حنان درويش عابد

لا يمكن في علم الإدارة إنكار قوة تأثير التنظيم، النظري منه والعملي، ونهاية يوم عمل تعني الكثير من الجهد الذهني دون شك. ولكن عندما تقترب لحظات المساء، لتنقلنا عميقا نحو سكون ليلٍ هادئ.

كثيرا ما ننسى تعب اليوم الذي انقضى، وهي لحظة جيدة بكل المقاييس لنرتب أفكارنا لليوم التالي دون أن نقتطع الكثير من وقت الاسترخاء والراحة، حتى لا تتحول أوقاتنا كلها إلى أوقات عمل، فتفقد الحياة معناها بالكليّة، وتتحول أوراحنا إلى كائنات أسيرة أبدا، لا تخرج مطلقا من سجن المادة، فنشقى. لهذا، فعشر دقائق كفيلة بأن تجعل يومك القادم أفضل، إداريا وذهنيا ونفسيا.

وكبسولات المساء الإدارية تعني جدولة مسبقة في العقل الباطن لما نحن بصدد المباشرة بعمله حين ينعم الله تعالى علينا بالاستيقاظ أصحّاء مكتملي النشاط.

والكبسولة الأولى، التي يجب تناولها حين يأتي المساء، هي أن نُذكر أنفسنا أنه لا عمل دون صحة جيدة، ولا صحة جيدة يمكن الحصول عليها في حال وقعنا ضحية لمرض التوتر، ولا صحة جيدة يمكن أن نأمل في الحصول عليها ونحن منشغلون حد قتل أرواحنا بالعمل، فالكبسولة الأولى إذًا عنوانها «لا تجهز أفكارك ليوم العمل التالي وكأنك ذاهب إلى حرب قد تموت فيها.. اهدأ فلا شيء يستحق كل هذا».

أما الكبسولة الثانية، فهي كبسولة الصراعات الوظيفية الشائعة سيئة السمعة في المؤسسات حول العالم، ومحتوى الكبسولة «مواجهة الصراعات الوظيفية بعنف كثيرا ما يقود إلى أمراض ليس آخرها الضغط والسكري، فخذ حياة العمل ببساطة قدر الاستطاعة، والتزم بوصية النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لرجل: «لا تغضب»، فهي وسيلتك العظمى للعيش بصحة جيدة، حتى لو كانت بيئة العمل مليئة بالصراعات».

وهدوؤك ممكن أكثر حين تحاول تقبُّل حقيقة أن الناس قد تدفعها للغضب وسوء التصرف أسباب قد تكون خارجة عن إرادتهم مثل ضغوط شخصية أنت لا تعلمها، أو أمراض صعبة يخجلون من إعلانها، فليس كل سيئ تصرُّف هو سيئ بطبعه.

أما الكبسولة الثالثة، فهي نظرتك للشفافية في العمل، وقدرتك على تحقيق مبدأ إتقان العمل، لأن الله تعالى يراك، فهذه أيضا نحتاج أن نُذكر بها أنفسنا كل ليلة.

وآخر كبسولة، الرابعة، هي ببساطة نقاط تعيد ترتيبها ذهنيا حول ما ستفعله في بداية يوم العمل، وما الذي يتلو المهمة الأولى الأكثر أهمية من مهام أخرى تتبعها في أهميتها.

وهكذا تكون هذه الكبسولات اليومية المسائية خزينا فكريا وذهنيا يختزن في عقلك الباطن كل ليلة، فيتعامل معها العقل على أنها حقائق بسبب تكرارها، فيساعدك ذلك على أن تصبح هذه المفاهيم أسلوب حياة، وسلوك عمل، وحينها ستكتشف بمرور الوقت أن الوصول إلى تطبيق هذه المفاهيم في حياتنا العملية هو أمر ممكن، وليس بالمستحيل.