عوض العمري

تحاول الكثير من الحكومات في العالم تخصيص الكثير من الخدمات، لتقليل النفقات وتحسين الجودة وتحقيق الهدف المنشود لتقديم خدمات مميزة وتحقيق توازن اقتصادي مهم.

هناك قصة نجاح من النوع الثقيل حين سلمت الحكومة الأكبر بالعالم مفاتيح الفضاء للقطاع الخاص، حيث قررت (ناسا) عام 2011 إيقاف برنامج المكوك الفضائي، تخفيضًا للنفقات، حيث أرسلت الحكومة الأمريكية حوالي 350 رائد فضاء خلال 40 سنة حتى وصلت التكلفة التقديرية لحوالي مليار دولار، زيادة على خطورة تلك الرحلات حيث تخللها انفجاران شهيران وفقدان العديد من الأرواح.

وكوسيلة بديلة لإرسال رواد الفضاء أبرمت ناسا عقدًا بديلًا مع روسيا لإرسال رواد الفضاء بتكلفة 82 مليون دولارًا للمقعد الواحد، وتوجهت الحكومة الأمريكية للاستعانة بالقطاع الخاص ممثلة بشركة spaceX ورئيسها التنفيذي الون ماسك، لهدفين رئيسيين:

1- تقليل تكلفة البرامج الفضائية.

2- سرعة الإنجاز والبعد عن البيروقراطية.

وكالعادة كانت هناك تساؤلات ومخاوف ضخمة من وجود القطاع الخاص في مجال ضخم كالفضاء، وشن هجوم شرس من النواب وأعضاء الكونجرس الأمريكي الذين وصفوا الخطة بالمتسرعة والفاشلة، وأيضًا رواد الفضاء السابقين ومنهم قائدي مركبة أبولو 11 وأبولو 17 حين وصفوا هذا التعاون (بخريطة لمهمة إلى المجهول).

بالمقابل لم تكن المهمة سهلة حيث حيث واجه ماسك وفريق عمله صعوبات كبيرة كادت أن تودي إلى إفلاس ماسك بين عامي 2008-2011 حيث صرف مجمل ثروته البالغة آنذاك 100 مليون دولار قبل أن يبدأ النجاح بالظهور بعد محاولات عدة، لاحقًا نجحت spacX بإطلاق الكثير من الصواريخ، ووصلت إلى قيمة سوقية عام 20121 تتجاوز 100 مليار دولار.

وكانت خارطة النجاح لايلون ماسك تتركز في التفكير (خارج الصندوق) لتقليل التكاليف:

1- تقليل التكلفة الإجمالية، بخفض تكلفة الإطلاق إلى 35 ألف دولار للكيلوجرام إلى 4 آلاف دولار فقط.

2- وجود صواريخ قابلة لإعادة الاستخدام، حيث تمكن فريق ماسك من إعادة المحركات الصاروخية حيث كانت هذه المحركات تنفجر بعد دفعها الأقمار الصناعية لمداراتها، ومن ثم تنفجر وتسقط بالمحيطات، ونظرًا لتطوير آلية جديدة للهبوط بسلام لتلك المحركات الصاروخية فقد قلت تكلفة الرحلة بشكل لا يصدق، حيث كان فالكون 9 يكلف 54 مليون دولار (ويتدمر بعد كل رحلة)، أصبح الآن يكلف 200 ألف دولار بسبب إعادة استخدام الصاروخ نفسه في كل رحلة.

أعتقد أن هذه القصة مهمة جدًا وملهمة لنا، وتثبت نجاح القطاع الخاص في العودة بالحلم الأمريكي مجددًا للفضاء رغم عجز (ناسا).

ومازلنا نتذكر تجاربنا السابقة قبل خصخصة الاتصالات، أما غير المنفتحين على القطاع الخاص فلن يستطيعون التقدم كثيرًا، ولا ننسى المقولة الخالدة لغازي القصيبي (محاولة تطبيق أفكار جديدة بواسطة رجال يعتنقون أفكارًا قديمة هي مضيعة للجهد والوقت).