تعتري الذات والروح الإنسانية آلام تجعلها تقف كثيراً في مسارات الحياة للتفكر والتأمل في مصادر ذلك الألم، والحقائق التي تسربت وتسللت إليها، فجعلتها تحترق من داخلها من شدة تلك الآلام.
والألم المعنوي معاناة حسية وتجربة غير مقربة للروح والذات الإنسانية لما تحمله من أذى وضرر، ولا يعي ويلمس ويستوعب حرقة ما تجده الذات الإنسانية من آلام، إلا من كان واقعاً حقيقة تحت وطأة تلك الآلام.
فخلال مسيرة الإنسان يمر بمراحل في حياته يجد أن هناك من هو متفرغ لإيقاع الأذى والألم المعنوي على الآخرين، وهذا المتفرغ للشر يترصد لكل من حوله بغية إنزال أثر له وقع شديد على النفس الإنسانية.
هذا الأذى والألم المعنوي يكون في صور شتى، ويتنوع بتنوع التخصصات وفي جميع المجالات العلمية والعملية، فمن يرمي الآخرين بكل أنواع السوء كذباً وزوراً وبهتاناً كي يتوصل إلى تحطيم صورهم، ونثر أصباغ الشر عليهم، مريداً بذلك الوصول إلى هدف نفعي شخصي، هو فعل وتصرف في حقيقته زرع للألم المعنوي لدى من وقعت عليهم تلك التصرفات، وجعلهم في دوامة تلك الآلام المعنوية، كي ينشغلوا عن أصل أعمالهم الموكلة إليهم، ثم يتفرد صاحب النفس الشريرة بكل تلك الأعمال.
وهذا الفعل متصور في الأعمال الوظيفية والعلمية الأكاديمية، وحتى في العلاقات الاجتماعية سواء بين أفراد مجتمع واحد أم كان بين أفراد عائلة واحدة.
فأما تصوره في جانب الأعمال فلقد وجدنا من خلال المسيرة الوظيفية مديرين كانوا حجر عثرة في طريق كل موظف كفء وناجح ولديه كل المؤهلات العلمية والخبرات العملية، فكان أولئك المديرون يعملون بكل جد واجتهاد لإعاقة مسيرة أولئك الموظفين المتميزين.
ولأضرب مثالاً واقعياً من خلال التجارب العملية، فقد علمتُ عن شاب متميز معرفياً وأكاديمياً، ولديه خبرة عملية فذة لا تكاد تُقارن بغيره من زملائه، فعندما أكمل دراسته الأكاديمية خارج المملكة ورجع كي يمارس عمله ويقدم لوطنه ما اكتسبه من خبرات، إذا بمديره المباشر يقف له بالمرصاد ويضع أمامه العقبات والعراقيل، كي يُجسد حقيقة صفة العبودية في العلاقة الوظيفية. فعند بداية هذا الموظف المتميز طلب معادلة شهادته الأكاديمية لاعتمادها ويرتد مفعول أثرها على مساره الوظيفي والعلمي، فإذا بهذا المدير يمارس أبشع صور استغلال النفوذ والسلطة،عن طريق أقاربه الذين يعملون في جهة معادلات الشهادات الأكاديمية، فاستغل سلطته كي ترفض معادلة شهادته وتأخيرها لمدة سنة كاملة، حتى يرجع إليه ويقف أمامه و يقدم قربان الطاعة إليه، علماً أن الجامعة التي تخرج فيها هذا الموظف معترف بها لدى لجنة معادلة الشهادات، بل إن هذا المدير قد تخرج فيها وكثير من موظفي إدارته تخرجوا فيها، إلا أن ممارسة إيقاع الإيلام المعنوي لتحقيق أغراض ومآرب نفعية ضيقة جعلت هذا المدير يقع في دروب السوء والشر.
وإمعاناً في الشر منع هذا المدير الموظفَ من أي ترقية، بل وصل به الأمر إلى أن يمارس حظراً خارجياً على جميع الفرص الوظيفية التي كان يمكن أن يتلقاها هذا الموظف في قطاعه الذي يعمل فيه، مما جعل هذا الموظف يهرب إلى العمل في القطاع الخاص خارج تلك الجهة الحكومية.
الأمثلة كثيرة في الجهات الأكاديمية، ووضع العراقيل أمام الطلاب المتميزين بعدم إكمال دراساتهم، وحرمانهم من متابعة مسيرتهم الأكاديمية، فهناك طلاب تركوا الدراسة في خارج المملكة بسبب التعسف الإجرائي الذي وقع عليهم من قبل الجهات الأكاديمية لأسباب كان يمكن حلها بأبسط الطرق، إلا أن ممارسة النفوذ كانت سبباً في إنزال الألم المعنوي.
ولا تفوتني قصة ذلك الشاب الذي وقع ضحية للوبي أجنبي في القطاع الخاص، فتجمعوا عليه حتى أخرجوه من دائرة القطاع الذي يعمل فيه، لأنه كان كاشفاً لكثير من استغلالهم للسلطة، فأوقعوا عليه ألماً معنوياً، وخصوصاً أن منفذ ذلك الألم كان مواطناً يتقرب لذلك اللوبي الأجنبي.
