنفسهم لحقن الدماء فيما بينهم.
وغالبًا ما عرفت القبائل ما يسمى بـ«مقرع الحق» أو الشخصي الذي يقضي في الحقوق بين الناس قائل وأفراد، ولا يعترف هذا بحق الفرد أو القبيلة في التظلم والمرافعة ما لم يضع «بندقيته» دلالة على قبوله بالحكم، وبالتالي إسقاط حقه في نقض هذا الحكم.
وتعارفت القبائل على نحو 10 أنواع من بنادق الحق، ويتحدد نوع كل منها حسب القضية المطروحة وملابساتها والحكم المناسب لها.
وتعدد الأعراف القبلية البنادق الـ10 بمسمياتها، وهي:
1ـ بندق الحي والميت
2ـ بندق الوفاء أو (بندق القدى)
3ـ بندق النصف أو القصى
4ـ بندق الصايب
5ـ بندق الصحب أو بندق المخأ
6ـ بندق الصبر
7ـ بندق الصفو أو المخالصة
8ـ بندق الرفق
9ـ بندق النقاء
10ـ بندق الكف
المعدال
تقدم بنادق الحق خلال السعي في الصلح بين قبيلتين متنازعتين، أو شخصين متنازعين في أي قضية، والبنادق عادة ما تكون سلاحا ناريا أو حتى جنبية، توضع لدى طرف ثالث محايد يرتضيه المتنازعون للحكم بينهم، وتؤخذ كرهينة وتسمى «المعاديل» أو «المعدال»، وتبقى بيد الطرف الذي سيحكم في القضية إلى أن يتم إصدار الحكم.
وهناك أحكام غير قابلة للنقض أو الاستئناف، وتكون ملزمة لأطرافها بمجرد إصدارها، ولا يمكن رفضها أو عدم القبول بها حتى ولو كان فيها ميل أو جور على أحد أطرافها حسب رأيه.
جوهر القضية
يقول الشيخ مهدي بن حسين آل حيدر «إن لكل من بنادق الحق العشرة نصيب من اسمها، يدل على جوهر القضية التي يتم البحث فيها، وإن اختلفت وكثرت أوجهها وأشكالها والشيخ الذي يتم تحكيمه فيها، والذي تقدم إليه البنادق ليحكم في القضية حسب نظرته وتقديره وعلمه، وحسب ما يرضي الله ويتوافق مع الشرع»، وقال «لا تتنافى الأحكام القبلية مع الشرع كما يشاع، وإن وقع ذلك في بعضها فإنه لا يقع بالمنافاة، وإنما بالعرف، والعُرف يؤخذ به قضاء، مثل تنازل المرأة لإخوتها الذكور عن حقها في ميراثها لأرض من أبيها، وهو تنازل قد يكون بمقابل أو دون مقابل».
ويوضح «يحتاج حفظ مسميات بنادق الحق إلى فهم قضاياها والإلمام بمواضعها واشتراطاتها وأحكامها، ولذا يتمتع العارفون بها بالتقدير بين القبائل».
نماذج للقضايا
يسرد آل حيدر جملة من القضايا التي تستلزم الاحتكام لبنادق الحق، أو تكون مصاحبة لها، ومنها قضية ساري الليل الذي يُرمى فيصاب في بلاد لكنه يتحامل على نفسه ويسير حتى يتوفاه الله في بلاد أخرى بعد أن قضى ليله ماشيا أو راكبا حتى وصل إلى بلاد أخرى وتوفي عقب وصوله متأثرا بإصابته في البلاد السابقة، فإن كانت الحادثة قد وقعت ليلا فعلى ذويه وأهله أن يقدموا البينة وأن يثبتوا أن أهل البلاد التي وصلها ومات فيها هم من قتلوه، وإن لم يكن لديهم ما يثبت فليس على أهل البلاد التي وصلها شيء لعدم قيام البينة والبرهان على أنهم هم الذين قتلوه.
