ظهرت في الفترة الأخيرة رسائل عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض البرامج التلفزيونية، تبرز نجاحات مذهله لشباب تركوا وظائفهم المرموقة ذات المرتبات المتميزة، وذلك بعد أن انخرطوا في مجال العمل الحر، ولكن هذا الصورة الوردية التي رسمتها تلك الحملات الإعلامية تدعو إلى التعجب، وكأنهم يميلون إلى أن يسارع الشباب لفقد وظائفهم والدفع بهم إلى المجهول.
نعم إلى المجهول، إذ إن الانخراط في العمل الحر ليس بالأمر المحتم نجاحه، وليس كل موظف ناجح يستطيع أن يكون تاجراً ناجحاً، وكان الأحرى بتلك البرامج أن تدعم فكرة كيف يصبح الشباب رواد أعمال ناجحين من خلال إيضاح الخطط والدراسات والإمكانيات التي تؤهل الشباب لذلك، وأن يترك الخيار للمتلقي لدراسة الأمر وتوافقه مع قدراته وإمكانياته التي قد تعينه على تجاوز العقبات والصعوبات التي تواجهه، وربما يسقط في أول إخفاق أو فشل يتعرض له مما يتسبب في ضياع مستقبله ومستقبل من يعوله.
حيث يفترض بتلك البرامج استضافة أصحاب الشأن والمتمكنين وذوي الخبرة والأكاديميين لتوضيح آلية وطرق الانطلاق في ريادة الأعمال والخطوات الواجب تتبعها للبدء فيها كعمل دراسات الجدوى للتخصصات التي يتطلبها السوق المحلي وتبيان الأنظمة اللازمة للبدء بالمشاريع وحجم المصاريف التأسيسية والتشغيلية التي تتيح له النجاح، وكذلك إرشادهم على المؤسسات الحكومية التي لربما تسهم في دعم مشاريعهم، بدلاً من الدفع بهم لاتخاذ قرار مصيري من دون أن يكون لديهم الفكر الكافي والتخطيط اللازم لذلك.
ومع التسليم بآفاق النجاح الكبيرة للعمل الحر، والدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اقتصادات الدول المتقدمة، إلا أن النجاح لا يمكن تحقيقه بهذه الطريقة الميسورة التي تصورها تلك البرامج التي باتت تؤثر في كثيرين ممن تستهدفهم، والتي كان حريا بها أن تتحدث أيضا عن رواد الأعمال الذين اضطروا للخروج من السوق لأسباب متعددة وتوضح أسباب فشلهم حتى تكون الصورة أكثر اكتمالا.
المشاهد لتلك البرامج يتصور له أنه عند ترك الوظيفة فسوف ينعم مباشرة بحياة الرفاهية المنشودة من خلال العمل الحر، وهذا غير واقعي، فريادة الأعمال مثل غيرها من مجالات العمل تتطلب شروطا معينة وظروفا موضوعية لا بد من توفرها لتحقيق النجاح، وهناك قواسم مشتركة تقود لازدهارها وتطورها، ومع ذلك فهي تحتمل الفشل كما تحتمل النجاح، وتلك طبيعة العمل التجاري الموجودة في كافة الدول والمجتمعات.
البعض للأسف يعتقد أن بإمكانه أن يصبح مالكا لمشروع تجاري متميز، ويبدأ في تحقيق الأرباح منذ اليوم الأول، وهذه نظرة المندفع من دون رؤية، فلا بد قبل البدء في إنشاء مشروع تجاري أن يسأل الإنسان نفسه سؤالا رئيسيا؛ هل يصلح من الأساس لدخول عالم التجارة، هل يملك القدرات المالية والمؤهلات العلمية الكافية؟
حيث يجب العلم أن هناك نسبة كبيرة من المشاريع الناشئة منيت بالفشل؛ وذلك لعدم امتلاك أصحابها رؤية تجارية صحيحة مستمدة من عمق الواقع، فكثيرون لم يفكروا سوى في إطلاق الألقاب الإدارية على أنفسهم، فهذا يسمي نفسه المدير العام، وذاك المدير التنفيذي، والقاسم المشترك بينهم هو أن مشاريعهم التي قاموا بتنفيذها على عجالة تحمل مقومات فشلها منذ اليوم الأول لافتتاحها.
نعم، من دون شك هناك مشاريع تجارية واعدة يذخر بها السوق، وهناك فرص لتحقيق النجاحات، لكن من يفكر في الاستفادة من هذه الفرص لا بد أن يمتلك مقومات التطور التي في مقدمتها القدرة على تسيير الأعمال بواقعية، والتحلي بالصبر وعدم استعجال النتائج، وتوفر رأس المال اللازم، ووجود الخبرة الكافية والإلمام بكافة تفاصيل النشاط التجاري المعني.
