عندما كنتُ في مرحلة الدراسة للماجستير والدكتوراه، ما بين عامي 2008 و2016 في أستراليا، كنت أقرأ في أروقة الجامعة الرئيسية، والتي منها أقسام كلية القانون، العبارة التالية: «أستراليا تحافظ على بيئة عمل آمنة. لذلك التنمر غير مقبول.» في ذلك الوقت، كنتُ أظن أن هذه العبارة لا تعدو أن تكون إلا إحدى سياسات الجامعة، كامتداد للسياسة العامة الأسترالية، في حماية حقوق الإنسان ومناهضة العنصرية.
فغلب الظن أنها عبارة للدعاية التجارية، لجذب الطلاب الدوليين – وذلك من خلال التأكيد على مبدأ «الاحتواء والحماية».
ولم أكن أعلم أن هذه العبارة هي في حقيقة الأمر شعار للهيئة القانونية، التابعة للحكومة الأسترالية «لجعل أماكن العمل آمنة». في إحدى قضايا المحكمة الإدارية، والتي أصدرت حكمها بتاريخ 1422، نجد أن من أسباب الحكم لصالح المدعي – الموظف مقيم الدعوى ضد إحدى المنشآت الحكومية – والذي قضى بأن قرار الإدارة يجب إلغاؤه، كان بسبب «العقوبة المقنعة»، و «الانحراف بالسلطة»، و«مخالفة الجهة الإدارية للقواعد النظامية»، و«مخالفة قواعد الهيكل التنظيمي» – حيث إن القرار الإداري الذي صدر بحقه، لا يستند على مشروعية قانونية.
وذلك بسبب أنه كان مشوبا بــ عيب: السبب، والغاية، ومخالفة الأنظمة. فقد بدأ مسلسل القرارات التعسفية ضد الموظف – مقيم الدعوى القضائية – في عام 1420، عندما كان في أحد المناصب القيادية، والذي من خلاله اكتشف تزويرا في محررات رسمية، ترتب عليها دفع مبالغ مالية غير مستحقة.
وجراء محاولاته لثني الإدارة العليا في المنشأة الحكومية الفرعية، التي يعمل بها الموظف لتصحيح هذا الخطأ، قبل الرفع إلى الوزارة للاعتماد، قامت الإدارة بإنهاء تكليفه من منصبه.
ثم قامت بحرمانه من وظيفته المثبت عليها كمدير إدارة. ثم قامت بتجريده من إيكال أي مهام وظيفية تختص بعمله. ثم قامت بتكليفه – بعمل غير متجانس مع طبيعة عمله الأساسي – في مدينة أخرى تبعد عن مقر وظيفته الأساسية لأكثر من 80 كم – بهدف إبعاده.
وبرغم أن الحكم صدر لصالح الموظف، إلا أننا ونحن نستحضر قضيته، نتساءل عن الحالة النفسية التي تعايش معها، والتنمر الذي مورس ضده من قبل رئيسه المباشر.
فكما نعلم، أن القضاء يكون رقيبا على مشروعية القرارات الإدارية – وتكون حدوده، في الغالب، لا تتجاوز إلغاء القرارات الإدارية أو تأييدها. فنحن من خلال استقراء الحكم الذي صدر لصالح الموظف، نعلم أن القرارات التعسفية ألغيت، لكن، لا نعلم ماذا كان مصير الإدارة التي قامت باستخدام السلطة بدافع الانتقام منه والتنمر عليه. فالتنمر في مكان العمل كما تُعرفه الهيئة القانونية الأسترالية، المتعلقة في المحافظة على سلامة وأمن أماكن العمل «الهيئة القانونية الاسترالية»: هو سلوك متكرر وغير معقول، موجه تجاه عامل أو مجموعة من العمال، مما يؤدي بسلامتهم إلى التعرض لمخاطر صحية، سواء كانت بدنية أو نفسية.
والتنمر يتخذ عددا من الأشكال:
استبعاد العامل عن الأنشطة المتعلقة في صميم عمله، أو استخدام لغة أو تعليقات مسيئة، أو التعامل مع العامل بسلوك عدواني ينطوي عليه الترهيب، أو تعليقات أو نكات تحقيرية أو مهينة، أو النقد أو الشكاوى غير المبررة ضد الموظف.
