بريدة: نصار القوسي

بنجاح كبير، يختتم مهرجان الكليجا نسخته الـ13 اليوم، بعدما امتد على مدار 10 أيام في مركز النخلة بمدينة التمور في بريدة، بتنظيم من الغرفة التجارية بمنطقة القصيم، حيث شهد فعاليات مختلفة تليق بأن نسخته التي تختتم اليوم هي الأولى، بعدما أقرت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» تسجيل مدينة بريدة ضمن شبكة اليونسكو للمدن الإبداعية (UCCN) في فن الطهي. وكانت الغرفة التجارية الصناعية بالقصيم قد أعلنت في مارس 2018 عن عزمها تسجيل منتج الكليجا عالمياً من خلال «اليونسكو»، إلا أن جزءا كاملا من منطقة القصيم بما فيها الكليجا باتت مسجلة رسمياً عالمياً، وهي خطوة تصب في صالح تقديم مزيد من المبادرات للوصول بهذا المنتج للأقاليم المجاورة، ومن ثم الانطلاق به نحو العالمية وتسجيل البراند غذائياً وتراثياً.

وانطلاقا من أهمية المنتج التي زادها التسجيل في اليونسكو، فقد تم التوسع في مكان إقامة المهرجان، حيث أقيم لأول مرة في مدينة التمور التي وفرت رحابة المكان وملاءمته للطهي، حيث مارست الأسر المنتجة، والتي بلغ عددها نحو 300 أسرة إبداعها، في الهواء الطلق وأمام مجموعة من الطهاة العالميين، الذين استضافهم المهرجان لدعم صناعة الكليجا والأكلات الشعبية الأخرى على المستوى الدولي، وذلك برئاسة الشيف العالمي توماس جوجلر رئيس اتحاد طهاة العالم، ونخبة من الطهاة على المستوى المحلي والعربي والعالمي.

الجردة في كتب الرحالة

لا تعد الأسر المنتجة في مدينة بريدة حديثة عهد بالبيع والشراء، فقد كانت النساء القصيميات يبعن الإقط والسمن وغيرهما في سوق الجردة وسط المدينة، وهي إحدى أعرق الأسواق الشعبية في الجزيرة العربية، حيث ذكرها عدد من الرحالة الغربيين في كتبهم.

ويعود تاريخ هذه السوق إلى أكثر من 100 عام، وقد ذكر بعض الباحثين أن عمرها يزيد عن ذلك.

وظلّت النساء تبيع في مدينة بريدة في أماكن متفرقة، حتى تطور الأمر، وبدأن ببيع ما ينتجنه في بيوتهن من الكليجا والجريش والقرصان والمطازيز والمرقوق والمصابيب وغيرها في الحدائق والأسواق والمتنزهات العامة، وفي الطرقات.

وفي عام 1430 أطلق نائب أمير منطقة القصيم آنذاك، أميرها حاليا الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود فكرة تجمّع الأسر المنتجة في ظلال مهرجان سنوي كبير للأكلات الشعبية، أطلق عليه مهرجان الكليجا، ساهم في صقل مواهب الطاهيات، ودربهن على فنون الطهي والبيع والشراء وتسويق المنتجات وتقديمها بشكل عصري، حتى باتت الأكلات الشعبية أطباقاً رئيسة في التشريفات الملكية لضيوف الدولة وضيافات أمراء المناطق، بعد إعدادها بأيدي طاهيات سعوديات ماهرات قدمّن للعالم المذاق السعودي الأصيل.

وبعد 13 عاماً من هذا التنظيم أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» انضمام مدينة بريدة للمدن المبدعة في فنون الطهي، وتسيد منتج الكليجا الذي تجاوز عمره 500 سنة فنون الطهي القصيمي، واستحق أن يفوز بالاعتراف الدولي الذي تتسابق إليه الأغذية العالمية التي اشتهرت بها كل دولة، ومنتقلا بالتالي خطوة واسعة من إطاره ونطاقه المحلي ليتجاوزه نحو العالمية.

تجارب ثرية

اكتسب المهرجان الذي انطلق عام 1431 بفكرة من أمير منطقة القصيم الأمير فيصل بن مشعل زخما قويا عبر نسخه المتتالية، ساعيا إلى تحقيق جملة من الأهداف، ومن بينها خلق حراك اقتصادي لإيجاد منافذ تسويقية لمختلف المشاركات مع تسليط الضوء على منتج الكليجا (الموروث الشعبي)، والتعريف به وبطرق تصنيعه وتنمية قطاع الأسر المهتمة به بالتسويق والتطوير، ومواكبة القفزات الكبيرة في ريادة الأعمال مع تنشيط السياحة التراثية والشعبية والتعريف بالمواقع السياحية التي تزخر بها المنطقة.

كما شكلت نسخة العام الحالي التي تقام بثوب جديد يتواكب مع إعلان بريدة ضمن المدن العالمية المبدعة في فن الطهي عبر منظمة اليونسكو، حيث حرص المهرجان على التنوع وابتكار الفعاليات، وإتاحة الفرصة لنحو 300 مشارك وعارض، من مختلف مناطق المملكة، كما شهد مسابقات للكليجا المتطورة، وأركانا للتعبئة والتغليف، والبرامج التدريبية وورش العمل والفعاليات الترفيهية.

الكليجا

أكلة شعبية قديمة مشهورة في منطقة القصيم

يقدر عمرها بنحو 500 سنة

هي أقراص مجوفة تصنع من الدقيق وتُحشى بالتمر أو غيره

تتميز بقدرتها على البقاء طويلا صالحة للاستخدام

تتوفر على عناصر غذائية عالية تجعلها وجبة متكاملة