تمر على الإنسان كثير من الأحداث والقضايا الاجتماعية والقانونية والاقتصادية والسياسية، فتتوق نفس ذلك الإنسان لمعرفة المزيد عن تلك الأحداث، وتنحو إلى تتبع جزئيات تلك الأحداث والقضايا. بيد أن ذلك التتبع والغوص في الجزئيات يُنبئ عند العقل الحكيم أنه بداية لعدم إحكام تلك القضايا والأحداث، وهو تمهيد للوقوع في مسارات التيه والضياع، لأن الغوص في الجزئيات دون إحكام الكليات وأسبابها المحدثة لها، هو فقدان لبوصلة المقاصد الحقيقية لإطلاق الأحكام في تلك القضايا.
تلك الأحداث والقضايا لها أسبابها ودواعيها التي أسست لظهورها واستمراريتها، وهناك أسباب وظروف ممهدة لانعدامها أو انتهائها أو ركودها وخبوت ضوئها عن السطح المرئي للعيان الظاهر للآخرين.
من تلك القضايا التي أصبحت ظاهرةً مصاحبة لإنسان عصرنا هي قضية الخلع مع استقامة الحال، وهي قضية تختلف اختلافًا كليًا عن موضوع أصل مشروعية الخلع، وذلك أن الخلع هو أحد الأسباب الشرعية للانحلال والانفتاح من العقد الذي هو ميثاق غليظ وهو عقد النكاح.
هذا الميثاق الغليظ كما شرعته الشريعة لمقاصد عليا وكبرى، فقد راعت أن تلك العقود لا يمكن أن يمكث فيها الإنسان على وجه الإطلاق في العموم الزمني مهما تغيرت الظروف وتعددت الأسباب، وهذا من مزايا المقاصد الشرعية لتنظيم الدخول في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة. فكما أن هناك طريقة وتنظيمًا للدخول في علاقات الارتباط الروحي والجسدي قد حددتها الشريعة، ثم جاءت الأنظمة والقوانين فجسدتها في شكل محدد كي يتم تطبيقها على أرض الواقع، فإن هناك طرقًا شرعية ونظامية للخروج من ذلك الميثاق الغليظ، وهي الطلاق بشتى أنواعه وأسبابه، والخلع بجميع ضوابطه وقواعده المعتبرة التي قررها الفقهاء، وفسخ عقد النكاح بإقامة دعوى الفسخ بسبب من أسباب فسخ عقد النكاح المعتبرة شرعًا، واللعان بين الزوجين فإذا ثبت، فقد انحل عقد النكاح وعند موت أحد الزوجين ويطلق عليها الفقهاء أسباب الفرقة أو طرق افتراق الزوجين، وكذلك نص نظام الأحوال الشخصية في مادته السادسة والسبعين على أن الفرقة بين الزوجين تحصل بالطلاق أو الخُلع أو فسخ عقد الزواج أو وفاة أحد الزوجين أو اللعان بين الزوجين.
وما يعنينا في هذا المقال هو الخلع الذي قررته الشريعة، فله مقاصد وأسباب حقيقية يتوجب ثبوتها حتى يتحقق حكم الفرقة بالخلع الذي قررته الشريعة. لذا فإن المتأمل في فرق النكاح على تعدد أسبابها واختلاف أنواعها يدرك جملة من المقاصد وراء مشروعية تلك الأنواع من فرق النكاح.
فمن المقاصد التي شُرعت من أجلها فرقة النكاح هي الخروج من عهدة التكليف والسلامة من الإثم وذلك من وجهين، وهما إذا كان أصل عقد النكاح باطلًا أصلًا، كما لو اتضح أن الزوجة لا تحل له أو طرأ على العقد ما يجعله منحلًا، والآخر هو إيقاع الفرقة على الوجه المأذون فيه شرعًا.
ومن المقاصد لفرقة النكاح إزالة الضرر الواقع على أحد الزوجين لأي سبب من الأسباب المعتبرة شرعًا. ومن مقاصد فرقة النكاح رفع الحرج والضيق عن الزوجين وذلك فيما إذا كانت الزوجة سيئة العشرة أو كانت كارهة للزوج مبغضة له غير مطيقة البقاء معه.