وتذكر الهيئة القانونية الأسترالية، أن التنمر في مكان العمل يمكن أن يؤدي إلى ضرر جسيم بالصحة النفسية للعامل – كالاكتئاب، والإرهاق النفسي.
فهذه النتائج قد تؤثر سلباً على مكان العمل. حيث إن الموظف أو العامل يقوم بطلب إجازات مرضية مما يؤثر تباعا على إنتاجيته، والتي تؤثر سلباً على إنتاجية العمل بشكل عام. فالحكم القضائي المشار إليه أعلاه، والذي قضى لصالح الموظف قام على أساس وجود عقوبة مقنعة وانحراف بالسلطة – والتي يمكن اعتبارها كإساءة لاستعمال السلطة الوظيفية، واستغلال للنفوذ – وهي من المحظورات على الموظف العام، والتي نصت عليها المادة 12 من مدونة السلوك الوظيفي.
كما أن ذلك يعد من عدم احترام الرئيس لحقوق مرؤوسيه من خلال التعامل معهم، دون محاباة أو تمييز – كما في جاء في الفقرة 5 من المادة 11 من مدونة السلوك الوظيفي. جميع القرارات التعسفية التي صدرت بحق هذا الموظف، ليست إلا تنمرا عليه من أجل ردعه وردع أي موظف، يقوم بما قام به هذا الموظف.
حيث إنه قام بتطبيق ما جاء في الفقرة «1» من المادة «20» من مدونة السلوك الوظيفي، والتي تنص على أن: على الموظف العام في سبيل جهود مكافحة الفساد أن يقوم بـ: «إبلاغ رئيسه المباشر خطياً عن أي تجاوز للأنظمة والتعليمات النافذة، التي يطلع عليها خلال عمله».
السؤال هنا: إذا كان رئيسه المباشر متنمرا ويقوم بالتجاوزات فماذا يفعل الموظف؟ إن جهود المملكة الرامية إلى تحقيق رفاهية مجتمعية مستديمة، من خلال زيادة فرص التوظيف واستغلال الموارد البشرية استغلالا أمثل من خلال تحقيق رؤية 2030، وكذلك انتخاب المملكة، بتاريخ 14/7/2021 كعضو أصيل في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، ضمن فريق الحكومات للدورة «2021-2024»، يجعل حماية بيئة العمل، من أهم الأولويات في سبيل التطوير الإداري والتشريعي.
فغلب الظن أنها عبارة للدعاية التجارية، لجذب الطلاب الدوليين – وذلك من خلال التأكيد على مبدأ «الاحتواء والحماية».
ولم أكن أعلم أن هذه العبارة هي في حقيقة الأمر شعار للهيئة القانونية، التابعة للحكومة الأسترالية «لجعل أماكن العمل آمنة». في إحدى قضايا المحكمة الإدارية، والتي أصدرت حكمها بتاريخ 1422، نجد أن من أسباب الحكم لصالح المدعي – الموظف مقيم الدعوى ضد إحدى المنشآت الحكومية – والذي قضى بأن قرار الإدارة يجب إلغاؤه، كان بسبب «العقوبة المقنعة»، و «الانحراف بالسلطة»، و«مخالفة الجهة الإدارية للقواعد النظامية»، و«مخالفة قواعد الهيكل التنظيمي» – حيث إن القرار الإداري الذي صدر بحقه، لا يستند على مشروعية قانونية.
وذلك بسبب أنه كان مشوبا بــ عيب: السبب، والغاية، ومخالفة الأنظمة. فقد بدأ مسلسل القرارات التعسفية ضد الموظف – مقيم الدعوى القضائية – في عام 1420، عندما كان في أحد المناصب القيادية، والذي من خلاله اكتشف تزويرا في محررات رسمية، ترتب عليها دفع مبالغ مالية غير مستحقة.
وجراء محاولاته لثني الإدارة العليا في المنشأة الحكومية الفرعية، التي يعمل بها الموظف لتصحيح هذا الخطأ، قبل الرفع إلى الوزارة للاعتماد، قامت الإدارة بإنهاء تكليفه من منصبه.
