في الوقت الذي استخدمت فيه كثير من الدول إنتاجاتها الدرامية كقوة ناعمة تسوقها ثقافيا سياسيا واقتصاديا وسياحيا، ما زال كثيرون يطرحون تساؤلات عريضة ومحقة عما إن كان الدراما السعودية يمكنها أن تلعب هذ الدور، على الرغم من الإقرار أنها في بعض إنتاجاتها، وعلى الأخص تلك التي تقودها تجارب شبابية اتخذت من اليوتيوب والأفلام طريقا للتعبير عن أنفسها، نجحت في بعض الأحيان في نقل صورة السعودي للخارج، كما يليق بالحراك والتطور الذي تشهده المملكة في مختلف الجوانب.
ورأى كثيرون أن إمكانية إيجاد دراما سعودية كقوة ناعمة ذات مردود إيجابي على المملكة تبقى متاحة وواردة، دون المساس بمجتمع أو إقليم أو عرق معين، مشددين على أن البعض من منتجي الأفلام والمسلسلات الدرامية تلاعبوا بهذه الثوابت خلال الفترة الماضية، في وقت يحتاج فيه الوطن من يسوق له مشاريعه الطموحة، ويسرد ملاحم رموزه، ويتم من خلاله تصوير السعودية للعالم بأكمله كحضارة أصيلة، وكحاضر مزهر.
قوة تأثير
شكلت الدراما التركية نموذجا للتأثير الثقافي والسياحي على الساحة العربية، فمنذ بدأ صعودها عربيا في عام 2006 مع مسلسل «نور»، وما خلفه ذلك من تحسن سياحتها حيث صور المسلسل في قصر توكباكي الذي بات ملاذا للسياح وخصوصا العرب، بدأت تركيا تستغل الدراما لتسويق صورتها، وجني الأرباح، حتى أن وزارة الثقافة التركية أكدت أنه تم تحقيق عوائد تزيد على 65 مليون دولار، بسبب تصدير المسلسلات التركية إلى العالم، حيث يشاهدها أكثر من 150 مليون شخص في نحو 76 دولة، في وقت شاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل «نور» على وجه التحديد نحو 80 مليون شخص في العالم العربي وحده. هذا التأثير المثير، تحدثت عنه مجلة «فورين بوليسي» الأميركية المرموقة في 2010، وقالت «إن الدراما التركية أثبتت أن كسب قلوب من يعيش في العالم الإسلامي ليست مهمة مستحيلة، لكن مشكلة الولايات المتحدة أنها لم تكتشف الطريقة الصحيحة للقيام بذلك».
الدراما للترويج
يرى أستاذ الإعلام المساعد في جامعة أم القرى الدكتور فؤاد بوقس، أن الدول الآن تستخدم الدراما كقوة ناعمة للتسويق الثقافي والإقتصادي والسياسي، وقال لـ«الوطن»، «يتم استخدام الدراما لتحقيق هذا الهدف، وهناك أمثلة كثيرة مثل السينما الأميركية (هوليوود) والدراما الأمريكية التي تندرج في بعض المسلسلات كالسوب أوبرا، ومسلسل فرنس، وكثير من الأفلام التي تم تقديمها ومجدت الأمريكي وأظهرته مدافعا عن القيم والعدالة ونصرة الآخر، وهو الأمر الذي أثر في ثقافة الشعوب الأخرى، وفي اقتصادياتها وأفكارها»، مشيرا إلى أنه تم التعرف على الثقافات الأخرى في كثير من الأحيان من خلال الدراما. وأضاف «خير مثال على قوة التأثير الدرامي، ما أحدثته الدراما التركية من تأثير في الترويج للسياحة، وهو هدف تبينه حتى السياسيون الأتراك، فنقلوا الدعم للمسلسلات التي تمجد أيضا كثيرا من رموزهم التاريخية على الرغم من وحشيتها، ومن بعدها أتت الدراما الكورية والهندية ونتفيلكس والاهتمام بالمحتوى العالمي، كما أحدثت بعض المسلسلات الإسبابنية تأثيرا عالمياً مثل مسلسل الأسطورة الذي بثته نتفيلكس على أكثر من موسم، وقد أحدث نقلة وتأثيرا كبيرين على العالم بأسره». وبين أن «الدراما كقوة ناعمة أثرت في رغبة كثيرين في تعلم لغات الأعمال الدرامية الناجحة والكبيرة، كما حدث مع اللغة الكورية حيث تهاتف كثيرون على اكتسابها، لتعلقهم بالمسلسلات والدارما الكورية، وكذلك اللغة الإنجليزية التي تعلمها كثيرون من خلال الأفلام والمسلسلات، وكذلك الإسبانية وغيرها كثير من المسلسلات».
