تتساءلون من هم؟، إنهم كبار السن. وهل يحتاج الأمر إلى سؤال؟!. إنهم الشريحة الأكثر تكلفة في المجتمع، بما أنه ليس لديهم أي مردود اقتصادي، حيث إنهم لا يقدمون أي عائد مادي للدولة؛ إنهم بلا عمل يقضون معظم وقتهم دون حراك ذا فائدة، وهم يستنزفون خزينة التقاعد، بل إنهم يستهلكون السلع والخدمات العامة، ولا ينتجون شيئًا سوى الدور العرضي في تسلية الأطفال، إضافة إلى بعض مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي ممن يستفيد من جعلهم مادة دسمة للسخرية، حتى يرتفع عدد المشاهدات وتهل عليهم أموال الإعلانات!.
كيف نعالج هذه القضية الشائكة؟! كلا لن أقدم حلولا كالتي قدمها جوناثان سويفت، ولمن لا يعرفه فهو أديب وناقد سياسي ايرلندي وأحد رجال الدين، نشر العديد من الكتب، و كان أهمها وأشهرها «رحلات غوليفر». ما يهمنا هنا أحد أعماله بعنوان: «اقتراح متواضع لمنع أطفال الفقراء في ايرلندا من أن يكونوا عبئًا على آبائهم أو بلدهم، ولجعلهم يفيدون عامة الناس»! لأنه حسب اعتقادي ما قدمه كان في منتهى القسوة ويميل إلى الهمجية والتوحش، فالأطفال ليسوا وجبة دسمة للأغنياء ومصدر دخل للفقراء، حتى ولو أننا أضفنا للطبق بعضًا من الملح والبهارات.
الحل الذي أراه مناسبًا والذي يحمل بين طياته الرحمة والتعامل الإنساني، هو أن نتخلص من كبار السن بإحدى الطريقتين، الأولى هي أن نستمر في إيهامهم بأنهم بلا فائدة، وأن ما يمتلكونه من علم ومعرفة وخبرات قد انتهى مفعوله، تمامًا كالمعلبات على أرفف متاجر المواد الغذائية، وعليه يجب التخلص منها حتى لا تتسبب في تسمم أفراد المجتمع، وبهذا نضمن أن حالتهم النفسية سوف تتدهور وتتبعها صحتهم، ولن يطول الوقت حتى يفارقوا الحياة.
أما الحل الثاني فهو تقديم «الموت الرحيم»، خدمة سريعة وغير مكلفة ويستطيع المجتمع أن يستفيد من أعضائهم في مساعدة الشباب ممن هم أكثر حاجة لها منهم، فنحن لا نريدهم أن ينافسوا الشباب على الوظائف، لقد أخذوا دورهم وليس عندهم أي شيء جديد ليقدموه، ولا يبدأ أحد في سرد أسماء العلماء والمفكرين والأدباء والمهندسين والأطباء والجراحين الذين قدموا أعمالا قيمة، وأضافوا للإنسانية منتجًا ثقافيًا وعلميًا واقتصاديًا، فهم حالات استثنائية حتى لو كانت أعدادهم كبيرة، فبما أنه ليس لدينا أداة للفرز، فالخسارة أكبر إن تركنا هذه الشريحة تتكاثر بيننا وتستنزف مواردنا، لأن تعزيز المستويات المعيشية لكبار السن، هو مشروع غير فعال اقتصاديًا، رغم أننا نجده نحن البشر العاطفيون أمرًا جذابًا من الناحية الأخلاقية.
تعتبر الكتابة الساخرة أو التهكمية، شكلا من أشكال الأعمال الأدبية والفنية، وهي تُفضِّل القارئ ذي العقل الجاهز للاستقبال وإدراك المغزى، ولم يكن الجزء السابق من المقالة سوى من هذا النوع الذي يتحدث إلى العقول الجاهزة. والآن لننتقل إلى الجزء التالي لتناول القضية بأسلوب آخر للعقول التي باتت في تشوق لمعرفة المزيد.
حسب العديد من الدراسات التي وجدت أنه لأسباب اقتصادية وغير اقتصادية، يعد العمل عنصرًا محوريًا في حياة الفرد، فلا يساهم العمل المدفوع الأجر في رفاهية الفرد وحسب، بل يساهم أيضًا في الصحة النفسية من خلال التفاعلات الاجتماعية وفرص النمو الشخصي والمهني.
