تشكل النوادي الأدبية بوظيفتها المأمولة مساراً ثقافياً مهماً، لكن المسافة بين المأمول والواقع تكشف التعثر. صحيح أن هناك غربلة حدثت في الإدارات خلال السنوات الماضية تحررت من خلالها الأندية من أعباء الإدارات القديمة التي غيّب عنها الشباب، لكن تلك الغربلة لم تكف بعد. بنود تشجيع الشباب جزء من وظيفة النادي، لكننا لا نرى الشباب بشكل فاعل في الصفوف الأولى لها. فكرة الأندية الأدبية جاءت كاقتراحٍ من الأديب: عزيز ضياء الذي اقترحها على الأمير فيصل بن فهد سنة 1395هـ(1975م)، والميزانيات التي خصصت لها سواء حين كانت تابعةً للرئاسة العامة لرعاية الشباب، أو حين فرزت لتكون تابعةً لوزارة الثقافة والإعلام ليست قليلة.
حضور الشباب في الندوات والأمسيات، أو في دعمهم لتأليف كتبهم وطبع دواوينهم أو محاولاتهم الأدبية من وظائف النادي الأدبي ولم يفعل بشكلٍ كبير. هناك محاولات كما نرى في النادي الأدبي بالرياض والنادي الأدبي بحائل، لكن أين بقية الأندية عن مثل هذه المبادرات؟! إذا أخذنا الفعاليات الثقافية أو المؤسسات الفاعلة وقرأنا جداولها وفعالياتها سنصاب بخيبة أملٍ كبيرة، إذ لا تزال الأسماء التقليدية تسيطر على مجمل الأنشطة المطروحة، ولا تكاد ترى الجديد واللافت. هناك استثناءات هنا وهناك، ومحاولات شبابية لكنها ليست الأكثر إضاءةً والأسمع صيتاً، وهذه مشكلة كبيرة.
المثقفون الذين دخلوا إلى الأندية الأدبية جاؤوها وهم في أوج شبابهم، لكن المؤسف أن الخروج جاء بعد المشيب لبعضهم. كما تغيب الأندية الأدبية بشكلٍ مجمل عن التواصل مع الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي، ولم تستخدم التقنية في الدلالة على الأنشطة بالشكل المطلوب فعلاً.
هناك مطالبات شبابية بأن تخرج الأندية عن الموضوعات التي أكل عليها الدهر وشرب، يفترض أن تخرج من شرنقة الأدب إلى سعة الثقافة، ويمكن حتى لوزارة الإعلام أن تغيّر مسميات الأندية الأدبية لتكون الأندية الثقافية، وها نحن نرى الصالونات الثقافية الأسبوعية تأخذ الوهج، وذلك بسبب تنوع الموضوعات وتعدد الشخصيات وتبيانها.
قال أبو عبدالله غفر الله له: الثقافة الآن شبابية، وتجربتي في النشر للشباب فتحت عيني على جيلٍ أهمل كثيراً من قبل المؤسسات الثقافية، وعلى رأسها الأندية الأدبية، فلترق الأندية إلى مستوى أحلام الشباب الكبيرة، وهذا حلم لن يكون معجزاً، فمتى نراها وقد نزعت الأردية القديمة نحو العصر وتحدياته؟!