صورة محددة
أشار بوقس إلى أن «الدراما كقوة ناعمة في حقيقة الأمر قد تكون حاملة للثقافة ومروجة للسياحة، وقد تقدم صورة ما عن شعب أو دولة، وهذه الصورة قد تكون إيجابية أو سلبية، لكنها تخلف أثرا، وبالتالي فإن اعتناءنا بالدراما المحلية، وتصويرها بالشكل الصحيح سينعكس بالضرورة قوة إيجابية لصورتنا أمام الآخر». وأوضح «الدراما العربية والخليجية لا تعلم كيفية تسويق نفسها، ولم ترق بعد لأن تكون قوة ناعمة مؤثرة في تقديم صورتنا لدى الآخرين، وذلك لأسباب كثيرة، منها افتقاد صناعة الدراما والأفلام لدى تلك الدول والتي منها كذلك السعودية، ولا يوجد نموذج للصناعة الدرامية عربيا سوى الدراما المصرية، ولكنها جميعها على المستوى المحلي أو العربي».
تطور ملحوظ
أردف بوقس «هناك إنتاج مختلف على مستوى الدراما العربية، وكذلك السعودية من ناحية الإنتاج والمؤثرات والصوتيات والإضاءات والتصوير وحتى أداء الممثلين، وربما لعبت الاستعانة بمخرجين عالميين تأثيرها في هذه النقلة، وهناك الآن توجه نحو ذلك ولكن بقصة سعودية أو عربية وواقع عربي».
وأوضح «من أهم الأمور التي تساهم في تحويل الدراما إلى قوة ناعمة، أن تكون هناك معاهد وأكاديميات لصناعة الدراما وصناعة الأفلام، وذلك من ناحية التمثيل والإخراج والإضاءة والديكور وغيرها، ما يساعد في إبراز القوة الناعمة، والتي تجعل الناس يرون قصة وتصويرا وأداء وديكورا وتقنيات معينة، ولذلك يجب أن تكون درامتنا متواكبة مع العالم والصناعة المتقدمة لهذا الأمر، كما يمكنها أن تكون مصدرا استثماريا يحقق إيرادات مهمة للدولة».
غياب التوفيق
على خلاف الرؤية المتفائلة، يرى أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور محمد السهلي لـ«الوطن» أن القائمين على كثير من المسلسلات لم يفوقوا في عرضها، فقدموا نماذج مشينة، معتبرا أن الوسائل لها أحكام وغايات، والغاية من عرض مثل تلك الأعمال كانت سيئة، وأحيانا يمكن وصفها بأنها أعمال فتنة، ونحمد الله أنه تم إطفاؤها«. وأضاف»هذه الأعمال الدرامية التي تقدمها درامتنا تعطي في كثير من الأحيان صورة مشينة وسيئة في الداخل والخارج، وتكاد توحي للآخر أن هذا حال المملكة من حيث تعدد الجرائم وانعدام الأمن، حتى لو كان ذلك في حقبة زمنية قديمة، لكن تناولها دراميا دفع كثيرين لتقمصها«. وتابع»أدعو الإخوة القائمين على وزارة الإعلام لضرورة بذل مزيد من فحص المحتويات الإعلامية التي تنتج دراميا، لأن لها آثارا سيئة جدا في إفساد الشباب والمراهقين، ونرى الآن بعض آثارها عبر الافتخار بشخصيات سلبية تم إخراجها بمخرج التمجيد والتعظيم والإجلال«.
وأضاف»للأسف بعض القنوات المحسوبة على بلادنا تسهم في إخراج مسلسلات لدول أخرى وتمجد عظماءها وزعماءها، وتتجاهل الرموز الحقيقية لبلدنا».
