تعد الحرب الروسية الأوكرانية أول حرب تشهدها أوروبا في عصر انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي حولت كثيرين ليكونوا إعلاميين أحيانا بلا بلا ضوابط ولا إطار للمسؤولية، كما أنها أشعلت كذلك ميادين الإيديولوجيات الإعلامية، حيث تخلى كثير من وسائل الإعلام عن حياده في التعاطي مع الأحداث، ومضى خلف أجندات تحكم إطار الخبر، فيتم تضخيمه لصالح هذا أو تقليصه لصالح ذاك، حتى كأنها كانت امتحانا لم ينجح فيه إلا القلة القليلة من وسائل الإعلام بما فيها تلك الرسمية، وبما فيها تلك المؤسسات الكبرى التي طالما تغنّت بمهنيتها.
وشهدت تلك الحرب كما هائلا من المعلومات المتناقضة بل والمضللة والمفبركة، التي وصلت حد استغلال بعض الألعاب الإلكترونية لأخذ بعض مشاهدها وتصويرها على أنها مشاهد تحدث في تلك الحرب، وهو ما يفسر تلك الخطوات المتسارعة لحجب كثير من المواقع في هذا البلد أو ذاك، وهو ما يفسر استغراب كثيرين من نشر صور وفيديوهات لما يقال أنه أحداث تشهدها الحرب، فيما منعت فيديوها وصور مشابهة حدثت في أماكن أخرى، تم حجبها على أساس أنها تحرض على العنف أو تتضمن مشاهد مسيئة.
وفي وقت وجهت روسيا الإعلام الموالي لها، وأمرت وسائل إعلامها المحلية بالامتناع عن الإشارة إلى مقتل مدنيين في أوكرانيا على يد الجيش، ومنعت مصطلحات مثل الغزو والهجوم وإعلان الحرب، وتصوير حربها على أوكرانيا على أنها عملية عسكرية خاصة تهدف إلى حفظ السلام، بادرت روسيا نفسها إلى إرسال خطابات تحذير إلى 10 مؤسسات إعلامية، اتهمتها بأنها تنشر معلومات مزيفة عن الأحداث في أوكرانيا، كما حجبت شركتا «ميتاـ فيسبوك» و«تويتر»، حيث اعتبرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواقع مضللة لا يمكن التعاطي معها.
شهادات على الوقائع
على الطرف الآخر من الحرب، أوضحت وسائل إعلام كبيرة أن هناك تدفقا شديدا لما يمكن القول بأنه فبركة إعلامية ممنهجة لها غاياتها، فقد أكدت وكالة «أسوشييتد برس ـ أ ب» أن الرسائل ومقاطع الفيديو والصور التي تبث عبر Twitter وFacebook وTelegram تضخم عدد الغارات التي تشنها روسيا على أوكرانيا، موضحة أن مقاطع فيديو تيك توك والعناوين الدعائية والتغريدات التي تنتشر عبر الشاشات حول العالم تؤدّي إلى إرباك الملايين حول حقيقة ما يحدث.
أما واشنطن بوست فقالت إن «مواقع Twitter وTelegram وTwitch تجعل متابعة الحرب أسرع وأسهل، لكنها أيضاً تجلب معها معلومات مضللة سريعة».
عقوبات وانفلات إعلامي
لم تشمل العقوبات التي أطلقت على هامش الحرب، وكجزء منها على الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالشركات والتصدير والنفط والغاز والطيران التجاري والبنوك وحسب، بل طالت كذلك المؤسسات الإعلامية ومنصات التواصل، حيث عاقبت معظم الدول الغربية وسائل الإعلام الروسية، ومارست بحقها الحظر والمنع والضغط.
