يمكن القول إن عبارة «ما تقتضيه مصلحة العمل» من أهم العبارات التي تتكرر في القرارات الإدارية، خصوصا في القطاع الحكومي، فعند صدور القرار الإداري مسبوقا بعبارة «مصلحة العمل» دون البحث في ظروفه والملابسات المحيطة بصدوره، فإنه يُظهر أنه قد قام على أركانه الخمسة، التي من أهمها «السبب» و«الغاية»، لأن القرارات الإدارية عند صدورها تؤخذ على أنها صحيحة ومشروعة، أي أنها لا تخالف الأنظمة واللوائح. بالإضافة إلى ذلك، إن هدف الجهة الإدارية من إصدار قرار ما هو من أجل تحقيق المصلحة العامة، لكن، في بعض الأحيان، نجد أن القرار الذي صدر تم الغاؤه من قِبل المحكمة، وكان سبب الإلغاء هو «الانحراف بالسلطة» أو «العقوبة المقنعة»!.
إن الجهة الإدارية في كتابة عبارة «مصلحة العمل» عند إصدار قرارها هي، في حقيقة الأمر، تُفصح عن إرادتها في إحداث أثر قانوني بناء على «السلطة التقديرية» التي منحها لها المُشرّع كأحد الامتيازات الممنوحة لها في سبيل تسيير المرافق العامة، لتحقيق «المصلحة العامة»، فعندما نقرأ في مقدمة القرار الإداري عبارة «إن مدير الإدارة أو المنشأة، وما له من صلاحيات، وما تقتضيه مصلحة العمل»، فإننا، في الحقيقة، نفهم من ذلك أن الجهة الإدارية وظفت «السلطة التقديرية»، أي أنها استغلت امتياز «حرية التصرف» في غياب النص القانوني، بهدف تحقيق المصلحة العامة، حيث إن السلطة التقديرية تعطي الإدارة الاستقلالية في تقدير ملائمة إصدار قراراتها، إلا أننا نجد أن هذه «الحرية» ليست «مطلقة». كما أنها تخضع لـ«المحاكمة».
في 1426، تم تكليف أحد أفراد القطاعات العسكرية بالعمل الإداري في الإدارة الرئيسية بدلا من العمل الميداني. بناء على ذلك، تم إيقاف صرف البدلات والعلاوات التي كانت تصرف له في وحدته الأساسية. وبعد مطالبته جهة عمله بإعادته إلى وحدته الأساسية وصرف البدلات، وحيث إن جهة عمله امتنعت عن إجابة طلبه، تقدم إلى ديوان المظالم (المحكمة الإدارية)، فحكمت المحكمة بإعادته إلى وحدته الأساسية، وكان ذلك على الرغم من أن القرار صدر بناء على «مصلحة العمل»، إلا أن المحكمة رأت أن ذلك لا يتوافق مع ما جاء في «نظام خدمة الأفراد»، حيث ذكرت أنه لم يتبين لها أنه توجد في النظام مادة نظامية تنص على «جواز تكليف الفرد بعمل مخالف لطبيعة عمله»، فمسمى وظيفة المدعي «أمن ودوريات»، بينما الإدارة التي تم تكليفه بها هي «إدارة الأنظمة والقضايا» في مقر القيادة بالمنطقة. ففي هذه القضية، نجد أن القرار الإداري الذي صدر في تكليف المدعي بناء على «مصلحة العمل» أخل بمبدأ «عدم المساس في الحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية للأفراد»، حيث تم إيقاف صرف علاواته وبدلاته، وهي حقوق مكتسبة وفقا لاختصاصه في الأمن والدوريات، وكذلك أخل بمركزه القانوني، حيث إنه تم تكليفه بعمل إداري لا يتلائم مع طبيعة عمله الميداني.
نجد هنا أن عبارة «مصلحة العمل» لا تكفي للجزم بصحة القرار الإداري، وسلامته من العيوب، أي أن القرار قام على أركانه الخمسة: الاختصاص والشكل والمحل والسبب والغاية، فحرية تصرف الإدارة – كسلطة تقديرية – في تكليف موظفيها في الإدارات والأماكن التي تتبع لها، على سبيل المثال، مقيدة وليست مطلقة، فلو كانت مطلقة، ولا تخضع للرقابة القضائية، لأصبحت السلطة التقديرية أو عبارة «مصلحة العمل» أداة في يد صانع القرار، لتحقيق مصالحه الشخصية، والانتقام من موظفيه دون أن يخضع للمحاسبة أو تخضع قراراته للمحاكمة، فتصبح القرارات الإدارية صورة من صور الانحراف بالسلطة والعقوبات المقنعة، وهذا ما سأتحدث عنه في المقالات القادمة.
