إبراهيم نيازي

في حياته وبعد رحيله تنافست أقلام الكتاب والأدباء وقبيلة الشعراء، ولوحات الفن التشكيلي وعدسات الكميرات، ومواقع التواصل الاجتماعي، في الثناء عليه ورصد سيرته، وقصة حياته التي لم تسلم من ظمأ المعاناة وتقلب الزمان.

لكنه تعامل مع رحلة الحياة بإيمانه الراسخ، سقاها صبره، سورها بحكمته وبنى بعصاميته محطات مجد أدبية فكرية إبداعية ووطنية وإنسانية.

فسكن على جوانبها ربيع الحكايات وشيم المواقف، وخلاصة الدروس والعبر.

شهد قرنا من الزمان وأضاءت عقود صاحب الشمس على أصالتها، وطيب منبتها وصدق توجهها، وسمو أهدافها فتوجته محبة ومهابة وإجلالا.

كان يوما حزينا رحيل القامة الوطنية الاجتماعية، الشاعر والمفكر الأديب أحمد بن إبراهيم مطاعن رحمه الله.

تجمعت مواكب الحزن وانطفأت أضواء البهجة، وغادرت سماحة الخاطر وتلاشت لحظات الكرم، وفُجِعت الدار ومن حولها بالرحيل المر.

«ما ضيع الباكي عليكَ دموعه إن الدموع على سواك تضيعُ» عشرات الأعوام وبيته لا ينقطع من الزوار، ومكتبته الخاصة ينهل من معينها طلاب العلم والفكر والتاريخ.

حين يتهادى المساء عيون الشعر والأدب في مجلسه العامر، ويرتدي التراث لحاف الحكايات والعادات، وتتلالأ الذاكرة فصولا من تاريخ الوطن، وصفحات من حياة مدينة أحبته وأحبها «أبها»....ترى سيد المجالس وقد تهلل وجهه يشارك في الحديث...يجيب على الأسئلة يصحح معلومة..يلفت الانتباه بنوادر وطرائف غاية في الروعة.

كان رحمه الله مستمعا جيدا.. يناقش بمنطق وهدوء، لا يتعصب لرأيه ويركز على التراث، لأنه يتكأ على معرفة واسعة بالموروث الشعبي، سبر أغواره ومارسه عمليا في مراحل مختلفة من عمره، ووقف على أطلاله وشارك في مناسباته وبحث في موارده ومصادره.

عاش رحمه الله معززا مكرما، أذعنت له الحياة فجفاها وسار على دروب القيم، والإيثار وحب الناس، وأعطى وطنه خلاصة فكره وتجاربه وأدبه، فكان القدوة الحسنة للمواطن الصالح.

له قصب السبق في إعادة إحياء بلدة رُجال في محافظة رجال ألمع، مع أقرانه أحمد بن إبراهيم صيام، محمد بن حسن غريب، والراحلون إبراهيم بن محمد الراقدي، عبدالهادي بن يحيى الألمعي، يحيى الشبلي، رحمهم الله، إلى جانب مجموعة من أهل البلدة.

يا أبا محمد...الشاعر إبراهيم صعابي رثى يوما أحد أصدقائه فقال:

«أحتاج كي أبكي عليك عيونا

ومن المدامع انهرا ومزونا

أشكو لفقدك ألف جرح نازف

لم يبق من فرط البكاء جفونا».

تُرى كم من العيون ذرفت دموعا عليك؟ وكم من القلوب بكتك متجملة بالصمت؟ وكم من نفوس اتجهت إلى حي الخالدية متلهفة للسلام عليك لتعود، من حيث أتت منكسرة حزينة؟.

عاش الشاعر والأديب أحمد مطاعن حياته، يتعامل بالود والوفاء، وهو يستاهل التقدير والتكريم والوفاء، في إطلاق اسمه على أحد شوارع أبها.

رحم الله الراحل الكبير رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.