مقابل كثير من التدقيق في أوصاف المخطوبة وسمعتها، وكل التفاصيل المتعلقة بأصلها وفصلها وسلوكها وسلوك ذويها، ثمة تغاض شديد حد الاستهتار بالتدقيق بأوضاع الخاطب وأحواله، كأنما لا أهمية لذلك، فهو بكل الأحوال يمكن أن يعقل ويصبح رب أسرة محتملا لمسؤولياته، وكأن الأمر لا يزال صدى لتلك المقولة أو «الأسطوانة المشروخة» التي تقول «زوجوه يعقل»، بمعنى أن الزواج سيزيل ويمحي كل عيوب الخاطب، لكنه لن يغير شيئا في المخطوبة، لذا فالتدقيق في أحوالها أولى وأهم.
ومقابل استسهال تزويج الابن، حتى مع إدراك الأسر أنه مسكون بالعلات، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، فإن بعض الأسر على الجانب الآخر تستهتر في تزويج بناتها، حتى يكاد يصل الأمر إلى ما يمكن القول أنه زواج «اكشط واربح»، حيث لا تبذل تلك الأسر أي جهد في التعرف على الخاطب، وكأن ابنتهم مجرد عبء يريدون التخلص منه لأول طارق باب، بغض النظر عن سلوكه وسمعته.
وعلى الرغم من أن هذا المبدأ «زوجوه يعقل» الذي ساد لفترات، والذي ما زال يسجل بعض الحالات هنا وهناك، قد أثبت فشله وسلبيته، إلا أن كثيرا من الأسر ما زالت تؤمن به، وتعمل وفقه، بل وتجبر بناتها على الزواج بناء عليه، كأنها فعلا تحول الزواج إلى مجرد «اكشط واربح».
قصص مأساوية
جهود كثيرة من التنبيه والتوعية بذلها ودأب عليها مختصون في مجتمعنا، نبهوا خلالها من مخاطر الاستهتار بالتحقق من كفاءة وصلاحية الخاطب، وعلى الرغم من القصص المأساوية الشاهدة على فشل الزواج، الذي أبرم أو تم بطريقة «زوجوه يعقل» غير المنطقية وغير المعقولة، إلا أن البعض ما زال يعمل به حتى الآن، بحسب ما قاله الأخصائي الاجتماعي عبدالرحمن حسن جان، مضيفا «المشكلة تبدأ من الأهل الذين يزوجون ابنهم وهم يعلمون أنه غير عاقل، أو مدمن مخدرات أو معتل نفسياً، أو صاحب سوابق جنائية، ويخفون الأمر عن المخطوبة وأهلها، وهذا التصرف لا شك أنه لا يمت للإنسانية بصلة، وأقل ما يقال عنه أنه غش وانعدام للضمير».
مسؤولية أهل البنت
يضيف جان أن «هذا النوع من الزواج، هو مسؤولية أهل البنت أيضا، فحين يتعاملون معه على أن مثل لعبة «اكشط واربح» و «أنتِ وحظك»، وعندما يطير ولي أمر الفتاة فرحاً بالخاطب خوفاً على ابنته من العنوسة، فلا يتحرى عنه بشكل كاف، ولا يسأل عن دينه وخلقه، وهل هو كفء وأهل لأن يكون زوجاً لفلذة كبده، فتلك كارثة حقيقية».
ويكمل «وقفت على قصة زواج، قام أهل الفتاة فيها بالسؤال عن الخاطب من خلال صديقه، وكان هذا الصديق شهما، فأوضح لولي أمر الفتاة أن الخاطب غير صالح ولا يزوّج، وأنه لو تقدم لأخته لما زوجها له بسبب سلوكه السيئ، إلا أن والد الفتاة أصر رغم كل ذلك على تزويجها، معتبرا أن ما حذره منه الصديق ليس إلا طيش شباب، وأن الخاطب قد ينضبط بعد الزواج، لكن الأمر كان مغايرا، فبعد الزواج عانت الفتاة من عنف الزوج، وانتهى بها المآل إلى الطلاق».