ولم تبقِ الأمور في هذا الإطار بل شهدت التغطية الإعلامية للأحداث كثيرا من زلات اللسان التي كشفت كما كبيرا من العنصرية وغياب الموضوعية وانعدام المهنية، فقد سقط شارلي داغاتا، موفد شبكة «CBS» الأمريكية إلى أوكرانيا، في فخ التعبير العنصري حين قال في مداخلة إخبارية «هذه (أوكرانيا) مدينة حضارية وأوروبية نسبيا وليست مكانا مثل العراق أو أفغانستان»، صحيح أنه اعتذر لاحقا، لكن ما قيل على الهواء لا يمكن سحبه.
بدوره، قال الصحفي فيليب كوربيه على قناة «BFM»، الفرنسية، وأثناء تحليل إخباري: «لا نتحدث هنا عن فرار سوريين من قصف، نحن نتحدث عن أوروبيين يغادرون (..) لإنقاذ حياتهم»، قبل أن تنقل فرانس 24 توضيحا من القناة يتضمن أسفه.
وقال الصحفي الفرنسي، أوليس جوسي، على القناة نفسها «نحن في مدينة أوروبية وهناك إطلاق صواريخ كما لو كنا في العراق أو أفغانستان، هل يمكنك أن تتخيل؟».
وانتقل الأمر إلى بريطانيان فقال مذيع قناة الجزيرة الإنجليزية البريطاني، بيتر دوبي، متحدثا عن الأوكرانيين، إنهم «أناس من الطبقة المتوسطة ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من مناطق الشرق الأوسط»، قبل أن تعتذر القناة.
وعلى النغمة نفسها عزفت كيلي كوبيلا، مراسلة محطة NBC الأمريكية، قائلة في تغطية إخبارية «هؤلاء ليسوا لاجئين من سورية، هؤلاء لاجئون من أوكرانيا، هؤلاء مسيحيون بيض».
كما قال النائب العام الأوكراني السابق ديفيد ساكفارليدزي في مقابلة مع BBC الإنجليزية: «هذا مؤثر للغاية أن أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يقتلون (..) الضحايا أوكرانيون ليسوا عراقيين ولا أفغان».
انتقاد وازدواجية
انتقدت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين شابيا مانتو، في بيان ما وصفته بأنه «ازدواجية المعايير والتصريحات العنصرية العلنية التي تثير التمييز».
وأضافت «لسنا بحاجة لهذا النوع من الخطاب، الوضع مأساوي جدا للاجئين من أوكرانيا وسورية وأفغانستان ودول أخرى».
وإذا كانت بعض المؤسسات قد اضطرت للاعتذار، وإذا كان بعض الإعلاميين قد تراجعوا عن زلاتهم، فإن إقحام الإعلام في لعبة التضليل ليس حكاية جديدة، وإن كان قد أضيف إليها الآن دور وسائل التواصل التي جعلت من تناقل هذه الزلات، ومن التعاطي مع الحرب حالة من الضبابية الشديدة.
ففي الحرب العالمية الثانية كتب رئيس «BBC» فريدريك أوجيلفاي أنه يريد تحويل الإذاعة إلى «أداة فعالة في الحرب»، وقد أنهيت خدمات الصحفيين الذين رفضوا ممارسة هذا الأمر.
وفي «الغارديان» كتب «روي جرينسليد» أن الصحفيين كانوا أثناء الحرب يجبرون على ممارسة «البروباجندا» وتغييب الحقائق، وأنهم كانوا يتعرضون للضغط لتحقيق ذلك من قبل الحكومة والجيش ومالكي الصحف على حد سواء!.
الأزمات تظهر الحقائق
في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية كتب يوسف الحداد أن «الأزمات فقط هي ما يظهر حقيقة الأشياء، وتستطيع أن (تنظّر) وتقدم دروسا في المهنية والموضوعية والحياد وكل المصطلحات الكبيرة في أوقات الرخاء، ولكن هذه القيم لا يمكن اختبارها إلا في وقت الشدة، وليس هناك من شدة أكبر من الحروب، فقد سقطت كل هذه الأخلاقيات عند انطلاق الحرب في أوكرانيا، وتحول بعض الصحفيين الغربيين من ناقلي أخبار إلى مرشدي (مولوتوف)، وموزعي شهادات في الوطنية والخيانة، وداعمين لمنع وسائل الإعلام (المعادية)».
