عندما كنت أمضي في مدينة قدانسك، وفي رصيفها البحري الذي يطل على بحر البلطيق صادفتني نزعات فكرية، وكنت أردد في بالي ما الذي خطر على الغرب أن يصبح بهذا التقدم والازدهار الفكري والعمراني والخدماتي، فكنت أبحث في عقلي لعلي أجد أدلة أو طرحًا منطقيًا يفسرهذا كله، فقررت أن أجلس في مقهى يطل على البحر؛ لأرسم وأبحث فيما يجول في بالي، فجلست أبحث في الهاتف عن كتب ومقالات عربية أو غربية تشرح عصور ومراحل تطور الفكر الغربي الذي أصبح هو المقود والرصيد لهذا العالم الذي يفيض بالأفكار والثقافات وغيره.
فأذكر أنني حصلت على كتاب بنسخة بي دي إف للمفكر والفيلسوف نيال فرغسون يسمى بـ«الحضارة»، فجلست أقرأ فيه وأنا أحتسي القهوة في دنو الشمس وقرب المغيب، وإذا بي أصل لصفحة تعتبر الخلاصة في ذلك، وصف نيال أن ما أثر في صعود الغرب وهيمنته على جميع العالم هو بدايةً في عصر التنوير والفلسفة التي بدأت في اليونان في العصور الوسطى للقارة الأوروبية، وأن الفلاسفة الذين انبثقوا في عصور الجهل والتخلف والاستبداد والنظام الإقطاعي الذين كانت تعاني منه القارة أصبح مطلبًا، بل هو ثورة على براثن الطغيان والظلام، فخرج سقراط وأرسطو وأرخميدوس الذين وضعوا حجر الأساس للتنوير، وأتى بعده الفلاسفة على مدار القرون التالية يضيفون على ما أضافه الفلاسفة اليونانيون.
وكانت في تلك الفترة ينفذ حكم الإعدام بفتاوى تصدر من الكنيسة البابوية وكنايس أوروبا الأخرى التابعة لها، التي كانت تسيطر على الشعوب وتقمع كل من يخالف شريعة الرب، فأعدم الكثير من الفلاسفة وثارت مدن كثيرة عليهم وعلى طغيانهم، إلى أن أتى بعد ذلك في المناطق الأكثر حرية مثل مملكة النمسا وهولندا، التي تعتمد على من يفتح لها النور على بداية عصر التنوير والأفكارالخارجة من صندوق الجماعة والمجتمع، وما جعل هولندا في تلك العصور منفتحة إلا لنشاطها البحري العريق الذي جعلها تحتك بدول عديدة على مستوى العالم.
وأكبر دليل لذلك ظهور اليهودي سبينوزا، والذي تبرأ من يهوديته وألف العديد من الكتب التي لاقت رواجًا في القارة، مفجرًا في ذاك الزمان ثورة فكرية وكسر صخرة مات عليها العديد من المفكرين والفلاسفة، حيث تعرض سبينوزا إلى المضايقة والاضطهاد، وغيرذلك من اليهود والمسيحيين فققر الهجرة إلى بريطانيا آنذاك التي كانت تعتبر أكثر المناطق الأوروبية انفتاحًا عن غيرها.
وظهر غيره الكثير أمثال فكتور هوغو، وهيغل سيقمويد فرويد، وماركس الذين نوروا القارة وأخرجوها من عصور الجهل والتخلف والصراعات، فنشطت الأفكار التي ابتدعها المفكرون والفلاسفة لدى الأوساط الأوروبية، بل تبنتها ممالك وحكومات أوروبا في ذاك الزمان، ومن هنا انطلق عصر الفكروالإبداع والاحتكام إلى العقل والمنطق، الذي سلخ الشعوب الأوروبية من عباءة الكنيسة الاستبدادية في هذه القارة.
بينما كان في ذلك العصر شعوب الأرض الأخرى لاتزال باقية في ظلامها، فالقارة العجوز عاشت أزمنة من الانحطاط والتخلف دفع أصحاب الفكر والفلسفة للنضال من أجل تخليص الناس من هذا الظلم.
