أمين شحود

يستفزني أولئك الذين يحشرون كلمات إنجليزية في ثنايا حديثهم، فتجد أحدهم يبدأ كلامه بالعربية، كلمة.. كلمتين.. ثلاث، فجأة! تحوّل للإنجليزي.

ما الذي حدث يا أخي العزيز؟ ويا أختي العزيزة؟ قد شتتّ تركيزي و «لخبطت» برمجة عقلي، كسيارةٍ انحرفت عن المسار، أو طعام اختلط سُكّره بملحه.

أنت عربي وتخاطب عرباً، فما يحوجك إلى استخدام مصطلحات وعبارات إنجليزية؟ أتفهّم أن يكون ذلك عند من عاش مدة طويلة في بلاد الغرب، فإن البيئة تؤثر في لهجة الإنسان وسلوكه.

وأتفهّم أن يكون ذلك في المجال الطبي والهندسي، لسهولة التواصل ونحو ذلك. وكذلك لا أرى أي بأس في تسمية الاختراعات الأجنبية، ومصطلحات التقنية بلغة صانعها، فالحرص على تعريب تلك الكلمات هو تكلف وسطو ثقافي.

لكن ما أستغربه حقاً، هو استخدام لغة أخرى دون ضرورة وبشكل مبالغ فيه.

قبل فترة حضرت ورشة عمل في مجال علم النفس، وتم تقديمها باللغة العربية، وكان من بين الحضور شاب غير عربي، فلما سأل الدكتورة مقدمة الورشة عدة أسئلة بالعربية، صارت ترد عليه بالإنجليزية!.

هو يسألها بالعربي وهي ترد عليه بالإنجليزي!.. في نهاية الورشة قال لنا إنّ الغاية الأساسية من حضوره للورشة هي تقوية لغته العربية! ما كل هذا الانهزام الثقافي أمام الآخر؟ لماذا لا يتكلمون هم بلغتنا ونتكلم نحن بلغتهم، رغم أننا على أرضنا «وبين جماهيرنا» ؟.

الصدمة أنّ بعض الأدباء والمثقفين العرب، عندما يجتمعون في أمسية أدبية عربية خالصة، وفي هامش لقاءاتهم، يقحمون تلك العبارات والكلمات الإنجليزية في أحاديثهم. وهنا تجدر الإشارة والإشادة بكل الحريصين والغيورين على اللغة، ومن بينهم «تحدّث العربية»، وهي شركة اجتماعية لتفعيل اللغة والهوية العربية في حياتنا اليومية.

عندما تفقد لغتك ستفقد هويتك، وعندما تفقد هويتك ستتشرب بصفات الآخر ولابد، بالتالي فقد تزعزعت أهم مقومات حضارتك، مع التأكيد على أنّ الحفاظ على الهوية، لا يعني عدم مواكبة العصر.

إن معالجة أمر ما يتطلب معرفة أسبابه، هل هو استعراض؟ وقد علمنا أنّ معرفة اللغة الانجليزية ضرورة وليست مفخرة. هل هو اندماج ثقافي وحضاري، فرضته ظروف الزمان ولم نعد نستطيع التحكم به؟ هل يخجلون من لغتهم أم لم يعودوا يجيدونها؟ بصراحة آي دونت نو.