وأضاف «أداء الإعلام الغربي في الأزمة لا ينطلق من أسباب إنسانية وأخلاقية كما يروج صحفيون غربيون، مع أهمية هذا الجانب، ومع التعاطف الكامل المستحق للضحايا الأوكرانيين، سواء ممن يتعرضون لانتهاكات الجيش الروسي أو أولئك الذين كانوا يعانون من انتهاكات أوكرانيا في إقليم (دونباس) ولم يتحدث عنهم الإعلام الغربي. ما يحرك الأداء الإعلامي الغربي هو أن الأمن القومي للدول الغربية مستهدف بشكل مباشر من قبل روسيا بهذه الحرب».
مزاعم الحياد
منذ الأزل كان الإعلام أداة من أدوات الحروب، لكن في عصر الرقمنة ووسائل التواصل زادت أهميته وأدواره، وفي الحرب الروسية الأوكرانية اكتسى أهمية خاصة حيث تعامل الإعلام الغربي تحديدا مع الحرب على أنها فرصة سياسية استخدمت للتحريض، ودخلت في أتونها شبكات إعلامية ضخمة (سي. إن. إن) الإخبارية، و«فوكس نيوز»، و«نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست».
وعلى الرغم من مزاعم انتهاج الإعلام الغربي لمعايير النزاهة والموضوعية والحيادية، فإن تغطيته لهذه الحرب أظهرت انحيازاً واضحاً في التعامل مع مجرياتها، انتقائية في نشر ما يخدم توجهات القائمين عليه، واستبعاد أي آراء تحاول عرض الأمر من وجهة النظر الأخرى.
كما بادرت شركات مهمة إلى حجب وجهة النظر الروسية، فحظرت قنوات «روسيا اليوم» و«سبوتنك»، ومنعت «جوجل» و«فيسبوك» وسائل الإعلام الروسية التي تمولها الدولة من استخدام تقنيتها الإعلانية لجمع إيرادات على مواقعها وتطبيقاتها.
من جهتها، لم تكن روسيا بريئة أو بعيدة عن هذا الدور، فقد حملت الغرب مسؤولية الحرب، ووصفتها بالضرورية لوقف توسع «الناتو» شرقاً وتقليل التهديد الأمني للحلف، وفرضت قيودا على الوصول لبعض منصات التواصل.
تعبير عن أزمة
يشير الحداد إلى أن «التعامل الإعلامي مع الحرب الروسية الأوكرانية أكد أن الإعلام يمكن أن يلعب دورا مدمرا للصورة الذهنية، وأنه قد يكون سلاحا فعالاً يمكن توظيفه لقلب موازين القوى، وهو بذلك يتجاوز دوره التقليدي، ولعل استناد الإعلام إلى مصادر مجهولة في هذه الحرب ضرب حياديته بشكل تام، حيث اعتمدت وسائل الإعلام الغربية ومثلها الروسية على تمرير ما تريد بالإشارة إلى أن خبرها استند إلى مصدر، لكن المصدر بقي (مجهولا)، وفي هذا تجاوز لقواعد وأصول العمل الإعلامي الذي يفترض أن ينحاز دوما إلى الحقيقة».
