الدكتور عبدالله بن حسين الشريف

بين يوم التأسيس واليوم الوطني قيام دولة ‏ووحدة وطن، ‏أساس راسخ وبناء شامخ، أئمة وملوك تطلعوا إلى العلياء فتربعوا على قمتها، ‏استوطن بنو حنيفة أسلاف آل سعود ‏حجر اليمامة منذ مطلع القرن الخامس ‏الميلادي، فسادوا على نجد، وعاد جدهم الأعلى الأمير مانع المريدي إلى أرض قومه عام 850هـ، وهو يتطلع إلى إعادة مجد أسلافه، وبناء دولة في نجد وشرق الجزيرة، تحقق الوحدة والأمن والنماء ‏والاستقلال السياسي، ومواجهة النفوذ الأجنبي الذي استأثر بخيرات البلاد، وظَلم العباد.

فأسس الدرعية المدينة الدولة، وتابعه بنوه وأحفاده في العمل على تحقيق غاياته، حتى تولى الإمام ‏محمد بن سعود مقاليد الحكم في الدرعية، فأسس الدولة السعودية، ‏وكان اليوم الـ22 من فبراير من عام 1139هـ يوم التأسيس.

‏ولإيمان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز بأهمية التاريخ وقيمته في ثقافة الأمة وهويتها، أمر -حفظه الله- أن يكون يوم التأسيس يوما تاريخيا يحتفي به الوطن والمواطنون، يستذكرون به رسوخ دولتهم وتجذر حضارتهم وامتداد ثقافتهم عبر القرون.

فيزدادون انتماء ويتفانون ولاء ويزدهون افتخاراً بدولتهم السعودية المباركة، التي حققت الوحدة الأعظم التي فقدتها جزيرة العرب منذ أن ‏خرجت ‏عاصمة دولة الإسلام من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فصنع حكامها آل سعود ملحمة التوحيد والوحدة، والدين والشريعة، والأمن والاستقرار، والتطور والنماء، في أدوار الإصرار والكفاح والثبات، الدولة ‏السعودية الأولى والثانية والثالثة.

‏‏فوحدوا البلدان وجمعوا العباد وقضوا على الفرقة والشتات وحفظوا الأمن ورسخوا الاستقرار ونمو الاقتصاد ونشروا العدل والعلم والثقافة.

‏ومن ‏الدرعية الدولة المدينة إلى الدرعية عاصمة الدولة السعودية، ومن الدرعية إلى الرياض، ومن مؤسس الدولة الأول الإمام محمد بن سعود إلى مؤسس كيان المملكة الملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود -رحمهما الله، ومن اللبنة الأولى إلى البناء والتطور والنماء، ومع الثوابت الأخذ بأسباب التقدم على يد الأئمة والملوك البررة، وصولاً ‏إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.

وإذا كنا بيوم التأسيس نستذكر عراقة التاريخ فإننا باليوم الوطني ومكتسباتنا الوطنية العظمى عبر العهود الماضية نستشرف مستقبلنا الباهر ‏في ضوء تطلعات وإستراتيجيات قيادتنا الرشيدة ‏ومستهدفات الرؤية الوطنية 2030، نحو الريادة العالمية للمملكة سياسيًا واقتصاديًا وحضاريًا.

إنه يوم تاريخي لدولة تاريخية تصنع التاريخ وتبني المستقبل منذ أكثر من 300 عام ‏وإلى ما شاء الله من العمر المديد والخير الوفير والاستقرار والأمن والتطور.

* أستاذ كرسي الملك سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ مكة المكرمة بجامعة أم القرى