ويضيف «هناك ما يسمى بعقد السيار، وهو أن يكون هناك رجل سافر أو غادر مع آخر إلى وجهة معينة، وتعرض في الطريق إلى الاعتداء وقتل، أو تعرض إلى إصابة بالغة من قطاع طرق أو ما شابه، فلن يلزم صاحبه شيئا إن كان لم يعقد معه عقد السيار قبل المغادرة، ولم يكن هناك شهود، فإن كان قد عقد معه عقد السيار وأشهد على ذلك شهودا ولم يدافع عنه فيلزمه بندق حق، وهو ما يعرف ببندق النقى، وأخيرا من يترك قبيلته لأسباب معينة وينضم إلى قبيلة أخرى ومن ثم تأتي قبيلته تطلب منه العودة إليها، وهذا ما يسمى ببندق المخا أو بندق الصحب لكن ذلك لا يحدث حتى يكون التصافي بينه وبين القبيلة التي انضم إليها فلا يمكنه تركها إذا كانت في حرب حتى تنتهي، أو إن كان عليها دم أو دية فإنه لا يتركها حتى يكون التصافي معها، سواء كان فردا أو جماعة، وهذا ما يعرف ببندق الصفا».
لكل بندق مقام
اختتم آل حيدر حديثه حول الموضوع، بقصيدة توجز وتشرح مسميات ودلالات بنادق الحق، فقال:
البنادق عشر ولكل منها مقام •• نضرب أمثالها للعارفين بنظم
بندق الصايب لحقٍّ ما يِلحِق يمين •• يجمع الشيخ فيه ويصلح بما حكم
والنِصَف بندقْ مْن خصوم تعطى لشيخ •• حكم في مال ولا أرضٍ وعرضٍ ودم
والمخا للعرب بندق ترد الخوي •• لا ذبح شاة غرم لغيرهم والتزم
والقدى بندقه ممن يقر بخطاه •• والوفا والقدى شيمة عزاز الشيم
والصفو بندق المخلاص بين الرجال •• في الصغاير بعد ما سدوا اللي عظم
والصفو بندق المخلاص بين طرفين •• من قبيلة ولا عادوا بغرمٍ وجرم
والصبر بندقه تمهل وتبغى الصبر ••في الحجج لين ما هي تاضح وتنفهم
وبندق الحي والميت على المعتدي •• يحتمل في المصاب إن مات ولا سلم
وبندق الكف كفَّت شر من فيه شر •• لا يخَلْف الخصومه والفعل سفك دم
والرفق من ذبح له عند بابك عقير •• ومد لك بندقه تنْصره لا تنهزم
والنقى من لحقه العيب ذي بندقه •• تلزمه في بياض الوجه فيما وصم
قلتها حسب نهج القبيَلَة والسلوم •• وحسب ما خطه العارف بحبر وقلم
بندق وجنبية
يوضح الراوي، المعرف محمد حمد آل هتيلة أن قبائل نجران تعارفت على أنه إذا طلب الحق من رجل أعطى بندقه، فإن لم يمكن لديه «بندق» أعطى جنبية، فإن طلب منه «عشر في الحق» لكنه لم يكن يملك 10 بنادق فيستعين بجماعته وقبيلته إذا كان عيبه وخطؤه كبيرا، و«البندق» كما تم التعارف عليه بين القبائل له رمزيته الكبيرة وأهميته التي يذود الإنسان عنها، لذلك يقدمها عندما يُطلب في الحق.
ويعدد آل هتيلة بعض مسميات بنادق الحق ويقول «هناك من يسمي البنادق بأسماء مختلفة، وتصل إلى 10 مسميات كبندق الصحب والعيب والصائب وغيرها من الأسماء، ولكن وللأمانة هي بندق واحدة، تسمى ببندق الحق عن أي قضية أو جريمة أجرمتها أو أي فعل فعلته في حق آخر، أو أن تطلب من رفيقك أو خصمك وتقول بما معناه أعطني حقي فيقول هذا بندقي في الحق، وهناك بندق لها أوثال وبندق ليس لها، بما معناه أن يضع كلا من المتنازعين بندقه، ومن يظهر أن عليه الحق يلتزم ويتحمل ويقوم به، وهناك من يقدم بندقه ولا يطلب وثالا من ابن عمه أو عمه أو خاله أو كبير السن إكراما وتقديرا لهم فلا يطلب منهم ذلك بينما يقوم به بنفسه، فيقول أنا من سيقوم بالحق ويعطي الحق ويستعد بذلك وهذه من مكارم الأخلاق».
