السجال في موضوع «الدين والسياسة»، وموضوع «الدين والشريعة»، وموضوع «الإمامة والاعتقاد»، وموضوع «الإمامة العظمى» قديم، ويتجدد بين الفينة والأخرى، والمجال مفتوح لمزيد من الطرح المستمر في هذه المواضيع الحيوية الجذابة وما يشابهها.
تعاملات الناس في موضوع «الإمامة» ـ السلطة العليا ـ تعاملات متباينة، وهناك بعض القصور المعرفي في موضوع «الحُكم» مع بعض الغياب في الوعي كذلك، على الرغم من أن هذه الأمور الحساسة قد حظيت باهتمام الدين لها، وبحثها العلماء ضمن مباحثهم في مواضيع «العقيدة»، ومؤلفاتهم القيمة في مواضيع «الإمامة» خير شاهد على ذلك، ومن الأمثلة كتاب «غياث الأمم في التياث الظلم» لإمام الحرمين الجويني، أو كتاب «تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك»، وكتاب «الأحكام السلطانية»، وكلاهما للإمام الماوردي، أو غيرها من الكتب التي أظهرت رسوخ الفقه السياسي الإسلامي في حياة كل الناس.
ربما يشكل على البعض منا عدم دراسة السادة العلماء مواضيع «الحُكم» ضمن دراساتهم المختلفة في مواضيع «الفقه»، وهذا لم يكن ليكون لولا وعيهم التام بالطبيعة العملية لمباحث الحُكم، وحرصهم التام على معالجة الانحراف الفكري المتصل بنظرية السلطة، والرغبة في الحفاظ على مؤسسة الدولة، وتجنيب الناس عوامل التآكل السياسي.
من يقرأ عن موضوع «الفقه السياسي في الإسلام»، ويتعمق فيه، ويبحر في مختلف جوانبه، سيعرف أن قضية «الحُكم» قضية مركزية، ولها حضورها البارز في الفقه، بما يثبت أن قضية «الحُكم»، المعبر عنها بـ«الإمامة العظمى»، لها سندها، وكذلك لها مرجعيتها في أكثر من نص شرعي في القرآن الكريم، وكذلك في السنة المطهرة، وهو ما يثبت، وبوضوح، أن الولاء للدولة ولاء محكوم بمتانة التمسك بالبيعة بين الحاكم والمحكوم، وأن الاستهانة بها سيؤدي إلى بروز كيانات من شأنها إضعاف جسد الأمة، وإنهاك قواها.
ومن يقرأ كذلك في التاريخ يعرف أن الدولة الإسلامية الأولى نشأت نشوءا مرتبطا بالدين، إذ كان المؤسس لها نبيا، صلوات ربي وسلامه عليه، ولم يكن زعيما منحازا يستند إلى عصبية، أو يبحث عن مصالح شخصية، وقد أسس دولته في أجواء إيمانية، كان يهيمن عليها عقد «البيعة» على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى عدم منازعة الأمر أهله، وعلى قول الحق، وعدم الخوف في الله من لومة أي لائم، وهو ما يؤكد وقوع إشكال منهجي وعجز حقيقي عند من يقول بانفصال الدين عن السياسة في طبيعة الدولة، إذ إن الصحيح هو وجود تلازم وثيق بين الشأن الديني والشأن السياسي في الدولة المسلمة، بما يكفل حفظ التخصصات وصيانتها، ومنع الصراعات ومسبباتها.
لا شك أن وظيفة حراسة الدين وحمايته تعد وظيفة أساسية من وظائف الدولة في الإسلام، ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن تكون الدولة دولة دينية يختص بإدارتها رجال الدين، بل المقصود هو أن تكون مرجعية الدولة مرجعية إسلامية، تهتدي بهدي الإسلام، وتجعل من أحكامه وقيمه معاييرها ونماذجها في إدارة شؤونها، ولا مانع طبعا من أن توكل الأعمال لذوي الكفاءات من رجال الدين، وغيرهم ممن تتوافر فيهم شروط علمية وأخلاقية تجعلهم في مستوى الثقة الموضوعة فيهم، وليس ذلك بسبب الخصائص المعنوية، التي تمنحهم إياها مزايا غير مهنية، وهو ما يؤدي إلى ضرورة أن تكون الدولة الإسلامية ليست «دولة تفويض إلهي»، وإنما «دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية» لا غير.