إن سبب حب إيقاع الألم المعنوي والتلذذ به، هو أن تلك النوعية قد فسدت قلوبها وتمرست في الفساد، وذلك لأن صلاح القلوب وسلامة الصدور هي المنبع الحقيقي لسلامة الأفعال والتصرفات «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهو القلب».
والألم إما أن يحطم الإنسان ويفقده قواه وتوازنه، فيتحول إلى شخص خائر القوى مسلوب الإرادة يائس بائس، وإما أن يخرج ما لديه من طاقات كامنة تسير به نحو التغيير الذي يحفزه لتحقيق أهدافه المنشودة بعزيمة قوية وروح معنوية مرتفعة.
وفي نظري المتواضع أن إيقاع الألم المعنوي يمكن اعتباره من جرائم ذوي الياقات البيضاء (white crime)،حيث إن هناك تصنيفاً للجرائم في القانون الأمريكي للجرائم، فجرائم عمال المصانع وأصحاب الطبقات الدنيا تُصنف على أنها جرائم الطبقة الزرقاء (Blue crime)،أما جرائم ذوي الياقات البيضاء فهم من لديهم مناصب عليا وذوو نفوذ، فيرتكبون جرائمهم بكل احترافية، وهذا يتطلب أن يواجهها أُناس محترفون من المحامين أو ذوي الكفاءة العلمية والعملية، حتى يمكن كشف تلك الجرائم الخفية في عناصرها، بيد أن أثرها ظاهر للعيان ويتضرر منها كثيرون، وهذا ينطبق على آلة تنفيذ الألم المعنوي وهو استغلال النفوذ والسلطة.
لذا فإنه يمكن ضبط جريمة إيقاع الألم المعنوي ووصفها بأنها «إيقاع ضرر معنوي بقصد ونية وإرادة لإحداث أثر حقيقي حسي وإيقاعه على أي إنسان كي يُعيق حركته الحسية والفكرية بشكل ظاهر وجلي يُدركه من حوله من دون تأمل أو تفكير عميق».
وهذه الجرائم البيضاء من أخطر جرائم وقتنا المعاصر، وتحتاج لجهد مضاعف وبشكل مستمر من دون كلل، كي يتنفس مجتمعنا الأمن والآمان والاستقرار والرخاء.
الألم إما أن يحطم الإنسان فيتحول إلى شخص خائر القوى، وإما أن يخرج ما لديه من طاقات كامنة تسير به نحو التغيير
والألم المعنوي معاناة حسية وتجربة غير مقربة للروح والذات الإنسانية لما تحمله من أذى وضرر، ولا يعي ويلمس ويستوعب حرقة ما تجده الذات الإنسانية من آلام، إلا من كان واقعاً حقيقة تحت وطأة تلك الآلام.
فخلال مسيرة الإنسان يمر بمراحل في حياته يجد أن هناك من هو متفرغ لإيقاع الأذى والألم المعنوي على الآخرين، وهذا المتفرغ للشر يترصد لكل من حوله بغية إنزال أثر له وقع شديد على النفس الإنسانية.
هذا الأذى والألم المعنوي يكون في صور شتى، ويتنوع بتنوع التخصصات وفي جميع المجالات العلمية والعملية، فمن يرمي الآخرين بكل أنواع السوء كذباً وزوراً وبهتاناً كي يتوصل إلى تحطيم صورهم، ونثر أصباغ الشر عليهم، مريداً بذلك الوصول إلى هدف نفعي شخصي، هو فعل وتصرف في حقيقته زرع للألم المعنوي لدى من وقعت عليهم تلك التصرفات، وجعلهم في دوامة تلك الآلام المعنوية، كي ينشغلوا عن أصل أعمالهم الموكلة إليهم، ثم يتفرد صاحب النفس الشريرة بكل تلك الأعمال.
وهذا الفعل متصور في الأعمال الوظيفية والعلمية الأكاديمية، وحتى في العلاقات الاجتماعية سواء بين أفراد مجتمع واحد أم كان بين أفراد عائلة واحدة.
فأما تصوره في جانب الأعمال فلقد وجدنا من خلال المسيرة الوظيفية مديرين كانوا حجر عثرة في طريق كل موظف كفء وناجح ولديه كل المؤهلات العلمية والخبرات العملية، فكان أولئك المديرون يعملون بكل جد واجتهاد لإعاقة مسيرة أولئك الموظفين المتميزين.
