الروحانية بشهر رمضان تثير بنا الكثير من الحاجات والأسئلة، وتفرض على العقول النيرة الكثير من الواجبات والاستفسارات، وأهم ما يسكنني هذه الأيام هو ضرورة إعادة الحديث عن العقل في الإسلام! ومن منا لا يريد أن يحسن استعمال عقله ويحسن التفكر بدينه؟
ابن رشد في كتابه الشهير «فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من اتصال» يقول: «وإذا كان فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات ودلالتها على الصانع....وكان الشرع قد ندب إلى اعتبار الموجودات وحث على ذلك، تبين أن ما يدل عليه هذا الاسم إما واجب بالشرع وأما مندوب إليه».
إن ابن رشد يتكلم بوجهيه: وجه الفيلسوف الذي هو أهم شراح الفيلسوف أرسطو، ووجه الفقيه القاضي والأصولي. فما أدركه ابن رشد هو أن جوهر الفلسفة بقوم بطرح الأسئلة والبحث في الموجودات عن طريق العقل، وهذا بالضبط ما يريده الدين منا... النظر في أصل الوجود وعلله وغايته.
الدين يقوم على الاعتقاد والإيمان، والفلسفة تقوم على العقل الحر وطرح الأسئلة! والاعتقاد في الإسلام لا يكون قويا وسليما إلا إذا بني على تفكير نقدي، فالشك كما رأى الإمام الغزالي هو شرط اليقين فقد كانت سطوره في كتابه المنقذ من الضلال «الشكوك هي الموصلة إلى الحق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال».
مفهوم العقل نفسه اختلف بين الماضي والحاضر، ففي حين كان ينظر إليه كما كان ينظر لدى أرسطو بأنه ملكة من ملكات النفس تعبر عن نفسها بالقوة البرهانية، أصبح اليوم ينظر إليه على أنه أداة للنظر والتحليل من خلال المنهج النقدي الموضوعي... فما الذي تغير في الفكر الحديث تحديداً ؟ الذي تغير هو أن العقل أصبح يتأسس على نموذج العلم ومن هنا المفهوم الابستمولوجي (نظرية المعرفة) للعقل، الذي يتعارض مع التصور الميتافيزيقي (ما وراء الطبيعة) القديم.
تبنى محمد أركون هذا التصور في حديثه عن العقل الإسلامي من منظور منهجه الذي سماه «الإسلاميات التطبيقية» (على منوال العقلانية التطبيقية عند العالم الابستمولوجي الفرنسي غاستون باشلار)، كما أن محمد عابد الجابري انطلق من نفس المفهوم في نقده للعقل العربي.
نحتاج اليوم إلى الرجوع لمشروع ابن رشد في التوفيق بين العقل والشرع، لكن ليس للدفاع عن العقل الأرسطي الذي كان يقوم على التمييز بين ملكات عقلية متفاوتة وأنفس متراتبة ضمن منظور علمي متجاوز... فالعقلانية المطلوبة اليوم هي العقلانية الموضوعية النقدية التي تحرر الإنسان من الوهم والخرافة وتربطه بالواقع التجريبي في الطبيعيات، وتضمن له بناء نظام عيشه وتناسق مجتمعه بطريقة دقيقة وناجعة.
كان ديكارت يقول إن العقل هو أعدل شيء قسمة بين الناس، فهم لا يختلفون في قدراتهم العقلية بل في تباينهم في تطبيق المنهج العلمي العقلاني، الذي هو الطريق الصحيح إلى المعرفة وإلى بناء المجتمعات والدول... فنحن جميعا نملك العقل الذي يستطيع أن يفكر ويفكك، ولكن الفرق بيننا هو بين من يقرر أن يفكر ومن يركن عقله للآخر خوفاً من الخروج من الملة...العقل العلمي اليوم، أيها المؤمنون، لم يعد يتعرض للمعتقدات والإيمانيات التي تدخل في حرية الوعي والضمير، فلا تعارض بين الدين والعقل ما دام مقصد الدين الأقصى هو تحقيق مصالح الإنسان وحفظ ضروراته وحاجياته.