وحذر جان أولياء الأمور من الغفلة، وقال «يتقدم لهم خاطب، فيكتفون بالسؤال عنه في الحي الذي يسكن به حالياً، وفي مقر عمله، ويغفلون عن السؤال عنه في الأحياء القديمة التي نشأ بها، فقد يكون قد انتقل من الحي القديم الذي كانت سمعته فيه سيئة خشية انكشاف أمره، وانتقل إلى حي جديد، ليمثل فيه دور حسن الخلق المواظب على أداء الصلوات في المسجد، وطبيعي أنه إذا فكر بعض الشباب في الزواج، سيقومون بلعب دور الشاب الخلوق المتدين، حتى ينتهوا من إتمام الزواج وبعد ذلك تنتهي المسرحية».
تجاهل السوء
تدفع بعض الأسر أبناءها إلى الزواج، حتى مع علمها الأكيد أنهم مبتلون بكثير من السلبيات، أو حتى مع علم الأسرة بأن الابن «عديم الأخلاق»، أو ربما يتعامل مع الآخرين بالضرب والعنف، أو أنه أقل من تحمل مسؤولية الزواج والأسرة، لكن تلك الأسر تأمل دون أن تمتلك معطيات حقيقية لهذا الأمل، أن يغير الزواج من حال الأبناء، فيصبح الزواج بالنسبة لهم مجرد مقامرة قد تكسب أو تغرق الابن والأسرة كلها في مزيد من الخسارات على كل المستويات الشرعية والاجتماعية وحتى المالية.
ويخفي كثير من الأسر بتعمد شديد أحوال أبنائها عن المخطوبة، التي تدفع الثمن لاحقا دون ذنب، ودون حتى أن تبدي رغبتها في المشاركة بمجازفة أو محاولة إصلاح الزوج بعد الزواج.
ويقول جان «في تغريدة لإحدى الأخوات خاطبت فيها الأسرة التي تزوج ابنها رغم عيوبه، وتخفي تلك العيوب عن المخطوبة، وذكرت أن «المرأة لن تتحول إلى أخصائية نفسية لتعالج مرض ابنكم، ولن تتحول إلى طبيبة لتعالجه من الإدمان، المرأة لا تريد إصلاح ابنكم وإعادة تربيته من جديد، المرأة تحتاج إلى شريك حياة طبيعي«معلقا» معها كل الحق فيما ذكرته، فالزواج في النهاية مؤسسة، تقوم على التشارك وليس مصحة أو مستشفى».
ويضيف «الزواج ليس مركز تأهيل لإصلاح من فسد عقله ودينه، ولمنع الأضرار الكارثية وتفادي الحوادث المريرة، التي قد تنشأ من جراء زواج»زوجوه يعقل«لا بد قبل الزواج من فحص المخدرات والأمراض النفسية والسوابق الجنائية».
ويستكمل «هناك حادثة رويت لي من أحد الثقات، وهي أن زوجة كانت تعنف دائما من زوجها بالضرب المبرح، وكانت تصبر عليه وتلجأ إلى أبيها تشتكي له، وكانت ردة فعله للأسف سلبية، فيكتفي بنصحها بالعودة مباشرة إلى زوجها، وكان موقفه ذلك يتكرر في كل مرة، واستمر هذا الحال إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أحضروا له ابنته، ولكن جاءته جثة هامدة فقد قتلها زوجها هذه المرة من شدة الضرب، في المقابل، هناك قصة مشابهة لجأ فيها والد الزوجة إلى إبلاغ الشرطة وعوقب الزوج بالسجن والغرامة، كما تعهد خطياً في الشرطة بعدم تكرار فعله، وفعلاً منذ تلك الواقعة لم يعتد على زوجته إلى يومنا هذا».
انحراف في استعمال الحق
في سعة الإسلام أبيح زواج من بلغ الباءة، ولم يمنع زواج المبتلين ببعض الاختلالات النفسية أو سوء الخلق، وحتى الاعتلالات الذهنية بما فيها الإعاقة التي تبلغ حد الجنون أو فقدان العقل، حرصا على صيانة المصاب بها من الفجور وتحصيلا للرعاية والخدمة، وغير ذلك من الأغراض المباحة، لكن الإسلام اشترط في مثل هذه الحالات، وعلى الأخص حالات من يعقل حينا ويفقد عقله حينا، إخبار الطرف الآخر، لأن هذا الأمر عيب لا يجوز كتمانه، كما اشترط ألا يكون من يفقد عقله معروفا بالعدوانية والإفساد حين فقده، وذلك لدفع الضرر عن الطرف الآخر، فالضرر مرفوع في الشريعة الإسلامية.