إن الجهة الإدارية في كتابة عبارة «مصلحة العمل» عند إصدار قرارها هي، في حقيقة الأمر، تُفصح عن إرادتها في إحداث أثر قانوني بناء على «السلطة التقديرية» التي منحها لها المُشرّع كأحد الامتيازات الممنوحة لها في سبيل تسيير المرافق العامة، لتحقيق «المصلحة العامة»، فعندما نقرأ في مقدمة القرار الإداري عبارة «إن مدير الإدارة أو المنشأة، وما له من صلاحيات، وما تقتضيه مصلحة العمل»، فإننا، في الحقيقة، نفهم من ذلك أن الجهة الإدارية وظفت «السلطة التقديرية»، أي أنها استغلت امتياز «حرية التصرف» في غياب النص القانوني، بهدف تحقيق المصلحة العامة، حيث إن السلطة التقديرية تعطي الإدارة الاستقلالية في تقدير ملائمة إصدار قراراتها، إلا أننا نجد أن هذه «الحرية» ليست «مطلقة». كما أنها تخضع لـ«المحاكمة».
في 1426، تم تكليف أحد أفراد القطاعات العسكرية بالعمل الإداري في الإدارة الرئيسية بدلا من العمل الميداني. بناء على ذلك، تم إيقاف صرف البدلات والعلاوات التي كانت تصرف له في وحدته الأساسية. وبعد مطالبته جهة عمله بإعادته إلى وحدته الأساسية وصرف البدلات، وحيث إن جهة عمله امتنعت عن إجابة طلبه، تقدم إلى ديوان المظالم (المحكمة الإدارية)، فحكمت المحكمة بإعادته إلى وحدته الأساسية، وكان ذلك على الرغم من أن القرار صدر بناء على «مصلحة العمل»، إلا أن المحكمة رأت أن ذلك لا يتوافق مع ما جاء في «نظام خدمة الأفراد»، حيث ذكرت أنه لم يتبين لها أنه توجد في النظام مادة نظامية تنص على «جواز تكليف الفرد بعمل مخالف لطبيعة عمله»، فمسمى وظيفة المدعي «أمن ودوريات»، بينما الإدارة التي تم تكليفه بها هي «إدارة الأنظمة والقضايا» في مقر القيادة بالمنطقة. ففي هذه القضية، نجد أن القرار الإداري الذي صدر في تكليف المدعي بناء على «مصلحة العمل» أخل بمبدأ «عدم المساس في الحقوق المكتسبة أو المراكز القانونية للأفراد»، حيث تم إيقاف صرف علاواته وبدلاته، وهي حقوق مكتسبة وفقا لاختصاصه في الأمن والدوريات، وكذلك أخل بمركزه القانوني، حيث إنه تم تكليفه بعمل إداري لا يتلائم مع طبيعة عمله الميداني.
نجد هنا أن عبارة «مصلحة العمل» لا تكفي للجزم بصحة القرار الإداري، وسلامته من العيوب، أي أن القرار قام على أركانه الخمسة: الاختصاص والشكل والمحل والسبب والغاية، فحرية تصرف الإدارة – كسلطة تقديرية – في تكليف موظفيها في الإدارات والأماكن التي تتبع لها، على سبيل المثال، مقيدة وليست مطلقة، فلو كانت مطلقة، ولا تخضع للرقابة القضائية، لأصبحت السلطة التقديرية أو عبارة «مصلحة العمل» أداة في يد صانع القرار، لتحقيق مصالحه الشخصية، والانتقام من موظفيه دون أن يخضع للمحاسبة أو تخضع قراراته للمحاكمة، فتصبح القرارات الإدارية صورة من صور الانحراف بالسلطة والعقوبات المقنعة، وهذا ما سأتحدث عنه في المقالات القادمة.