ثم قامت بحرمانه من وظيفته المثبت عليها كمدير إدارة. ثم قامت بتجريده من إيكال أي مهام وظيفية تختص بعمله. ثم قامت بتكليفه – بعمل غير متجانس مع طبيعة عمله الأساسي – في مدينة أخرى تبعد عن مقر وظيفته الأساسية لأكثر من 80 كم – بهدف إبعاده.
وبرغم أن الحكم صدر لصالح الموظف، إلا أننا ونحن نستحضر قضيته، نتساءل عن الحالة النفسية التي تعايش معها، والتنمر الذي مورس ضده من قبل رئيسه المباشر.
فكما نعلم، أن القضاء يكون رقيبا على مشروعية القرارات الإدارية – وتكون حدوده، في الغالب، لا تتجاوز إلغاء القرارات الإدارية أو تأييدها. فنحن من خلال استقراء الحكم الذي صدر لصالح الموظف، نعلم أن القرارات التعسفية ألغيت، لكن، لا نعلم ماذا كان مصير الإدارة التي قامت باستخدام السلطة بدافع الانتقام منه والتنمر عليه. فالتنمر في مكان العمل كما تُعرفه الهيئة القانونية الأسترالية، المتعلقة في المحافظة على سلامة وأمن أماكن العمل «الهيئة القانونية الاسترالية»: هو سلوك متكرر وغير معقول، موجه تجاه عامل أو مجموعة من العمال، مما يؤدي بسلامتهم إلى التعرض لمخاطر صحية، سواء كانت بدنية أو نفسية.
والتنمر يتخذ عددا من الأشكال:
استبعاد العامل عن الأنشطة المتعلقة في صميم عمله، أو استخدام لغة أو تعليقات مسيئة، أو التعامل مع العامل بسلوك عدواني ينطوي عليه الترهيب، أو تعليقات أو نكات تحقيرية أو مهينة، أو النقد أو الشكاوى غير المبررة ضد الموظف.
وتذكر الهيئة القانونية الأسترالية، أن التنمر في مكان العمل يمكن أن يؤدي إلى ضرر جسيم بالصحة النفسية للعامل – كالاكتئاب، والإرهاق النفسي.
فهذه النتائج قد تؤثر سلباً على مكان العمل. حيث إن الموظف أو العامل يقوم بطلب إجازات مرضية مما يؤثر تباعا على إنتاجيته، والتي تؤثر سلباً على إنتاجية العمل بشكل عام. فالحكم القضائي المشار إليه أعلاه، والذي قضى لصالح الموظف قام على أساس وجود عقوبة مقنعة وانحراف بالسلطة – والتي يمكن اعتبارها كإساءة لاستعمال السلطة الوظيفية، واستغلال للنفوذ – وهي من المحظورات على الموظف العام، والتي نصت عليها المادة 12 من مدونة السلوك الوظيفي.
كما أن ذلك يعد من عدم احترام الرئيس لحقوق مرؤوسيه من خلال التعامل معهم، دون محاباة أو تمييز – كما في جاء في الفقرة 5 من المادة 11 من مدونة السلوك الوظيفي. جميع القرارات التعسفية التي صدرت بحق هذا الموظف، ليست إلا تنمرا عليه من أجل ردعه وردع أي موظف، يقوم بما قام به هذا الموظف.
حيث إنه قام بتطبيق ما جاء في الفقرة «1» من المادة «20» من مدونة السلوك الوظيفي، والتي تنص على أن: على الموظف العام في سبيل جهود مكافحة الفساد أن يقوم بـ: «إبلاغ رئيسه المباشر خطياً عن أي تجاوز للأنظمة والتعليمات النافذة، التي يطلع عليها خلال عمله».
السؤال هنا: إذا كان رئيسه المباشر متنمرا ويقوم بالتجاوزات فماذا يفعل الموظف؟ إن جهود المملكة الرامية إلى تحقيق رفاهية مجتمعية مستديمة، من خلال زيادة فرص التوظيف واستغلال الموارد البشرية استغلالا أمثل من خلال تحقيق رؤية 2030، وكذلك انتخاب المملكة، بتاريخ 14/7/2021 كعضو أصيل في مجلس إدارة منظمة العمل الدولية، ضمن فريق الحكومات للدورة «2021-2024»، يجعل حماية بيئة العمل، من أهم الأولويات في سبيل التطوير الإداري والتشريعي.