ويقول المحامي أحمد الجطيلي إن «الأهل الذين يزوجون ابنهم أو ابنتهم، ولا يظهرون العيوب التي تعتريهما، إنما يرتكبون الغش والتدليس، فإذا كان هذا العيب سببا موجبا لفسخ النكاح، فهذا يخضع لاجتهاد القضاء ليفسخ النكاح، أما إذا كان العيب غير موجب للفسخ فهذا الزواج يبقى على حاله».
يضيف «من أمثلة الأسباب التي توجب فسخ النكاح كذب الأهل، وإخفاء قضية ابنهم المدمن للمخدرات، أو المريض نفسيا أو عقليا، كأن يكون مصابا مثلا بانفصام الشخصية، فهذا ينظر للطب النفسي ليفسخ النكاح عند إثبات إصابته، أو في حالة كذب الأهل في الجوانب المالية من خلال قدر الراتب أو الوظيفة، فهذا الأمر ينظر له من قبل القضاء، ويتم الحكم فيه إما بفسخ النكاح أو بعدمه».
ارتفاع معدلات الطلاق
كشفت بيانات نشرتها الهيئة العامة للإحصاء، أن هناك ارتفاعا في معدلات الطلاق في العام الماضي 2020 مقارنة بسابقه بنسبة 12.7%، إذ بلغ إجمالي عدد صكوك الطلاق 57595 صكا، سجلت غالبيتها في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.
ومع الحديث عن كثير من الأسباب لهذا الطلاق، ومن بينها عدم تحمل الزوج مسؤولية بيته، اقترح مغردون عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» على وزارتي العدل والصحة، إضافة شرطين مهمين لبرنامج الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، هما «شهادة فحص تحليل الإدمان لإثبات عدم تعاطي أحد الزوجين للمخدرات، وشهادة فحص تؤكد سلامة الزوجين من أي أمراض أو اعتلالات نفسية وعقلية».
فشل المبدأ
يرى الأخصائي النفسي عبدالمحسن الزهراني أن مقولة «زوجوه يعقل»، هي مقولة قديمة أكل الزمان عليها وشرب، وقد كانت إحدى النصائح والتوجيهات للجيل الفائت، إذ كان ذلك الجيل يرى بأن الزواج مسألة يمكن من خلالها معالجة الرجل، الذي يعاني من اضطرابات في الشخصية.
ويقول «الحقيقة أن تكرار التجارب الفاشلة للزواج وفق مبدأ زوجوه يعقل، يجعلنا نؤمن بعدم صحتها، فالاضطرابات النفسية محل علاجها في العيادات النفسية وليس بابتلاء بنات الناس».
ويضيف «الزواج علاقة مقدسة تكون بين طرفين، يتشاركان الحياة ويسكن أحدهما للآخر، لينتعش ولترتفع جودة حياته، الزوج مكمل للزوجة، والزوجة مكملة للزوج، وكلاهما يتكاملان لينشأ لدينا جيل مستقر ومثمر في المجتمع».
ويرى هنا أن المسؤولية تقع على عاتق الطرفين، فلا يخفي ذوو الخاطب عيوبه عن خطيبته، ولا يستعجل ذوو الخطيبة فيتغاضون عن أهمية السؤال والتحقق من حال الخاطب، دفعا لضرر قد يكون متوقعا في حال عدم التيقن من صلاحية كل من الطرفين لبناء حياتهما المشتركة.