وسائل إعلام طالها الحجب في بعض الأماكن
RT
منصات إعلامية لعبت أدوارا مؤثرة في الحرب
Twitter
Facebook
Telegram
Twitch
ملاحظات على الإعلام في الحرب
دخل طرفاً في المعركة وفق أجندات خاصة
تخلى عن الحيادية في الحرب
وسائل الإعلام الغربية لعبت دورا محرضا على روسيا
استخدمت وسائل الإعلام الغربية محللين ومذيعين للنيل من روسيا
روسيا تتحكم بإعلامها وتمنع عليه استخدام مفردات خاصة
موسكو تفرض على الإعلام الموالي تبني وجهة نظرها والتحريض ضد الغرب
وشهدت تلك الحرب كما هائلا من المعلومات المتناقضة بل والمضللة والمفبركة، التي وصلت حد استغلال بعض الألعاب الإلكترونية لأخذ بعض مشاهدها وتصويرها على أنها مشاهد تحدث في تلك الحرب، وهو ما يفسر تلك الخطوات المتسارعة لحجب كثير من المواقع في هذا البلد أو ذاك، وهو ما يفسر استغراب كثيرين من نشر صور وفيديوهات لما يقال أنه أحداث تشهدها الحرب، فيما منعت فيديوها وصور مشابهة حدثت في أماكن أخرى، تم حجبها على أساس أنها تحرض على العنف أو تتضمن مشاهد مسيئة.
وفي وقت وجهت روسيا الإعلام الموالي لها، وأمرت وسائل إعلامها المحلية بالامتناع عن الإشارة إلى مقتل مدنيين في أوكرانيا على يد الجيش، ومنعت مصطلحات مثل الغزو والهجوم وإعلان الحرب، وتصوير حربها على أوكرانيا على أنها عملية عسكرية خاصة تهدف إلى حفظ السلام، بادرت روسيا نفسها إلى إرسال خطابات تحذير إلى 10 مؤسسات إعلامية، اتهمتها بأنها تنشر معلومات مزيفة عن الأحداث في أوكرانيا، كما حجبت شركتا «ميتاـ فيسبوك» و«تويتر»، حيث اعتبرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مواقع مضللة لا يمكن التعاطي معها.
شهادات على الوقائع
على الطرف الآخر من الحرب، أوضحت وسائل إعلام كبيرة أن هناك تدفقا شديدا لما يمكن القول بأنه فبركة إعلامية ممنهجة لها غاياتها، فقد أكدت وكالة «أسوشييتد برس ـ أ ب» أن الرسائل ومقاطع الفيديو والصور التي تبث عبر Twitter وFacebook وTelegram تضخم عدد الغارات التي تشنها روسيا على أوكرانيا، موضحة أن مقاطع فيديو تيك توك والعناوين الدعائية والتغريدات التي تنتشر عبر الشاشات حول العالم تؤدّي إلى إرباك الملايين حول حقيقة ما يحدث.
أما واشنطن بوست فقالت إن «مواقع Twitter وTelegram وTwitch تجعل متابعة الحرب أسرع وأسهل، لكنها أيضاً تجلب معها معلومات مضللة سريعة».
عقوبات وانفلات إعلامي
لم تشمل العقوبات التي أطلقت على هامش الحرب، وكجزء منها على الجوانب الاقتصادية المتعلقة بالشركات والتصدير والنفط والغاز والطيران التجاري والبنوك وحسب، بل طالت كذلك المؤسسات الإعلامية ومنصات التواصل، حيث عاقبت معظم الدول الغربية وسائل الإعلام الروسية، ومارست بحقها الحظر والمنع والضغط.
ولم تبقِ الأمور في هذا الإطار بل شهدت التغطية الإعلامية للأحداث كثيرا من زلات اللسان التي كشفت كما كبيرا من العنصرية وغياب الموضوعية وانعدام المهنية، فقد سقط شارلي داغاتا، موفد شبكة «CBS» الأمريكية إلى أوكرانيا، في فخ التعبير العنصري حين قال في مداخلة إخبارية «هذه (أوكرانيا) مدينة حضارية وأوروبية نسبيا وليست مكانا مثل العراق أو أفغانستان»، صحيح أنه اعتذر لاحقا، لكن ما قيل على الهواء لا يمكن سحبه.