أما التفكير نفسه فهو «فريضة إسلامية» كما كان يقول عباس محمود العقاد.
ابن رشد في كتابه الشهير «فصل المقال وتقرير ما بين الشريعة والحكمة من اتصال» يقول: «وإذا كان فعل الفلسفة ليس شيئا أكثر من النظر في الموجودات ودلالتها على الصانع....وكان الشرع قد ندب إلى اعتبار الموجودات وحث على ذلك، تبين أن ما يدل عليه هذا الاسم إما واجب بالشرع وأما مندوب إليه».
إن ابن رشد يتكلم بوجهيه: وجه الفيلسوف الذي هو أهم شراح الفيلسوف أرسطو، ووجه الفقيه القاضي والأصولي. فما أدركه ابن رشد هو أن جوهر الفلسفة بقوم بطرح الأسئلة والبحث في الموجودات عن طريق العقل، وهذا بالضبط ما يريده الدين منا... النظر في أصل الوجود وعلله وغايته.
الدين يقوم على الاعتقاد والإيمان، والفلسفة تقوم على العقل الحر وطرح الأسئلة! والاعتقاد في الإسلام لا يكون قويا وسليما إلا إذا بني على تفكير نقدي، فالشك كما رأى الإمام الغزالي هو شرط اليقين فقد كانت سطوره في كتابه المنقذ من الضلال «الشكوك هي الموصلة إلى الحق، فمن لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال».
مفهوم العقل نفسه اختلف بين الماضي والحاضر، ففي حين كان ينظر إليه كما كان ينظر لدى أرسطو بأنه ملكة من ملكات النفس تعبر عن نفسها بالقوة البرهانية، أصبح اليوم ينظر إليه على أنه أداة للنظر والتحليل من خلال المنهج النقدي الموضوعي... فما الذي تغير في الفكر الحديث تحديداً ؟ الذي تغير هو أن العقل أصبح يتأسس على نموذج العلم ومن هنا المفهوم الابستمولوجي (نظرية المعرفة) للعقل، الذي يتعارض مع التصور الميتافيزيقي (ما وراء الطبيعة) القديم.
تبنى محمد أركون هذا التصور في حديثه عن العقل الإسلامي من منظور منهجه الذي سماه «الإسلاميات التطبيقية» (على منوال العقلانية التطبيقية عند العالم الابستمولوجي الفرنسي غاستون باشلار)، كما أن محمد عابد الجابري انطلق من نفس المفهوم في نقده للعقل العربي.
نحتاج اليوم إلى الرجوع لمشروع ابن رشد في التوفيق بين العقل والشرع، لكن ليس للدفاع عن العقل الأرسطي الذي كان يقوم على التمييز بين ملكات عقلية متفاوتة وأنفس متراتبة ضمن منظور علمي متجاوز... فالعقلانية المطلوبة اليوم هي العقلانية الموضوعية النقدية التي تحرر الإنسان من الوهم والخرافة وتربطه بالواقع التجريبي في الطبيعيات، وتضمن له بناء نظام عيشه وتناسق مجتمعه بطريقة دقيقة وناجعة.
كان ديكارت يقول إن العقل هو أعدل شيء قسمة بين الناس، فهم لا يختلفون في قدراتهم العقلية بل في تباينهم في تطبيق المنهج العلمي العقلاني، الذي هو الطريق الصحيح إلى المعرفة وإلى بناء المجتمعات والدول... فنحن جميعا نملك العقل الذي يستطيع أن يفكر ويفكك، ولكن الفرق بيننا هو بين من يقرر أن يفكر ومن يركن عقله للآخر خوفاً من الخروج من الملة...العقل العلمي اليوم، أيها المؤمنون، لم يعد يتعرض للمعتقدات والإيمانيات التي تدخل في حرية الوعي والضمير، فلا تعارض بين الدين والعقل ما دام مقصد الدين الأقصى هو تحقيق مصالح الإنسان وحفظ ضروراته وحاجياته.
أما التفكير نفسه فهو «فريضة إسلامية» كما كان يقول عباس محمود العقاد.