قطعت المملكة العربية السعودية شوطا كبيرا، وخطت خطوات واسعة في غاية الأهمية في سبيلها نحو تجويد منظومتها القضائية، واستكمال الطفرة التشريعية الهائلة التي تشهدها خلال هذا العهد الزاهر، وذلك عندما أعلن مجلس الوزراء الموقر، خلال الأيام الماضية، موافقته على نظام الأحوال الشخصية، ليعود ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - مرة أخرى، معلنا بنفسه أن النظام الجديد سوف يدخل حيز النفاذ بعد 90 يوما من إجازته ونشره، موفيا بالعهد الذي قطعه خلال الفترة الماضية باستكمال منظومة التشريعات المتخصصة، ابتداء بإصدار نظام الإثبات الذي يعد منصة انطلاق النظم المتخصصة.
وجاء صدور نظام الأحوال الشخصية تتويجا لهذا المسار، وسيتبعه -بإذن الله- نظام المعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية
وفق آجال زمنية محددة، وبترتيب معلوم.
القانون الجديد يشكل منعطفا مهما وعلامة فارقة في تاريخ التشريع القضائي السعودي، عطفا على ما تضمنه من جوانب إيجابية، حيث سكب فيه المشرعون السعوديون عصارة خبراتهم وخلاصة احترافيتهم، ليجيء في هذه الصورة المشرقة، حيث لم يترك شاردة ولا واردة إلا أوفاها حقها، ولم يدع ثغرة إلا وأوجد لها المعالجة المطلوبة.
كل الجوانب التي تهم الأسرة وجدت حقها كاملا من الرعاية والاهتمام في القانون الجديد، فهو يتعامل مع قضايا الخطبة والزواج والمهر، وحقوق الزوجين والفرقة بينهما، والنفقات، وحضانة الأولاد، والنسب، والوصية، والإرث، والولاية والوصاية.
كما يضع في الاعتبار كل المتغيرات والظروف الطارئة التي قد تحدث، فتعامل مع كل ذلك بمنتهى العناية والحرص، وركز كذلك على ضبط السلطة التقديرية للقضاة، بما يعزز استقرار الأحكام، ويحد من تباينها.
واهتم كذلك بتأطير العلاقات بين أفراد الأسرة، وحماية حقوقهم، وتسريع الفصل في المنازعات الأسرية، لرفع الضرر عن الأطفال، وضمان عدم تأثرهم.
ومع تعدد قضايا الأسرة، وما تجده المرأة من عنت ومشقة في كثير من الحالات، في إثبات طلاقها أو الحصول على نفقتها أو الاستمتاع بميراثها الشرعي، وغير ذلك، فإن النظام الجديد وضع حدا لها، حيث أولى عناية كبيرة بحماية حقوق الإنسان، وصون استقرار الأسرة، وتمكين المرأة، وتعزيز حقوقها المكفولة في الشرع والنظام الأساسي للحكم، استنادا إلى مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، ومواكبة التطورات المعاصرة، ومراعاة التغيرات المستمرة في جميع مناحي الحياة.
ولأن المملكة تنشد دوما الكمال بقدر استطاعتها، فقد استصحبت تجارب الآخرين، وحافظت على خصوصيتها المستمدة من عاداتها وتقاليدها المجتمعية، وأخذت بأفضل الممارسات القضائية الحديثة، ليتواكب النظام الجديد مع التحديات والمتغيرت العالمية، مع التركيز العالي على توحيد الأحكام، وتعزيز القدرة على المعرفة المسبقة للأحكام القضائية واستقرارها، والحد من اختلافها، ورفع جودة الأحكام وكفاءتها.
ومن أبرز ما احتوت عليه منظومة القانون الجديد أنه عالج مشكلة ظلت مستعصية طيلة الفترة الماضية، وهي زواج الصغيرات، حيث كان البعض يُقدم على تزويج ابنته أو أخته قبل بلوغها السن التي تؤهلها لذلك بذرائع واهية وفتاوٍ لم تعد تصلح لهذا العصر الذي اختلفت فيه المفاهيم، وتغيرت طرائق التفكير.
كذلك عالج القانون عددا من الجوانب التي تلامس حياة المرأة، والمتمثلة في العضل، ومصادرة المهر، والحرمان من الميراث الذي كان يمارسه بعض ضعاف النفوس، وهي القضايا التي أقعدت المرأة عن القيام بدورها المنتظر في بنية المجتمع، وكبّلتها ومنعتها من الإسهام في تطور المجتمع، حتى جاء هذا العهد الزاهر الذي أنصفها وعزز من ضمانات حقوقها التي منحها لها الشرع والقانون، فحصدت الكثير من المكتسبات مع انطلاقة «رؤية 2030» التي تنظر إلى تمكين المرأة على أنه أحد مستهدفاتها الرئيسية.