كذلك لا بد من الوعي الإداري الذي يستطيع من خلاله رائد الأعمال أن يتواصل مع العاملين معه، فإذا كانت طريقة إدارته للعمل سالبة فإن ذلك من دون شك يجعل حياة من يتعاملون أو يعملون معه عبارة عن جحيم يتحولون معه إلى آلات صماء تقوم بعملها بروتينية شديدة ومن دون إبداع ويفقدهم الشغف والرغبة في الإجادة.
حتى إذا تمكن رائد الأعمال من بدء مشروعه وخرج منتجه للأسواق، فلا بد من وجود ترويج بمستوى مناسب، ثم يأتي دور الجهاز التسويقي الناجح الذي يوصل المنتج للمستهلك، وبعد ذلك تأتي عملية التحصيل، وتقليل الفجوة بين العائدات والمنصرفات، وتجنيب قدر معين من الأرباح لاستخدامه في حالات الطوارئ التي قد تحدث بسبب تقلبات السوق المتعددة ومطباته الكثيرة. كل هذه الأعمال عبارة عن سلسلة مترابطة إذا اختلت أي من حلقاتها فإن الفشل سيكون مصير صاحب العمل.
ما يحدث الآن من رسائل فضفاضة عبارة عن فخ- من وجهة نظري- قد يتسبب في ضياع بعض الحالمين والذين سارعوا بتقديم استقالاتهم من وظائف كانت تضمن لهم حياة كريمة لهم لعائلاتهم.
وهنا تبدو الحاجة إلى توعية أكثر، بحيث يتم التركيز على كيفية جعل الشاب رائد أعمال ناجح يستطيع فهم الواقع بصورة حقيقية، من خلال توعية الشباب من الصغر، فكما أن المناهج في مراحل التعليم العام والعالي تهدف إلى تخريج شباب قادر على تلبية متطلبات سوق العمل فمن الضرورة أن يتم تطعيم تلك المناهج بمواد تعليمية متخصصة في عالم الاقتصاد والتجارة والإدارة لتخريج رواد أعمال ناجحين.
بهذه الطريقة سنضمن أن شبابنا لن يقعوا ضحايا المجازفة غير المدروسة التي توهمهم بأن هناك عالما مليئا بالأموال المكدسة ينتظر دخولهم، لأن هؤلاء سيعودون إلى صفوف البطالة من جديد بعد أن يستفيقوا من أحلام اليقظة، ويجدوا أنهم مطالبون بالبدء من الصفر، ولكن بعد أن يكونوا قد غرقوا في دوامة الديون وحاصرتهم المشكلات من كل جانب.
نعم إلى المجهول، إذ إن الانخراط في العمل الحر ليس بالأمر المحتم نجاحه، وليس كل موظف ناجح يستطيع أن يكون تاجراً ناجحاً، وكان الأحرى بتلك البرامج أن تدعم فكرة كيف يصبح الشباب رواد أعمال ناجحين من خلال إيضاح الخطط والدراسات والإمكانيات التي تؤهل الشباب لذلك، وأن يترك الخيار للمتلقي لدراسة الأمر وتوافقه مع قدراته وإمكانياته التي قد تعينه على تجاوز العقبات والصعوبات التي تواجهه، وربما يسقط في أول إخفاق أو فشل يتعرض له مما يتسبب في ضياع مستقبله ومستقبل من يعوله.
حيث يفترض بتلك البرامج استضافة أصحاب الشأن والمتمكنين وذوي الخبرة والأكاديميين لتوضيح آلية وطرق الانطلاق في ريادة الأعمال والخطوات الواجب تتبعها للبدء فيها كعمل دراسات الجدوى للتخصصات التي يتطلبها السوق المحلي وتبيان الأنظمة اللازمة للبدء بالمشاريع وحجم المصاريف التأسيسية والتشغيلية التي تتيح له النجاح، وكذلك إرشادهم على المؤسسات الحكومية التي لربما تسهم في دعم مشاريعهم، بدلاً من الدفع بهم لاتخاذ قرار مصيري من دون أن يكون لديهم الفكر الكافي والتخطيط اللازم لذلك.
ومع التسليم بآفاق النجاح الكبيرة للعمل الحر، والدور الكبير الذي تلعبه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في اقتصادات الدول المتقدمة، إلا أن النجاح لا يمكن تحقيقه بهذه الطريقة الميسورة التي تصورها تلك البرامج التي باتت تؤثر في كثيرين ممن تستهدفهم، والتي كان حريا بها أن تتحدث أيضا عن رواد الأعمال الذين اضطروا للخروج من السوق لأسباب متعددة وتوضح أسباب فشلهم حتى تكون الصورة أكثر اكتمالا.