تعاملات الناس في موضوع «الإمامة» ـ السلطة العليا ـ تعاملات متباينة، وهناك بعض القصور المعرفي في موضوع «الحُكم» مع بعض الغياب في الوعي كذلك، على الرغم من أن هذه الأمور الحساسة قد حظيت باهتمام الدين لها، وبحثها العلماء ضمن مباحثهم في مواضيع «العقيدة»، ومؤلفاتهم القيمة في مواضيع «الإمامة» خير شاهد على ذلك، ومن الأمثلة كتاب «غياث الأمم في التياث الظلم» لإمام الحرمين الجويني، أو كتاب «تسهيل النظر وتعجيل الظفر في أخلاق الملك وسياسة الملك»، وكتاب «الأحكام السلطانية»، وكلاهما للإمام الماوردي، أو غيرها من الكتب التي أظهرت رسوخ الفقه السياسي الإسلامي في حياة كل الناس.
ربما يشكل على البعض منا عدم دراسة السادة العلماء مواضيع «الحُكم» ضمن دراساتهم المختلفة في مواضيع «الفقه»، وهذا لم يكن ليكون لولا وعيهم التام بالطبيعة العملية لمباحث الحُكم، وحرصهم التام على معالجة الانحراف الفكري المتصل بنظرية السلطة، والرغبة في الحفاظ على مؤسسة الدولة، وتجنيب الناس عوامل التآكل السياسي.
من يقرأ عن موضوع «الفقه السياسي في الإسلام»، ويتعمق فيه، ويبحر في مختلف جوانبه، سيعرف أن قضية «الحُكم» قضية مركزية، ولها حضورها البارز في الفقه، بما يثبت أن قضية «الحُكم»، المعبر عنها بـ«الإمامة العظمى»، لها سندها، وكذلك لها مرجعيتها في أكثر من نص شرعي في القرآن الكريم، وكذلك في السنة المطهرة، وهو ما يثبت، وبوضوح، أن الولاء للدولة ولاء محكوم بمتانة التمسك بالبيعة بين الحاكم والمحكوم، وأن الاستهانة بها سيؤدي إلى بروز كيانات من شأنها إضعاف جسد الأمة، وإنهاك قواها.
ومن يقرأ كذلك في التاريخ يعرف أن الدولة الإسلامية الأولى نشأت نشوءا مرتبطا بالدين، إذ كان المؤسس لها نبيا، صلوات ربي وسلامه عليه، ولم يكن زعيما منحازا يستند إلى عصبية، أو يبحث عن مصالح شخصية، وقد أسس دولته في أجواء إيمانية، كان يهيمن عليها عقد «البيعة» على السمع والطاعة في العسر واليسر، والمنشط والمكره، وعلى عدم منازعة الأمر أهله، وعلى قول الحق، وعدم الخوف في الله من لومة أي لائم، وهو ما يؤكد وقوع إشكال منهجي وعجز حقيقي عند من يقول بانفصال الدين عن السياسة في طبيعة الدولة، إذ إن الصحيح هو وجود تلازم وثيق بين الشأن الديني والشأن السياسي في الدولة المسلمة، بما يكفل حفظ التخصصات وصيانتها، ومنع الصراعات ومسبباتها.
لا شك أن وظيفة حراسة الدين وحمايته تعد وظيفة أساسية من وظائف الدولة في الإسلام، ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن تكون الدولة دولة دينية يختص بإدارتها رجال الدين، بل المقصود هو أن تكون مرجعية الدولة مرجعية إسلامية، تهتدي بهدي الإسلام، وتجعل من أحكامه وقيمه معاييرها ونماذجها في إدارة شؤونها، ولا مانع طبعا من أن توكل الأعمال لذوي الكفاءات من رجال الدين، وغيرهم ممن تتوافر فيهم شروط علمية وأخلاقية تجعلهم في مستوى الثقة الموضوعة فيهم، وليس ذلك بسبب الخصائص المعنوية، التي تمنحهم إياها مزايا غير مهنية، وهو ما يؤدي إلى ضرورة أن تكون الدولة الإسلامية ليست «دولة تفويض إلهي»، وإنما «دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية» لا غير.