عثمان أبا الخيل

على ارتفاع 37 ألف قدم عن سطح البحر وبسرعة 900 كيلومتر في الساعة وبين زرقتين زرقة السماء وزرقة البحر في الفضاء المفتوح، تنعم بهدوء وراحة وانت تحتسي كوبًا من القهوة.

إنها معجزة الله في تعلّم الإنسان كيفية طيران الطيور وعلى اختلاف أشكالها وألوانها وتقليدها ومعرفة تفاصيل طيرانها، قوله تعالى: (أَلَمْ يَرَوْاْ إلى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاء مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ اللّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

مئات الاختراعات التي نراها ونتمتع بها نحن البشر أصلها من الطبيعة ما هو فوق الأرض وما هو تحت البحر. هذا الهدوء والسكينة والطمأنينة كم تمنيت أن تعمْ على كافة سكان الأرض. الهدوء بين زرقتين لماذا لا يكون على كرتنا الأرضية بين البشر، البشر بحاجة إلى الهدوء والحب ونبذ كل ما ينغص على الإنسان، الإنسان الذي هو قلب الحياة على الكرة الأرضية.

عندما يعم الحب بين الناس يعم السلام. هل نحن بحاجة إلى الكاميرات الأمنية في الشوارع لمزيد من الانضباط، واحترام قانون المرور؟ هل نحن بحاجة إلى المحاكم؟ هل بحاجة إلى شركات تنظيف الشوارع؟ هل نحن بحاجة للمطبات الصناعية؟ هل بحاحة إلى ورش تصليح السيارات؟. هل نحن بحاجة إلى قانون سير جديد يغلظ العقوبات؟ هل نحن بحاجة إلى ساهر؟ هل نحن بحاجة إلى من ينظف الحدائق العامة في أحياء مدننا الجميلة؟ هل نحن بحاجة إلى إحياء ثقافة الحياة الأسرية؟.

القائمة تطول والإجابة نعم، غالبية الناس غير ملتزمين غير منضبطين قلوبهم شتى وتعدياتهم في كل اتجاه وحال لسانهم اللهم نفسي، تباعد جسدي كما يحدث مع جائحة كورونا وتباعد إنساني في معظم الأوقات، تاه ذلك الحب الحقيقي بين الناس، كلام بلا أفعال، الحبّ الحقيقي تسامح وغفران ومساندة من دون أي مقابل.

تخيلوا أن هناك مدينة مثالية مدينة فاضلة إنه تخيّل في غير محلّه. نحن بحاجة ماسة إلى ما يضبط تصرفات الإنسان في تفاصيل حياته بعيدًا عن بين زرقتين.

انصافا للواقع، هناك بيئة عمل بين زرقتين بيئة عمل محفزة عبر معايير مميزة تسهم في تحسين الأداء، هذه البيئة موجودة على أرض الواقع، هناك بيئة عائلية بين زرقتين بيئة حب وأفعال بلا أقوال بيئة سلام وتناغم وانسجام، هناك بيئة صداقة صادقة، لكنها موجودة في الجيل السابق وليس الحالي.

نعم هناك بيئة (لا يوجد لها جمع وهي كلمة تُطلق على الجمع والمفرد) محفّزة جميلة بين زرقتين وليس من الإنصاف إلغاؤها أو التقليل من وجودها ومن يفعل ذلك فهو إنسان متشائم. وفي الختام نحن بحاجة إلى التوافق بين الناس، نحن بحاجة إلى السكينة والتصالح، نحن بحاجة أن نعيش بين زرقتين.

نحن بحاجة إلى هذه الحكمة القديمة: أن نندم على الصمت أفضل من أن نندم على الكلام».