بدوره، قال الصحفي فيليب كوربيه على قناة «BFM»، الفرنسية، وأثناء تحليل إخباري: «لا نتحدث هنا عن فرار سوريين من قصف، نحن نتحدث عن أوروبيين يغادرون (..) لإنقاذ حياتهم»، قبل أن تنقل فرانس 24 توضيحا من القناة يتضمن أسفه.
وقال الصحفي الفرنسي، أوليس جوسي، على القناة نفسها «نحن في مدينة أوروبية وهناك إطلاق صواريخ كما لو كنا في العراق أو أفغانستان، هل يمكنك أن تتخيل؟».
وانتقل الأمر إلى بريطانيان فقال مذيع قناة الجزيرة الإنجليزية البريطاني، بيتر دوبي، متحدثا عن الأوكرانيين، إنهم «أناس من الطبقة المتوسطة ليسوا لاجئين يحاولون الهروب من مناطق الشرق الأوسط»، قبل أن تعتذر القناة.
وعلى النغمة نفسها عزفت كيلي كوبيلا، مراسلة محطة NBC الأمريكية، قائلة في تغطية إخبارية «هؤلاء ليسوا لاجئين من سورية، هؤلاء لاجئون من أوكرانيا، هؤلاء مسيحيون بيض».
كما قال النائب العام الأوكراني السابق ديفيد ساكفارليدزي في مقابلة مع BBC الإنجليزية: «هذا مؤثر للغاية أن أرى أوروبيين بعيون زرقاء وشعر أشقر يقتلون (..) الضحايا أوكرانيون ليسوا عراقيين ولا أفغان».
انتقاد وازدواجية
انتقدت المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين شابيا مانتو، في بيان ما وصفته بأنه «ازدواجية المعايير والتصريحات العنصرية العلنية التي تثير التمييز».
وأضافت «لسنا بحاجة لهذا النوع من الخطاب، الوضع مأساوي جدا للاجئين من أوكرانيا وسورية وأفغانستان ودول أخرى».
وإذا كانت بعض المؤسسات قد اضطرت للاعتذار، وإذا كان بعض الإعلاميين قد تراجعوا عن زلاتهم، فإن إقحام الإعلام في لعبة التضليل ليس حكاية جديدة، وإن كان قد أضيف إليها الآن دور وسائل التواصل التي جعلت من تناقل هذه الزلات، ومن التعاطي مع الحرب حالة من الضبابية الشديدة.
ففي الحرب العالمية الثانية كتب رئيس «BBC» فريدريك أوجيلفاي أنه يريد تحويل الإذاعة إلى «أداة فعالة في الحرب»، وقد أنهيت خدمات الصحفيين الذين رفضوا ممارسة هذا الأمر.
وفي «الغارديان» كتب «روي جرينسليد» أن الصحفيين كانوا أثناء الحرب يجبرون على ممارسة «البروباجندا» وتغييب الحقائق، وأنهم كانوا يتعرضون للضغط لتحقيق ذلك من قبل الحكومة والجيش ومالكي الصحف على حد سواء!.
الأزمات تظهر الحقائق
في صحيفة «الاتحاد» الإماراتية كتب يوسف الحداد أن «الأزمات فقط هي ما يظهر حقيقة الأشياء، وتستطيع أن (تنظّر) وتقدم دروسا في المهنية والموضوعية والحياد وكل المصطلحات الكبيرة في أوقات الرخاء، ولكن هذه القيم لا يمكن اختبارها إلا في وقت الشدة، وليس هناك من شدة أكبر من الحروب، فقد سقطت كل هذه الأخلاقيات عند انطلاق الحرب في أوكرانيا، وتحول بعض الصحفيين الغربيين من ناقلي أخبار إلى مرشدي (مولوتوف)، وموزعي شهادات في الوطنية والخيانة، وداعمين لمنع وسائل الإعلام (المعادية)».
