يلحظ المتابع والراصد لما يُكتب في بعض الصحف ووسائل التواصل، رغبة بعض الناس إبعاد الدين عن الحياة، وإبعاده عن الحكم بين الناس، وفصله عن الدولة، فالدين في نظرهم يكون فقط في المسجد، وبين الإنسان وربه، أما ما عدا ذلك فلا علاقة للدين به، فإذا قال المسلم: إن الثورات والخروج على الحكام محرم، قالوا: هذه أمور سياسية لا تدخلوا الدين بها، وإذا قيل: يحرم إنشاء الحزبيات والتيارات لأنها تدعو إلى الفتنة والانقسام ومنازعة ولي الأمر، قالوا: بل نطالب بالتعددية الحزبية وهي أمور سياسية لا تدخلوا الدين بشأنها، وإذا قيل: يحرم منازعة ولي الأمر لأن الشرع جعل قيادة الشعب له، قالوا: بل السيادة للشعب وليس لولي الأمر، وهذه أمور سياسية لا تدخلوا الدين بها.
وإذا قيل: الوفاء بالعقود مع الدول، والصلح مع الكفار، والجهاد في سبيل الله، موكول لولي الأمر، وهي أمور قررتها الشريعة، قالوا: هذه أمور سياسية لا دخل للدين بها، وإذا قيل النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للتمكين واستمراره، لقوله تعالى «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ»، قالوا: هذا دين لا علاقة له بالدولة، وكأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون، وملوك الإسلام بعدهم لم يعملوا بالدين في دولهم، ولم يحكموا بينهم بما أنزل الله، فدعاة الفصل بين الدين والدولة ربما لو كان لهم من الأمر شيء لما أبقوا كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) على علم دولتنا، لأن كلمة التوحيد دين، وهم يرون فصل الدين عن الدولة.
إنهم يرون أن منهج السلف الصالح الذي هو دين الإسلام وقامت عليه هذه البلاد، وقال عنه مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز، رحمه الله، «أنا رجل سلفي» يرونه لا يتوافق مع التحديث والتطوير، فافتعلوا هذه الخصومة بين منهج السلف والتحديث، لمآرب معلومة سيأتي بيانها، بل إنهم رأوا أن منهج السلف وخطابه يقف عائقا أمام التنمية «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا»، ألا يرون ما أحدثه الملك عبدالعزيز، رحمه الله، من تحديثٍ وتطوير، وهو قائد سلفي، يفتخر بسلفيته؟ ألا يعلمون أن الآيات والأحاديث تأمر بالعلم والقوة والتطور والسعي في الأرض، بل حتى إذا قامت الساعة وفي يد أحدنا فسيلة فقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغرسها، فديننا دين يأمرنا بالعمل والقوة والتطور وإتقان العمل، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون.
إن أول آية نزلت في كتاب الله هي «اقرأ» فالإسلام لا يمنع من العلم والعمل والتقدم والصناعة، كلا، بل يأمر بها، ويأمر بإعداد القوة بكل أنواعها قال تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة»، وعلّم الله نبيه داود الصناعة، وأنزل الحديد لننتفع منه في ديننا ودنيانا قال تعالى «وعلمناه صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُون»، وقال تعالى «وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس»، وقال تعالى «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْض وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا».
فإن قيل: ما سبب زعمهم أن منهج السلف لا يتوافق مع التحديث؟
فالجواب:
1- لأن منهج السلف يمنع من الثورات والخروج على الحكام، وهؤلاء القوم يؤيدون الثورات والفتن والخروج على الحكام، وليس هذا تجنياً عليهم، ولا دخولاً في نياتهم، فهذه تغريداتهم وكتاباتهم تشهد عليهم، فهذا هو السبب الرئيس في مقتهم منهج السلف، وتحذيرهم من الخطاب الشرعي الذي يدعو للبيعة والإمامة والسمع والطاعة وعدم الخروج والمنازعة، وما دعوى عدم موافقة منهج السلف للتحديث والتنمية إلا غطاء لتحقيق هدفهم الرئيس.
2- نحن نسألهم: هل منهج السلف الصالح الذي يمنع الثورات والفتن هو الذي عطّل التحديث والتنمية في سورية وتونس وغيرهما من البلاد التي أصيبت بالثورات؟ أم أن الذي عطّل التحديث والتنمية هي الثورات والفتن، التي كنتم تدعون إليها، وتصبون الزيت على النار لإشعالها؟ نبئونا بعلمٍ إن كنتم صادقين.
3- هذا القفز من قارب الإخوان إلى قارب الليبرالية والعكس، ومن قارب القومية إلى قارب العلمانية والعكس، إلى غيرها من مسالك الضلال، لا يغني من الحق شيئا، فهي كلها قوارب لضلال مشترك، وفي الحديث «تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلَب بصاحبه».