دلالات
يسرد الشيخ فيصل بن مانع آل نصيب مسميات بنادق الحق العشرة (بنادق القبيلة)، ويؤكد أنه إذا قدم المرء 11 بندقا فهذا يدل على اعترافه بارتكاب خطأ كبير أو عيب أو ما شابه ذلك.
أسماء ودلالات بنادق الحق الـ10
1ـ بندق الحي والميت
تعطى عند اعتداء شخص أو مجموعة أشخاص على فرد وإصابته بإصابات خطرة لا تعرف معها حياته من مماته.
وتعني الاستعداد التام لتحمل نتائج الاعتداء.
2ـ بندق الوفاء أو بندق القدى
تعطى من قبل الشخص أو القبيلة أو الجماعة التي تعترف بوجود حق أو ذنب عليها لشخص أو قبيلة أو جماعة أخرى.
تدل على الاستعداد التام للوفاء بالحق، حيث يقوم المدعي بتقديم بندق أو أكثر يعبر بـ«بنادق الوفاء أو القدى» وعندها يقال الخطأ فيه القدى.
3ـ بندق النصف أو القصى
تعطى من طرفي القضية (المدعي والمدعى عليه) إلى طرف ثالث عند الاختلاف على حقوق أو مطالب معينة، سواء أكانت فردية أو جماعية، وذلك فيما يخص الأموال والدماء والبلاد والعرض وغيرها.
4ـ بندق الصايب
تعطى لمن طلب الحق في غير مال أو دم أو بلاد أو عرض أو أمور لا تستوجب البينة على المدعي واليمين على من أنكر، ولا تخص عرض القبيلي وهي أقرب إلى الصلح منها إلى الاحتكام، وفيها لا يعطى المدعي ما يطلب ولكن يعطى الصايب وهو ما رآه صاحب العقل المحتكم إليه حقا يجمع الطرفين أو يصلح ذات البين بغير ضرر.
5ـ بندق الصحب
تعطى من القبيلة، وذلك في حالة قيام أي فرد من أفرادها أو جماعة من جماعاتها بالانشقاق عنها لسبب والانضمام إلى قبيلة أخرى وذبح شاة الغرم معهم أو التغارم معهم توضع له بندق أو أكثر من القبيلة فيما يعيده إليهم إن كان لديـهم سبب يستدعي الانشقاق.
6ـ بندق الصبر
تعني أن الطرف المدعي سيتحلى بالصبر في القضية المتنازع عليها، كما تعني بالنسبة للمدعى عليه القبول بالإنصاف والتحكيم، وهي بندق تمهل وعدم تسرع ويلجأ إليها عادة عندما تكون القضية مبهمة أو غير واضحة.
7ـ بندق الصفو أو المخالصة
لها 3 وجوه، منها وجه بين قبيلتين مختلفتين للمخالصة، ووجهان بين قبيلة واحدة يرغب أفرادها في قطع الصحب بينهم.
8ـ بندق أو بنادق الرفق
إما أن تكون رفقة في الطريق، أو أن تكون من شخص ضعيف أو غير قادر على أخذ حقه بنفسه، أو شخص في غير بلده، يضعها لشخص طالبا منه النصرة على الحق في حجة من الحجج، ولها شرط أن يذهب هذا الشخص بعقير يذبحه عند باب الشخص الذي يطلبه النصرة، ويضع سلاحه بين يديه، ويقول له: أنا معنز عليك الرفق فيرد عليه الشخص المطلوب منه النصرة بقوله: في الحق.
9ـ بندق النقاء
هي حق لزم من أصابه عيب فلا بد له أن ينقي نفسه، هذا إذا لم يضع له من عيبه بندق فيما يبيض وجهه من العيب، ويقال «ما أنا بحالف إني ما أحشم ولكن بحلف إني بأنقى».
10ـ بندق الكف
بندق لكف أو إيقاف أو منع السوء ويُلجأ إليها عند حدوث مواجهة بين قبيلتين أو مجموعة أشخاص وحدوث أفعال بينهم تستوجب الإرش (يعني ما دون النفس) ولم يحدث بينهم قتل نفس أو تبادل أفعال مثل تسميم مواشي أو إحراق زرع أو خلافه سواء كان للإصلاح بينهم من قبل ناس مصلحين أو من قبل القبيلتين أنفسهم لحقن الدماء فيما بينهم.