وهناك حلول لجأ إليها الغرب في التعامل مع هذه القضية؛ كتشجيع كبار السن على البقاء لفترة أطول في القوى العاملة باعتباره الحل الأكثر جدوى للضغوط المالية والتحديات الاقتصادية المتعقلة بهذه الشريحة من المجتمع؛ مثل مقترح «التقاعد المرحلي أو التدرجي»، حيث يمكن من خلاله للموظف أو العامل الأكبر سنًا اختيار العمل لساعات أقل مع البقاء لفترة أطول في القوى العاملة، بما في ذلك بعد التقاعد، وهذا يفيد المجتمع وأصحاب العمل والعاملين أيضًا، بما أنه يتيح استمرار الإيرادات الضريبية وخفض الإنفاق على المعاشات التقاعدية، ولا ننسى أن الموظف أو العامل الأكبر سنًا يعتبر ذا قيمة للمؤسسة وللزملاء الأصغر نظرًا لمعرفته وخبراته.
ثانيًا: الاستمرار في العمل له فوائد صحية إيجابية نفسية وجسدية، وبهذا تنخفض التكاليف الصحية من علاج ودواء، والأهم ألا ننسى حين نترجم هذا المقترح إلى سياسات، يجب أن نحرص على أنها تضمن الاعتراف بكرامة الفرد واستقلاليته بدلا من تزويده بمهام لا معنى لها أو مهينة لمجرد إبقائه مشغولا، فيجب تكييف أنشطة العمل مع الكفاءة البدنية والعقلية للفرد، وأن يبقى لديه حق الاختيار في البقاء إن كانت لديه الكفاءة والقدرة على ذلك.
من المهم أيضًا، إدراك أن تنفيذ هذا المقترح قد تكون له تكاليف على المدى القصير، فقد يواجه أصحاب العمل تكاليف تتعلق بالتفاوض على خيارات التقاعد التدريجي، وتكاليف إعادة هيكلة المهام أو تكييفها، ولكن من المرجح أن تتجاوز فوائد الرفاهية الاجتماعية على المدى الطويل التكاليف الأولية، ليس فقط على المؤسسة وأرباب العمل، بل على الدولة أيضًا بحيث تساهم في تحسن الاقتصاد الكلي، ولنتذكر أمرًا مهمًا هنا؛ إذا بدأنا بمقايضة حياة كبار السن بالاقتصاد، فمتى وأين سيتوقف هذا الأمر؟!. فالتضحية بكبار السن، خاصة الذين ما زال لديهم الكثير من العطاء والحيوية، لها تكلفة أيضًا، فإن بدأ الأمر بهم، ترى من ستكون الشريحة التالية؟!.
كيف نعالج هذه القضية الشائكة؟! كلا لن أقدم حلولا كالتي قدمها جوناثان سويفت، ولمن لا يعرفه فهو أديب وناقد سياسي ايرلندي وأحد رجال الدين، نشر العديد من الكتب، و كان أهمها وأشهرها «رحلات غوليفر». ما يهمنا هنا أحد أعماله بعنوان: «اقتراح متواضع لمنع أطفال الفقراء في ايرلندا من أن يكونوا عبئًا على آبائهم أو بلدهم، ولجعلهم يفيدون عامة الناس»! لأنه حسب اعتقادي ما قدمه كان في منتهى القسوة ويميل إلى الهمجية والتوحش، فالأطفال ليسوا وجبة دسمة للأغنياء ومصدر دخل للفقراء، حتى ولو أننا أضفنا للطبق بعضًا من الملح والبهارات.
الحل الذي أراه مناسبًا والذي يحمل بين طياته الرحمة والتعامل الإنساني، هو أن نتخلص من كبار السن بإحدى الطريقتين، الأولى هي أن نستمر في إيهامهم بأنهم بلا فائدة، وأن ما يمتلكونه من علم ومعرفة وخبرات قد انتهى مفعوله، تمامًا كالمعلبات على أرفف متاجر المواد الغذائية، وعليه يجب التخلص منها حتى لا تتسبب في تسمم أفراد المجتمع، وبهذا نضمن أن حالتهم النفسية سوف تتدهور وتتبعها صحتهم، ولن يطول الوقت حتى يفارقوا الحياة.
