يتردد الإنسان كثيراً في الولوج في الطرق الشائكة المليئة بالألغام الفكرية التي لم تنضج بعدُ لدى مسار العامة ولم يخرج الخاصة المتعلمة من نواحي التقليد فيها ولم يطرقوا باب الخروج بالفكر إلى أعلى درجاته كي يستقوا ويستخرجوا كل المعاني التي تكمن في جوانب وزوايا النصوص ومقاصدها ومراميها العليا، ومن تلك الطرق الشائكة نقد أي شيء يتعلق بالإعجاز المرتبط بعلوم القرآن، فقد أصبح هذا الموضوع يلوكه كل أحد ممن لم تكن له في العربية وعلومها قدم صدق، ولَــمَّــا يلامس ذوقه بلاغة اللغة ودقائقها وأسرارها ذات اللذة العقلية التي يتسامى بها كل صاحب نفس إنسانية مدركة لتلك المعاني، ولقد أثارني مقطع سمعته كثيراً وقد تردد من خلال تطبيقات التواصل الاجتماعي بسرعة البرق وفيه من يتحدث عن أطوار الإنسان الواردة في سورة المؤمنون «وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14) ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ»، فقال هذا المتأمل في إعجاز القرآن في برنامج يجمع رموزاً دينية تكاد تكون هي المؤثرة في مجتمعاتنا المعاصرة «اختم لكم بمشهد عشته قبل يومين اثنين، والله يا أحبابي أحدث لي صدمة وأني وأنا فاتح المصحف وقفت مشدوها وأنا أقرأ هذه الآية التي لا تُساق لنا إلا في بيان الإعجاز العلمي، وأنا مستغرق مع هذه الأطوار التي تحكي هذه المرحلة القصيرة عن تكون الجنين ثم تجاوزت الآية- ثم يقول بصوت مرتفع مفاجئاً كي يؤثر في الحضور- وهكذا كانت خطبه الرنانة في مدينة الرياض في الثمانينيات والتسعينيات- قال ثم إنكم بعد ذلك لميتون- انتقل انتقالا سريعا بعد كل هذا التكوين ثم إنكم بعد ذلك لميتون- ثم يتساءل وين الحياة؟ تجاوزها وقال- كأنما هذه الحياة ومضة لحظة شيء قليل هو ما بين الموت القديم والموت القادم وحياة الخلود شيء أقل من أن يُذكر- بعد كل هذا التفصيل في تطور الكون ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون ثم وقفت مشدوه يالله هذه حياتنا التي نحياها كلها أقصرُ من أن تُذكر بعد فتبارك الله أحسن الخالقين خُلقت واستويت ثم إنكم بعد ذلك لميتون- هذا العمر مر كومضة، كلحظة، مشهد يهز الوجدان هز ليبين لك حقيقة العبور في الحياة، وهذا الشيء اللي الآن نحتاج إلى أن نفتح أغاليق القلوب له ونحن نتعامل مع القرآن فإن كنت نتعامل مع إعجاز القرآن فلنفتح هذه الأغلاقيق»، وأراد هذا المتأمل المشدوه من تأمله في تلك الآيات التي جاءت بعد آيات الخلق وأطواره ليثبت أن الحياة لم يذكرها خالق هذا الكون ليوضح ويبين أنها لا شيء ولا تساوي أي شيء فهي ليس لها ذكر عند خالقه، وليبين لأصحابه وأتباعه أنهم خلقوا ليموتوا، وأن هذه الحياة الدنيا لا تستحق من يلبث ويطيل المكوث فيها، وهذه كانت إشكالية زمن مضى قد تحورت أفكاره حول كيفية الوصول للنعيم السرمدي باتباع طريقة جديدة ومخترعة بتزهيد الأتباع في الحياة الدنيا وجعلها كأنها شيء لا يستحق الذكر فضلاً عن العيش فيه.