المشاهد لتلك البرامج يتصور له أنه عند ترك الوظيفة فسوف ينعم مباشرة بحياة الرفاهية المنشودة من خلال العمل الحر، وهذا غير واقعي، فريادة الأعمال مثل غيرها من مجالات العمل تتطلب شروطا معينة وظروفا موضوعية لا بد من توفرها لتحقيق النجاح، وهناك قواسم مشتركة تقود لازدهارها وتطورها، ومع ذلك فهي تحتمل الفشل كما تحتمل النجاح، وتلك طبيعة العمل التجاري الموجودة في كافة الدول والمجتمعات.
البعض للأسف يعتقد أن بإمكانه أن يصبح مالكا لمشروع تجاري متميز، ويبدأ في تحقيق الأرباح منذ اليوم الأول، وهذه نظرة المندفع من دون رؤية، فلا بد قبل البدء في إنشاء مشروع تجاري أن يسأل الإنسان نفسه سؤالا رئيسيا؛ هل يصلح من الأساس لدخول عالم التجارة، هل يملك القدرات المالية والمؤهلات العلمية الكافية؟
حيث يجب العلم أن هناك نسبة كبيرة من المشاريع الناشئة منيت بالفشل؛ وذلك لعدم امتلاك أصحابها رؤية تجارية صحيحة مستمدة من عمق الواقع، فكثيرون لم يفكروا سوى في إطلاق الألقاب الإدارية على أنفسهم، فهذا يسمي نفسه المدير العام، وذاك المدير التنفيذي، والقاسم المشترك بينهم هو أن مشاريعهم التي قاموا بتنفيذها على عجالة تحمل مقومات فشلها منذ اليوم الأول لافتتاحها.
نعم، من دون شك هناك مشاريع تجارية واعدة يذخر بها السوق، وهناك فرص لتحقيق النجاحات، لكن من يفكر في الاستفادة من هذه الفرص لا بد أن يمتلك مقومات التطور التي في مقدمتها القدرة على تسيير الأعمال بواقعية، والتحلي بالصبر وعدم استعجال النتائج، وتوفر رأس المال اللازم، ووجود الخبرة الكافية والإلمام بكافة تفاصيل النشاط التجاري المعني.
كذلك لا بد من الوعي الإداري الذي يستطيع من خلاله رائد الأعمال أن يتواصل مع العاملين معه، فإذا كانت طريقة إدارته للعمل سالبة فإن ذلك من دون شك يجعل حياة من يتعاملون أو يعملون معه عبارة عن جحيم يتحولون معه إلى آلات صماء تقوم بعملها بروتينية شديدة ومن دون إبداع ويفقدهم الشغف والرغبة في الإجادة.
حتى إذا تمكن رائد الأعمال من بدء مشروعه وخرج منتجه للأسواق، فلا بد من وجود ترويج بمستوى مناسب، ثم يأتي دور الجهاز التسويقي الناجح الذي يوصل المنتج للمستهلك، وبعد ذلك تأتي عملية التحصيل، وتقليل الفجوة بين العائدات والمنصرفات، وتجنيب قدر معين من الأرباح لاستخدامه في حالات الطوارئ التي قد تحدث بسبب تقلبات السوق المتعددة ومطباته الكثيرة. كل هذه الأعمال عبارة عن سلسلة مترابطة إذا اختلت أي من حلقاتها فإن الفشل سيكون مصير صاحب العمل.
ما يحدث الآن من رسائل فضفاضة عبارة عن فخ- من وجهة نظري- قد يتسبب في ضياع بعض الحالمين والذين سارعوا بتقديم استقالاتهم من وظائف كانت تضمن لهم حياة كريمة لهم لعائلاتهم.
وهنا تبدو الحاجة إلى توعية أكثر، بحيث يتم التركيز على كيفية جعل الشاب رائد أعمال ناجح يستطيع فهم الواقع بصورة حقيقية، من خلال توعية الشباب من الصغر، فكما أن المناهج في مراحل التعليم العام والعالي تهدف إلى تخريج شباب قادر على تلبية متطلبات سوق العمل فمن الضرورة أن يتم تطعيم تلك المناهج بمواد تعليمية متخصصة في عالم الاقتصاد والتجارة والإدارة لتخريج رواد أعمال ناجحين.
بهذه الطريقة سنضمن أن شبابنا لن يقعوا ضحايا المجازفة غير المدروسة التي توهمهم بأن هناك عالما مليئا بالأموال المكدسة ينتظر دخولهم، لأن هؤلاء سيعودون إلى صفوف البطالة من جديد بعد أن يستفيقوا من أحلام اليقظة، ويجدوا أنهم مطالبون بالبدء من الصفر، ولكن بعد أن يكونوا قد غرقوا في دوامة الديون وحاصرتهم المشكلات من كل جانب.