لم يتجاهل النظام كذلك حقوق الأطفال، ومنع استخدامهم كأوراق ضغط، لإرغام الزوجة على التنازل عن بعض حقوقها مقابل الاحتفاظ بحضانتهم، وركز على ضمان مصالح المحضون في المقام الأول، وذلك انطلاقا من قناعة راسخة بأن الأجيال التي يراد منها أن تتسلم راية العمل والإنجاز في المستقبل لا بد أن تحظى بما تستحقه من عناية ورعاية، فإذا ما نشأت في أجواء غير مواتية، فإن ذلك لن يساعدها بطبيعة الحال على تحقيق النجاح.
كما عالج النظام أيضا قضية ظلت تشكل هاجسا كبيرا خلال الفترة الماضية، وهي قضية تكافؤ النسب التي كانت السبب الرئيسي في هدم كثير من العائلات والأسر، وتسببت في التفريق بين الأزواج، وتشريد أبنائهم، حيث جعل القانون الجديد الدين معيارا للكفاءة، ومل ما قام العرف باعتباره إعمالا لمبدأ المساواة بين كل أبناء هذه البلاد، وتخلص من اعتبارات جاهلية لا تمت لديننا الحنيف أو أعرافنا الحميدة بأي صلة.
لن تكفي مثل هذه المساحة بطبيعة الحال للتعليق على جميع مواد القانون، أو الإشارة إلى جوانبه الإيجابية المتعددة، لكن باختصار أقول إنه أكد من جديد أن المملكة دولة مؤسسات تسعى لتطبيق الحوكمة في كل جوانب حياة شعبها، ضمن منظومة إجراءات واضحة وشفافة ودقيقة، وإن السعودية بمثل ما تسعى لتطوير واقعها الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة شعبها، فإنها تولي أهمية مضاعفة لتنظيم مجتمعها وتحسين واقعه، فلا معنى لأي نهضة اقتصادية ما لم يكن المجتمع معافى، يتمتع جميع أفراده بالعدل، ويحصلون على حقوقهم كاملة غير منقوصة.
وللأمانة والتاريخ، فإن ما أنجزته المملكة من نهضة تشريعية متكاملة في هذا العهد الزاهر، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- يدعو للفخر والاعتزاز، وسيكتب التاريخ جميل صنيعهما بأحرف من نور، وستبقى هذه الإسهامات القضائية التي تنظم كل جوانب حياتنا باقية في ذاكرة الأجيال، جسرا نحو العدالة المنشودة، وطريقا لتأكيد عمق وقوة وحجية القانون في المملكة وسيادته، وحصانة إجراءات التقاضي، بما يحقق الأمان المجتمعي والاستقرار الأسري.
وجاء صدور نظام الأحوال الشخصية تتويجا لهذا المسار، وسيتبعه -بإذن الله- نظام المعاملات المدنية، والنظام الجزائي للعقوبات التعزيرية
وفق آجال زمنية محددة، وبترتيب معلوم.
القانون الجديد يشكل منعطفا مهما وعلامة فارقة في تاريخ التشريع القضائي السعودي، عطفا على ما تضمنه من جوانب إيجابية، حيث سكب فيه المشرعون السعوديون عصارة خبراتهم وخلاصة احترافيتهم، ليجيء في هذه الصورة المشرقة، حيث لم يترك شاردة ولا واردة إلا أوفاها حقها، ولم يدع ثغرة إلا وأوجد لها المعالجة المطلوبة.
كل الجوانب التي تهم الأسرة وجدت حقها كاملا من الرعاية والاهتمام في القانون الجديد، فهو يتعامل مع قضايا الخطبة والزواج والمهر، وحقوق الزوجين والفرقة بينهما، والنفقات، وحضانة الأولاد، والنسب، والوصية، والإرث، والولاية والوصاية.
كما يضع في الاعتبار كل المتغيرات والظروف الطارئة التي قد تحدث، فتعامل مع كل ذلك بمنتهى العناية والحرص، وركز كذلك على ضبط السلطة التقديرية للقضاة، بما يعزز استقرار الأحكام، ويحد من تباينها.
واهتم كذلك بتأطير العلاقات بين أفراد الأسرة، وحماية حقوقهم، وتسريع الفصل في المنازعات الأسرية، لرفع الضرر عن الأطفال، وضمان عدم تأثرهم.
ومع تعدد قضايا الأسرة، وما تجده المرأة من عنت ومشقة في كثير من الحالات، في إثبات طلاقها أو الحصول على نفقتها أو الاستمتاع بميراثها الشرعي، وغير ذلك، فإن النظام الجديد وضع حدا لها، حيث أولى عناية كبيرة بحماية حقوق الإنسان، وصون استقرار الأسرة، وتمكين المرأة، وتعزيز حقوقها المكفولة في الشرع والنظام الأساسي للحكم، استنادا إلى مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، ومواكبة التطورات المعاصرة، ومراعاة التغيرات المستمرة في جميع مناحي الحياة.