ولأضرب مثالاً واقعياً من خلال التجارب العملية، فقد علمتُ عن شاب متميز معرفياً وأكاديمياً، ولديه خبرة عملية فذة لا تكاد تُقارن بغيره من زملائه، فعندما أكمل دراسته الأكاديمية خارج المملكة ورجع كي يمارس عمله ويقدم لوطنه ما اكتسبه من خبرات، إذا بمديره المباشر يقف له بالمرصاد ويضع أمامه العقبات والعراقيل، كي يُجسد حقيقة صفة العبودية في العلاقة الوظيفية. فعند بداية هذا الموظف المتميز طلب معادلة شهادته الأكاديمية لاعتمادها ويرتد مفعول أثرها على مساره الوظيفي والعلمي، فإذا بهذا المدير يمارس أبشع صور استغلال النفوذ والسلطة،عن طريق أقاربه الذين يعملون في جهة معادلات الشهادات الأكاديمية، فاستغل سلطته كي ترفض معادلة شهادته وتأخيرها لمدة سنة كاملة، حتى يرجع إليه ويقف أمامه و يقدم قربان الطاعة إليه، علماً أن الجامعة التي تخرج فيها هذا الموظف معترف بها لدى لجنة معادلة الشهادات، بل إن هذا المدير قد تخرج فيها وكثير من موظفي إدارته تخرجوا فيها، إلا أن ممارسة إيقاع الإيلام المعنوي لتحقيق أغراض ومآرب نفعية ضيقة جعلت هذا المدير يقع في دروب السوء والشر.
وإمعاناً في الشر منع هذا المدير الموظفَ من أي ترقية، بل وصل به الأمر إلى أن يمارس حظراً خارجياً على جميع الفرص الوظيفية التي كان يمكن أن يتلقاها هذا الموظف في قطاعه الذي يعمل فيه، مما جعل هذا الموظف يهرب إلى العمل في القطاع الخاص خارج تلك الجهة الحكومية.
الأمثلة كثيرة في الجهات الأكاديمية، ووضع العراقيل أمام الطلاب المتميزين بعدم إكمال دراساتهم، وحرمانهم من متابعة مسيرتهم الأكاديمية، فهناك طلاب تركوا الدراسة في خارج المملكة بسبب التعسف الإجرائي الذي وقع عليهم من قبل الجهات الأكاديمية لأسباب كان يمكن حلها بأبسط الطرق، إلا أن ممارسة النفوذ كانت سبباً في إنزال الألم المعنوي.
ولا تفوتني قصة ذلك الشاب الذي وقع ضحية للوبي أجنبي في القطاع الخاص، فتجمعوا عليه حتى أخرجوه من دائرة القطاع الذي يعمل فيه، لأنه كان كاشفاً لكثير من استغلالهم للسلطة، فأوقعوا عليه ألماً معنوياً، وخصوصاً أن منفذ ذلك الألم كان مواطناً يتقرب لذلك اللوبي الأجنبي.
إن سبب حب إيقاع الألم المعنوي والتلذذ به، هو أن تلك النوعية قد فسدت قلوبها وتمرست في الفساد، وذلك لأن صلاح القلوب وسلامة الصدور هي المنبع الحقيقي لسلامة الأفعال والتصرفات «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهو القلب».
والألم إما أن يحطم الإنسان ويفقده قواه وتوازنه، فيتحول إلى شخص خائر القوى مسلوب الإرادة يائس بائس، وإما أن يخرج ما لديه من طاقات كامنة تسير به نحو التغيير الذي يحفزه لتحقيق أهدافه المنشودة بعزيمة قوية وروح معنوية مرتفعة.
وفي نظري المتواضع أن إيقاع الألم المعنوي يمكن اعتباره من جرائم ذوي الياقات البيضاء (white crime)،حيث إن هناك تصنيفاً للجرائم في القانون الأمريكي للجرائم، فجرائم عمال المصانع وأصحاب الطبقات الدنيا تُصنف على أنها جرائم الطبقة الزرقاء (Blue crime)،أما جرائم ذوي الياقات البيضاء فهم من لديهم مناصب عليا وذوو نفوذ، فيرتكبون جرائمهم بكل احترافية، وهذا يتطلب أن يواجهها أُناس محترفون من المحامين أو ذوي الكفاءة العلمية والعملية، حتى يمكن كشف تلك الجرائم الخفية في عناصرها، بيد أن أثرها ظاهر للعيان ويتضرر منها كثيرون، وهذا ينطبق على آلة تنفيذ الألم المعنوي وهو استغلال النفوذ والسلطة.
لذا فإنه يمكن ضبط جريمة إيقاع الألم المعنوي ووصفها بأنها «إيقاع ضرر معنوي بقصد ونية وإرادة لإحداث أثر حقيقي حسي وإيقاعه على أي إنسان كي يُعيق حركته الحسية والفكرية بشكل ظاهر وجلي يُدركه من حوله من دون تأمل أو تفكير عميق».
وهذه الجرائم البيضاء من أخطر جرائم وقتنا المعاصر، وتحتاج لجهد مضاعف وبشكل مستمر من دون كلل، كي يتنفس مجتمعنا الأمن والآمان والاستقرار والرخاء.
الألم إما أن يحطم الإنسان فيتحول إلى شخص خائر القوى، وإما أن يخرج ما لديه من طاقات كامنة تسير به نحو التغيير