أكنت وما زالت من أشد المنادين والمؤيدين لنشر ثقافة الجوائز في وسطنا الرياضي. وأسعدني مبادرات طيبة استهدفت النشاط الرياضي السعودي في السنوات الأخيرة. ولا أشك لحظة أنها تهدف إلى الارتقاء بالشباب الرياضي السعودي وتحفيزه، وتثمين المنجز في بلادنا، غير أن بعض الأساليب أو المخرجات تنحرف أحيانا عن الهدف الأساس، ودورنا كإعلام رياضي التنبيه لها بحسن نية والمساعدة في معالجاتها.. وهذه السطور تأتي في هذا السياق!
كانت مبادرة القناة الرياضية السعودية واحدة من تلك المبادرات المفرحة في فكرتها ومنطلقاتها. وتتبعت هذه الجوائز منذ إطلاقها، شأنها شأن بقية الجوائز الرياضية الدولية التي أحرص دوما على متابعتها ورصدها، وكنت في العامين الماضيين أسجل بعض الملاحظات وأحتفظ بها كي لا تعد مثبطة للقائمين على الجائزة أو فهمها على أوجه غير صحيحة، فآثرت عدم البوح بها في حينه، إلا أن القائمة المعلنة الأخيرة صدمتني كثيراً، وجعلتني ملزماً بهذا الطرح، بعيداً عن تأويلات من سيفسر بانفعال!!
أؤكد أنني من المشجعين لجوائز القناة الرياضية وأتمنى استمرارها على الدوام، إلا أن ذلك لا يعني السكوت على إفرازات الجائزة التي تتسبب، من حيث يعلم المسؤول أو لا يعلم، في ردة فعل سلبية على بقية الرياضيين الذين تجاوزتهم وهم بها جديرون، في الوقت الذي نأمل من جميع الجوائز الوطنية أن تسهم في تحفيز المواهب، ودفع الرياضيين المبرزين إلى الأمام، بعيداً عن انتماءاتهم ورياضاتهم إن كانت ذات شعبية أو غير ذلك، مادام أنها رياضات مدرجة ضمن برنامج اللجنة الأولمبية السعودية.
إن أشد ما أصابني في قائمة الجائزة الأحدث أمور كثيرة، أوجز أهمها:
أولاً: تكريس هذه الجائزة لكرة القدم ومنحها الأولوية والاهتمام والأسبقية على بقية الرياضات، وكأنها جائزة تم تأسيسها في مدرج منغمس في تعصب الكرة ولاعبيها؟!
ثانياً: التوزيع المالي (على محدودية أرقامه) لم يتجه حقيقة نحو التحفيز والمساهمة في تأصيل وعي رياضي ناضج يدفع إلى النظر لمصلحة الرياضة السعودية، من حيث إن الاهتمام بالرياضات دون تمييز من وسائل الإعلام يساعد على نشرها وتوعية الناس بها وبمكتسباتها ونجومها، فكل رياضي منجز باسم الوطن هو محل تقدير الجميع، ولا فرق أن يكون لاعب كرة قدم أو سلة أو يد أو ألعاب قوى أو فروسية أو كاراتيه أو رماية... إلخ.
ثالثاً: أذهلني غياب المنجزين فعلياً لرياضة الوطن، أمثال أبطال الرماية (نجوم الدورة العربية الأخيرة بالدوحة)، وكذلك غياب الفرسان الأبطال الذين حققوا أفضل الإنجازات والمكاسب الإقليمية والقارية والدولية، وأيضاً غياب أبطال ألعاب القوى والجودو والمبارزة، وغيرهم. فمن يقول إن الرياضة السعودية لم ينجز فيها سوى تلك الألعاب التي وردت بقائمة الجائزة هذا العام؟ هل يعقل تغييب هذه الرياضات المنجزة عن ذهنية القائمين على الجائزة، بينما تذكروا مثلاً لاعبي كرة القدم الذين لم يقدموا هذا العام سوى الخيبات والإخفاقات للرياضة السعودية!!!
رابعاً: كيف لجائزة أن تكون محفزة للرياضيين ونظرتهم كما هي، فهل يعقل أن ننظر للاعب واعد أنه أقل من حارس مرمى أو مدافع أو لاعب وسط أو مهاجم، فيعطى (ثلاثين ألفاً)، بينما لاعب على مشارف الثلاثين أو تخطاها ينال (خمسين ألفا).
نظرة كهذه تمنح الواعد أقل من الكبار من المستحيل أن نضعها في خانة التحفيز أو شحذ الهمم، ولا يحق لجائزة أن تتجه نحو الرياضيين بالعناوين والمانشتات لأبرز الرياضيين في الموسم، في الوقت الذي هي تضع (قضها وقضيضها) في لعبة كرة القدم ولاعبيها فقط، ولا نرى رياضات مختلفة إلا كمن (يذر الرماد في العيون).
أقترح إعادة صياغة منطلقات الجائزة، وتدعيم لجنة الاختيار بذوي الثقافة الرياضية الشاملة، وزيادة المبالغ المعطاة للواعدين في الرياضات الأولمبية، وأن يكون للجنة الأولمبية حضور في الاختيار.