وأعود بعد ذلك لأحدثكم عن إقامتي في هذا المقهى، الذي يقع على رصيف البحر الذي كان سببًا في فتح نافذة على مجال كنت أجهله منذ صغري، وأنه بعد اطلاعي على هذه الحقائق والتاريخ لهذه القارة أدركت أننا بيننا وبينهم آلاف الأميال لنصل إلى ما وصلوا إليه، وأن الحزام الذي كنا نشد به الظهر لقرون عديدة تفتت ، وأصبح يعود بنا إلى الماضي الذي لايزال العرب يتشبثون به بلا أي خطوات تقدمية تنويرية قادرة على التغيير ومزامنة العالم الذي نعيش فيه، بل أصبحنا عالة عليه في كثير من المجالات.
فأذكر أنني حصلت على كتاب بنسخة بي دي إف للمفكر والفيلسوف نيال فرغسون يسمى بـ«الحضارة»، فجلست أقرأ فيه وأنا أحتسي القهوة في دنو الشمس وقرب المغيب، وإذا بي أصل لصفحة تعتبر الخلاصة في ذلك، وصف نيال أن ما أثر في صعود الغرب وهيمنته على جميع العالم هو بدايةً في عصر التنوير والفلسفة التي بدأت في اليونان في العصور الوسطى للقارة الأوروبية، وأن الفلاسفة الذين انبثقوا في عصور الجهل والتخلف والاستبداد والنظام الإقطاعي الذين كانت تعاني منه القارة أصبح مطلبًا، بل هو ثورة على براثن الطغيان والظلام، فخرج سقراط وأرسطو وأرخميدوس الذين وضعوا حجر الأساس للتنوير، وأتى بعده الفلاسفة على مدار القرون التالية يضيفون على ما أضافه الفلاسفة اليونانيون.
وكانت في تلك الفترة ينفذ حكم الإعدام بفتاوى تصدر من الكنيسة البابوية وكنايس أوروبا الأخرى التابعة لها، التي كانت تسيطر على الشعوب وتقمع كل من يخالف شريعة الرب، فأعدم الكثير من الفلاسفة وثارت مدن كثيرة عليهم وعلى طغيانهم، إلى أن أتى بعد ذلك في المناطق الأكثر حرية مثل مملكة النمسا وهولندا، التي تعتمد على من يفتح لها النور على بداية عصر التنوير والأفكارالخارجة من صندوق الجماعة والمجتمع، وما جعل هولندا في تلك العصور منفتحة إلا لنشاطها البحري العريق الذي جعلها تحتك بدول عديدة على مستوى العالم.
وأكبر دليل لذلك ظهور اليهودي سبينوزا، والذي تبرأ من يهوديته وألف العديد من الكتب التي لاقت رواجًا في القارة، مفجرًا في ذاك الزمان ثورة فكرية وكسر صخرة مات عليها العديد من المفكرين والفلاسفة، حيث تعرض سبينوزا إلى المضايقة والاضطهاد، وغيرذلك من اليهود والمسيحيين فققر الهجرة إلى بريطانيا آنذاك التي كانت تعتبر أكثر المناطق الأوروبية انفتاحًا عن غيرها.
وظهر غيره الكثير أمثال فكتور هوغو، وهيغل سيقمويد فرويد، وماركس الذين نوروا القارة وأخرجوها من عصور الجهل والتخلف والصراعات، فنشطت الأفكار التي ابتدعها المفكرون والفلاسفة لدى الأوساط الأوروبية، بل تبنتها ممالك وحكومات أوروبا في ذاك الزمان، ومن هنا انطلق عصر الفكروالإبداع والاحتكام إلى العقل والمنطق، الذي سلخ الشعوب الأوروبية من عباءة الكنيسة الاستبدادية في هذه القارة.
بينما كان في ذلك العصر شعوب الأرض الأخرى لاتزال باقية في ظلامها، فالقارة العجوز عاشت أزمنة من الانحطاط والتخلف دفع أصحاب الفكر والفلسفة للنضال من أجل تخليص الناس من هذا الظلم.
وأعود بعد ذلك لأحدثكم عن إقامتي في هذا المقهى، الذي يقع على رصيف البحر الذي كان سببًا في فتح نافذة على مجال كنت أجهله منذ صغري، وأنه بعد اطلاعي على هذه الحقائق والتاريخ لهذه القارة أدركت أننا بيننا وبينهم آلاف الأميال لنصل إلى ما وصلوا إليه، وأن الحزام الذي كنا نشد به الظهر لقرون عديدة تفتت ، وأصبح يعود بنا إلى الماضي الذي لايزال العرب يتشبثون به بلا أي خطوات تقدمية تنويرية قادرة على التغيير ومزامنة العالم الذي نعيش فيه، بل أصبحنا عالة عليه في كثير من المجالات.