معاناة تحت سقف الزواج
لا تقف أزمات زواج «اكشط واربح» عند حدود الوصول إلى الطلاق، الذي قد يكون حلا أخيرا، فقد تبقى الأمور دونه، لكن عبئها في الغالب يقع على عاتق الزوجة، حين لا يكون الزوج مستعدا أو مؤهلا لتحمل المسؤولية، وهنا تتحول الزوجة إلى ما يمكن تسميته «رجّالة البيت» حيث تصبح مسؤولة مسؤولية كاملة عن إدارة شؤون أسرتها، وهذا عبء إضافي يضاف إلى دورها الطبيعي الذي خلقت لأجله كأنثى وأم، وربما تزوجت فقط من أجل اكتماله، لكنها وجدت نفسها تصارع متاعب الحياة مع زوج لا مبالى، سارع أهله في تزويجه تهربا من مسؤوليتهم تجاهه، وربما تجنبا لمشاكله أو تخلصا منها.
لماذا راجت مقولة زوجوه يعقل
ـ ظن بعض أولياء الأمور أن الزواج مصحة، أو إصلاحية لتهذيب سلوك أبنائهم
ـ تمسكت بها عدة أسر تهربا من مسؤوليتها تجاه أبنائها
ـ نظرة البعض إلى الزواج كحل لمشكلة انحراف أو عدم سلامة أبنائهم
ـ التغافل عن أنها ناسبت المجتمع قديما حين كان صغيرا
ـ تجاهل التغييرات الاجتماعية العصرية وتغير أنماط السلوك الحالي للشباب
أشياء لا بد منها لتجنب مثل هذا الزواج
ـ تحري الزوجة وأهلها بالسؤال عن العريس
ـ إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية ضمن قائمة الفحص ما قبل الزواج
ـ وضوح أسرة الخاطب وبيان عيوبه للمخطوبة
زواج اكشط واربح
ـ زواج مستعجل ربما يهدف لتجنب عنوسة البنت
ـ لا يقوم أهل البنت خلاله بواجبهم في السؤال عن الخاطب
ـ تخفي فيه بعض الأسر حقيقة وضع أبنائها، وتستخدم الغش والتدليس خلال الخطبة
مسؤولية إخفاء عيوب الخاطب
ـ يتحملها ذووه ممن أخفوا هذه العيوب
ـ إخفاء أحوال الخاطب يعد من قبيل الغش والتدليس
ـ يمكن للقضاء فسخ النكاح إذا كان العيب الذي تم إخفاؤه موجبا للفسخ
ـ يبقى الزواج حتى مع عيب الإخفاء إذا كان الإخفاء غير موجب للفسخ
ومقابل استسهال تزويج الابن، حتى مع إدراك الأسر أنه مسكون بالعلات، وعدم القدرة على تحمل المسؤولية، فإن بعض الأسر على الجانب الآخر تستهتر في تزويج بناتها، حتى يكاد يصل الأمر إلى ما يمكن القول أنه زواج «اكشط واربح»، حيث لا تبذل تلك الأسر أي جهد في التعرف على الخاطب، وكأن ابنتهم مجرد عبء يريدون التخلص منه لأول طارق باب، بغض النظر عن سلوكه وسمعته.
وعلى الرغم من أن هذا المبدأ «زوجوه يعقل» الذي ساد لفترات، والذي ما زال يسجل بعض الحالات هنا وهناك، قد أثبت فشله وسلبيته، إلا أن كثيرا من الأسر ما زالت تؤمن به، وتعمل وفقه، بل وتجبر بناتها على الزواج بناء عليه، كأنها فعلا تحول الزواج إلى مجرد «اكشط واربح».
قصص مأساوية
جهود كثيرة من التنبيه والتوعية بذلها ودأب عليها مختصون في مجتمعنا، نبهوا خلالها من مخاطر الاستهتار بالتحقق من كفاءة وصلاحية الخاطب، وعلى الرغم من القصص المأساوية الشاهدة على فشل الزواج، الذي أبرم أو تم بطريقة «زوجوه يعقل» غير المنطقية وغير المعقولة، إلا أن البعض ما زال يعمل به حتى الآن، بحسب ما قاله الأخصائي الاجتماعي عبدالرحمن حسن جان، مضيفا «المشكلة تبدأ من الأهل الذين يزوجون ابنهم وهم يعلمون أنه غير عاقل، أو مدمن مخدرات أو معتل نفسياً، أو صاحب سوابق جنائية، ويخفون الأمر عن المخطوبة وأهلها، وهذا التصرف لا شك أنه لا يمت للإنسانية بصلة، وأقل ما يقال عنه أنه غش وانعدام للضمير».
