في الصين، اُستخدمت عبارة «الحرب الباردة» في الرد على اتفاق «أوكوس» بين الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، الذي لا يخفى على أحد أن المقصود به تحجيم دور الصين في شرق آسيا، وكسر طموحها الإستراتيجي العالمي.
أمين عام هيئة الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، حذر من العودة لأجواء الحرب الباردة على السلم العالمي. كما اعتبرت روسيا أن العالم دخل فعلا في مواجهة كونية شاملة. وبما أن الشرق الأوسط، بمفهومه الواسع، كان في السابق مسرحا رئيسا للحرب الباردة، فإن السؤال المطروح اليوم: ما هو تأثير المعادلة الدولية الراهنة على أوضاع ومصالح الشرق الأوسط؟.
هنا لا بد أن نقرر حقيقتين بارزتين:
- إن التوازنات الإقليمية قد تغيرت في المنطقة، فأصبحت المنظومة الخليجية، بقيادة السعودية، هي محور النظام العربي، وهي الطرف الفاعل في قضاياه. ومن هنا، فإن وزن السعودية ودائرتها الخليجية مؤثر وحاسم في المعطيات الإستراتيجية الحالية.
- إن دول المنطقة استطاعت، في العقود الأخيرة، تطوير علاقاتها الدولية في أصعد واتجاهات عدة، بدلا من اعتمادها على قوة عالمية واحدة، وهكذا تم دفع الروابط العسكرية والاقتصادية والتقنية مع روسيا والصين والهند، وغيرها من القوى الدولية الصاعدة.
لقد تأملت دول المنطقة جيدا سياسات الحلفاء الدوليين إزاء الصراعات الإقليمية التي تتركز اليوم على كبح السياسات العدوانية الإيرانية في العالم العربي. كما تأملت مواقفها من موجة الفوضى التي عصفت بعدد من أهم دول الإقليم في السنوات العشر الأخيرة.
ومن هنا، اعتبرت أن الموقف الإستراتيجي السليم يعتمد على ركيزتين أساسيتين: بناء القوة الذاتية اقتصاديا وتقنيا وإستراتيجيا ضمن دوائر الشراكة الإقليمية خليجيا وعربيا، وفي اتجاه الامتدادات الطبيعية في القرن الإفريقي والبحر الأحمر وآسيا الوسطى، وتنويع الشراكة الدولية بالانفتاح على مختلف المحاور الدولية الفاعلة.
قبل 50 سنة، طرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر فكرة الشراكة الأمريكية - الصينية، لاحتواء الخطر السوفيتي، وفي 2011 أصدر كتابا مهما بعنوان «حول الصين» (On China)، نبه فيه إلى مخاطر التصادم الأمريكي - الصيني على استقرار العالم وأمن ورفاهية البلدين.
لقد اعتبر «كيسنجر» أن الصين حققت طفرتها الاقتصادية بفضل عاملين متعاضدين: القوة العمالية الشابة في الصين، والرفاهية الاقتصادية في الغرب التي سمحت بشراء المنتج الصناعي الصيني. أما اليوم، فنشهد التراجع الديموغرافي في الصين، والأزمة الاقتصادية في العالم الغربي. ولأجل هذه الوضعية، ذهب «كيسنجر» إلى أن من مصلحة الولايات المتحدة والصين وضع نظام تشاركي في المحور المستقبلي للعالم بآسيا والمحيط الهادي لمصلحتهما معا.
لم تعد هذه الأطروحة قائمة منذ عهد الرئيس السابق ترمب، وخليفته الحالي بايدن، فكلاهما يرى أن الصين أصبحت قوة منافسة اقتصاديا وتقنيا لأمريكا، وخطرا على مصالحها الإستراتيجية.
ما يجب التحذير منه هو أن يستخدم كلا البلدان منطقة الشرق الأوسط، التي هي الجسر بين أوروبا وآسيا الوسطى وشرق آسيا، في هذه الحرب الجديدة، حيث إن الصين صممت مشروعها الطموح «طريق الحرير» لهذا الغرض، وهي اليوم حاضرة بقوة في المحيط الهندي والبحر الأحمر وخليج عدن، أي في مفاتيح أمن الخليج والجزيرة العربية. أما الولايات المتحدة، فلا تخفي طموحها لإعادة استخدام قاعدتها الإستراتيجية في المنطقة من أجل حسم الصراع الجديد، ضمن مفهومها للشرق الأوسط الموسع الذي يمتد إلى أفغانستان.
لقد كانت جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بآسيا في 2019 بداية مرحلة مهمة من الرؤية الإستراتيجية الجديدة للمملكة، التي تقوم على تعزيز حضور السعودية في مجالها الآسيوي الطبيعي، ضمن منظور متوازن ومرن في ضبط اتجاهات العلاقات الدولية الراهنة، بينما نأت بنفسها عن منطق المواجهة والحرب الباردة، وقدمت نفسها قوة جامعة وعنصر استقرار وسلام في محيط شديد التأزم.
