قطعت السعودية خطوات مهمة من أجل تنظيم الفتوى في الدين الإسلامي، والتي هي من أخطر أبواب الفوضى والفتنة في المجتمعات والدول المتدينة. ففوضى الفتوى قد يدخل من بابها الكثير من المتعصبين والمتطرفين الذين أفتوا بفتاوى لها أسوأ الأثر في استقرار الدول والمجتمعات، فتحريم الحلال إثمه تماما مثل تحليل الحرام.
مسألة الفتوى والعمل عليها معقد، فهي تختلف كل الاختلاف عن القضاء لكنها تلتبس به أحيانًا! وهذا ما يجعلها أكثر حساسية وخطورة لأنها تتعامل مع العدل... ففي الإسلام لا توجد مؤسسة تحتكر فهم النص وتأويله، ومع ذلك فالفتوى مؤثرة في أفعال الناس وقراراتهم.
مال الفقهاء إجمالا إلى تعريف الفتوى بأنها «تبليغ عن الله» أو «توقيع منه» كما كان يقول ابن القيم، واختلفوا في طبيعة إلزام الفتوى مقابل أحكام القضاء التي لا اختلاف على إلزاميتها، وبقي التحدي هو ربط أو مساواة آراء الفقهاء النسبية المحدودة بقدسية ومرجعية النص الشرعي الملزم ما دام المفتي يعتبر مبلغًا عن الشارع وناطقا باسمه في أمور الحلال والحرام! فهو يصدر عن فهم خاص محدد بكثير من الشروط من بينها: منهج استنطاق النص، ودوافع الترجيح التي قد تكون لها بواعث ذاتية، والظرفية الاجتماعية التاريخية التي لا يمكن القفز عليها والخروج عنها.
لا كهنوت في الإسلام، ولا يوجد مبرر لقبول سلطة الإفتاء الإلزامية، بل المفتون على الأصح مبينون للحكم الشرعي على سبيل الفهم والاجتهاد لا على سبيل الوضع والإنشاء كما قال الكثير من كبار الأصوليين والفقهاء.
ابن القيم أسس لقاعدة مهمة هي تغير الفتوى بتغير الزمان، وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه هذه القاعدة وضيق المجال في عملها، لكن أئمة الاجتهاد المعاصرين اعتبروها المدخل لفقه جديد يراعي طبيعة المتغيرات الراهنة التي قد تنقذ جيلا كاملا من تحدي عزوف الشباب عن التدين وانتشار الإلحاد بينهم.
نستطيع أن نحوم حول الحمى ونحجم العقول ونكتم الأفواه حتى لا نثير الماء الراكد، ولكن قد تكون العواقب مستقبلاً أكثر تحديا للإصلاح! فالعالم والمجتمع اليوم تغير والثورة العلمية الصناعية غيرت البشر وثقافتهم، والدولة الحديثة أصبحت المسير الأحادي لشؤون الأفراد والمجتمعات.
بالمختصر، بناء حضارة كونية واحدة تفرض على المسلمين أنه من المستحيل العيش فيها بمنطق أحكام الولاء والبراء وقسمة دار الإسلام ودار الحرب... فالإفتاء اليوم لم يعد بالإمكان أن يبقى فرديا مغلقا على مذهب واحد، بقدر أهمية أن يكون جماعيا ومقننا من الدولة مفتوحا على كل المذاهب والأقوال والاجتهادات الشرعية ليتلاءم مع تحديات العصر... الإفتاء الجديد لا بد أن يتأسس على منهجية المقاصد والضرورات التي بلورها الأصوليون، مع التوسع فيها دون تقييد بقيود النصوص الفقهية السابقة.
ما نفهمه من الاجتهاد اليوم لا بد أن يتجاوز مجرد الترجيح والتوفيق لكي يخترق سقف الإجماعات الفقهية المزعومة... فالإمام أحمد بن حنبل له مقولة تقول «من ادعى الإجماع فهو كاذب»، وتحرير الفتوى والاجتهاد الجديد اليوم لا بد أن ينطلق من مناهج العلوم الحديثة كما انطلق الأوائل من مناهج أصولهم مستخدمين أساليب التفكير العقلي الحر.