مسؤولية أهل البنت
يضيف جان أن «هذا النوع من الزواج، هو مسؤولية أهل البنت أيضا، فحين يتعاملون معه على أن مثل لعبة «اكشط واربح» و «أنتِ وحظك»، وعندما يطير ولي أمر الفتاة فرحاً بالخاطب خوفاً على ابنته من العنوسة، فلا يتحرى عنه بشكل كاف، ولا يسأل عن دينه وخلقه، وهل هو كفء وأهل لأن يكون زوجاً لفلذة كبده، فتلك كارثة حقيقية».
ويكمل «وقفت على قصة زواج، قام أهل الفتاة فيها بالسؤال عن الخاطب من خلال صديقه، وكان هذا الصديق شهما، فأوضح لولي أمر الفتاة أن الخاطب غير صالح ولا يزوّج، وأنه لو تقدم لأخته لما زوجها له بسبب سلوكه السيئ، إلا أن والد الفتاة أصر رغم كل ذلك على تزويجها، معتبرا أن ما حذره منه الصديق ليس إلا طيش شباب، وأن الخاطب قد ينضبط بعد الزواج، لكن الأمر كان مغايرا، فبعد الزواج عانت الفتاة من عنف الزوج، وانتهى بها المآل إلى الطلاق».
وحذر جان أولياء الأمور من الغفلة، وقال «يتقدم لهم خاطب، فيكتفون بالسؤال عنه في الحي الذي يسكن به حالياً، وفي مقر عمله، ويغفلون عن السؤال عنه في الأحياء القديمة التي نشأ بها، فقد يكون قد انتقل من الحي القديم الذي كانت سمعته فيه سيئة خشية انكشاف أمره، وانتقل إلى حي جديد، ليمثل فيه دور حسن الخلق المواظب على أداء الصلوات في المسجد، وطبيعي أنه إذا فكر بعض الشباب في الزواج، سيقومون بلعب دور الشاب الخلوق المتدين، حتى ينتهوا من إتمام الزواج وبعد ذلك تنتهي المسرحية».
تجاهل السوء
تدفع بعض الأسر أبناءها إلى الزواج، حتى مع علمها الأكيد أنهم مبتلون بكثير من السلبيات، أو حتى مع علم الأسرة بأن الابن «عديم الأخلاق»، أو ربما يتعامل مع الآخرين بالضرب والعنف، أو أنه أقل من تحمل مسؤولية الزواج والأسرة، لكن تلك الأسر تأمل دون أن تمتلك معطيات حقيقية لهذا الأمل، أن يغير الزواج من حال الأبناء، فيصبح الزواج بالنسبة لهم مجرد مقامرة قد تكسب أو تغرق الابن والأسرة كلها في مزيد من الخسارات على كل المستويات الشرعية والاجتماعية وحتى المالية.
ويخفي كثير من الأسر بتعمد شديد أحوال أبنائها عن المخطوبة، التي تدفع الثمن لاحقا دون ذنب، ودون حتى أن تبدي رغبتها في المشاركة بمجازفة أو محاولة إصلاح الزوج بعد الزواج.
ويقول جان «في تغريدة لإحدى الأخوات خاطبت فيها الأسرة التي تزوج ابنها رغم عيوبه، وتخفي تلك العيوب عن المخطوبة، وذكرت أن «المرأة لن تتحول إلى أخصائية نفسية لتعالج مرض ابنكم، ولن تتحول إلى طبيبة لتعالجه من الإدمان، المرأة لا تريد إصلاح ابنكم وإعادة تربيته من جديد، المرأة تحتاج إلى شريك حياة طبيعي«معلقا» معها كل الحق فيما ذكرته، فالزواج في النهاية مؤسسة، تقوم على التشارك وليس مصحة أو مستشفى».