الاحتياجات لتحويل الدراما قوة ناعمة
صناعة متطورة
معاهد لإعداد الممثل والمخرج وكتاب السيناريو
معاهد لإعداد الفنيين (تصوير، إضاءة، ديكور، مكياج)
استلهام القصص المحلية وتصوير الواقع المحلي
الاستفادة من تجارب الآخرين ومعرفة نقاط قوتها وضعفها
الدراما كقوة ناعمة
تدخل كل البيوت
تدغدغ مشاعر المشاهدين
تترك آثارها لدى المتابع
يمكنها إثارة التعاطف أو النقمة
يمكنها تصحيح الصور النمطية المغلوطة عن مجتمع ما
يمكنها أن تروج لأماكن سياحية وتحقق عائدات اقتصادية
يمكن أن تعزز الانتماء الوطني عبر عرض مآثر الرموز الوطنية
ورأى كثيرون أن إمكانية إيجاد دراما سعودية كقوة ناعمة ذات مردود إيجابي على المملكة تبقى متاحة وواردة، دون المساس بمجتمع أو إقليم أو عرق معين، مشددين على أن البعض من منتجي الأفلام والمسلسلات الدرامية تلاعبوا بهذه الثوابت خلال الفترة الماضية، في وقت يحتاج فيه الوطن من يسوق له مشاريعه الطموحة، ويسرد ملاحم رموزه، ويتم من خلاله تصوير السعودية للعالم بأكمله كحضارة أصيلة، وكحاضر مزهر.
قوة تأثير
شكلت الدراما التركية نموذجا للتأثير الثقافي والسياحي على الساحة العربية، فمنذ بدأ صعودها عربيا في عام 2006 مع مسلسل «نور»، وما خلفه ذلك من تحسن سياحتها حيث صور المسلسل في قصر توكباكي الذي بات ملاذا للسياح وخصوصا العرب، بدأت تركيا تستغل الدراما لتسويق صورتها، وجني الأرباح، حتى أن وزارة الثقافة التركية أكدت أنه تم تحقيق عوائد تزيد على 65 مليون دولار، بسبب تصدير المسلسلات التركية إلى العالم، حيث يشاهدها أكثر من 150 مليون شخص في نحو 76 دولة، في وقت شاهد الحلقة الأخيرة من مسلسل «نور» على وجه التحديد نحو 80 مليون شخص في العالم العربي وحده. هذا التأثير المثير، تحدثت عنه مجلة «فورين بوليسي» الأميركية المرموقة في 2010، وقالت «إن الدراما التركية أثبتت أن كسب قلوب من يعيش في العالم الإسلامي ليست مهمة مستحيلة، لكن مشكلة الولايات المتحدة أنها لم تكتشف الطريقة الصحيحة للقيام بذلك».
الدراما للترويج
يرى أستاذ الإعلام المساعد في جامعة أم القرى الدكتور فؤاد بوقس، أن الدول الآن تستخدم الدراما كقوة ناعمة للتسويق الثقافي والإقتصادي والسياسي، وقال لـ«الوطن»، «يتم استخدام الدراما لتحقيق هذا الهدف، وهناك أمثلة كثيرة مثل السينما الأميركية (هوليوود) والدراما الأمريكية التي تندرج في بعض المسلسلات كالسوب أوبرا، ومسلسل فرنس، وكثير من الأفلام التي تم تقديمها ومجدت الأمريكي وأظهرته مدافعا عن القيم والعدالة ونصرة الآخر، وهو الأمر الذي أثر في ثقافة الشعوب الأخرى، وفي اقتصادياتها وأفكارها»، مشيرا إلى أنه تم التعرف على الثقافات الأخرى في كثير من الأحيان من خلال الدراما. وأضاف «خير مثال على قوة التأثير الدرامي، ما أحدثته الدراما التركية من تأثير في الترويج للسياحة، وهو هدف تبينه حتى السياسيون الأتراك، فنقلوا الدعم للمسلسلات التي تمجد أيضا كثيرا من رموزهم التاريخية على الرغم من وحشيتها، ومن بعدها أتت الدراما الكورية والهندية ونتفيلكس والاهتمام بالمحتوى العالمي، كما أحدثت بعض المسلسلات الإسبابنية تأثيرا عالمياً مثل مسلسل الأسطورة الذي بثته نتفيلكس على أكثر من موسم، وقد أحدث نقلة وتأثيرا كبيرين على العالم بأسره». وبين أن «الدراما كقوة ناعمة أثرت في رغبة كثيرين في تعلم لغات الأعمال الدرامية الناجحة والكبيرة، كما حدث مع اللغة الكورية حيث تهاتف كثيرون على اكتسابها، لتعلقهم بالمسلسلات والدارما الكورية، وكذلك اللغة الإنجليزية التي تعلمها كثيرون من خلال الأفلام والمسلسلات، وكذلك الإسبانية وغيرها كثير من المسلسلات».
