يجب إعادة النظر في السلم الدبلوماسي ولائحته بترقية الكثير من الدول وتثبيت بعضها، وزيادة بدلات السكن والتمثيل للدبلوماسيين والموفدين إلى الخارج بكل فئاتهم، مع منح أبنائهم الرسوم الدراسية بدءا من الحضانة حتى الثانوية العامة

العمل في الخارج شرفٌ لا يضاهيه سوى قيمة الوطن وتمثيله، يتسابق عليه كل عام مئات السعوديين في جميع الوزارات كل حسب تخصصه وعمله، كي يحظوا بخدمة الوطن وتمثيله وبحثاً عن استقرار مادي ونفسي.. ينتشرون حول العالم بين مداهشه وغياهبه حتى مجاهله! واجهة الوطن وحراسه وهمزة وصل بينه وبين بوابات العالم وعواصمه، هم بشرٌ يعانون، تمر بهم أخطار محدقة، تغشاهم مشاعر الغربة والوحشة لتصل أحياناً إلى شظف العيش والنفس في دول، وفي بعضها الآخر حياة فارهة مستقرة لا تشكو أبداً!
ولا شك أن استقرار الدبلوماسيين والموفدين إلى الخارج بمنحهم المزايا العادلة والمحفزة له دور كبير في استقرارهم وأسرهم وأبنائهم وتمثيلهم الفعال كبوابة أولى للمملكة في جميع دول الخارج، ولكننا للأمانة نجد بعضاً من المفارقات التي تحتاج إلى إعادة نظر في دعمهم.. ولعلي هنا أبدأ ببعضها؛ فعندما أمر خادم الحرمين الشريفين – يحفظه الله – بصرف بدل غلاء المعيشة بدءاً من 5% وتدرجاً حتى الوصول إلى 15% ، كانت تصرف لجميع موظفي الدولة ما عدا موظفي الخارج من دبلوماسيين وموفدين دون مبرر، رغم أن الغلاء الحقيقي مصدره الخارج لينسل إلى الداخل.. ولكن الأمر الملكي بتثبيت الـ 15 % لجميع الموظفين واحتسابه في الراتب أنقذ كثيراً من موظفي الخارج الذين حرموا منه ثلاث سنين حتى ثبت!
جميع الدبلوماسيين والموفدين للعمل في الخارج مشمولون بنظام الخدمة المدنية والوظائف الدبلوماسية المعادلة لها، يتوزعون في السفارات والمكاتب الفنية التابعة لها كالملحقيات الثقافية والعسكرية والتجارية والمدارس السعودية في الخارج والمراكز الإسلامية.. وجميعهم مرتهنون للائحة أعضاء السلك الدبلوماسي الصادرة من وزارة الخارجية للعاملين في الخارج، وهي لائحة برأي الكثير من المنصفين تحتاج إلى تعديل وإعادة نظر؛ فخذ بالمثال قيمة الإيجار الشهري – بدل السكن - فتجدها لجميع الدبلوماسيين والعاملين في الخارج مقسمة إلى خمس مجموعات، وفيها تناقض مدهش يعود إلى سنين عديدة دون مراجعة للائحة (المفصلية) ليئن توزيع تلك المجموعات تحت وطأة الإجحاف والكرم الحاتمي! ..فتجد أن كثيراً من الدول تغيرت وبلغ فيها الغلاء والتضخم الاقتصادي حد الذروة، فنجد واشنطن ولوس أنجلوس وجنيف ما زالت تقبع في المجموعة الثانية رغم أنها تستحق أن تكون في مصاف المجموعة الأولى، وفي المجموعة الثالثة تجد سنغافورة التي تستحق أن تكون في المجموعة الأولى أو الثانية على أقل تقدير حيث يصرف للموفدين فيها بمقدار ما يصرف لموفدي بوخارست أو بودابست أو حتى كابل وبومبي، وفي المجموعة الرابعة ما زالت دبي والدوحة وأبوظبي تقارن في لائحة – الإيجار الشهري - بالمنامة أو مسقط أو الكويت.. أما المجموعة (الحديدية) فهي الخامسة التي تثيرك فعلاً وجدلاً عندما تجد أن كوالالمبور وعمان مثلاً تتساوى في بدل السكن بأديس بابا أو صنعاء أو القاهرة والسويس...
وبنفس المنعطف نجد المفارقات غارقة في تباين تصنيف كثير من الدول في بدل التمثيل الدبلوماسي للعاملين في الخارج، رغم أن تلك القرارات والتصنيفات - حسب علمي - يفترض أن تجدد أو ينظر فيها كل ثلاث سنوات تقريباً ولكن لم نسمع بأي تغييرات منذ زمن طويل.
لذلك فبكل بسالة وإنصاف يجب إعادة النظر في السلم الدبلوماسي ولائحته بترقية كثير من الدول وتثبيت بعضها، وزيادة بدلات السكن والتمثيل للدبلوماسيين والموفدين إلى الخارج بكل فئاتهم، ومنح أبنائهم الرسوم الدراسية بدءاً من الحضانة حتى الثانوية العامة، فالدبلوماسيون والموفدون في الخارج يستحقون الحوافز بكل أصنافها من وزارة الخارجية، وليس بغريب تبني ذلك وإقراره من وزارة يتسنم زمامها الأمير سعود الفيصل، ونائبه الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، ومساعده (الجنتلمان) الأمير خالد بن سعود المنطلق لطفاً، غامراً بسياسة الباب المفتوح كل احتياجات السعوديين بالخارج، بلغة حضور وتواضع إنساني ساهمت في دفع عجلة الإدارة الحديثة داخل وزارة الخارجية، ليكملوا بلغة التكاملية الدعم لإخوانهم الدبلوماسيين والموفدين إلى الخارج وتيسير أمورهم وبث الاستقرار في نفوسهم، ودعم قرارات وزارتهم لدى وزارة المالية باعتماد ما يقررونه لضمان التنفيذ على أقل حال.