ويضيف «الزواج ليس مركز تأهيل لإصلاح من فسد عقله ودينه، ولمنع الأضرار الكارثية وتفادي الحوادث المريرة، التي قد تنشأ من جراء زواج»زوجوه يعقل«لا بد قبل الزواج من فحص المخدرات والأمراض النفسية والسوابق الجنائية».
ويستكمل «هناك حادثة رويت لي من أحد الثقات، وهي أن زوجة كانت تعنف دائما من زوجها بالضرب المبرح، وكانت تصبر عليه وتلجأ إلى أبيها تشتكي له، وكانت ردة فعله للأسف سلبية، فيكتفي بنصحها بالعودة مباشرة إلى زوجها، وكان موقفه ذلك يتكرر في كل مرة، واستمر هذا الحال إلى أن جاء ذلك اليوم الذي أحضروا له ابنته، ولكن جاءته جثة هامدة فقد قتلها زوجها هذه المرة من شدة الضرب، في المقابل، هناك قصة مشابهة لجأ فيها والد الزوجة إلى إبلاغ الشرطة وعوقب الزوج بالسجن والغرامة، كما تعهد خطياً في الشرطة بعدم تكرار فعله، وفعلاً منذ تلك الواقعة لم يعتد على زوجته إلى يومنا هذا».
انحراف في استعمال الحق
في سعة الإسلام أبيح زواج من بلغ الباءة، ولم يمنع زواج المبتلين ببعض الاختلالات النفسية أو سوء الخلق، وحتى الاعتلالات الذهنية بما فيها الإعاقة التي تبلغ حد الجنون أو فقدان العقل، حرصا على صيانة المصاب بها من الفجور وتحصيلا للرعاية والخدمة، وغير ذلك من الأغراض المباحة، لكن الإسلام اشترط في مثل هذه الحالات، وعلى الأخص حالات من يعقل حينا ويفقد عقله حينا، إخبار الطرف الآخر، لأن هذا الأمر عيب لا يجوز كتمانه، كما اشترط ألا يكون من يفقد عقله معروفا بالعدوانية والإفساد حين فقده، وذلك لدفع الضرر عن الطرف الآخر، فالضرر مرفوع في الشريعة الإسلامية.
ويقول المحامي أحمد الجطيلي إن «الأهل الذين يزوجون ابنهم أو ابنتهم، ولا يظهرون العيوب التي تعتريهما، إنما يرتكبون الغش والتدليس، فإذا كان هذا العيب سببا موجبا لفسخ النكاح، فهذا يخضع لاجتهاد القضاء ليفسخ النكاح، أما إذا كان العيب غير موجب للفسخ فهذا الزواج يبقى على حاله».
يضيف «من أمثلة الأسباب التي توجب فسخ النكاح كذب الأهل، وإخفاء قضية ابنهم المدمن للمخدرات، أو المريض نفسيا أو عقليا، كأن يكون مصابا مثلا بانفصام الشخصية، فهذا ينظر للطب النفسي ليفسخ النكاح عند إثبات إصابته، أو في حالة كذب الأهل في الجوانب المالية من خلال قدر الراتب أو الوظيفة، فهذا الأمر ينظر له من قبل القضاء، ويتم الحكم فيه إما بفسخ النكاح أو بعدمه».
ارتفاع معدلات الطلاق
كشفت بيانات نشرتها الهيئة العامة للإحصاء، أن هناك ارتفاعا في معدلات الطلاق في العام الماضي 2020 مقارنة بسابقه بنسبة 12.7%، إذ بلغ إجمالي عدد صكوك الطلاق 57595 صكا، سجلت غالبيتها في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الماضي.
ومع الحديث عن كثير من الأسباب لهذا الطلاق، ومن بينها عدم تحمل الزوج مسؤولية بيته، اقترح مغردون عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» على وزارتي العدل والصحة، إضافة شرطين مهمين لبرنامج الفحص الطبي للمقبلين على الزواج، هما «شهادة فحص تحليل الإدمان لإثبات عدم تعاطي أحد الزوجين للمخدرات، وشهادة فحص تؤكد سلامة الزوجين من أي أمراض أو اعتلالات نفسية وعقلية».