أمين عام هيئة الأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، حذر من العودة لأجواء الحرب الباردة على السلم العالمي. كما اعتبرت روسيا أن العالم دخل فعلا في مواجهة كونية شاملة. وبما أن الشرق الأوسط، بمفهومه الواسع، كان في السابق مسرحا رئيسا للحرب الباردة، فإن السؤال المطروح اليوم: ما هو تأثير المعادلة الدولية الراهنة على أوضاع ومصالح الشرق الأوسط؟.
هنا لا بد أن نقرر حقيقتين بارزتين:
- إن التوازنات الإقليمية قد تغيرت في المنطقة، فأصبحت المنظومة الخليجية، بقيادة السعودية، هي محور النظام العربي، وهي الطرف الفاعل في قضاياه. ومن هنا، فإن وزن السعودية ودائرتها الخليجية مؤثر وحاسم في المعطيات الإستراتيجية الحالية.
- إن دول المنطقة استطاعت، في العقود الأخيرة، تطوير علاقاتها الدولية في أصعد واتجاهات عدة، بدلا من اعتمادها على قوة عالمية واحدة، وهكذا تم دفع الروابط العسكرية والاقتصادية والتقنية مع روسيا والصين والهند، وغيرها من القوى الدولية الصاعدة.
لقد تأملت دول المنطقة جيدا سياسات الحلفاء الدوليين إزاء الصراعات الإقليمية التي تتركز اليوم على كبح السياسات العدوانية الإيرانية في العالم العربي. كما تأملت مواقفها من موجة الفوضى التي عصفت بعدد من أهم دول الإقليم في السنوات العشر الأخيرة.
ومن هنا، اعتبرت أن الموقف الإستراتيجي السليم يعتمد على ركيزتين أساسيتين: بناء القوة الذاتية اقتصاديا وتقنيا وإستراتيجيا ضمن دوائر الشراكة الإقليمية خليجيا وعربيا، وفي اتجاه الامتدادات الطبيعية في القرن الإفريقي والبحر الأحمر وآسيا الوسطى، وتنويع الشراكة الدولية بالانفتاح على مختلف المحاور الدولية الفاعلة.
قبل 50 سنة، طرح وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر فكرة الشراكة الأمريكية - الصينية، لاحتواء الخطر السوفيتي، وفي 2011 أصدر كتابا مهما بعنوان «حول الصين» (On China)، نبه فيه إلى مخاطر التصادم الأمريكي - الصيني على استقرار العالم وأمن ورفاهية البلدين.
لقد اعتبر «كيسنجر» أن الصين حققت طفرتها الاقتصادية بفضل عاملين متعاضدين: القوة العمالية الشابة في الصين، والرفاهية الاقتصادية في الغرب التي سمحت بشراء المنتج الصناعي الصيني. أما اليوم، فنشهد التراجع الديموغرافي في الصين، والأزمة الاقتصادية في العالم الغربي. ولأجل هذه الوضعية، ذهب «كيسنجر» إلى أن من مصلحة الولايات المتحدة والصين وضع نظام تشاركي في المحور المستقبلي للعالم بآسيا والمحيط الهادي لمصلحتهما معا.
لم تعد هذه الأطروحة قائمة منذ عهد الرئيس السابق ترمب، وخليفته الحالي بايدن، فكلاهما يرى أن الصين أصبحت قوة منافسة اقتصاديا وتقنيا لأمريكا، وخطرا على مصالحها الإستراتيجية.
ما يجب التحذير منه هو أن يستخدم كلا البلدان منطقة الشرق الأوسط، التي هي الجسر بين أوروبا وآسيا الوسطى وشرق آسيا، في هذه الحرب الجديدة، حيث إن الصين صممت مشروعها الطموح «طريق الحرير» لهذا الغرض، وهي اليوم حاضرة بقوة في المحيط الهندي والبحر الأحمر وخليج عدن، أي في مفاتيح أمن الخليج والجزيرة العربية. أما الولايات المتحدة، فلا تخفي طموحها لإعادة استخدام قاعدتها الإستراتيجية في المنطقة من أجل حسم الصراع الجديد، ضمن مفهومها للشرق الأوسط الموسع الذي يمتد إلى أفغانستان.
لقد كانت جولة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بآسيا في 2019 بداية مرحلة مهمة من الرؤية الإستراتيجية الجديدة للمملكة، التي تقوم على تعزيز حضور السعودية في مجالها الآسيوي الطبيعي، ضمن منظور متوازن ومرن في ضبط اتجاهات العلاقات الدولية الراهنة، بينما نأت بنفسها عن منطق المواجهة والحرب الباردة، وقدمت نفسها قوة جامعة وعنصر استقرار وسلام في محيط شديد التأزم.