صورة محددة
أشار بوقس إلى أن «الدراما كقوة ناعمة في حقيقة الأمر قد تكون حاملة للثقافة ومروجة للسياحة، وقد تقدم صورة ما عن شعب أو دولة، وهذه الصورة قد تكون إيجابية أو سلبية، لكنها تخلف أثرا، وبالتالي فإن اعتناءنا بالدراما المحلية، وتصويرها بالشكل الصحيح سينعكس بالضرورة قوة إيجابية لصورتنا أمام الآخر». وأوضح «الدراما العربية والخليجية لا تعلم كيفية تسويق نفسها، ولم ترق بعد لأن تكون قوة ناعمة مؤثرة في تقديم صورتنا لدى الآخرين، وذلك لأسباب كثيرة، منها افتقاد صناعة الدراما والأفلام لدى تلك الدول والتي منها كذلك السعودية، ولا يوجد نموذج للصناعة الدرامية عربيا سوى الدراما المصرية، ولكنها جميعها على المستوى المحلي أو العربي».
تطور ملحوظ
أردف بوقس «هناك إنتاج مختلف على مستوى الدراما العربية، وكذلك السعودية من ناحية الإنتاج والمؤثرات والصوتيات والإضاءات والتصوير وحتى أداء الممثلين، وربما لعبت الاستعانة بمخرجين عالميين تأثيرها في هذه النقلة، وهناك الآن توجه نحو ذلك ولكن بقصة سعودية أو عربية وواقع عربي».
وأوضح «من أهم الأمور التي تساهم في تحويل الدراما إلى قوة ناعمة، أن تكون هناك معاهد وأكاديميات لصناعة الدراما وصناعة الأفلام، وذلك من ناحية التمثيل والإخراج والإضاءة والديكور وغيرها، ما يساعد في إبراز القوة الناعمة، والتي تجعل الناس يرون قصة وتصويرا وأداء وديكورا وتقنيات معينة، ولذلك يجب أن تكون درامتنا متواكبة مع العالم والصناعة المتقدمة لهذا الأمر، كما يمكنها أن تكون مصدرا استثماريا يحقق إيرادات مهمة للدولة».
غياب التوفيق
على خلاف الرؤية المتفائلة، يرى أستاذ الدراسات العليا بكلية الشريعة بجامعة أم القرى، عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، الدكتور محمد السهلي لـ«الوطن» أن القائمين على كثير من المسلسلات لم يفوقوا في عرضها، فقدموا نماذج مشينة، معتبرا أن الوسائل لها أحكام وغايات، والغاية من عرض مثل تلك الأعمال كانت سيئة، وأحيانا يمكن وصفها بأنها أعمال فتنة، ونحمد الله أنه تم إطفاؤها«. وأضاف»هذه الأعمال الدرامية التي تقدمها درامتنا تعطي في كثير من الأحيان صورة مشينة وسيئة في الداخل والخارج، وتكاد توحي للآخر أن هذا حال المملكة من حيث تعدد الجرائم وانعدام الأمن، حتى لو كان ذلك في حقبة زمنية قديمة، لكن تناولها دراميا دفع كثيرين لتقمصها«. وتابع»أدعو الإخوة القائمين على وزارة الإعلام لضرورة بذل مزيد من فحص المحتويات الإعلامية التي تنتج دراميا، لأن لها آثارا سيئة جدا في إفساد الشباب والمراهقين، ونرى الآن بعض آثارها عبر الافتخار بشخصيات سلبية تم إخراجها بمخرج التمجيد والتعظيم والإجلال«.
وأضاف»للأسف بعض القنوات المحسوبة على بلادنا تسهم في إخراج مسلسلات لدول أخرى وتمجد عظماءها وزعماءها، وتتجاهل الرموز الحقيقية لبلدنا».
الاحتياجات لتحويل الدراما قوة ناعمة
صناعة متطورة
معاهد لإعداد الممثل والمخرج وكتاب السيناريو
معاهد لإعداد الفنيين (تصوير، إضاءة، ديكور، مكياج)
استلهام القصص المحلية وتصوير الواقع المحلي
الاستفادة من تجارب الآخرين ومعرفة نقاط قوتها وضعفها
الدراما كقوة ناعمة
تدخل كل البيوت
تدغدغ مشاعر المشاهدين
تترك آثارها لدى المتابع
يمكنها إثارة التعاطف أو النقمة
يمكنها تصحيح الصور النمطية المغلوطة عن مجتمع ما
يمكنها أن تروج لأماكن سياحية وتحقق عائدات اقتصادية
يمكن أن تعزز الانتماء الوطني عبر عرض مآثر الرموز الوطنية