فشل المبدأ
يرى الأخصائي النفسي عبدالمحسن الزهراني أن مقولة «زوجوه يعقل»، هي مقولة قديمة أكل الزمان عليها وشرب، وقد كانت إحدى النصائح والتوجيهات للجيل الفائت، إذ كان ذلك الجيل يرى بأن الزواج مسألة يمكن من خلالها معالجة الرجل، الذي يعاني من اضطرابات في الشخصية.
ويقول «الحقيقة أن تكرار التجارب الفاشلة للزواج وفق مبدأ زوجوه يعقل، يجعلنا نؤمن بعدم صحتها، فالاضطرابات النفسية محل علاجها في العيادات النفسية وليس بابتلاء بنات الناس».
ويضيف «الزواج علاقة مقدسة تكون بين طرفين، يتشاركان الحياة ويسكن أحدهما للآخر، لينتعش ولترتفع جودة حياته، الزوج مكمل للزوجة، والزوجة مكملة للزوج، وكلاهما يتكاملان لينشأ لدينا جيل مستقر ومثمر في المجتمع».
ويرى هنا أن المسؤولية تقع على عاتق الطرفين، فلا يخفي ذوو الخاطب عيوبه عن خطيبته، ولا يستعجل ذوو الخطيبة فيتغاضون عن أهمية السؤال والتحقق من حال الخاطب، دفعا لضرر قد يكون متوقعا في حال عدم التيقن من صلاحية كل من الطرفين لبناء حياتهما المشتركة.
معاناة تحت سقف الزواج
لا تقف أزمات زواج «اكشط واربح» عند حدود الوصول إلى الطلاق، الذي قد يكون حلا أخيرا، فقد تبقى الأمور دونه، لكن عبئها في الغالب يقع على عاتق الزوجة، حين لا يكون الزوج مستعدا أو مؤهلا لتحمل المسؤولية، وهنا تتحول الزوجة إلى ما يمكن تسميته «رجّالة البيت» حيث تصبح مسؤولة مسؤولية كاملة عن إدارة شؤون أسرتها، وهذا عبء إضافي يضاف إلى دورها الطبيعي الذي خلقت لأجله كأنثى وأم، وربما تزوجت فقط من أجل اكتماله، لكنها وجدت نفسها تصارع متاعب الحياة مع زوج لا مبالى، سارع أهله في تزويجه تهربا من مسؤوليتهم تجاهه، وربما تجنبا لمشاكله أو تخلصا منها.
لماذا راجت مقولة زوجوه يعقل
ـ ظن بعض أولياء الأمور أن الزواج مصحة، أو إصلاحية لتهذيب سلوك أبنائهم
ـ تمسكت بها عدة أسر تهربا من مسؤوليتها تجاه أبنائها
ـ نظرة البعض إلى الزواج كحل لمشكلة انحراف أو عدم سلامة أبنائهم
ـ التغافل عن أنها ناسبت المجتمع قديما حين كان صغيرا
ـ تجاهل التغييرات الاجتماعية العصرية وتغير أنماط السلوك الحالي للشباب
أشياء لا بد منها لتجنب مثل هذا الزواج
ـ تحري الزوجة وأهلها بالسؤال عن العريس
ـ إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية ضمن قائمة الفحص ما قبل الزواج
ـ وضوح أسرة الخاطب وبيان عيوبه للمخطوبة
زواج اكشط واربح
ـ زواج مستعجل ربما يهدف لتجنب عنوسة البنت
ـ لا يقوم أهل البنت خلاله بواجبهم في السؤال عن الخاطب
ـ تخفي فيه بعض الأسر حقيقة وضع أبنائها، وتستخدم الغش والتدليس خلال الخطبة
مسؤولية إخفاء عيوب الخاطب
ـ يتحملها ذووه ممن أخفوا هذه العيوب
ـ إخفاء أحوال الخاطب يعد من قبيل الغش والتدليس
ـ يمكن للقضاء فسخ النكاح إذا كان العيب الذي تم إخفاؤه موجبا للفسخ
ـ يبقى الزواج حتى مع عيب الإخفاء إذا كان الإخفاء غير موجب للفسخ