ومن أهم مقاصد فرقة النكاح هي تحقيق الإحسان من كل من الزوجين عند اختيار الفرقة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فالخلع تم تشريعه كي يجعل للمرأة مخرجًا وسبيلًا، بيد أن هذا الخلع لا بد أن يكون مسببًا بمعنى أن يكون وراء طلب الزوجة للخلع أسباب معتبرة شرعًا. وتعود جملة الأسباب لطلب الخلع لأمرين، وهما كراهية الزوجة لزوجها لأي سبب من الأسباب، كما إذا لم تُطق البقاء مع الزوج أو كانت مبغضةً لها، أو كان الزوج سيئ الأخلاق.
والأمر الآخر عجز الزوج عن الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية للمرأة، إما لكبره أو ضعفه مما يترتب عليه عدم قيامه بالإنفاق عليها أو إعفافها، فإذا وجد أحد هذين الأمرين وهما الكراهية أو العجز وخشيت الزوجة بذلك ألا تؤدي حقوق ما أوجب عليها الشارع لزوجها فيلحقها بذلك الحرج والإثم، جاز لها أن تخالع زوجها وأن تطلب من المحكمة المختصة الخلع من زوجها وتفتدي نفسها.
أما إذا لم يكن الخلع مسببًا بل كانت الحياة بين الزوجين مستقيمة، وليس هناك بغض بين الزوجين ولا كراهية ولا عجز، فإن طلب الخلع ليس مبررًا وليس له أي مسوغ شرعي أو قانوني. لذا فإن الفقهاء رحمة الله عليهم قد بحثوا هذا المسألة في كتبهم قديمًا وهي مسألة طلب الخلع مع استقامة الحال بين الزوجين، وذهب كثير من الفقهاء إلى كراهية طلب الخلع، إلا أن هناك قولا آخر بأن الخلع مع استقامة الحال يكون محرمًا، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم عند كثير من العلماء المعاصرين وهو قول العلامة المفتي شيخنا عبدالعزيز بن باز، وشيخنا العلامة محمد الصالح العثيمين.
وفي هذا القول منع من التلاعب بطلب الخلع دون سبب أو مسوغ بل قد قال عبدالرحمن بن ابي ليلى (ما أقام الزوجان على إقامة حدود الله بينهما فالخلع غير جائز والفدية لا تحل)، وهو نص صريح في تحريم الخلع مع استقامة الحال. وقد استدل من حرم طلب الخلع مع استقامة الحال بقول النبي صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة).
تلك الأحداث والقضايا لها أسبابها ودواعيها التي أسست لظهورها واستمراريتها، وهناك أسباب وظروف ممهدة لانعدامها أو انتهائها أو ركودها وخبوت ضوئها عن السطح المرئي للعيان الظاهر للآخرين.
من تلك القضايا التي أصبحت ظاهرةً مصاحبة لإنسان عصرنا هي قضية الخلع مع استقامة الحال، وهي قضية تختلف اختلافًا كليًا عن موضوع أصل مشروعية الخلع، وذلك أن الخلع هو أحد الأسباب الشرعية للانحلال والانفتاح من العقد الذي هو ميثاق غليظ وهو عقد النكاح.
هذا الميثاق الغليظ كما شرعته الشريعة لمقاصد عليا وكبرى، فقد راعت أن تلك العقود لا يمكن أن يمكث فيها الإنسان على وجه الإطلاق في العموم الزمني مهما تغيرت الظروف وتعددت الأسباب، وهذا من مزايا المقاصد الشرعية لتنظيم الدخول في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة. فكما أن هناك طريقة وتنظيمًا للدخول في علاقات الارتباط الروحي والجسدي قد حددتها الشريعة، ثم جاءت الأنظمة والقوانين فجسدتها في شكل محدد كي يتم تطبيقها على أرض الواقع، فإن هناك طرقًا شرعية ونظامية للخروج من ذلك الميثاق الغليظ، وهي الطلاق بشتى أنواعه وأسبابه، والخلع بجميع ضوابطه وقواعده المعتبرة التي قررها الفقهاء، وفسخ عقد النكاح بإقامة دعوى الفسخ بسبب من أسباب فسخ عقد النكاح المعتبرة شرعًا، واللعان بين الزوجين فإذا ثبت، فقد انحل عقد النكاح وعند موت أحد الزوجين ويطلق عليها الفقهاء أسباب الفرقة أو طرق افتراق الزوجين، وكذلك نص نظام الأحوال الشخصية في مادته السادسة والسبعين على أن الفرقة بين الزوجين تحصل بالطلاق أو الخُلع أو فسخ عقد الزواج أو وفاة أحد الزوجين أو اللعان بين الزوجين.
