فهيد هذال الرشيدي

نشرت صحيفة الوطن مقالا جميلا بصفحة الرأي للكاتب عبد العزيز بن علي النصافي بتاريخ الإثنين 3 يناير 2022 بعنوان (وما استقر بنا النّوى)، تحدث فيه عن الدكتور حمزة المزيني، تلك الشخصية المدهشة المثيرة، متطرقا إلى كتاباته المميزة التي كان لها دور في تحريك المياه الراكدة، بما يملكه من بلاغة وشجاعة وأسلوب ساحر.

والحقيقة أنني كنت من قراء هذه الصحيفة (الوطن) أول ما صدرت، فكان من ضمن نجومها الأكثر توهجا وتميزا وجذبا للقارئ الدكتور حمزة المزيني، والذي ما زلت أذكر أنه تلقى على إثر إحدى المقالات أكثر من ألف رسالة على هاتفة من المتطرفين الغاضبين، أحدهم كما ذكر الدكتور دعا عليه بمرض (السارس)، والسارس مرض كان منتشراً في تلك الفترة، ما جعل الدكتور يصفه بأنه كأن أكثر حداثة من البقية.

كان مؤثرا في كتاباته وعميقا وجاذبا كما تفضل الأخ عبد العزيز، بشكل مبهر وجريء، فكنت كما هو الحال للأخ عبد العزيز لا يفوتني عدد من الصحيفة، وتكمل المتعة أكثر باليوم الذي يكتب فيه وأعيد القراءة للمقال لإحساسي أنه ينتقم لنا من الحصار الصحوي السائد في تلك الفترة، التي وصفها الأخ عبد العزيز بالمتوحشة والمتشددة، وفعلا كانت فترة تستحق هذا الوصف بجدارة.

وكان الدكتور حمزة المزيني أكبر من هذا كله ولست مؤهلا بصراحة أن أتحدث بهذا الأسلوب الركيك المتواضع عن شخصية بحجم هذا الرمز الثقافي المفخرة، إلا أنه من حقي أن أقول ما أستطيع ولو بشكل متواضع حسب مقدرتي، فله منا كل الامتنان والتقدير على ذلك النضال الشجاع المميز والذي لن ينسى.

جاءت صحيفة الوطن في تلك الفترة التي كان الطرح فيها يتسم بالتقليدية والركود والتكرار ولا يغير من الواقع شيئا، لتفتح الطريق لمناقشة القضايا الشائكة التي كانت تحت حماية المجتمع وحراسة الصحوة، وتناولها يترتب عليه الكثير من الانزعاج لرؤساء التحرير والصحف، فولدت صحيفة (الوطن) وعلى صفحاتها تكشفت أمور لم نكن نعلم عنها شيئا، فكنا نراقب ما يطرح من نقاش لأمور كنا نعتقد أنها لا تقبل التغيير والتحديث، وأننا أفضل الشعوب على وجه الأرض، لنكتشف أخيرا أننا بحاجة لمن يقود حراكنا بشجاعة حقيقية، فكانت الوطن وكان حمزة المزيني من فرسان تلك المرحلة الذين يعود لهما الفضل بكسر الكثير من القيود التي لا مبر لها من أي ناحية دينية أو أمنية أو لأي سبب.