عندما اقترحت إقامة مراكز إعلامية بالأندية السعودية قبل سنوات، لم يدر بخلد من تحدثوا عنها ودفعوا إلى تفعيلها على أرض الواقع، سعيا وراء رسالة إعلامية ثرية تضيف لمنسوبي الأندية أولا، وللوسط الرياضي ثانيا وثالثا، وهو الأهم، المساهمة في إيصال المكتسبات الرياضية والثقافية والاجتماعية والفكرية التي تتم داخل أسوارها طيلة عام رياضي كامل، وعلى رأس هؤلاء الذين كافحوا من أجل إنشائها خبير الإعلام الرياضي منصور الخضيري (وهو من يتحمل وزرها الآن)، لم يدر بخلدهم أن يصل حالها إلى ما وصلت إليه في السنتين الأخيرتين من هزال وهرج ومرج لا يصدر من أعتى متعصبي المدرجات وأرذلها، وهو ما يعني انصراف القائمين عليها فقط إلى الأستوديوهات والملاسنات على الهواء وعبر حروف مقالاتهم وتصاريحهم المتشنجة والقاصرة مهنيا ومعلوماتيا، وتبدل هدف إقامتها من تحسين الصورة للأندية.
المراكز الإعلامية كما عرفناها نظريا، وما يفترض أن تكون عليه، وما تيسر لنا أن نراه عن كثب في دول شتى (ألمانيا، جنوب أفريقيا، قطر، الإمارات)، لها أسس ومعايير ومتطلبات ليس منها التعصب المقيت والصراخ والملاسنات غير المهذبة على الإطلاق، ويندر أن تعرف اسم مسؤول مركز إعلامي بالأندية الخارجية فيما عدا حالة واحدة، وهي أن تقوم بزيارة مباشرة لمقر النادي وعندها سيكون بالتأكيد في مقدمة المستقبلين، ويقدم لك لمحات مختصرة عن النادي وتاريخه ومكوناته ومنجزاته مع عقد جلسة ودية وحديث تعارفي عن الأشخاص والبلدين، وعندما تهم بالرحيل يزودك بمجموعة ثرية من المطبوعات والـ(DVD)، فتخرج بانطباع جيد عن النادي ومنسوبيه، هذا هو الدور الرئيس لمسؤولي المراكز الإعلامية بتلك الأندية، لكن ما هو موجود في أنديتنا العزيزة في الآونة الأخيرة مفجع ومضحك ومبك في آن!!
مما يؤسف له، أصبح مسؤول المركز الإعلامي في الأندية السعودية أكثر من (ثرثار)، وأكثر من (ممل)، وأكثر من (سمج)، بات مشجعا أجوف فلا يدرك ما هو الحديث وما هي أبعاده، وما هي منطلقاته وما هي المعلومات التي يفترض أن يدلي بها فيما لو تداخل في الموضوع، فالأمر لا يعدو عنده سوى صوت بصوت وصراخ بصراخ لا يقدم، وللأمانة أقول إن هناك نموذجين (فقط) عملا بالمراكز الإعلامية في الأندية الرياضية السعودية وقدما عملا مميزا ينبئ عن مهنية وإدراك لمسؤوليات الموقع، هما الزميلان الخلوقان حمود العصيمي (النصر) وسلمان العنقري (الهلال)، فقد ابتعدا عن المهاترات وسعيا بهدوء ودون ضجيج إلى إصدار أعمال طيبة تشرفهما أولا وناديهما ثانيا. من واجب مجالس إدارات الأندية أن تولي هذه المراكز أهميتها في المراقبة والتقييم الدوري، وعدم ترك الحبل على الغارب لمن لا يرعوي ولا يلتزم بالقيم المهنية والأخلاقية. وأن يكون تقييمهم على أساس المنتج الفكري المتمثل في التوضيحات ببيانات ومعلومات دقيقة، ومن خلال المطبوعات والندوات وورش العمل وتبادل الزيارات والتواصل مع المجتمع الرياضي وغير الرياضي، عندها ستكون لدينا مراكز إعلامية تضيف وتشرف بعيدة كل البعد عن مراكز هذه الأيام!!.