أما الحل الثاني فهو تقديم «الموت الرحيم»، خدمة سريعة وغير مكلفة ويستطيع المجتمع أن يستفيد من أعضائهم في مساعدة الشباب ممن هم أكثر حاجة لها منهم، فنحن لا نريدهم أن ينافسوا الشباب على الوظائف، لقد أخذوا دورهم وليس عندهم أي شيء جديد ليقدموه، ولا يبدأ أحد في سرد أسماء العلماء والمفكرين والأدباء والمهندسين والأطباء والجراحين الذين قدموا أعمالا قيمة، وأضافوا للإنسانية منتجًا ثقافيًا وعلميًا واقتصاديًا، فهم حالات استثنائية حتى لو كانت أعدادهم كبيرة، فبما أنه ليس لدينا أداة للفرز، فالخسارة أكبر إن تركنا هذه الشريحة تتكاثر بيننا وتستنزف مواردنا، لأن تعزيز المستويات المعيشية لكبار السن، هو مشروع غير فعال اقتصاديًا، رغم أننا نجده نحن البشر العاطفيون أمرًا جذابًا من الناحية الأخلاقية.
تعتبر الكتابة الساخرة أو التهكمية، شكلا من أشكال الأعمال الأدبية والفنية، وهي تُفضِّل القارئ ذي العقل الجاهز للاستقبال وإدراك المغزى، ولم يكن الجزء السابق من المقالة سوى من هذا النوع الذي يتحدث إلى العقول الجاهزة. والآن لننتقل إلى الجزء التالي لتناول القضية بأسلوب آخر للعقول التي باتت في تشوق لمعرفة المزيد.
حسب العديد من الدراسات التي وجدت أنه لأسباب اقتصادية وغير اقتصادية، يعد العمل عنصرًا محوريًا في حياة الفرد، فلا يساهم العمل المدفوع الأجر في رفاهية الفرد وحسب، بل يساهم أيضًا في الصحة النفسية من خلال التفاعلات الاجتماعية وفرص النمو الشخصي والمهني.
وهناك حلول لجأ إليها الغرب في التعامل مع هذه القضية؛ كتشجيع كبار السن على البقاء لفترة أطول في القوى العاملة باعتباره الحل الأكثر جدوى للضغوط المالية والتحديات الاقتصادية المتعقلة بهذه الشريحة من المجتمع؛ مثل مقترح «التقاعد المرحلي أو التدرجي»، حيث يمكن من خلاله للموظف أو العامل الأكبر سنًا اختيار العمل لساعات أقل مع البقاء لفترة أطول في القوى العاملة، بما في ذلك بعد التقاعد، وهذا يفيد المجتمع وأصحاب العمل والعاملين أيضًا، بما أنه يتيح استمرار الإيرادات الضريبية وخفض الإنفاق على المعاشات التقاعدية، ولا ننسى أن الموظف أو العامل الأكبر سنًا يعتبر ذا قيمة للمؤسسة وللزملاء الأصغر نظرًا لمعرفته وخبراته.
ثانيًا: الاستمرار في العمل له فوائد صحية إيجابية نفسية وجسدية، وبهذا تنخفض التكاليف الصحية من علاج ودواء، والأهم ألا ننسى حين نترجم هذا المقترح إلى سياسات، يجب أن نحرص على أنها تضمن الاعتراف بكرامة الفرد واستقلاليته بدلا من تزويده بمهام لا معنى لها أو مهينة لمجرد إبقائه مشغولا، فيجب تكييف أنشطة العمل مع الكفاءة البدنية والعقلية للفرد، وأن يبقى لديه حق الاختيار في البقاء إن كانت لديه الكفاءة والقدرة على ذلك.
من المهم أيضًا، إدراك أن تنفيذ هذا المقترح قد تكون له تكاليف على المدى القصير، فقد يواجه أصحاب العمل تكاليف تتعلق بالتفاوض على خيارات التقاعد التدريجي، وتكاليف إعادة هيكلة المهام أو تكييفها، ولكن من المرجح أن تتجاوز فوائد الرفاهية الاجتماعية على المدى الطويل التكاليف الأولية، ليس فقط على المؤسسة وأرباب العمل، بل على الدولة أيضًا بحيث تساهم في تحسن الاقتصاد الكلي، ولنتذكر أمرًا مهمًا هنا؛ إذا بدأنا بمقايضة حياة كبار السن بالاقتصاد، فمتى وأين سيتوقف هذا الأمر؟!. فالتضحية بكبار السن، خاصة الذين ما زال لديهم الكثير من العطاء والحيوية، لها تكلفة أيضًا، فإن بدأ الأمر بهم، ترى من ستكون الشريحة التالية؟!.