قديماً قال الفقيه القرافي «الجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين».
مسألة الفتوى والعمل عليها معقد، فهي تختلف كل الاختلاف عن القضاء لكنها تلتبس به أحيانًا! وهذا ما يجعلها أكثر حساسية وخطورة لأنها تتعامل مع العدل... ففي الإسلام لا توجد مؤسسة تحتكر فهم النص وتأويله، ومع ذلك فالفتوى مؤثرة في أفعال الناس وقراراتهم.
مال الفقهاء إجمالا إلى تعريف الفتوى بأنها «تبليغ عن الله» أو «توقيع منه» كما كان يقول ابن القيم، واختلفوا في طبيعة إلزام الفتوى مقابل أحكام القضاء التي لا اختلاف على إلزاميتها، وبقي التحدي هو ربط أو مساواة آراء الفقهاء النسبية المحدودة بقدسية ومرجعية النص الشرعي الملزم ما دام المفتي يعتبر مبلغًا عن الشارع وناطقا باسمه في أمور الحلال والحرام! فهو يصدر عن فهم خاص محدد بكثير من الشروط من بينها: منهج استنطاق النص، ودوافع الترجيح التي قد تكون لها بواعث ذاتية، والظرفية الاجتماعية التاريخية التي لا يمكن القفز عليها والخروج عنها.
لا كهنوت في الإسلام، ولا يوجد مبرر لقبول سلطة الإفتاء الإلزامية، بل المفتون على الأصح مبينون للحكم الشرعي على سبيل الفهم والاجتهاد لا على سبيل الوضع والإنشاء كما قال الكثير من كبار الأصوليين والفقهاء.
ابن القيم أسس لقاعدة مهمة هي تغير الفتوى بتغير الزمان، وعلى الرغم من التحديات التي قد تواجه هذه القاعدة وضيق المجال في عملها، لكن أئمة الاجتهاد المعاصرين اعتبروها المدخل لفقه جديد يراعي طبيعة المتغيرات الراهنة التي قد تنقذ جيلا كاملا من تحدي عزوف الشباب عن التدين وانتشار الإلحاد بينهم.
نستطيع أن نحوم حول الحمى ونحجم العقول ونكتم الأفواه حتى لا نثير الماء الراكد، ولكن قد تكون العواقب مستقبلاً أكثر تحديا للإصلاح! فالعالم والمجتمع اليوم تغير والثورة العلمية الصناعية غيرت البشر وثقافتهم، والدولة الحديثة أصبحت المسير الأحادي لشؤون الأفراد والمجتمعات.
بالمختصر، بناء حضارة كونية واحدة تفرض على المسلمين أنه من المستحيل العيش فيها بمنطق أحكام الولاء والبراء وقسمة دار الإسلام ودار الحرب... فالإفتاء اليوم لم يعد بالإمكان أن يبقى فرديا مغلقا على مذهب واحد، بقدر أهمية أن يكون جماعيا ومقننا من الدولة مفتوحا على كل المذاهب والأقوال والاجتهادات الشرعية ليتلاءم مع تحديات العصر... الإفتاء الجديد لا بد أن يتأسس على منهجية المقاصد والضرورات التي بلورها الأصوليون، مع التوسع فيها دون تقييد بقيود النصوص الفقهية السابقة.
ما نفهمه من الاجتهاد اليوم لا بد أن يتجاوز مجرد الترجيح والتوفيق لكي يخترق سقف الإجماعات الفقهية المزعومة... فالإمام أحمد بن حنبل له مقولة تقول «من ادعى الإجماع فهو كاذب»، وتحرير الفتوى والاجتهاد الجديد اليوم لا بد أن ينطلق من مناهج العلوم الحديثة كما انطلق الأوائل من مناهج أصولهم مستخدمين أساليب التفكير العقلي الحر.
قديماً قال الفقيه القرافي «الجمود على المنقولات أبدا ضلال في الدين».