وما يعنينا في هذا المقال هو الخلع الذي قررته الشريعة، فله مقاصد وأسباب حقيقية يتوجب ثبوتها حتى يتحقق حكم الفرقة بالخلع الذي قررته الشريعة. لذا فإن المتأمل في فرق النكاح على تعدد أسبابها واختلاف أنواعها يدرك جملة من المقاصد وراء مشروعية تلك الأنواع من فرق النكاح.
فمن المقاصد التي شُرعت من أجلها فرقة النكاح هي الخروج من عهدة التكليف والسلامة من الإثم وذلك من وجهين، وهما إذا كان أصل عقد النكاح باطلًا أصلًا، كما لو اتضح أن الزوجة لا تحل له أو طرأ على العقد ما يجعله منحلًا، والآخر هو إيقاع الفرقة على الوجه المأذون فيه شرعًا.
ومن المقاصد لفرقة النكاح إزالة الضرر الواقع على أحد الزوجين لأي سبب من الأسباب المعتبرة شرعًا. ومن مقاصد فرقة النكاح رفع الحرج والضيق عن الزوجين وذلك فيما إذا كانت الزوجة سيئة العشرة أو كانت كارهة للزوج مبغضة له غير مطيقة البقاء معه.
ومن أهم مقاصد فرقة النكاح هي تحقيق الإحسان من كل من الزوجين عند اختيار الفرقة (فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، فالخلع تم تشريعه كي يجعل للمرأة مخرجًا وسبيلًا، بيد أن هذا الخلع لا بد أن يكون مسببًا بمعنى أن يكون وراء طلب الزوجة للخلع أسباب معتبرة شرعًا. وتعود جملة الأسباب لطلب الخلع لأمرين، وهما كراهية الزوجة لزوجها لأي سبب من الأسباب، كما إذا لم تُطق البقاء مع الزوج أو كانت مبغضةً لها، أو كان الزوج سيئ الأخلاق.
والأمر الآخر عجز الزوج عن الوفاء بمتطلبات الحياة الزوجية للمرأة، إما لكبره أو ضعفه مما يترتب عليه عدم قيامه بالإنفاق عليها أو إعفافها، فإذا وجد أحد هذين الأمرين وهما الكراهية أو العجز وخشيت الزوجة بذلك ألا تؤدي حقوق ما أوجب عليها الشارع لزوجها فيلحقها بذلك الحرج والإثم، جاز لها أن تخالع زوجها وأن تطلب من المحكمة المختصة الخلع من زوجها وتفتدي نفسها.
أما إذا لم يكن الخلع مسببًا بل كانت الحياة بين الزوجين مستقيمة، وليس هناك بغض بين الزوجين ولا كراهية ولا عجز، فإن طلب الخلع ليس مبررًا وليس له أي مسوغ شرعي أو قانوني. لذا فإن الفقهاء رحمة الله عليهم قد بحثوا هذا المسألة في كتبهم قديمًا وهي مسألة طلب الخلع مع استقامة الحال بين الزوجين، وذهب كثير من الفقهاء إلى كراهية طلب الخلع، إلا أن هناك قولا آخر بأن الخلع مع استقامة الحال يكون محرمًا، وهو الصحيح من أقوال أهل العلم عند كثير من العلماء المعاصرين وهو قول العلامة المفتي شيخنا عبدالعزيز بن باز، وشيخنا العلامة محمد الصالح العثيمين.
وفي هذا القول منع من التلاعب بطلب الخلع دون سبب أو مسوغ بل قد قال عبدالرحمن بن ابي ليلى (ما أقام الزوجان على إقامة حدود الله بينهما فالخلع غير جائز والفدية لا تحل)، وهو نص صريح في تحريم الخلع مع استقامة الحال. وقد استدل من حرم طلب الخلع مع استقامة الحال بقول النبي صلى الله عليه وسلم (أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا من غير بأس فحرام عليها رائحة الجنة).