وأضاف «أداء الإعلام الغربي في الأزمة لا ينطلق من أسباب إنسانية وأخلاقية كما يروج صحفيون غربيون، مع أهمية هذا الجانب، ومع التعاطف الكامل المستحق للضحايا الأوكرانيين، سواء ممن يتعرضون لانتهاكات الجيش الروسي أو أولئك الذين كانوا يعانون من انتهاكات أوكرانيا في إقليم (دونباس) ولم يتحدث عنهم الإعلام الغربي. ما يحرك الأداء الإعلامي الغربي هو أن الأمن القومي للدول الغربية مستهدف بشكل مباشر من قبل روسيا بهذه الحرب».
مزاعم الحياد
منذ الأزل كان الإعلام أداة من أدوات الحروب، لكن في عصر الرقمنة ووسائل التواصل زادت أهميته وأدواره، وفي الحرب الروسية الأوكرانية اكتسى أهمية خاصة حيث تعامل الإعلام الغربي تحديدا مع الحرب على أنها فرصة سياسية استخدمت للتحريض، ودخلت في أتونها شبكات إعلامية ضخمة (سي. إن. إن) الإخبارية، و«فوكس نيوز»، و«نيويورك تايمز»، و«واشنطن بوست».
وعلى الرغم من مزاعم انتهاج الإعلام الغربي لمعايير النزاهة والموضوعية والحيادية، فإن تغطيته لهذه الحرب أظهرت انحيازاً واضحاً في التعامل مع مجرياتها، انتقائية في نشر ما يخدم توجهات القائمين عليه، واستبعاد أي آراء تحاول عرض الأمر من وجهة النظر الأخرى.
كما بادرت شركات مهمة إلى حجب وجهة النظر الروسية، فحظرت قنوات «روسيا اليوم» و«سبوتنك»، ومنعت «جوجل» و«فيسبوك» وسائل الإعلام الروسية التي تمولها الدولة من استخدام تقنيتها الإعلانية لجمع إيرادات على مواقعها وتطبيقاتها.
من جهتها، لم تكن روسيا بريئة أو بعيدة عن هذا الدور، فقد حملت الغرب مسؤولية الحرب، ووصفتها بالضرورية لوقف توسع «الناتو» شرقاً وتقليل التهديد الأمني للحلف، وفرضت قيودا على الوصول لبعض منصات التواصل.
تعبير عن أزمة
يشير الحداد إلى أن «التعامل الإعلامي مع الحرب الروسية الأوكرانية أكد أن الإعلام يمكن أن يلعب دورا مدمرا للصورة الذهنية، وأنه قد يكون سلاحا فعالاً يمكن توظيفه لقلب موازين القوى، وهو بذلك يتجاوز دوره التقليدي، ولعل استناد الإعلام إلى مصادر مجهولة في هذه الحرب ضرب حياديته بشكل تام، حيث اعتمدت وسائل الإعلام الغربية ومثلها الروسية على تمرير ما تريد بالإشارة إلى أن خبرها استند إلى مصدر، لكن المصدر بقي (مجهولا)، وفي هذا تجاوز لقواعد وأصول العمل الإعلامي الذي يفترض أن ينحاز دوما إلى الحقيقة».
وسائل إعلام طالها الحجب في بعض الأماكن
RT
منصات إعلامية لعبت أدوارا مؤثرة في الحرب
Telegram
Twitch
ملاحظات على الإعلام في الحرب
دخل طرفاً في المعركة وفق أجندات خاصة
تخلى عن الحيادية في الحرب
وسائل الإعلام الغربية لعبت دورا محرضا على روسيا
استخدمت وسائل الإعلام الغربية محللين ومذيعين للنيل من روسيا
روسيا تتحكم بإعلامها وتمنع عليه استخدام مفردات خاصة
موسكو تفرض على الإعلام الموالي تبني وجهة نظرها والتحريض ضد الغرب