ولأن المملكة تنشد دوما الكمال بقدر استطاعتها، فقد استصحبت تجارب الآخرين، وحافظت على خصوصيتها المستمدة من عاداتها وتقاليدها المجتمعية، وأخذت بأفضل الممارسات القضائية الحديثة، ليتواكب النظام الجديد مع التحديات والمتغيرت العالمية، مع التركيز العالي على توحيد الأحكام، وتعزيز القدرة على المعرفة المسبقة للأحكام القضائية واستقرارها، والحد من اختلافها، ورفع جودة الأحكام وكفاءتها.
ومن أبرز ما احتوت عليه منظومة القانون الجديد أنه عالج مشكلة ظلت مستعصية طيلة الفترة الماضية، وهي زواج الصغيرات، حيث كان البعض يُقدم على تزويج ابنته أو أخته قبل بلوغها السن التي تؤهلها لذلك بذرائع واهية وفتاوٍ لم تعد تصلح لهذا العصر الذي اختلفت فيه المفاهيم، وتغيرت طرائق التفكير.
كذلك عالج القانون عددا من الجوانب التي تلامس حياة المرأة، والمتمثلة في العضل، ومصادرة المهر، والحرمان من الميراث الذي كان يمارسه بعض ضعاف النفوس، وهي القضايا التي أقعدت المرأة عن القيام بدورها المنتظر في بنية المجتمع، وكبّلتها ومنعتها من الإسهام في تطور المجتمع، حتى جاء هذا العهد الزاهر الذي أنصفها وعزز من ضمانات حقوقها التي منحها لها الشرع والقانون، فحصدت الكثير من المكتسبات مع انطلاقة «رؤية 2030» التي تنظر إلى تمكين المرأة على أنه أحد مستهدفاتها الرئيسية.
لم يتجاهل النظام كذلك حقوق الأطفال، ومنع استخدامهم كأوراق ضغط، لإرغام الزوجة على التنازل عن بعض حقوقها مقابل الاحتفاظ بحضانتهم، وركز على ضمان مصالح المحضون في المقام الأول، وذلك انطلاقا من قناعة راسخة بأن الأجيال التي يراد منها أن تتسلم راية العمل والإنجاز في المستقبل لا بد أن تحظى بما تستحقه من عناية ورعاية، فإذا ما نشأت في أجواء غير مواتية، فإن ذلك لن يساعدها بطبيعة الحال على تحقيق النجاح.
كما عالج النظام أيضا قضية ظلت تشكل هاجسا كبيرا خلال الفترة الماضية، وهي قضية تكافؤ النسب التي كانت السبب الرئيسي في هدم كثير من العائلات والأسر، وتسببت في التفريق بين الأزواج، وتشريد أبنائهم، حيث جعل القانون الجديد الدين معيارا للكفاءة، ومل ما قام العرف باعتباره إعمالا لمبدأ المساواة بين كل أبناء هذه البلاد، وتخلص من اعتبارات جاهلية لا تمت لديننا الحنيف أو أعرافنا الحميدة بأي صلة.
لن تكفي مثل هذه المساحة بطبيعة الحال للتعليق على جميع مواد القانون، أو الإشارة إلى جوانبه الإيجابية المتعددة، لكن باختصار أقول إنه أكد من جديد أن المملكة دولة مؤسسات تسعى لتطبيق الحوكمة في كل جوانب حياة شعبها، ضمن منظومة إجراءات واضحة وشفافة ودقيقة، وإن السعودية بمثل ما تسعى لتطوير واقعها الاقتصادي، وتحسين مستوى معيشة شعبها، فإنها تولي أهمية مضاعفة لتنظيم مجتمعها وتحسين واقعه، فلا معنى لأي نهضة اقتصادية ما لم يكن المجتمع معافى، يتمتع جميع أفراده بالعدل، ويحصلون على حقوقهم كاملة غير منقوصة.
وللأمانة والتاريخ، فإن ما أنجزته المملكة من نهضة تشريعية متكاملة في هذا العهد الزاهر، تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده، الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- يدعو للفخر والاعتزاز، وسيكتب التاريخ جميل صنيعهما بأحرف من نور، وستبقى هذه الإسهامات القضائية التي تنظم كل جوانب حياتنا باقية في ذاكرة الأجيال، جسرا نحو العدالة المنشودة، وطريقا لتأكيد عمق وقوة وحجية القانون في المملكة وسيادته، وحصانة إجراءات التقاضي، بما يحقق الأمان المجتمعي والاستقرار الأسري.