سارة النانيه

يتساءل كثير منا عن سبب ارتياحنا لبعض الأشخاص، وعدم الارتياح للبعض الآخر من دون أسباب واضحة أو معرفة سابقة، أو مقدمات تعطي مبررات لذلك الشعور.

فهل أحسست يوماً ما أنك انجذبت لشخص ما لمجرد أنك شاهدته لمرة واحدة؟ هل جلست يوماً مع أحد الأشخاص لأول مرة وشعرت أنك قد قابلته سابقاً؟ هل رأيته بموقف وأحسست أن روحيكما تعلقتا بشعور غريب؟

قد يتحدث البعض عن الانطباعات المتعلقة بالشكل والمظهر الخارجي، أو طريقة اللبس، أو الصوت، أو غيرها من المقدمات التي تبرر مشاعر الارتياح أو الحب أو الكره من أول نظرة، لكن ما سأتحدث عنه الآن ستشعرون بالغرابة عند قراءته.

أثناء قراءتي لبعض المجلات الإلكترونية وجدت معلومات عجيبة غريبة تتعلق بنظرية في علم فيزياء الكم، وهذه النظرية هي نظرية «التشابك الكمومي»، وتنص النظرية على، أنه يمكن أن يرتبط جسيمان منفصلان عند توفر ظروف فيزيائية معينة، والتغيرات الحاصلة على أحد الجسيمات تؤثر في الآخر، حتى لو كانا على جانبين متعاكسين من الكون بالنسبة لبعضهما.

هذا الكلام الغريب قد لا يصدقه البعض، لكن بالفعل طُبقت هذه النظرية، ففي بحث نشر، أخيراً، في مجلة «نيتشر» الشهيرة، وجد العلماء من خلال تجربة حقيقية وجود تشابك لأجسام مؤلفة من تريليونات الذرات وظل هذان الجسمان متشابكين لمدة نصف ساعة تقريباً.

هذه النظرية العجيبة وهي نظرية «التشابك الكمومي» قد تفسر كثيراً من الملاحظات التي لم نجد لها تفسيراً، والتي تتعلق بالحدس، أو التوقعات، أو الانجذاب بين الأشخاص، أو التباعد بينهم، من دون أسباب واضحة ومنطقية، ولكن هذا الكلام يحتاج إلى إثبات علمي، ويحتاج إلى مزيد من التجارب التي يمكن أن يجريها العلماء في المستقبل.

وعلى أي حال دعونا نعود لتقارب الأرواح وكيف يمكن لنا أن نقترب ممن نحب روحياً خصوصاً في عصرنا الحالي الذي غلبت فيه المادة على أغلب تصرفاتنا، بل وانطباعاتنا عن الآخرين، وتقاربنا معهم، فالكثيرون الذين يعتمدون على المظاهر الخادعة، أو التجميل الذي يظهر الإنسان خارج حقيقته، وبالتالي الخطأ في الحكم على الأشخاص، ومن هنا يمكن أن تكون التصرفات خطأً بناءً على الانطباعات غير الصحيحة.

لذا فإنه يمكن لنا أن نكون أكثر منطقية في تقاربنا مع من أحسسنا بروحه، أن نتأكد من صدق أحاسيسنا من خلال التعرف على ما يملكه الآخر من صفات أدبية، ومميزات أخلاقية تجعلنا أكثر انجذاباً إليه، وليس ما يملك من مظاهر قد تكون في أغلب الأحيان خادعة أو مفبركة بقصد التلبيس وإخفاء الحقيقة.

ولكن تظل هذه النظرية الغريبة نظرية «التشابك الكمومي» مثار جدل كبير بين العلماء، وهل لها وجود في حياتنا الواقعية لتفسير تقارب الأرواح.

لعل هذه النظرية تكون تفسيراً لقول العقاد، رحمه الله: «نحن لا نحب حين نختار، ولا نختار حين نحب، إننا مع القضاء والقدر حين نولد، وحين نحب، وحين نموت».