وهذه رؤية سوداوية في ظاهرها الزهد والتدين الشكلاني، وفي عمقها وباطنها عبثية في الفكر والأرواح لتنتج الخيط الرفيع الذي يخفى على من لم يتعمق في هذا الفكر، وهو أصل وأساس الطاعة والاتباع والمنافحة عن فكر التدين الماضوي الذي سيطر لعدة عقود ولما يزال، بيد أنه في مرحلة الكمون والتخفي. ثم أخذت أسترجع سلسة أحداث ماضية عاصرتها فعزز وأثار ذلك القول شيئاً في النفس قد بقي كامناً لكل تصوراته وماضيه الذي كان ولا يزال له الوقع الكبير في مكنونات النفس التي عاصرت تلك المرحلة التي سيطر فيها فكر أحاط نفسه بسياج مصطلحات الالتزام والرجوع للدين والإسلام والهداية بعد الضلالة، فتذكرت أنه في ما مضى هناك توجه كان ولا يزال لدى كل أصحاب التوجهات الدينية في جميع المراحل الدراسية في تربية الشباب على حب الموت وتحقير الحياة والركون إلى التسليم لما يحدث في الكون، فهي حياة أشبه بالجبر منها إلى حياة العمل. وهذا التوجه كان مؤثراً تأثيراً كبيراً في عمق نفوس وذوات الشباب وأكاد أجزم أن من عاصر تلك الفترة قد شعر وأحس بأن الجنة قريبة منه وعلى بعد خطوة واحدة وأقرب طريق لها هي تقديم هذه النفس والروح لبارئها في عمل يظن صاحبه أنه بطولي وهو مسار الجهاد، وهذا ما جعل كثيراً من شبيبة تلك الفترة يقذفون بأنفسهم في حمى تلك الحروب الطاحنة التي لم نجد منها أي نفع لا مادي و لا روحي، بل عادت إلينا بالضرر والدمار المتمثل في كثير من الأعمال الإرهابية، ولا أدري كيف عزب عن صاحب ذلك المقطع الذي يصف نفسه بأنه كان مشدوهاً، نصوصاً قطعية في التمتع بالحياة «ولا تنس نصيبك من الدنيا»، وفي الآية نفسها قوله تعالى «ثم أنشأناه خلقاً آخر»، وتلك النشأة يعيشها الإنسان في الدنيا ثم بعد ذلك يعود ميتاً. وكذلك هناك أحاديث لا تكاد تُعد ولا تحصى في أن يعيش ويحيا الإنسان هذه الحياة كما في حديث الثلاثة الذين حرموا على أنفسهم بعض المباحات في عدم الزواج والصوم دائماً فوجهت السنة بأن تلك الأفعال مخالفة لمقاصد وأسس الشريعة.
لذا فإن من يعتقد أن الفكر المتطرف يمكن محاربته بالمنع والحظر وأساليب الردع فهو واهم وهماً بيناً لأن الفكر المتطرف يمكن أن يتغلغل من كل النواحي سواء كانت فقهية أم تفسيرية أم عقدية، أم أساليب العربية وإعجاز القرآن وتفسيره فيُحدث العبثية الفكرية في كل نواحي تلك العلوم.
وهذه رؤية سوداوية في ظاهرها الزهد والتدين الشكلاني، وفي عمقها وباطنها عبثية في الفكر والأرواح لتنتج الخيط الرفيع الذي يخفى على من لم يتعمق في هذا الفكر، وهو أصل وأساس الطاعة والاتباع والمنافحة عن فكر التدين الماضوي الذي سيطر لعدة عقود ولما يزال، بيد أنه في مرحلة الكمون والتخفي. ثم أخذت أسترجع سلسة أحداث ماضية عاصرتها فعزز وأثار ذلك القول شيئاً في النفس قد بقي كامناً لكل تصوراته وماضيه الذي كان ولا يزال له الوقع الكبير في مكنونات النفس التي عاصرت تلك المرحلة التي سيطر فيها فكر أحاط نفسه بسياج مصطلحات الالتزام والرجوع للدين والإسلام والهداية بعد الضلالة، فتذكرت أنه في ما مضى هناك توجه كان ولا يزال لدى كل أصحاب التوجهات الدينية في جميع المراحل الدراسية في تربية الشباب على حب الموت وتحقير الحياة والركون إلى التسليم لما يحدث في الكون، فهي حياة أشبه بالجبر منها إلى حياة العمل. وهذا التوجه كان مؤثراً تأثيراً كبيراً في عمق نفوس وذوات الشباب وأكاد أجزم أن من عاصر تلك الفترة قد شعر وأحس بأن الجنة قريبة منه وعلى بعد خطوة واحدة وأقرب طريق لها هي تقديم هذه النفس والروح لبارئها في عمل يظن صاحبه أنه بطولي وهو مسار الجهاد، وهذا ما جعل كثيراً من شبيبة تلك الفترة يقذفون بأنفسهم في حمى تلك الحروب الطاحنة التي لم نجد منها أي نفع لا مادي و لا روحي، بل عادت إلينا بالضرر والدمار المتمثل في كثير من الأعمال الإرهابية، ولا أدري كيف عزب عن صاحب ذلك المقطع الذي يصف نفسه بأنه كان مشدوهاً، نصوصاً قطعية في التمتع بالحياة «ولا تنس نصيبك من الدنيا»، وفي الآية نفسها قوله تعالى «ثم أنشأناه خلقاً آخر»، وتلك النشأة يعيشها الإنسان في الدنيا ثم بعد ذلك يعود ميتاً. وكذلك هناك أحاديث لا تكاد تُعد ولا تحصى في أن يعيش ويحيا الإنسان هذه الحياة كما في حديث الثلاثة الذين حرموا على أنفسهم بعض المباحات في عدم الزواج والصوم دائماً فوجهت السنة بأن تلك الأفعال مخالفة لمقاصد وأسس الشريعة.
لذا فإن من يعتقد أن الفكر المتطرف يمكن محاربته بالمنع والحظر وأساليب الردع فهو واهم وهماً بيناً لأن الفكر المتطرف يمكن أن يتغلغل من كل النواحي سواء كانت فقهية أم تفسيرية أم عقدية، أم أساليب العربية وإعجاز القرآن وتفسيره فيُحدث العبثية الفكرية في كل نواحي تلك العلوم.