كانت المؤسسات الثقافية تتهم المجتمع بأنه زاهد في الثقافة، لا يقيم وزناً لفعاليات المؤسسات الثقافية، ولا يمنح المثقفين فرصة لعرض ما لديهم، بينما يمنح لاعبي كرة القدم جل وقته.
طوال سنوات بقيت كراسي الأندية الأدبية خالية إلا من القلة، وكان موال اتهام المجتمع بعدم الاهتمام بالثقافة والمعرفة يتناغم مع موال آخر يدعي أن الأندية الأدبية تعمل من أجل إبراز الثقافة وتثقيف المجتمع لكنها لا تجد التقدير!
الفرق بين المؤسسات الدينية والمؤسسات الثقافية أن الأولى تعمل تطوعياً وتجيد التسويق لنفسها وأعمالها، بينما المؤسسات الثقافية تمتلك المال ولا تجيد التسويق لنفسها وأنشطتها، أليس في ذلك شيء من التناقض؟ هل يحق للمجتمع أن يتهم النخب بالفشل في التسويق والعجز عن استخدام الديمقراطية حتى على مستوى المثقفين فقط؟ وماذا سيقول المجتمع وهو يرى المنتسبين والمنتسبات إلى المؤسسات الثقافية لا يحضرون الجمعيات العمومية لمؤسساتهم؟ وماذا سيقول المجتمع وهو يرى الأندية الأدبية تعجز عن جمع نصف أعضائها؟ وماذا سيقول وهو يرى النخب ـ نخب باعتبار انتسابها للأندية ـ تهدم التجربة الديمقراطية للأندية الأدبية بتكاسلها عن الحضور خلافاً لتسابقها في وقت ماضٍ على التصويت لاختيار مجالس إدارات الأندية؟ هل فشلت الديمقراطية في إدارة المؤسسات الثقافية لدينا؟ أم أن مثقفينا فشلوا في إدارة الديمقراطية؟
ليس كل من انتسب إلى الأندية اليوم مثقفا خلافاً للماضي أيام التعيين، وليست كل إدارات الأندية الأدبية اليوم من المثقفين، وإن كان هذا تبرير ضعف حضور الجمعيات العمومية؛ فمن سمح لهؤلاء باقتحام الأندية الأدبية غير المثقفين ووزارة الثقافة؟!