4- العقيدة السلفية الصحيحة أمان من جميع الانحرافات، تأمر بالحفاظ على الأمن، وعلى التزام البيعة الشرعية، وعلى عدم منازعة الأمر أهله، وعدم الافتيات على ولي الأمر، أو التهييج والإثارة عليه، وفي المقابل تأمر بإحسان العمل وزيادة العلم والاقتصاد، وفي سورة يوسف رؤية اقتصادية عجيبة وضعها ونفذها نبي الله يوسف، عليه السلام، أنقذت البلاد والعباد، وقد ذكرها الله في كتابه ليستفيد منها المسلمون ويعتبروا بها «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب»، فكيف يقال الدين والإبداع والتحديث لا يتمعان؟
اللهم إنا نسألك أن تهدينا وإياهم لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم.
وإذا قيل: الوفاء بالعقود مع الدول، والصلح مع الكفار، والجهاد في سبيل الله، موكول لولي الأمر، وهي أمور قررتها الشريعة، قالوا: هذه أمور سياسية لا دخل للدين بها، وإذا قيل النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب للتمكين واستمراره، لقوله تعالى «الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ»، قالوا: هذا دين لا علاقة له بالدولة، وكأن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وخلفاؤه الراشدون، وملوك الإسلام بعدهم لم يعملوا بالدين في دولهم، ولم يحكموا بينهم بما أنزل الله، فدعاة الفصل بين الدين والدولة ربما لو كان لهم من الأمر شيء لما أبقوا كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) على علم دولتنا، لأن كلمة التوحيد دين، وهم يرون فصل الدين عن الدولة.
إنهم يرون أن منهج السلف الصالح الذي هو دين الإسلام وقامت عليه هذه البلاد، وقال عنه مؤسس هذا الكيان الملك عبدالعزيز، رحمه الله، «أنا رجل سلفي» يرونه لا يتوافق مع التحديث والتطوير، فافتعلوا هذه الخصومة بين منهج السلف والتحديث، لمآرب معلومة سيأتي بيانها، بل إنهم رأوا أن منهج السلف وخطابه يقف عائقا أمام التنمية «كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا»، ألا يرون ما أحدثه الملك عبدالعزيز، رحمه الله، من تحديثٍ وتطوير، وهو قائد سلفي، يفتخر بسلفيته؟ ألا يعلمون أن الآيات والأحاديث تأمر بالعلم والقوة والتطور والسعي في الأرض، بل حتى إذا قامت الساعة وفي يد أحدنا فسيلة فقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغرسها، فديننا دين يأمرنا بالعمل والقوة والتطور وإتقان العمل، ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون.
إن أول آية نزلت في كتاب الله هي «اقرأ» فالإسلام لا يمنع من العلم والعمل والتقدم والصناعة، كلا، بل يأمر بها، ويأمر بإعداد القوة بكل أنواعها قال تعالى «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّة»، وعلّم الله نبيه داود الصناعة، وأنزل الحديد لننتفع منه في ديننا ودنيانا قال تعالى «وعلمناه صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُون»، وقال تعالى «وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاس»، وقال تعالى «هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْض وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا».
فإن قيل: ما سبب زعمهم أن منهج السلف لا يتوافق مع التحديث؟
فالجواب:
1- لأن منهج السلف يمنع من الثورات والخروج على الحكام، وهؤلاء القوم يؤيدون الثورات والفتن والخروج على الحكام، وليس هذا تجنياً عليهم، ولا دخولاً في نياتهم، فهذه تغريداتهم وكتاباتهم تشهد عليهم، فهذا هو السبب الرئيس في مقتهم منهج السلف، وتحذيرهم من الخطاب الشرعي الذي يدعو للبيعة والإمامة والسمع والطاعة وعدم الخروج والمنازعة، وما دعوى عدم موافقة منهج السلف للتحديث والتنمية إلا غطاء لتحقيق هدفهم الرئيس.
2- نحن نسألهم: هل منهج السلف الصالح الذي يمنع الثورات والفتن هو الذي عطّل التحديث والتنمية في سورية وتونس وغيرهما من البلاد التي أصيبت بالثورات؟ أم أن الذي عطّل التحديث والتنمية هي الثورات والفتن، التي كنتم تدعون إليها، وتصبون الزيت على النار لإشعالها؟ نبئونا بعلمٍ إن كنتم صادقين.
3- هذا القفز من قارب الإخوان إلى قارب الليبرالية والعكس، ومن قارب القومية إلى قارب العلمانية والعكس، إلى غيرها من مسالك الضلال، لا يغني من الحق شيئا، فهي كلها قوارب لضلال مشترك، وفي الحديث «تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلَب بصاحبه».
4- العقيدة السلفية الصحيحة أمان من جميع الانحرافات، تأمر بالحفاظ على الأمن، وعلى التزام البيعة الشرعية، وعلى عدم منازعة الأمر أهله، وعدم الافتيات على ولي الأمر، أو التهييج والإثارة عليه، وفي المقابل تأمر بإحسان العمل وزيادة العلم والاقتصاد، وفي سورة يوسف رؤية اقتصادية عجيبة وضعها ونفذها نبي الله يوسف، عليه السلام، أنقذت البلاد والعباد، وقد ذكرها الله في كتابه ليستفيد منها المسلمون ويعتبروا بها «لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب»، فكيف يقال الدين والإبداع والتحديث لا يتمعان؟
اللهم إنا نسألك أن تهدينا وإياهم لما اختُلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم.